حتى لا تتشوَّه هُويَّتنا
تاريخ النشر: 12th, August 2024 GMT
د. صالح الفهدي
الحفاظُ على الهُويَّة لا يكمنُ في تقييدها، ولا في تركها تنفلتُ دون عقالٍ، وإِنَّما في رعايتها، وتعهُّدها، وتجديدها بما يؤصِّلها، ويرسِّخُ مبادئها، ويشدُّ على ضوابطها، وعلى هذا نقولُ بأنَّ الهويَّة الوطنية تواجهُ تحديات جسيمةٍ يأتي أهمُّها من أهلها، وليس من الخارج! وكلَّها تسعى إمَّا إلى تذويبها، أو إعادة تشكيلها، أو تشويهها!
ها هو التسابقُ نحو المسمِّيات الأجنبية على أَشدُّه بين أهل البلد، كلُّ واحدٍ ينتقي المسمَّى الذي يعرفُ معناه والذي لا يعرفُ معناه! سألتُ أحد أصحاب الأنشطةِ عن معنى مسمَّى فرنسي وضعه على لافتةِ نشاطه، فقال: لا أعرف، فقد جاءتْ إحدى الفرنسيات وأسمت النشاط بهذا الاسم، وأُخبِرتُ أن صاحبةَ أعمال سُئلت عن معنى الاسم الذي اختارته لمحلِّها: فضحكت وفقالت لا أعرف، ابحثوا أنتم عن معناه!!
لكنَّ هناك في المقابل من يعرف معاني المسمِّيات فيُعليها في نفسه على لغته، ويراها عظيمةً، فخمةً، دون الحاجةِ إلى ذكرها، وهي من المسمّيات التي لا صلةَ لها بالعربية رأس هويتنا، وأصل لساننا، وليس من سبب وراءَ ذلك سوى إعطاءِ المكانِ فخامةً كما يظنُّ من سمَّاها.
أنا البحرُ في أرجائه الدرُّ كامنٌ // فهل سألوا الغوَّاص عن صدفاتي؟
فيا ويحكم أبلى وتبلى محاسني // ومنكم وإِن عزَّ الدواءُ أُساتي!
لنكنْ صريحين غاية الصراحة بأنَّ تفضيل المسميات الأجنبية في اللافتتات التجارية، وأسماء المشاريع، والمراكز التجارية وغيرها إنَّما هو سعي إلى تذويب الهوية الوطنية، وتشويهٌ لها، فالمسميات الأجنبية ما هي إلا إعلانات مجَّانية لتغليب اللغات الأُخرى على اللغة العربية التي هي معقلُ هويتنا، وأصلُ حضارتنا وعراقتنا!
ومن الغريبِ أن يأتي اليمني، والشامي، والمصري، والتركي إلى البلد فيختارُ مسمِّيات اللوائح التجارية لنشاطه من بيئات وثقافات وطنه، وذلك ترسيخًا لهويتهِ، وحفاظًا على أصالته، بينما تجدُ من أبناءِ البلدِ من يهرعون إلى المسميات الأجنبية فيفضلونها على المفردات النابعة من لغتهم العربية!
ومن المتناقضات أن الأجنبي نفسه الذي ينقلُ البعضُ من لغته المسميات لمشاريعه لا يكترثُ للغةِ العربية، فلا يسمِّي شارعًا، ولا مركزًا، ولا مشروعًا تجاريًا باسمٍ تجاري فذلك لا يعنيه على الإِطلاق، بل يراهُ أمرًا شاذًا لا يقبلهُ منطق العقل، ولا ترتضيه هويَّته الوطنية والقومية.
ولننظر إلى اليابان التي تحرصُ على المسميات اليابانية لكل ما تنتجه، فسيارة تويوتا تعنى الحقل الوفير، ونيسان تعنى أن السيارة إنتاج اليابان، وهوندا تعني الحقل، أما شركاتها من أمثال سوني، وبانسونيك، وشارب، وكانون فكلُّها من اللغة اليابانية وليست مستوردة من الخارج، ولم يدر في خُلد اليابانيين أن عالميَّتهم يجب أن تكون على حساب لغتهم، وهويتهم، فأسموا منتجاتهم بلغتهم فأصبحت عالميةً، فرضت على كلِّ الشعوب نطقها بغضِّ النظر عن معرفتهم لمعانيها اليابانية.
إذن لماذا لا نحرصُ نحن على لغتنا العظيمة التي هي رأسُ مالِ هويتنا، ومصدرُ حضارتنا، وأساسُ تاريخنا، وقاعدةُ قيمنا، وهي لغة دستورنا العظيم، وديننا الحنيف؟! هل عجزنا على أن نجد أسماءَ عربية لمشاريعنا؟ هل نشعرُ بالدونية إن اعتززنا بلغتنا العربية؟ هل ننتصرُ للغةِ لا شأنَ لنا بها ونخذلُ لغتنا؟
على هذا الأساس، فإنني لأرجو من رجالات الدولةِ، أصحاب القرارات، أن يوقفوا هذه الظاهرة التي تتوسَّع بصورة متسارعة، وأن يُمهلوا أصحاب المشاريع فترةً محدَّدةً لتغيير أسماء مشاريعهم إلى أسماء عربية بديلة، وألا يسمحوا لأي مسمَّى أجنبية عدا تلك التي تحملُ أسماء الوكالات الخارجية فهذا أمرٌ مسلَّمٌ به.
لا نريد لهويتنا أن تتشوَّهَ بهذه الممارسات الخارجة من إطارِ المسؤولية الوطنية؛ بل نحثُّ كل غيور على أن ينتصر لهويته، وحضارته، وتاريخه؛ لأن العواقب غير حميدة في اتجاه تشويه الهوية، لا يدركها إلا أصحاب البصائر الثاقبة، والرؤية البعيدة، أما غيرهم فيبادرون بالإنتقادِ والتذمر ورمي المنتصر لهويته بالرجعية والتخلف وهؤلاءِ هم السَّطحيون الذين لا يبصرون العواقب القادمة لأوطانهم.
في الختام.. أقول إنَّ الحفاظ على الهوية أفعالٌ وليست أقوال، أعمالٌ وليست شعارات، وهذا ما نأملُ أن نراهُ في الوطنِ الذي ولدنا ونشأنا وكبرنا فيه، الوطن الأصيل الحضارة، السَّامي القيم، العليِّ المبادئ.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بنك ظفار يقدم خدمات ومزايا حصرية لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة
مسقط- الرؤية
يقدم بنك ظفار- ثاني أكبر بنك في سلطنة عُمان من حيث شبكة الفروع- مزايا حصرية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بما يُسهم في نموها وتوسعها. ومن أهم هذه المزايا حساب مصرفي متخصص، لتلبية الاحتياجات اليومية لهذه الشريحة المهمة مثل نظام نقاط البيع عبر الأجهزة الذكية الأمر الذي يساعدهم في تحصيل مستحقاتهم النقدية وتعزيز مبيعاتهم، إضافة إلى وجود نظام حماية الأجور الذي يعمل على تبسيط عملية دفع رواتبهم بطريقة سهلة، وتحصيل وإيداع الشيكات عن بعد لتسهيل مُعالجة الشيكات المجمعة مما يمنح رواد الأعمال المرونة في عملياتهم التجارية.
وأطلق بنك ظفار مؤخرًا منصة مصرفية حصرية عبر الإنترنت بهدف تبسيط وتعزيز تجربة الخدمات المصرفية للزبائن من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتزويد الشباب العماني بالأدوات والمهارات اللازمة لنمو مؤسسته وتوسعها بما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني.
وبإمكان أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التسجيل بسهولة في منصة الخدمات المصرفية عبر الإنترنت دون الحاجة إلى أي مستندات أو طلب رسمي من البنك وذلك باستخدام كلمة المرور لمرة واحدة لتعزيز الأمان وتوفير طبقة إضافية من الحماية للمستخدمين.
ويستطيع أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عبر هذه المنصة المبتكرة إجراء المعاملات المختلفة مثل دفع رواتب الموظفين (نظام حماية الأجور)، وطلبات خدمة البطاقات، وتحويلات الأموال سواء داخل سلطنة عمان أو خارجها، إضافة إلى دفع فواتير الخدمات المختلفة، ومدفوعات صندوق الحماية الاجتماعية، وفواتير ضريبة القيمة المضافة، وسهولة الحصول على كشوفات الحسابات والأرصدة، كما يُمكن لأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أيضًا إضافة حسابات متعددة، مما يوفر لهم عرضًا موحدًا لتفاصيلهم المالية.
كما يحصل أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عبر هذه المنصة على مزايا عديدة مثل دفتر شيكات مجاني سنويًا، والإعفاء من رسوم الخدمة، والرسوم السنوية للبطاقة الائتمانية للسنة الأولى، إضافة إلى بطاقة خصم مباشر مجانية في العام الأول، و6 معاملات مجانية لنظام حماية الأجور، وتحويلان محليان ودوليان مجانيان مع الحصول على التحويل الثالث المحلي والدولي مجانيين أيضًا، ونظام نقاط البيع خلال الأجهزة الذكية، وتحصيل الشيكات عن بعد، وغيرها.
وبجانب الحساب المصرفي المتخصص والمنصة الرقمية، يوفر بنك ظفار بطاقات ائتمانية جديدة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتوفير احتياجاتهم المالية وتعزيزها مما يساعدهم في نمو أعمالهم وتوسعها، إذ بإمكان أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التقدم بطلب للحصول على البطاقة دون تقديم أي مستندات مالية إضافية، والاختيار من بين الأنواع التالية من البطاقات والتي تشمل ماستركارد جولد، وفيزا جولد، وماستركارد بلاتينيوم، وفيزا سيجنتشر، وفيزا إنفينيت، وماستركارد وورلد مما يُسهم في إدارة حساباتهم المالية بكل سهولة ويسر. إذ تقدم هذه البطاقات الائتمانية مجموعة من الخدمات مثل الإعفاء من الرسوم السنوية في العام الأول، والقبول العالمي في جميع أنحاء العالم، إضافة إلى الاستفادة من المكافآت الحصرية من خلال برنامج نقاط المكافآت التي يمكن استردادها عن طريق تطبيق الخدمات المصرفية عبر الهاتف النقال أو الموقع الإلكتروني، والدخول إلى صالات المطارات في أكثر من دولة حول العالم.