جريدة الرؤية العمانية:
2025-11-09@13:33:21 GMT

حتى لا تتشوَّه هُويَّتنا

تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT

حتى لا تتشوَّه هُويَّتنا

 

د. صالح الفهدي

 

الحفاظُ على الهُويَّة لا يكمنُ في تقييدها، ولا في تركها تنفلتُ دون عقالٍ، وإِنَّما في رعايتها، وتعهُّدها، وتجديدها بما يؤصِّلها، ويرسِّخُ مبادئها، ويشدُّ على ضوابطها، وعلى هذا نقولُ بأنَّ الهويَّة الوطنية تواجهُ تحديات جسيمةٍ يأتي أهمُّها من أهلها، وليس من الخارج! وكلَّها تسعى إمَّا إلى تذويبها، أو إعادة تشكيلها، أو تشويهها!

ها هو التسابقُ نحو المسمِّيات الأجنبية على أَشدُّه بين أهل البلد، كلُّ واحدٍ ينتقي المسمَّى الذي يعرفُ معناه والذي لا يعرفُ معناه! سألتُ أحد أصحاب الأنشطةِ عن معنى مسمَّى فرنسي وضعه على لافتةِ نشاطه، فقال: لا أعرف، فقد جاءتْ إحدى الفرنسيات وأسمت النشاط بهذا الاسم، وأُخبِرتُ أن صاحبةَ أعمال سُئلت عن معنى الاسم الذي اختارته لمحلِّها: فضحكت وفقالت لا أعرف، ابحثوا أنتم عن معناه!!

لكنَّ هناك في المقابل من يعرف معاني المسمِّيات فيُعليها في نفسه على لغته، ويراها عظيمةً، فخمةً، دون الحاجةِ إلى ذكرها، وهي من المسمّيات التي لا صلةَ لها بالعربية رأس هويتنا، وأصل لساننا، وليس من سبب وراءَ ذلك سوى إعطاءِ المكانِ فخامةً كما يظنُّ من سمَّاها.

لكن الفخامة الأصيلة تأتي من التشبُّث باللغة العربية وهي أعظم اللغات، لا تجاريها لغةٌ في العالم قوةً، واتساعًا، وعمقًا، يقول شاعر النيل حافظ إبراهيم:

أنا البحرُ في أرجائه الدرُّ كامنٌ // فهل سألوا الغوَّاص عن صدفاتي؟

فيا ويحكم أبلى وتبلى محاسني // ومنكم وإِن عزَّ الدواءُ أُساتي!

لنكنْ صريحين غاية الصراحة بأنَّ تفضيل المسميات الأجنبية في اللافتتات التجارية، وأسماء المشاريع، والمراكز التجارية وغيرها إنَّما هو سعي إلى تذويب الهوية الوطنية، وتشويهٌ لها، فالمسميات الأجنبية ما هي إلا إعلانات مجَّانية لتغليب اللغات الأُخرى على اللغة العربية التي هي معقلُ هويتنا، وأصلُ حضارتنا وعراقتنا!

ومن الغريبِ أن يأتي اليمني، والشامي، والمصري، والتركي إلى البلد فيختارُ مسمِّيات اللوائح التجارية لنشاطه من بيئات وثقافات وطنه، وذلك ترسيخًا لهويتهِ، وحفاظًا على أصالته، بينما تجدُ من أبناءِ البلدِ من يهرعون إلى المسميات الأجنبية فيفضلونها على المفردات النابعة من لغتهم العربية!

ومن المتناقضات أن الأجنبي نفسه الذي ينقلُ البعضُ من لغته المسميات لمشاريعه لا يكترثُ للغةِ العربية، فلا يسمِّي شارعًا، ولا مركزًا، ولا مشروعًا تجاريًا باسمٍ تجاري فذلك لا يعنيه على الإِطلاق، بل يراهُ أمرًا شاذًا لا يقبلهُ منطق العقل، ولا ترتضيه هويَّته الوطنية والقومية.

ولننظر إلى اليابان التي تحرصُ على المسميات اليابانية لكل ما تنتجه، فسيارة تويوتا تعنى الحقل الوفير، ونيسان تعنى أن السيارة إنتاج اليابان، وهوندا تعني الحقل، أما شركاتها من أمثال سوني، وبانسونيك، وشارب، وكانون فكلُّها من اللغة اليابانية وليست مستوردة من الخارج، ولم يدر في خُلد اليابانيين أن عالميَّتهم يجب أن تكون على حساب لغتهم، وهويتهم، فأسموا منتجاتهم بلغتهم فأصبحت عالميةً، فرضت على كلِّ الشعوب نطقها بغضِّ النظر عن معرفتهم لمعانيها اليابانية.

إذن لماذا لا نحرصُ نحن على لغتنا العظيمة التي هي رأسُ مالِ هويتنا، ومصدرُ حضارتنا، وأساسُ تاريخنا، وقاعدةُ قيمنا، وهي لغة دستورنا العظيم، وديننا الحنيف؟! هل عجزنا على أن نجد أسماءَ عربية لمشاريعنا؟ هل نشعرُ بالدونية إن اعتززنا بلغتنا العربية؟ هل ننتصرُ للغةِ لا شأنَ لنا بها ونخذلُ لغتنا؟

على هذا الأساس، فإنني لأرجو من رجالات الدولةِ، أصحاب القرارات، أن يوقفوا هذه الظاهرة التي تتوسَّع بصورة متسارعة، وأن يُمهلوا أصحاب المشاريع فترةً محدَّدةً لتغيير أسماء مشاريعهم إلى أسماء عربية بديلة، وألا يسمحوا لأي مسمَّى أجنبية عدا تلك التي تحملُ أسماء الوكالات الخارجية فهذا أمرٌ مسلَّمٌ به.

لا نريد لهويتنا أن تتشوَّهَ بهذه الممارسات الخارجة من إطارِ المسؤولية الوطنية؛ بل نحثُّ كل غيور على أن ينتصر لهويته، وحضارته، وتاريخه؛ لأن العواقب غير حميدة في اتجاه تشويه الهوية، لا يدركها إلا أصحاب البصائر الثاقبة، والرؤية البعيدة، أما غيرهم فيبادرون بالإنتقادِ والتذمر ورمي المنتصر لهويته بالرجعية والتخلف وهؤلاءِ هم السَّطحيون الذين لا يبصرون العواقب القادمة لأوطانهم.  

في الختام.. أقول إنَّ الحفاظ على الهوية أفعالٌ وليست أقوال، أعمالٌ وليست شعارات، وهذا ما نأملُ أن نراهُ في الوطنِ الذي ولدنا ونشأنا وكبرنا فيه، الوطن الأصيل الحضارة، السَّامي القيم، العليِّ المبادئ.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

آخر تحديث لسعر العملات الأجنبية مساء اليوم الجمعة 7-11-2025

سجلت أسعار العملات الأجنبية استقرارا في ختام تعاملات مساء اليوم الجمعة الموافق 7-11-2025 أمام الجنيه المصري بدون أي تغيير.

سعر العملات الأجنبية

وشهدت أسعار صرف العملات الأجنبية استقرارا مقابل الجنيه المصري منذ انتهاء العمل في البنوك مساء أمس الخميس وحتى اليوم.

سعر العملات الأجنبية بعد انتهاء حفل افتتاح المتحف المصري الكبير اليوم 1-11-2025سعر العملات الأجنبية والعربية اليوم الأحد 26-10-2025سعر العملات الأجنبية والعربية مساء اليوم 24-10-2025لماذا استقرت العملات الأجنبية اليوم

وعطل البنك المركزي المصري العمل في الجهاز المصرفي مساء أمس الخميس بمناسبة بدء الاجازة الأسبوعية لكل العاملين في القطاع المصري والتي من المقرر أن تستمر لمدة يومين اثنين بدأت من اليوم وحتي مساء غد السبت.

سعر الدولار اليوم

سجل سعر الدولار أمام الجنيه نحو 47.29 جنيه للشراء و47.39 جنيه للبيع.

سعر اليورو اليوم

بلغ سعر اليورو أمام الجنيه نحو 54.45 جنيه للشراء و54.62 جنيه للبيع.

الجنيه الإسترليني اليوم

وصل سعر الجنيه الإسترليني أمام الجنيه نحو 61.82 جنيه للشراء و62 جنيها للبيع.

الدولار الكندي

سجل سعر الدولار الكندي أمام الجنيه نحو 33.53 جنيه للشراء و33.63 جنيه للبيع.

الكرون الدنماركي

بلغ سعر الكرون الدنماركي أمام الجنيه نحو 7.29 جنيه للشراء و 7.31 جنيه للبيع.

الكرون النرويجي اليوم

بلغ سعر الكرون النرويجي أمام الجنيه نحو 4.46 جنيه للشراء و 4.66 جنيه للبيع.

الكرون السويدي 

بلغ سعر الكرون السويدي أمام الجنيه نحو 4.94 جنيه للشراء و4.97 جنيه للبيع.

الفرنك السويسري اليوم

بلغ سعر الفرنك السويسري أمام الجنيه نحو 58.44 جنيه للشراء و58.64 جنيه للبيع.

الـ100 ين ياباني اليوم

بلغ الـ100 ين ياباني أمام الجنيه نحو 30.77 جنيه للشراء و30.86 جنيه للبيع.

الدولار الاسترالي

بلغ سعر الدولار الاسترالي أمام الجنيه نحو 30.76 جنيه للشراء و30.86 جنيه للبيع.

اليوان الصيني

سجل سعر اليوان الصيني أمام الجنيه نحو 6.63 جنيه للشراء و6.69 جنيه للبيع.

طباعة شارك سعر اليورو اليوم مال واعمال اخبار مصر سعر الجنيه الإسترليني اليوم سعر الدولار اليوم سعر الدولار في البنك المركزي سعر الكرون الدنماركي اليوم

مقالات مشابهة

  • شقيقتان من أصحاب الهمم تكتشفان موهبتهما في «الروح الإيجابية» بشرطة دبي
  • قضايا قيمتها 7 ملايين جنيه.. ضربات متلاحقة ضد تجار العملات الأجنبية
  • عبد العاطي يناقش مع وزير البترول جذب الاستثمارات الأجنبية
  • احتياطيات الصين الأجنبية ترتفع إلى 3.343 تريليون دولار بنهاية أكتوبر
  • بالأسلحة النارية.. الداخلية تضبط أصحاب مشاجرة أسيوط
  • أسعار صرف العملات الأجنبية في اليمن اليوم السبت
  • سعر الريال مقابل الدولار والعملات الأجنبية اليوم السبت 17-5-1447
  • الأوراق المطلوبة لحصول الأجنبية زوجة المصرى على الجنسية
  • آخر تحديث لسعر العملات الأجنبية مساء اليوم الجمعة 7-11-2025
  • بالزيادة الجديدة.. موعد صرف معاشات شهر ديسمبر 2025