عربي21:
2025-10-20@19:28:19 GMT

لماذا لن نصالح إسرائيل؟

تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT

الكاتب والقاص والسيناريست المعارض لنظام حكم الأسد، استهل عنوان مقاله "لماذا لا نصالح إسرائيل" بعد الدوشة التي سببها الثوار والمناضلون والممانعون لأمثاله، لرفضهم فكرة مهادنة إسرائيل، فالمثقف السيناريست الذي أصدر 22 كتابا كما يعرف عن نفسه خطيب زمانه، في بدلة الثقافة والمعرفة، ممتعض من هؤلاء الذين يُذكرونه بأن إسرائيل كيان عنصري استعماري اغتصب أرضنا وقتل أطفالنا، وأن أصحاب هذا النهج "المقاومين" يرفضون الإصغاء لصوت العقل حسب رأيه، وبأن كل من يعارض أصحاب هذا النهج، أي نهجه ورفاقه، يصفونه بالانهزامي والانتهازي والماسوني.

. يضع المثقف المعارض هذه الجملة الأخيرة درءا لتجنب هذا الوصف بحسب ما يعتقد، متهكما وباستهزاء مستخدما ثقافة خلط التبن باللبن مجددا مع ثلة بعض النخب التي تحاول منذ طوفان الأقصى امتهان التزوير والتحريض ضد الشعب الفلسطيني، والحط من مقاومته باعتبارها دون جدوى ومستوردة ونزع الأصلانية عنها وعنه.

المثقف السيناريست سابقا والهاغاري حاليا، أخذها من قصيرها ودخل في "صلب الموضوع" في تسطيح التاريخ والواقع، معاتبا شعوب المنطقة ومتهما إياها بالشعبوية لقبولها بـ"الاستعمار الاستيطاني العثماني" لـ400 عام وعاشت معه سمن على عسل، ثم ترفض الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي وتدعو لمحاربته ورفض مصالحته والتعايش معه، "هذا خيار وفقوس، وكيل بمكيالين"، وأنها فضلت الهجوم عليه عام 1967 لتخسر قدسها وجولانها. ويقول السيناريست إن القبول العربي بالاستعمار العثماني فقط لأن له لباس مسلم، وأما الإسرائيلي "فليس له عندكم إلا ما صنع الحَدَّاد".

نخب ثقافية عربية، تنتشر كالفطر السام بين ظهرانينا، بعضها يمتشق سيف المظلومية من الاستبداد والطغيان، ويلتحف بمنابر عربية، تدافع عن العربي الحر والمتحرر من الاحتلال والطغيان، لكن مثل هذا المثقف يمارس الانفصام والتعري بالتنقل بين هذه المنابر، هنا يجلد الطاغية الذي يدعو شعبه للتحرر منه، وهناك يجلد ضحايا المستعمر الصهيوني ويعاتبهم بتحميلهم مسؤولية خياراتهم "البائسة" لمواجهة احتلال استيطاني استعماري
هذه عيّنة ونموذج لنخب ثقافية عربية، تنتشر كالفطر السام بين ظهرانينا، بعضها يمتشق سيف المظلومية من الاستبداد والطغيان، ويلتحف بمنابر عربية، تدافع عن العربي الحر والمتحرر من الاحتلال والطغيان، لكن مثل هذا المثقف يمارس الانفصام والتعري بالتنقل بين هذه المنابر، هنا يجلد الطاغية الذي يدعو شعبه للتحرر منه، وهناك يجلد ضحايا المستعمر الصهيوني ويعاتبهم بتحميلهم مسؤولية خياراتهم "البائسة" لمواجهة احتلال استيطاني استعماري جاء بمجازر إبادة جماعية وتهجير شعب واستيراد مستوطنيه من كل أصقاع الأرض لتحقيق خرافة تلمودية وتوراتية، وهي لم تكن موجودة عند العثمانيين في تبرير توليهم الخلافة الإسلامية في أصقاع الأرض. ولتلك حكاية أخرى تختلف كليا عن الحقبة العثمانية التي يقارن بها خطيب زمانه في تسطيح المعرفة والتاريخ وتزويره المفضوح بمشاركة الدعاية الصهيونية عن أن الضحايا أنفسهم قاموا بمهاجمة محتلهم عام 1976 ليستفزوه على احتلال قدسهم وجولانهم وسينائهم.

لن نقول للسيناريست نريد أن نكتب لك فيلما يحاكي أكاذيبك بدعوة أبناء شعبك للقبول بالطاغية طالما أنهم قبلوا التعايش مع أبيه ثلاثة عقود، ولذلك عليهم التعايش نصف قرنٍ أو ضعفه مع ابنه ونسله، فما فائدة كل هذا الهراء عن "الحرية" والتحرر؟ فدعوتك للفلسطينيين والعرب التعايش مع المستعمر والقبول بما يمنّه عليهم من باب التعقل والحكمة، هي فكرة تصح عند عشاق العبودية وممتهني التزوير، فأمثال أولئك لا يمثلون قضايا أخلاقية وإنسانية تعني مسألة التحرر من الطاغية والمحتل، ومأساة النخب المثقفة في عالم العرب اليوم من هذه القضايا التي أصبحت موضع خلاف وتنظير ونظريات تصب كلها في خدمة المستعمر والطاغية بعد انسحابهم غير التكتيكي من الساحة الأخلاقية والانسانية بالنظر لما يجري للشعب الفلسطيني، وقبله بالنظر للثورات العربية وإعادة النظر فيها من العين المستبدة والمحتلة في المنطقة العربية..

فالأقلام والخطابات السمجة تدعو الفلسطينيين للاستسلام لمستعمرهم، وتصف كل مخلب ينمو في أيديهم ضده بلا فائدة ويجب تقليمه، والدخول بمنتهى البؤس في حفلة التزوير والكذب الصهيوني ضد قضية لا تحتاج بديهياتها لشرح أكثر من فضح هذه الجوقة العربية وتعريتها. فولع بعض نخب الثقافة بشقها المعارض لأنظمة الحكم وللاستبداد والالتقاء فيما بينهم بنفس الوظيفة؛ هو أسوأ ما يستطيع العربي قراءته في زمن الإبادة الفلسطينية، والتفاصيل المخزية لسطور هذه الكتابات والمنابر تدل على حماقة تسويق كل شيء فاشل في حياتنا، وأن النجاح يكمن في استكانتنا لهذا الإرهاب والقمع والإبادة.

نخب غربية في أعمدة صحف غربية محسوبة الولاء على إسرائيل والغرب؛ تجد أقلاما وعقولا تمتلك شجاعة ونُبلا أخلاقيا بوصف إسرائيل دولة استعمارية تطبق نظام الفصل العنصري وتمارس إبادة جماعية، وتدعو للاعتراف بالحقوق الفلسطينية وضرورة عزل إسرائيل ومحاسبتها عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية، بينما صاحبنا مهووس بالفترة العثمانية على طريقة ديكتاتور السوريين لإخفاء جرائمه، رغم أنه يدعي معارضته
نعم، هناك لغة جديدة، وغور في أعماق القضايا بتسطيحها ويوازي هذا الدجل المؤدلج انحدار معرفي بالواقع وبالتهكم على كل شيء يفعله ضحايا المستعمر الصهيوني؛ من التشكيك بتاريخهم في أرضهم وأصلانية وجودهم فوقها، وبالحط المستمر من قياداتهم شهداء معركة التحرير الوطني، إلى التشكيك بكل من يثني على صمودهم. وبالمقارنة بنخب غربية في أعمدة صحف غربية محسوبة الولاء على إسرائيل والغرب؛ تجد أقلاما وعقولا تمتلك شجاعة ونُبلا أخلاقيا بوصف إسرائيل دولة استعمارية تطبق نظام الفصل العنصري وتمارس إبادة جماعية، وتدعو للاعتراف بالحقوق الفلسطينية وضرورة عزل إسرائيل ومحاسبتها عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية، بينما صاحبنا مهووس بالفترة العثمانية على طريقة ديكتاتور السوريين لإخفاء جرائمه، رغم أنه يدعي معارضته.

أخيرا، لا يحتاج الشعب الفلسطيني لتعريف إسرائيل وتقديمها للمثقف والسيناريست العربي، فهي تعرّف عن نفسها منذ 1948، وتاريخها التلفيقي الأول يحاول المثقف الوهمي أن يستدعي زمنين متباعدين من الاحتلال العثماني ومسألة قبوله، ورفضنا للتعايش مع المستعمر الصهيوني، وهذا يحيلنا في دلالته الحقيقية إلى التضليل الذي يمتهنه مثقف الوهم من على منابر مختلفة، وطنية وثورية، يتسلل منها المثقف ببدلته وخطابه الذي يومئ بالتزوير والتدليس للمستعمر، ولكل ذلك، لن يصالح الفلسطينيون الدولة العنصرية الفاشية التي قامت على أنقاض نكبتهم، وتستمر بحرب الإبادة لتحقيق الخرافة التوراتية التلمودية، أما كل تجرؤ على الشعب الفلسطيني وكل عار يصدر عن تلك الأبواق الممجوجة منذ طوفان الأقصى، فهو للرغبة الدفينة عند الجميع بالبقاء بالقرب من الهزيمة التي يزيفها السيناريست ويسخر من كل مقاومة يبديها أبطال فلسطين، ويسخر من أحلامهم وإيمانهم بالحرية، لأجل ذلك عرفنا أيضا لماذا يتصالح مثقف الخيار والفقوس مع إسرائيل سرا وعلانية، ويعادي الطاغية علنا ويدعو لقبول حكم المستعمر على طريقة حكم الطاغية الأبدي؛ بابتكار نغمة تزوير تسر دانيال هاغاري وسموتيرتش وبن غفير، ولمَ لا، فلدينا خطيب ببدلة ملطخة بعار التزوير.

x.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل الفلسطيني إسرائيل فلسطين المقاومة مثقفين مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة تكنولوجيا سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

العربي للدراسات: غياب الردع الدولي جعل إسرائيل "تسيء الأدب مع محيطها"


قال الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة تحمل أهدافًا خبيثة تتجاوز استهداف حزب الله أو مواقع محددة في لبنان، مشيرًا إلى أن ما تقوم به إسرائيل هو محاولة مقصودة لزعزعة استقرار الدولة اللبنانية والتضييق على مؤسساتها.

الهلال الأحمر بسيناء: 700 ألف ساعة عمل لخدمة غزة منذ 7 أكتوبر إبراهيم عيسى يهاجم "نفاق" المتعاطفين مع حماس ويتساءل: كم مريض نفسي في غزة؟ (فيديو)


وأوضح غباشي في مداخلة هاتفية لبرنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم،  أن إسرائيل تمارس سياستها العدوانية تجاه لبنان وسوريا وقطاع غزة وفق رؤية وجودية تعتبر فيها الصراع مع محيطها العربي مسألة بقاء لا مواقف سياسية، لافتًا إلى أن إسرائيل تعيش ما يُعرف بلعنة العقد الثامن، حيث لم تعمّر أي دولة يهودية في التاريخ أكثر من ثمانين عامًا، وهو ما يثير داخلها هاجس الخوف من الزوال ويدفعها إلى تصعيد دائم ضد جيرانها.
وأضاف نائب رئيس المركز العربي أن الكيان الإسرائيلي تجاوز كل القوانين والقرارات الدولية، وعلى رأسها القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن، والذي يلزم بوقف الأعمال العدائية، ومع ذلك تواصل إسرائيل استخدام القوة المفرطة بذريعة تأمين حدودها الداخلية، في حين أن تلك المبررات أصبحت مجرد حجج للاستهلاك المحلي ولتبرير العدوان المتكرر على الدول المجاورة.
وشدد غباشي على أن غياب الردع الدولي الحقيقي شجع إسرائيل على التمادي في انتهاكاتها، قائلاً: "من أمن العقاب أساء الأدب، وإسرائيل اليوم أمنت العقاب، فأساءت الأدب مع محيطها الإقليمي كله".

وأشار إلى أن المجتمع الدولي بات يقف عاجزًا أمام خروقات إسرائيل المتكررة، في ظل غياب إرادة حقيقية لتطبيق القانون الدولي أو تفعيل دور محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، مما جعل إسرائيل تتصرف كدولة فوق القانون، غير عابئة بقرارات الأمم المتحدة ولا بمعايير العدالة الدولية.
 

مقالات مشابهة

  • "الخط الأصفر".. الحد الوهمي الذي تسخّره إسرائيل لمواصلة الإبادة الجماعية في غزة
  • لماذا كل هذا الاستعراض الإعلامي الذي يرافق الأسرى الإسرائيليين؟
  • لماذا لم تنتصر إسرائيل على حماس؟
  • إبراهيم الرفاعي.. قائد العمليات المستحيلة وأسد سيناء الذي أرعب جنرالات إسرائيل
  • تركيا تعود إلى غزة من بوابة واشنطن.. وأردوغان يقلب الطاولة على إسرائيل. صحيفة عبرية تكشف لماذا تخاف تل أبيب من الدور التركي؟
  • لماذا تخشى إسرائيل نشر قوة دولية في غزة؟ .. تفاصيل جديدة لبند “غامض” جديد في خطة ترامب
  • لماذا تخشى إسرائيل من الدور التركي الجديد في غزة؟
  • التعرف على هوية جثة الرهينة العاشر الذي عاد إلى إسرائيل من غزة
  • لماذا حرم الله العمل يوم السبت على بني إسرائيل؟.. لـ 5 أسباب
  • العربي للدراسات: غياب الردع الدولي جعل إسرائيل "تسيء الأدب مع محيطها"