قال الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي إن ما كشفته شبكة الجزيرة عن استخدام المدنيين الفلسطينيين للتعرف على المتفجرات في أنفاق غزة، وأكده تحقيق لصحيفة هآرتس، يثبت الدرك الأخلاقي الأسفل الذي تنزل إليه إسرائيل كل يوم في حربها على القطاع، بعدما ارتأى الجيش أن هذه الطريقة أرخص وأجدى من وحدة الكلاب الخاصة به.

وفي مقال رأي بصحيفة هآرتس بعنوان "الفلسطينيون كلاب الجيش الإسرائيلي الجدد" كتب ليفي أن الجيش قرر أن يحل تدريجيا الوحدة المعروفة بـ7142 والتي قتل عدد من كلابها "بعدما وقع على بديل أرخص وأنجع، تبين أيضا أنه يأتي بالنتائج العملياتية نفسها، ولا يحتاج تدريبا يستمر أشهرا كما الحال مع الكلاب، ناهيك عن أن طعامه أرخص وهو ما تبقى من وجبات الجنود بدل وجبة "بونزو" باهظة الثمن، ولا يحتاج أن يُختص بموازنة لدفن قتلاه بكل ما يتبع ذلك من مراسم التشريف وبكاء الجنود، إذ إن جثث الفلسطينيين ترمى بكل بساطة".

وأضاف ليفي متهكما أن الجيش يستطيع تصدير خبرته إلى بلدان أخرى "لكن عليه أيضا تصحيح ما ورد في مقال عن وحدة كلابه في ويكيبيديا، جاء فيه أن أفرادها لا يمكن تعويضهم بالبشر أو التقنية، فقد عثر الجيش فعلا على بديل بشري، أرخص وأكثر ترويضا وحياته أقل قيمة: سكان قطاع غزة".

وكتب عن عملية انتقاء "المرشحين" للالتحاق بالوحدة من بين مليونين من سكان القطاع، حيث تنظم الاختبارات في مخيمات النازحين، بلا شرط عمري، لكن أيضا دون تدريب على الكشف عن المتفجرات في هذه الخطة التجريبية التي حصدت أولا قتلاها من الفلسطينيين.

لا يخلو الأمر من بعض العزاء -يواصل ليفي- "فهؤلاء البشر لن يعضوا على الأقل الأطفال الفلسطينيين وهم غاطون في النوم".

وكانت هآرتس نشرت أمس على صدر صفحتها الأولى صورة عن "الوحدة" الجديدة: شاب فلسطيني يظهر في لباس أقربَ إلى خرقة، وقد قيدت يداه وعُصبت عيناه المطرقتان أرضا، بينما يقف قربه جنود قال لهم قادتهم، حسبما نقل المراسل العسكري للصحيفة يانيف كوبوفيتز والصحفي مايكل هاوسر توف "حياتنا أهم من حياتهم" قبل إرساله إلى داخل النفق مقيدا وقد ثبتت على جسمه كاميرات يصل منها تنفسه الذي يشي بالرعب الذي يعتريه.

ويقول ليفي إن نشاط "الوحدة" الجديدة يتزايد وبات منتظما، بعدما كشفت عنه الجزيرة التي تقاطعها إسرائيل "لإضرارها بالأمن القومي" لكن ها هي هآرتس تؤكد صحة رواية الجزيرة وتقدم تفاصيلها الكاملة، وتكشف أيضا أن قيادة الجيش على علم بالموضوع لأن حياة الفلسطيني في نظرها أقل قيمة.

ولم يخلُ الأمر -يختتم الكاتب الإسرائيلي- من جنود استفزهم ما يجري فبثوا شكواهم لمنظمة "كاسري الصمت" لكن لم يمنع ذلك انتشار الجريمة على نطاق واسع داخل الجيش حتى بعدما حظرتها المحكمة العليا بوضوح، داعيا الإسرائيليين إلى أن يتذكروا أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ليس وحده من يتجاهل قرارات هذه المحكمة، فجيشه يفعل ذلك أيضا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

غزة ما بين “حجار داود” و”ركاب جدعون”

في قلب المأساة، حيث تتقاطع النيران مع الصمت الدولي، وتعلو صرخات الأطفال فوق ركام البيوت، تقف غزة مجددًا في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية. وبينما تطلق إسرائيل على عدوانها الأخير اسم “ركاب جدعون”، أطلقت المقاومة الفلسطينية في غزة اسم “حجار داود” على عملية الرد. ليست مجرد تسميات عسكرية، بل معركة رموز ومعانٍ تعكس جوهر الصراع القائم منذ عقود.

بين التاريخ والواقع: مواجهة متجددة
“ركاب جدعون” هو اسم مستمد من سرديات توراتية، يُرمز فيه إلى القائد جدعون الذي خاض حروبًا باسم “الشعب المختار”. تستخدمه إسرائيل اليوم لتغليف عدوانها بلغة دينية مغموسة بالعنف والتفوق. في المقابل، جاء اسم “حجار داود” استحضارًا لقصة النبي داود في مواجهته الشهيرة مع جالوت، بسلاح بدائي وقلب ثابت. وبين جدعون وداود، تكتب غزة حكايتها الحديثة؛ حكاية من يواجه طاغوت العصر بحجر، وصاروخ محلي الصنع، وإرادة لا تلين.

هذه ليست مجرد حرب بين قوتين غير متكافئتين، بل معركة بين مشروع استعماري يسعى لتكريس نفسه بالقوة، وشعب أعزل يقاتل من أجل حقه في الحياة والحرية والكرامة.

العملية الإسرائيلية: نار لا تفرّق
منذ بدء عملية “ركاب جدعون”، تواصل إسرائيل تنفيذ حملة قصف شرسة على قطاع غزة، استهدفت كل شيء: المنازل، المساجد، المستشفيات، المدارس، وحتى مراكز الإيواء. تُبرَّر هذه الهجمات بما يسمى “الردع الاستباقي”، بينما المشهد الحقيقي يظهر شعبًا يُذبح تحت أنقاض بيته، ويُهجّر من أرضه مرة بعد أخرى.

المجازر اليومية ليست ناتجة عن خطأ أو خلل، بل هي جزء من عقيدة عسكرية تتعامل مع الفلسطيني كتهديد وجودي. لقد تحولت غزة في العقل الإسرائيلي من مجرد جغرافيا إلى “مشكلة أمنية” يجب التخلص منها، مهما كانت الكلفة البشرية.

الرد المقاوم: إرادة لا تُقهر
رغم الحصار، والقصف، والدمار، خرجت المقاومة الفلسطينية لتعلن بدء عملية “حجار داود”. وقد شكّل ذلك مفاجأة استراتيجية لإسرائيل، حيث كشفت المقاومة عن جاهزية عالية، وقدرة على المناورة والرد، وفرضت معادلات جديدة في الميدان.

لم تكن “حجار داود” مجرد رد فعل، بل إعلانًا صريحًا بأن المقاومة قادرة على الدفاع عن شعبها، وعلى التصعيد حين يلزم. الرسالة الأهم: أن الغطرسة العسكرية لن تمر دون ثمن، وأن الشعب الذي يُذبح نهارًا، يمكنه أن يفاجئ العالم ليلًا بقوته وثباته.

المعركة ليست فقط في الميدان
ما بين “حجار داود” و”ركاب جدعون”، هناك معركة أخرى تُخاض بالتوازي: معركة الرواية. الإعلام الغربي، كعادته، يختزل الصراع في عناوين سطحية: “تبادل إطلاق نار”، “صراع معقّد”، أو “دفاع إسرائيلي”. يُحجَب السياق، وتُطمَس الحقيقة، وتُغسل يد الجلاد.

لكن أمام هذه الهيمنة الإعلامية، ظهرت أصوات حرّة – عربية وعالمية – تنقل الحقيقة كما هي: غزة ليست عدوًا، بل ضحية مقاومة. الأطفال الذين يُقتلون ليسوا أضرارًا جانبية، بل أجسادًا شاهدة على جريمة مستمرة.

عار الصمت العربي
في الوقت الذي تنهمر فيه الصواريخ على غزة، تلتزم أنظمة عربية الصمت، بل وتفتح لبعض المعتدين أبواب التطبيع. لم تعد الخيانة تهمس في الظل، بل تعلن عن نفسها على الملأ، بتبريرات باردة ومواقف مخزية. وكأن غزة لا تعنيهم، وكأن أطفالها لا يشبهون أبناءهم.

لكن في المقابل، شعوب هذه الأمة – رغم القهر – لا تزال تنبض بالحياة. خرجت التظاهرات، ارتفعت الأصوات، وامتلأت الشوارع بالرايات والدموع. لا تزال فلسطين تعني شيئًا حقيقيًا في وجدان الأحرار، وستبقى.

غزة تُلخّص الصراع
غزة ليست مجرد جغرافيا ضيقة على الخريطة، إنها البوصلة الأخلاقية للعالم. إما أن تكون مع الحق أو مع القتل. لا حياد في هذه اللحظة. من يصمت على الظلم، يشارك فيه، ومن يبرر الإبادة، يسقط من إنسانيته.

“حجار داود” ليست فقط اسم عملية، بل إعلان عن ولادة زمن جديد في المقاومة الفلسطينية. زمن يُصنع من بين الأنقاض، وتُكتب فيه معادلات الردع بحروف الدم، لا باتفاقات القهر. زمنٌ تقول فيه غزة: أنا هنا، أقاتل، وأصمد، وأصوغ من وجعي مستقبلًا حرًّا رغم الألم.

وفي الخاتمة: بين الحجر والدبابة
في النهاية، ما بين “حجار داود” و”ركاب جدعون”، تنتصر الروح على الآلة، والحقيقة على الدعاية، والحق على القوة. ستبقى غزة رمزًا للشرف الإنساني، وستبقى مقاومتها عنوانًا لعصر لا يزال يرفض الخنوع.
ولن تنتهي القصة هنا… فكل قصف يولّد مقاومة جديدة، وكل شهيد يخلّف ألف مقاتل، وكل دم يُسفك يكتب صفحة أخرى في سفر الحرية الفلسطيني.

الشروق الجزائرية

مقالات مشابهة

  • هآرتس: إسرائيل وإيران وصلتا للامتحان الحقيقي الذي سيحسم في واشنطن
  • أونروا: هدف إسرائيل من آلية المساعدات الجديدة تهجير الفلسطينيين إلى جنوب غزة
  • جيش مصر.. تهديد حميدتي يشعل تفاعلا بعدما قاله عن دعم الجيش السوداني ونائب مصري يرد
  • الجيش الإسرائيلي اعترف بقتلهم.. الموت جوعا يتكرر في غزة
  • المرصد الإعلامي لمنظمة التعاون الإسلامي لجرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين يُسجل 3024 جريمة في أسبوع
  • جمعيات حقوق الحيوان تحتج بالدار البيضاء ضد احتجاز وقتل كلاب الشوارع.
  • نتانياهو يسرّع إجراءات ضم الضفة الغربية
  • إسرائيل تستخدم ناقلات انتحارية محملة بأطنان المتفجرات في غزة
  • غزة ما بين “حجار داود” و”ركاب جدعون”
  • هذا ما تخطط له إسرائيل بديلاً عن الحرب