تحليل شبكي للجزيرة يكشف استغلال أعياد الميلاد بألمانيا لتغذية الإسلاموفوبيا
تاريخ النشر: 9th, November 2025 GMT
اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة سلسلة منشورات تزعم أن السلطات الألمانية ألغت أسواق عيد الميلاد الشهيرة هذا العام "خوفا من المسلمين" وتحسبا لوقوع "هجمات إرهابية"، مما أثار موجة من الغضب وجدلا واسعا في أوروبا.
وتقام في ألمانيا سنويا نحو 2500 سوق لأعياد الميلاد تستقطب أكثر من مليوني زائر من الألمان والسياح الأجانب، في تقليد عريق يعود إلى عام 1310 ميلادي يجمع بين العروض الحرفية وبيع الهدايا والمأكولات الموسمية والأنشطة الترفيهية مثل التزلج على الجليد.
وادعت حسابات مؤثرة أن الأسواق الجماعية -التي تنطلق عادة في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني وتستمر حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول- لن تقام هذا العام لأسباب "أمنية" و"دينية".
Since the terrorist attacks in Magdeburg and Berlin, Germans Christmas markets have been transformed into high-security zones.
The costs skyrockets. Many have to close.
Islamic terror is achieving its goals. We are losing our culture.
Remigration brings it back. pic.twitter.com/Oe1z6vVHj3
— Martin Sellner (@Martin_Sellner) October 5, 2025
فمن الذي أطلق هذه المزاعم؟ وما علاقة المسلمين في ألمانيا بإلغاء أسواق الأعياد؟ ومن يقف وراء هذه الحملة الضخمة؟ وكيف استُخدمت سردية مضللة ومنسقة لتغذية خطاب الكراهية في أوروبا؟
ويرصد فريق "الجزيرة تحقق" مسار انتشار رواية "إلغاء أسواق الأعياد في ألمانيا"، ويحلل طبيعة الحسابات التي روجت لها، ويفند المحتوى المصاحب لها، كما يكشف عن دور اليمين المتطرف في استغلال القصة، وتوظيف سردية زائفة لتغذية الخطاب المعادي للمسلمين في أوروبا.
بداية الروايةفي أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2025 رصدنا سلسلة منشورات تدّعي إلغاء أسواق أعياد الميلاد، لكن بعض الحسابات أرجعت أسباب القرار المفاجئ إلى استجابة السلطات لضغوط المهاجرين وتحقيقا لأهداف ما وصفه البعض بـ"الإرهاب الإسلامي".
The vast majority of Christmas markets are going to be canceled in Germany due to "security costs that are too high".
The police and authorities are incapable of preventing terrorist attacks. They are "overwhelmed."
I wonder what is causing this change? pic.twitter.com/kgcfSiyrqR
— Wall Street Mav (@WallStreetMav) October 20, 2025
وادعت عدد من الحسابات المؤثرة على منصة إكس -منها حسابات يمينية متشددة- أن "الأمن في ألمانيا بات مكلفا للغاية"، وأن المدن الألمانية بدأت "تعلن إلغاء أسواق الميلاد التقليدية خوفا من الإسلاميين".
Germany is canceling Christmas market due to immigrant terrorism concerns pic.twitter.com/sEj5F5QgAq
— Darth Powell (@VladTheInflator) October 27, 2025
اتهامات للمسلمينوقالت الناشطة الألمانية اليمينية ناومي زايفت إن عيد الميلاد الذي كان "احتفالية ثقافية" أصبح اليوم "ساحة معركة في الحرب المقدسة"، ووفقا لهذا الادعاء فإن الآباء في ألمانيا باتوا غير قادرين على السماح لأطفالهم بزيارة الأسواق بسبب "كره الإسلاميين للمسيحيين"، في خطاب مثير للانقسام.
???????????? GERMANY’S TERR0R SEASON ????????
Our Christmas was once a cultural treasure.
Now it’s the battleground of a Holy War.
Parents can’t let their children attend Christmas markets because Islamists HATE Christians.
We @Deu_Kurier want to bring back CHRIST into German CHRISTmas! pic.twitter.com/6JmXEyGCjw
— Naomi Seibt (@SeibtNaomi) October 28, 2025
وربط البعض بين أسباب إغلاق الأسواق المزعومة بحادثة دعس سابقة في سوق لعيد الميلاد بمدينة ماغدبورغ (شرقي ألمانيا) عام 2024، والتي جاءت بعد 8 سنوات على هجوم مماثل في برلين وأسفر آنذاك عن مقتل 12 شخصا وإصابة العشرات.
فبركة وتضليلونشر فيليب ديوينتر -وهو أحد أبرز قادة حزب المصلحة الفلمنكي في بلجيكا والشهير بسياساته العنصرية واليمينية المتطرفة- صورة عبر حسابه بمنصة إكس تظهر فيها أكشاك لبيع الخمور وهي محاطة بكتل خرسانية وأسوار حديدية ومحصنة برجال شرطة مدججين بالسلاح.
Binnenkort kunnen we weer naar de zgn Wintermarkten… de vroegere Kerstmarkten die ondertussen belegerde burchten zijn geworden met zwaar bewapende agenten, betonblokken, hekwerk en o ja… hier en daar een kraam met glühwein. Met dank aan de #omvolking en de #islamisering… pic.twitter.com/6y0nTy7RIy
— Filip Dewinter (@FDW_VB) October 25, 2025
واتخذ ديوينتر الصورة التي انتشرت على نطاق واسع وشاركتها حسابات أخرى حديثا دليلا على تأثير "الأسلمة"، أو على "الاستبدال الديمغرافي" في ألمانيا، فضلا عن تحويل ما كانت تعرف سابقا باسم "أسواق الأعياد" إلى "الحصون المحاصرة".
إعلانلكن فريق "الجزيرة تحقق" كشف أن الصورة المرفقة مولدة بتقنيات الذكاء الاصطناعي ولا تصور شكل أسواق الأعياد بعد تأمينها، إذ يظهر أسفل يمين الصورة شعار أداة "جيميني" التي أطلقتها غوغل لتوليد الصور بالذكاء الاصطناعي.
فيديو الأذانأما حساب "radiogenoa" على منصة -وهو حساب يميني متشدد- فأعاد نشر مواد مصورة تُظهر وجود مظاهر إسلامية في أوروبا وبث الأذان عبر مكبرات الصوت أثناء أسواق أعياد الميلاد في ألمانيا.
At Christmas markets in Germany, loudspeakers blare the Islamic call to prayer. pic.twitter.com/cJ1nQx2s1z
— RadioGenoa (@RadioGenoa) November 3, 2025
وكانت حسابات أخرى مرتبطة باليمين المتطرف قد أعادت نشر نفس الفيديو مطلع ديسمبر/كانون الأول 2023، في حين تمكن فريق "الجزيرة تحقق" من تحديد موقع تصوير الفيديو بدقة عبر خدمة التجول الافتراضي في "خرائط غوغل".
وتبين من خلال البحث أن الفيديو التُقط في مدينة كارلشتات الألمانية خلال فعالية تحمل اسم "الشرق يلتقي الغرب" بهدف تعزيز التعايش بين الثقافات في المدينة، وأقيمت بتاريخ 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أي قبل انعقاد سوق عيد الميلاد الفعلي بالمدينة الذي أقيم يومي 8 و9 ديسمبر/كانون الأول من نفس العام.
الحقيقةوللتأكد من صحة الرواية أجرى فريق "الجزيرة تحقق" بحثا عن أشهر أسواق أعياد الميلاد في ألمانيا والمدن المستضيفة لها، وتبين أن الواقع مغاير تماما لما أظهرته المنشورات المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي.
وتُظهر بيانات المواقع الرسمية والسياحية لأبرز هذه المدن مثل برلين وكولونيا وميونخ وهامبورغ ودريسدن أن أسواق أعياد الميلاد المخطط لها لم تلغ، بل من المقرر أن تفتح أبوابها أمام الجمهور في نفس المواعيد المقررة مسبقا.
بل إن أحد المواقع الاسترشادية المختصة بعرض مواعيد أسواق الميلاد في 10 مدن ألمانية بارزة نشر جداول تفصيلية تؤكد استمرار الفعاليات حتى نهاية عام 2025 دون أي إلغاء.
تحليل شبكيوكشف تحليل شبكي لـ"الجزيرة" أن وراء هذه الادعاءات حملة رقمية منظمة يقودها اليمين المتطرف، إذ تهدف إلى تأجيج مشاعر الكراهية ضد المسلمين والمهاجرين في أوروبا، وذلك عبر الترويج لروايات مضللة والربط بأحداث قديمة.
وأظهر التحليل لعينة تضم أكثر من 10 آلاف تغريدة على منصة إكس للفترة من 20 أكتوبر/تشرين الأول حتى 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 أن سردية إلغاء الأسواق قادتها شبكة مترابطة من الحسابات اليمينية وصناع المحتوى المتشددين الذين استخدموا اللغة الدينية والأمنية في خطاباتهم.
وأظهرت نتائج التحليل التي شملت 6392 حساب على "إكس" وما يزيد على 7 آلاف تفاعل -بين إعجاب وتغريد وإعادة مشاركة- أن التأثير تركز حول 3 حسابات معروفة بعدائها للمسلمين أو يمينية متشددة.
وشكلت حسابات "suespeaksup"، و"radiogenoa"، و"seibtnaomi" على منصة إكس النواة الأساسية لنشر هذه السردية، وفقا للتحليل.
The 'far-right' doesn't drive into crowds.
The 'far-right' doesn't target Christmas markets.
The 'far-right' doesn't blow up pop concerts.
The 'far-right' doesn't gang-rape white girls.
The 'far-right' aren't 90% of MI5's terror list.
The 'far-right' isn't the problem.
— Sue ???????????????????????????????????? (@suespeaksup) October 28, 2025
وساهم حساب "Dr. Maalouf" المشهور بالتحريض ضد الإسلاميين في أوروبا في تغذية الخطاب عبر إعادة نشر مقاطع تحريضية قيل إنها لدعاة مسلمين يطالبون بمنع احتفالات الميلاد، في حين ربطت حسابات أخرى بين "تراجع الأمان" و"اقتراب الحرب الأهلية في أوروبا".
This Muslim preacher in the UK is very angry because the Christmas season will begin soon and says Christmas celebrations should be banned because they cause ‘Islamophobia’. Any advice for him? pic.twitter.com/LHo5fcBcLf
— Dr. Maalouf (@realMaalouf) October 28, 2025
من ألمانيا إلى بريطانياوكشف التحليل الشبكي امتداد تأثير السردية إلى بريطانيا عبر مجموعة حسابات محلية قادها خليط من السياسيين والإعلاميين.
إعلانوظهرت النائبة العمالية داون بتلر -وهي أول وزيرة بريطانية من أصول أفريقية كاريبية- في نفس الشبكة، إذ نشرت تغريدة عبر حسابها الرسمي في "إكس" جاء فيها "لا مكان للإسلاموفوبيا في مدينتنا أو بلدنا، نقف متضامنين مع المجتمعات المسلمة في برنت وفي أنحاء المملكة المتحدة".
لكن هذا الموقف قوبل بردود عدائية من حسابات يمينية، أبرزها الإعلامية جون سلاتر المعروفة بأسلوبها الساخر والمحرض ضد الإسلاميين، والتي علقت قائلة "لو كانت المشكلة فعلا هي الإسلاموفوبيا فعلا لكانت المساجد تبدو كالقلاع ولما احتاجت أسواق الميلاد إلى حواجز".
If the problem really was Islamaphobia, mosques would look like fortresses and Christmas markets would have no barriers pic.twitter.com/gYJuQCWl5L
— June Slater (@juneslater17) November 2, 2025
ويكشف التحليل أن الحملة لم تكن مجرد "موجة غضب محلية"، بل نشاطا رقميا عابرا للحدود استغل موسم الأعياد لتأجيج الخوف من المسلمين وتعزيز الانقسام الثقافي والديني في أوروبا.
ويشير تتبّع الروابط بين الحسابات إلى تحول في الخطاب من مجرد الحديث عن الأمن والاحتياطات إلى سردية دينية قومية تصور المسلمين عدوا جماعيا، وتعيد تدوير مفاهيم مثل "أسلمة أوروبا" و"الاستبدال الديمغرافي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات حملات التضليل الجزیرة تحقق على منصة إکس إلغاء أسواق فی ألمانیا المیلاد فی فی أوروبا pic twitter com
إقرأ أيضاً:
رئيس لجنة المفقودين للجزيرة نت: غزة تحولت لأكبر تجمع مقابر في العالم
غزة- وصفت اللجنة الوطنية لشؤون المفقودين قطاع غزة بأنه تحوّل إلى أكبر تجمع للمقابر في العالم بفعل جرائم الإبادة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وقال رئيس اللجنة الدكتور علاء الدين العكلوك للجزيرة نت إن العدوان خلف أكثر من 10 آلاف شهيد يصنفون كمفقودين، ولا يزالون مدفونين تحت أنقاض المباني والمنازل التي دمرتها آلة الحرب فوق رؤوس ساكنيها.
والعكلوك نفسه فقد نحو 50 شهيدا من عائلته، لا يزالون مدفونين تحت أنقاض بيوتهم، التي يصفها بـ"مقابر جماعية من الركام"، ويندد بما وصفها سياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير الدولية التي ينتهجها العالم إزاء التعامل مع جثامين الأسرى الإسرائيليين في القطاع، والاهتمام الكبير بانتشالها، في حين يهمل جثامين آلاف الشهداء الفلسطينيين الأبرار.
واعتبر أن في ذلك "ظلما فادحا وتحيزا واضحا ضد ضحايا غزة"، داعيا المجتمع الدولي إلى الإسراع في إعادة إعمار ما دمرته حرب الإبادة الإسرائيلية، بدءا من رفع الركام وانتشال الجثامين.
وفيما يلي نص الحوار:
لجنة شؤون المفقودين في حرب غزة: أكثر من 10 آلاف شهيد ما زالوا مدفونين تحت الركام pic.twitter.com/NpZHtUAied
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) November 7, 2025
من اللجنة الوطنية لشؤون المفقودين في حرب الإبادة على غزة؟هي لجنة ولدت من رحم المعاناة التي خلفتها الحرب على القطاع، وتتولى ملفا بالغ الحساسية والإنسانية يتعلق بأعداد هائلة من الشهداء المفقودين تحت أنقاض وركام المباني والمنازل، التي دمرتها آلة الحرب الإسرائيلية فوق رؤوس ساكنيها من المدنيين الأبرياء، والكثير منهم نساء وأطفال وكبار سن.
لقد تحركت مشاعرنا إزاء أحزان آلاف الأسر والعائلات المكلومة من ذوي المفقودين، ونشعر جميعا بالقهر ونحن نشاهد سياسة الكيل بمكيالين من هذا العالم، ففي الوقت الذي تتداعى فيه كل الجهود من أجل انتشال جثامين أسرى الاحتلال في غزة، لا يحرك العالم ساكنا إزاء الآلاف من جثامين شهدائنا الأبرار.
إعلاننحن في هذه اللجنة نريد إيصال رسالتنا الإنسانية للعالم بأسره، ومخاطبة الدول وكل الأطراف المعنية، وسنطلق منصات رقمية من أجل التوثيق ونشر قصص وحكايات شهدائنا، فلكل منهم حكاية وكانت لهم حياتهم الخاصة قبل أن تغتالها آلة القتل والتدمير الإسرائيلية، وهم ليسوا أرقاما، وعلينا واجب التعريف بهم.
إن ملف المفقودين من الشهداء يكشف عن حجم الإجرام الذي ارتكبه الاحتلال الإسرائيلي النازي بحق آلاف الأبرياء على مدار عامي الحرب، وخطف أرواح أسر بأكملها وشطبها من السجل المدني، ولكن علينا واجب ألا تندثر حكاياتها وألا تغيب أصواتها وأن ننتصر لها.
ممن تتألف هذه اللجنة؟تضم اللجنة الوطنية لشؤون المفقودين ممثلين عن شرائح المجتمع المختلفة، ومعنا عائلات مجروحة ومكلومة تمثل المفقودين، وحقوقيون، وكتّاب وقادة رأي، وممثلون عن الهيئات الرسمية المختصة، وجهاز الدفاع المدني، وشخصيات وطنية وازنة، ووجهاء عشائر.
رئيس لجنة المفقودين للجزيرة مباشر: أكثر من 10 آلاف مفقود تحت الركام في غزة pic.twitter.com/5V43zdikCN
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) November 6, 2025
كيف تولدت فكرتها وما أهدافها الرئيسية؟كان تفكيرنا في بادئ الأمر تشكيل هيئة وطنية تتولى متابعة ومعالجة ملف مفقودي حرب الإبادة الإسرائيلية، ولكن وجدنا أن أمر تشكيل مثل هذه الهيئة ليس من اختصاصنا، ومنوط بالرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ونناشده هنا بضرورة تشكيل هيئة لمفقودي الحرب، تتولى بشكل رسمي تحقيق الأهداف المرجوة من حيث معالجة النواحي الإنسانية، وانتشال جثامين الشهداء ودفنهم بشكل يحفظ كرامتهم، ورعاية أسرهم، وإعداد ملف قانوني لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين في المحافل والمحاكم الدولية ومحاكمتهم على ما اقترفوه من جرائم إبادة مروعة.
كيف تصنفون المفقودين وكم عددهم؟تقديرات الجهات الرسمية المختصة تشير إلى وجود زهاء 10 آلاف مفقود منذ اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة خلال العامين الماضيين.
ويصنفون إلى 3 شرائح رئيسية:
الشهداء ممن تركوا مدفونين تحت أطنان من الأنقاض وركام المنازل والمباني المدمرة، ويستحيل الوصول إليهم وانتشالهم لعدم توفر الإمكانيات اللازمة من آليات ومعدات. الشهداء الذين قتلوا وتركوا في مناطق مصنفة خطيرة وتخضع للسيطرة العسكرية الإسرائيلية، ويمنع الاحتلال الفرق الإنسانية من الوصول إليهم وانتشالهم ودفنهم. مفقودون لا نعلم شيئا عن مصيرهم، ربما يكونون شهداء أو أسرى لدى الاحتلال، الذي يتعمد عدم الكشف عن أعداد وأسماء من اعتقلهم خلال عملياته العسكرية والتوغل في مدن ومناطق قطاع غزة خلال الحرب.اللجنة الوطنية لشؤون المفقودين في حرب الإبادة في غزة:
-أكثر من 10 آلاف شهيد لا يزالون مدفونين تحت الأنقاض
-نطالب العالم بإدخال المعدات اللازمة لانتشال الجثامين
-نهيب بالمجتمع الدولي تسريع إعادة البناء بدءا برفع الأنقاض
-كل ما نريده هو حفظ كرامة الإنسان حيا وميتا#الجزيرة pic.twitter.com/UAKaHOB0iB
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) November 6, 2025
ورد في بيان للجنة شؤون المفقودين أن القطاع تحول إلى أكبر تجمع مقابر في العالم، ما المقصود بذلك؟ إعلانأنا على سبيل المثال فقدت نحو 50 شهيدا من عائلتي وأقاربي في حي اليرموك وأحياء أخرى من مدينة غزة، ولا يزالون مدفونين تحت أنقاض منازلهم التي دمرت فوق رؤوسهم، ومثلي آلاف تحولت منازل أسرهم وعائلاتهم إلى مقابر من ركام، وهذه ليست المقابر التي يكرم فيها الميت بالدفن، ونحن نريد أن ننتشل شهداءنا ونكرمهم بدفنهم في قبور ومقابر ستبقى شاهدة على جرائم الإبادة.
لملف المفقودين أبعاد مختلفة، هل من توضيح لهذا الجانب؟بكل تأكيد لهذا الملف أبعاد قانونية وإنسانية واجتماعية مهمة ومركبة، والاحتلال يتحمل كامل المسؤولية عنها، ولذلك من المهم إعداد ملف قانوني يمكن وضعه أمام المحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الدولية المختصة.
وفي البعد الإنساني، كما أسلفت، هؤلاء الشهداء المفقودون ليسوا أرقاما، هم بشر كانت لهم حيواتهم وأحلامهم، التي اغتالها الاحتلال بلا رحمة، وفي جرائم حرب موثقة وجرائم ضد الإنسانية.
وفي البعد الاجتماعي لكل شهيد منهم زوجة وأبناء وأهل، وبوفاته تتولد حقوق لها ضوابط شرعية، كالديون والحقوق الزوجية، والمواريث، وبقاء ملفهم مفتوحا بلا معالجة سيخلق مشاكل جسيمة تؤثر على تماسك الأسر والعائلات والمجتمع، ونحن كجسم عشائري لا يمكننا تحمل عبء حل هذه الإشكالات الضخمة، ولا بد من تضافر الجهود كلها من أجل ذلك.
ولا بد من الإشارة إلى جثامين الشهداء التي يسلمها الاحتلال في إطار صفقات التبادل بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وتصلنا مشوهة ومجهولة، ويتم دفنها من دون أن تتمكن العائلات من التعرف عليها، وينطبق عليها الأمر ذاته، إذ يبقى الشهيد في عداد المفقودين بالنسبة لذويه، ويتولد عن ذلك تداعيات صعبة لا يمكن معالجتها بدون تشخيص الهوية وتحديد المصير.
ما المطلوب لوجستيا لمعالجة ملف المفقودين وجثامين الشهداء المجهولة؟بالنسبة للجثامين المجهولة ينبغي على العالم والهيئات والجهات المختصة أن تضغط على الاحتلال من أجل إرفاق البيانات الشخصية مع كل جثمان شهيد، حتى يسهل التعامل معه، خاصة مع انعدام المقدرات من أجهزة ومعدات للفحص العلمي والطبي وتحديد هوية الشهداء.
أما بخصوص ملف المفقودين فمعالجته تقتضي فتح المعابر وإدخال فرق طبية وفنية دولية متخصصة ومزودة بتقنيات وآليات ثقيلة ومعدات لإزالة أطنان من الركام والأنقاض، والكشف عن جثامينهم، وإجراء الفحوصات الخاصة للتعرف على هويات الضحايا، وعدم تركهم في عداد المفقودين مجهولي الهوية.
كما يتوجب الضغط على الاحتلال لتمكين الفرق الإنسانية من الوصول إلى مناطق يسيطر عليها عسكريا، والسماح لها بالبحث عن جثامين الشهداء وانتشالها، علاوة على ضرورة الضغط عليه للكشف عن أعداد وأسماء المعتقلين في سجونه، ومعرفة مصيرهم.