في تطور يعزز التقارير عن توجهات داخل إيران لتسريع وتطوير برنامجها النووي، كشف مصدر في مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي، لـ «الجريدة»، أن 100 شخصية سياسية وعسكرية وعلمية إيرانية رفعوا رسالة مصنفة «سرية للغاية» إلى المرشد، يطالبون فيها بأن يراجع خامنئي فتواه بشأن تحريم تصنيع وتخزين أسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة النووية، لإلغائها أو تعديلها.

وقال المصدر إن مركز الدراسات الاستراتيجية الخارجية التابع لمكتب المرشد الذي يرأسه كمال خرازي، وكان عباس عراقجي يشغل منصب أمينه العام قبل تعيينه وزيراً للخارجية في حكومة مسعود بزشكيان، قام بإعداد وتنسيق الرسالة، على أساس أن إلغاء الفتوى سيشكل أقوى رد من إيران على إسرائيل والولايات المتحدة على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في منطقة محصنة في طهران الشهر الماضي، والتهديدات التي تواجهها إيران من الأميركيين والإسرائيليين. وحسب المصدر، فإن خرازي سلّم الرسالة إلى خامنئي صباح أمس الاثنين. ويعتبر خرازي الذي شغل منصب وزير الخارجية في حكومة محمد خاتمي الإصلاحية، الأب الروحي للعديد من الشخصيات الدبلوماسية الإيرانية، ومنهم عراقجي ووزيرا الخارجية السابقان محمد جواد ظريف وعلي أكبر صالحي، الذي تولى سابقاً منصب رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، إضافة إلى محمد إسلامي الرئيس الحالي للمنظمة. وقال إن أحد الاقتراحات السابقة التي كان يتم تداولها بحماسة في الأوساط الدبلوماسية الإيرانية، هو إلغاء فتوى خامنئي النووية في حال عاد إلى البيت الأبيض الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب، الذي أخرج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في عام 2018. وأضاف أنه بعد تلقي إيران تهديداً إسرائيلياً عبر دولة أوروبية بشن ضربات نووية ضدها، كانت «الجريدة» انفردت بالكشف عنه، بدأ خرازي ومجموعته العمل على الرسالة التي تحث على تعجيل مراجعة الفتوى، لافتاً إلى أن أحد الدوافع الأخرى لهذا الاستعجال هو أنه إذا لم يبادر خامنئي إلى إلغاء الفتوى بنفسه، فسيكون صعباً على خليفته بعد وفاته، تعديلها أو المس بها. وأكد المصدر أن خامنئي لم يعلق فوراً على الرسالة ولم يرد عليها، ومن المرجح أن يدرسها بتأنٍ نظراً إلى مستوى الشخصيات الموقعة عليها، خصوصاً خرازي الذي يعد المركز الذي يرأسه مرجع الاستشارات الأول لخامنئي في الشؤون الخارجية والدولية. إلى ذلك، وفي توجه ذي دلالات، كشفت 3 مصادر دبلوماسية إيرانية، لـ «الجريدة» أحدها مقرب من الوزير عراقجي، الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى اليابان، أن الأخير يعوّل على طوكيو للعب دور الوسيط والراعي والضامن بين طهران وواشنطن. وحسب المصدر المقرب من عراقجي، فإن وزير الخارجية يرى أن أحد أبرز العراقيل التي تحول دون التوصل إلى اتفاق جدي بين إيران والولايات المتحدة حول العودة إلى الاتفاق النووي الموقع في 2015، هو انعدام الثقة بين الجانبين. وأشار على سبيل المثال إلى أن الجانبين توصلا خلال الأعوام القليلة الماضية إلى عدة اتفاقات مرتبطة بالملف النووي، لكن المشكلة الأساسية كانت أنه لم يكن هناك عراب وضامن لها، وبالتالي كان انعدام الثقة بينهما يحول دون عبور الاتفاقات إلى مرحلة التنفيذ. وذكر المصدر أن إيران والسعودية توصلتا إلى تفاهمات جيدة خلال الكواليس في جولات الحوار التي انعقدت بينهما في العراق وعُمان، لكن عودة العلاقات الدبلوماسية وفق اتفاق واضح كانت بحاجة إلى وسيط ضامن، وكانت الصين مستعدة للرعاية، فتم تحقيق الاختراق في «اتفاق بكين». ولفت مصدر ثانٍ إلى أن إيران كانت دائماً تعوّل على الدول الأوروبية للعب دور الوسيط الضامن أو الراعي في الموضوع النووي، لكن في السنوات الأخيرة تحولت هذه الدول إلى طرف، مضيفاً أن الدول التي تنشط حالياً على خط الوساطة بين طهران وواشنطن، أي قطر وعمان والعراق وسويسرا، لا يمكنها أن تلعب دور راعي الاتفاق، في وقت لم يعد دور الصين وروسيا مقبولاً من جانب الأميركيين، ولهذا يرى عراقجي أنه يجب البحث عن «عراب» لأي اتفاق محتمل بين الجانبين، وهو يعتقد أن اليابان يمكنها أداء هذا الدور. ورأى المصدر الثاني أن خيار اليابان كوسيط في المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة يبعث رسالة إيرانية دقيقة في المشهد الجيوسياسي تشير من خلالها إيران إلى مرونتها وأنها ليست معتمدة فقط على الصين. ويقول إن اليابان، باعتبارها مشترياً رئيسياً للنفط ولاعباً مهماً في آسيا، توفر لإيران وسيلة لتنويع خياراتها الدبلوماسية، وللقول إنها تمتلك خيارات في آسيا وليست بالضرورة أسيرة الصراعات الأوسع بين الشرق والغرب أو بين الغرب والجنوب العالمي.

المصدر: جريدة الحقيقة

إقرأ أيضاً:

عراقجي يحذّر: إيران سترد بحزم إذا استُغل تقرير الوكالة الذرية لأغراض سياسية

أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أن الأنشطة النووية لإيران تتم تحت إشراف صارم من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ووفق اتفاقية الضمانات دون أي انحراف، محذرًا من استغلال بعض الأطراف الأوروبية لتقارير الوكالة لأهداف سياسية قد تؤدي إلى تصعيد خطير،

وجاء ذلك خلال اتصال هاتفي جمع عراقجي، مساء أمس السبت 31 مايو 2025، بالمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، تم خلاله بحث مستجدات الملف النووي الإيراني ورفع العقوبات المفروضة على طهران.

وشدد وزير الخارجية الإيراني على ضرورة أن تعكس تقارير الوكالة الواقع بدقة وموضوعية، معربًا عن قلق بلاده من استخدام التقرير الأخير لأغراض سياسية.

وقال عراقجي إن “إيران تحذر من تبعات أي إجراء ذي طابع سياسي، وسترد بالشكل المناسب على أي تحرك غير بناء من قبل الأطراف الأوروبية، التي ستتحمل المسؤولية كاملة عن العواقب الناجمة عن استخدام الوكالة وأدواتها كوسيلة لخدمة أجندات سياسية ضد إيران”.

وكانت إيران انتقدت تقريرًا حديثًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية وصفته بـ”غير المتوازن” ومبني على “وثائق مزورة” قدمتها إسرائيل، التي تتهم طهران بممارسة أنشطة نووية غير معلنة في مواقع سرية، وقد قدم هذا التقرير لمجلس محافظي الوكالة في نوفمبر 2024، وكُشف عنه مؤخرًا.

وردًا على ذلك، أصدرت وزارة الخارجية ومنظمة الطاقة الذرية الإيرانية بيانًا مشتركًا أكدا فيه أن التقرير تجاهل مستوى التعاون الفعلي الذي قدمته إيران، وكرر اتهامات قديمة لا أساس لها تستند إلى مزاعم تتعلق بعدد محدود من المواقع والأنشطة المزعومة منذ عقود، والتي تنفي طهران وجودها جملةً وتفصيلاً.

وفي تقارير أخرى، ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وجود ثلاثة مواقع رئيسية مشتبه بها في إيران هي (لافيسان، شيان، ورامين)، والتي يُزعم أنها كانت جزءًا من برنامج نووي غير معلن حتى أوائل الألفية الحالية. كما أشارت الوكالة إلى أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بلغ نحو 9247.6 كيلوغرامًا، منها 408.6 كيلوغرامًا مخصب بنسبة تصل إلى 60%.

هذا وتضمن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي اطلعت عليه رويترز، أن إيران نفذت في السابق أنشطة نووية سرية باستخدام مواد لم تعلن عنها للوكالة في ثلاثة مواقع كانت قيد التحقيق منذ فترة طويلة.

وأشار التقرير الشامل الذي طلبه مجلس محافظي الوكالة في نوفمبر الماضي إلى أن هذه المواقع، إضافة إلى مواقع أخرى محتملة، كانت جزءاً من برنامج نووي منظم غير معلن نفذته إيران حتى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مستخدمة مواد نووية غير معلن عنها.

كما كشف التقرير أن إيران سرّعت وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، حيث قامت حتى 17 مايو بتخزين 408.6 كيلوغرام من هذه المادة، بزيادة قدرها 133.8 كيلوغرام منذ آخر تقرير في فبراير.

وأشارت الوكالة إلى أن إيران جمعت كمية إضافية من اليورانيوم المخصب بنسبة قريبة من تلك المستخدمة في صنع أسلحة نووية، داعية طهران إلى التعاون مع تحقيقاتها. وتبعد هذه المادة خطوة تقنية قصيرة عن المستويات التي تصل إلى 90 في المئة، وهي النسبة اللازمة لصناعة أسلحة نووية.

وفي سياق متصل، سلط موقع أكسيوس الضوء على تفاصيل “مقترح ويتكوف” الأميركي لكسر الجمود في المفاوضات النووية مع إيران، الذي يهدف إلى معالجة نقطة الخلاف الرئيسية المتعلقة بمسألة تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية.

وأرسلت الولايات المتحدة عبر مبعوثها ستيف ويتكوف، السبت، عرضاً تفصيلياً ومقبولاً لإيران، وفق المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، في محاولة لتجاوز المأزق الراهن، ويشمل المقترح إنشاء كونسورتيوم إقليمي لتخصيب اليورانيوم لأغراض نووية مدنية، يشرف عليه كل من الوكالة الدولية للطاقة الذرية والولايات المتحدة، مما قد يمثل حلاً وسطاً يضمن رقابة دولية.

إضافة إلى ذلك، تتضمن الفكرة اعتراف الولايات المتحدة بحق إيران في تخصيب اليورانيوم، شريطة أن تعلق إيران أنشطتها التخصيبية داخل حدودها بالكامل. يأتي ذلك عقب جولات من المحادثات في روما، حيث طلب الجانب الإيراني توضيح العرض خطياً بعد تقديمه شفهيًا في الجولة الرابعة من المفاوضات.

وكشفت مصادر مطلعة لصحيفة نيويورك تايمز أن الوثيقة الأميركية المقدمة ليست مسودة اتفاق كامل، بل سلسلة نقاط مختصرة، أبرزها الدعوة إلى وقف جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم في إيران، مع إنشاء تحالف إقليمي لإنتاج الطاقة النووية.

مقالات مشابهة

  • عراقجي يحذّر: إيران سترد بحزم إذا استُغل تقرير الوكالة الذرية لأغراض سياسية
  • لينت خطابها مع عدم قبول “الهيمنة الغربية”.. إيران ترفض السلاح النووي وتلوح بقبول التفاوض المشروط
  • وزير الخارجية الإيراني يعتبر حيازة السلاح النووي أمرا "غير مقبول"
  • ايران: السلاح النووي غير مقبول
  • إيران تعتبر حيازة السلاح النووي أمرا "غير مقبول"
  • عراقجي: حق تخصيب إيران غير قابل للتفاوض
  • عراقجي يعلق على تقارير بشأن قرب التوصل لاتفاق حول النووي الإيراني
  • عراقجي في رسالة قوية: إيران لا تمزح مع أحد في موضوع تخصيب اليورانيوم
  • ترامب يتحدث عن كلفة تعديل الطائرة التي حصل عليها من قطر
  • عراقجي يرهن الاتفاق النووي مع أمريكا بشرطين