بين الفردية والدونية
تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT
إسماعيل بن شهاب البلوشي
يكفينا تيمنًا بالفطرة التي فطر الله عليها الإنسان، وهي أنه يبحث عن الأفضلية والتفوق ويسعى إلى الراحة والتميز، وحتى في معترك الحياة والتحديات التي تُواجهه في زمانه والاختلافات بين البشر لا شك أنه يريد أن يكون الأقوى والفائز في أي نزال، ولكن ولغياب التنظير الصحيح لبعض المجتمعات، تجد أن الكثيرين ينشدون ذلك التميُّز، من خلال الشعارات والمجد القديم، ومن خلال الاسم، وحتى أنه يطلب ذلك من غيره، ولكن لا يعلم علم اليقين أن التميز له صفات عملية وتضحيات فردية وشخصية وبشكل آخر تمامًا.
في قياس القوة لأي مجتمع إن كان اليوم أو في الزمن السحيق هو في الحقيقة إنه محصلة قياس الفرد الواحد لتحسب فيما بعد كمحصلة ومجموع عام يكون عليها ذلك المجتمع كقوة حقيقية متكاملة وهذا يلتقي تمامًا وحقيقة القوة المالية عندما يكون لها رصيد مالي حقيقي وأصول وإنتاج أو تلك الأوراق التي تطبع دون غطاء حقيقي وتكون مجرد أرقام فلكية لا قيمة لها.
ولكن أين نحن من توضيح العلاقة ما بين الفردية والدونية؟ حيث إن كل ما سبق من حديث يأتي تمامًا تحت هذا المصطلح، ولذلك سأجتهد لكي أضع النقاط على الحروف. فلو أن الفرد في أي مجتمع يرى في نفسه فاعلًا ومؤثرًا وداعمًا من خلال كل تصرفاته وأعماله، فإنَّ ذلك المجتمع حتمًا سيكون قويًا، ولكن ماذا لو كان الفرد في أدنى مستويات الفكر المفرد، مثلًا عندما يريد أن ينعطف بمركبته من الطريق لا يستخدم الإشارة؛ لأنه وفي عمق ذاته غير معني بغيره، رغم أن ذلك لا يكلفه شيئًا، غير أن مصلحته المرور بسرعة وهي مصلحة فردية، وكذلك فإنه لا يُريد أن يقف، في طابور ولا يفكر أن هناك بشرًا سبقوه في الدور، لكن يريد أن يتقدمهم، وهذا فكر مفرد!
لو أن شخصًا ما يمشي في طريق، ويجد اختصارًا، فإنِّه لا يعني نفسه المشي بعيدًا، فيختصر حتى لو كان ذلك الاختصار تخريبًا لزراعة وورود جميلة، غير أنه لا يكترث لذلك وأن في اختصاره مصلحة فردية وفكرٌ مفرد!
لو أن شخصًا ما وضع أمانته دون توثيق مع شخص آخر، وقام ذلك الشخص باستغلال ذلك وكسب ما هو مؤتمن عليه، مُفكرًا في مصلحته دون اكتراث، فإنَّ ذلك فكرٌ مفرد!
لو مررت بمحتاج ولديك ما يكفيك ولم تكترث له، فذلك فكرٌ مفرد!
لو أن الحكومة قررت وأمرت وأصدرت قوانين وتابعتَ أنت هواك ولم تتقيدـ فإنَّ ذلك فكرٌ مفرد!
لا شك أنَّ كل ما ورد أعلاه ليس سوى أمثلة استدلالية فقط، لكي نحاول جاهدين توضيح النظرة الفردية التي قد تُسيطر على بعض المجتمعات البشرية، وأنها تمامًا هي ما يوجههم، ومع ذلك تجد أن ذلك المجتمع يطلب الكمال والتفوق والمعاملة المثلى والراتب الكبير، في حين أن الأسس الصحيحة ومفاتيح كل ذلك هو الذي يملكها.
إن المجتمعات التي تقتنع بظاهر التحضر والقوة والنجاح، في حين أن عمقها وحقيقتها الداخلية غير ذلك، لا تصمد أمام أي اختبار في الحياة، فلقد طغت عليها المصلحة الشخصية، وهذه المجتمعات تجدها تنادي بالبحث عن الأفضل في كل مناحي الحياة، إلّا نفسها بالعدد المفرد. غير أنهم لا يعلمون أن كل ذلك لا يمكن تحقيقه، سوى عندما تتغلب المصلحة المجتمعية على المفردة، وأن الإنسان خُلِق ليكون مُكمِّلًا للآخر وليس نقيضًا له، ولن يتحقق ما يأمله الفرد إلا بالتكامل.
وأخيرًا.. لا تلوم المجتمعات والدول بشكل عام حكوماتها أو أنها تبقى معتقدة أن دونيتها من فعل الغير؛ كالدول الأخرى الباحثة عن مصالحها من خلال ترك الآخرين في أدنى مستوى، لتبقى مسيطرة عليها وإلى الأبد، ولكل الأسباب التي سبقت، فإنَّ الفردية تنتج الدونية وترسخها وتسيطر على عقول أهلها وهم لايدركون ذلك.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
دراسة: الأنظمة الغذائية النباتية قد تكون صحية للأطفال.. ولكن بشروط
قال باحثون إن الأطفال الذين يتّبعون أنظمة غذائية نباتية قد يحتاجون إلى مكملات غذائية أو أطعمة مدعّمة لضمان الحصول على ما يكفي من العناصر الأساسية.
خلصت مراجعة رئيسية جديدة إلى أنّ الأنظمة الغذائية النباتية أو الخالية تماماً من المنتجات الحيوانية يمكن أن تكون صحية للأطفال، لكنهم على الأرجح سيحتاجون إلى أطعمة مُدعّمة أو مكملات للحصول على جميع العناصر الغذائية التي يحتاجون إليها.
ووفقاً للدراسة، قد توفر الأنظمة الغذائية النباتية أيضاً بعض الفوائد الصحية للأطفال، بما في ذلك صحة قلبية وعائية أفضل مقارنةً بالأطفال الذين يتناولون اللحوم. وقد نُشرت الدراسة في Critical Reviews in Food Science and Nutrition.
وتشير النتائج إلى أنّ "الأنظمة النباتية والنباتية الصِرفة المُخطط لها جيداً والمُدعّمة على نحو مناسب يمكن أن تلبي الاحتياجات الغذائية وتدعم النمو الصحي لدى الأطفال"، بحسب ما قالت مونيكا دينو، المؤلفة الرئيسية للدراسة وباحثة في جامعة فلورنسا في إيطاليا، في بيان.
وقال الباحثون إن هذه الدراسة هي الأكثر شمولاً حتى الآن بشأن الأنظمة الغذائية النباتية لدى الأطفال.
حلّلوا بيانات نحو 49 ألف طفل ومراهق في 18 دولة، متابعين عاداتهم الغذائية ونتائجهم الصحية ونموّهم وحالتهم التغذوية. وشملت الأنماط الغذائية النباتيين (يتناولون منتجات الألبان والبيض ولا يأكلون اللحوم أو السمك أو الدواجن) إضافةً إلى النباتيين الصرف وآكلي كلّ شيء.
يميل الأطفال النباتيون إلى تناول كميات أكبر من الألياف والحديد والفولات وفيتامين سي والمغنيسيوم مقارنة بآكلي كلّ شيء، لكنهم يحصلون على طاقة وبروتين ودهون وفيتامين بي 12 وفيتامين دي وعنصر الزنك بكميات أقل.
وكانت الأدلة أقلّ بشأن الأنظمة النباتية الصِرفة، لكن الأنماط كانت متشابهة. ووجدت الدراسة أن الأطفال النباتيين الصرف لديهم تناول منخفض بشكل خاص للكالسيوم.
وقال الباحثون إن الأطفال الذين يتبعون أنظمة غذائية نباتية قد يحتاجون إلى تناول مكملات أو أطعمة مُدعّمة لتجنّب نقص بعض العناصر الغذائية الأساسية.
وقالت جينيت بيزلي، وهي إحدى مؤلفات الدراسة وأستاذة مشاركة في جامعة نيويورك في الولايات المتحدة: "من اللافت أن مستويات فيتامين بي 12 لا تصل إلى الحد الكافي من دون مكملات أو أطعمة مُدعّمة، وكان تناول الكالسيوم واليود والزنك غالباً عند الحد الأدنى من النطاقات الموصى بها".
تمتع الأطفال النباتيون الصرف والنباتيون بصحة قلبية وعائية أفضل من الأطفال الذين يتناولون اللحوم. ويميل النباتيون إلى أن يكونوا أقصر قليلاً وأنحف، مع مؤشر كتلة جسم (BMI) وكتلة دهنية ومحتوى معدني عظمي أقل.
Related لماذا يحذر الخبراء من إعطاء الأطفال مكملات غذائية كالفتيامينات؟وكانت لديهم أيضاً مستويات كوليسترول أقل، بما في ذلك كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL)، وهو الشكل "السيئ" أو "غير الصحي" من الكوليسترول الذي يمكن أن يؤدي إلى تراكم اللويحات في الشرايين.
لكن للدراسة بعض القيود؛ فمثلاً من الصعب إثبات ما إذا كانت الأنظمة الغذائية للأطفال سببت مباشرة الفروق في نتائجهم الصحية. وقد تختلف الأسر التي تختار الأنظمة النباتية عن آكلي اللحوم من حيث الوضع الاجتماعي الاقتصادي أو عوامل نمط الحياة.
يوصي الباحثون بأن يضع الآباء أنظمة أبنائهم الغذائية بعناية، على سبيل المثال، بدعم من أطباء الأطفال وأخصائيي التغذية.
وقالوا إنه ينبغي أن تكون هناك إرشادات رسمية أكثر لمساعدة الأسر التي تعتمد الأنظمة النباتية على ضمان تلبية الاحتياجات الغذائية لأطفالها خلال نموّهم.
وقالت دينو: "نأمل أن تقدّم هذه النتائج إرشادات أوضح بشأن فوائد الأنظمة النباتية ومخاطرها المحتملة، بما يساعد العدد المتزايد من الآباء الذين يختارون هذه الأنظمة لأسباب صحية أو أخلاقية أو بيئية".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة