خسائر بمليارات الدولارات: من ينقذ العراق من وحل التهرب الضريبي
تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT
31 أغسطس، 2024
بغداد/المسلة: يمثل النظام الضريبي ركيزة أساسية في تمويل الموازنات العامة للدول، مساهماً بشكل مباشر في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن العراق يواجه تحديات كبيرة في نظامه الضريبي، تتمثل في ضعف الإيرادات الضريبية والجمركية بسبب التهرب الضريبي والفساد الإداري، مما أدى إلى عدم قدرة الحكومة على تمويل المشاريع التنموية بشكل كافٍ.
وتسهم الإيرادات الضريبية بنسبة ضعيفة في تمويل الموازنة العامة في العراق، مقارنةً بالدول الإقليمية الأخرى. يعود هذا بشكل رئيسي إلى فشل السياسة الضريبية في تعزيز التحصيل الضريبي، إلى جانب التحديات الهيكلية والوظيفية التي تواجه هيئة الضرائب.
ويُعد الفساد المالي والإداري في دوائر الضريبة والجمارك أحد الأسباب الرئيسية لتراجع الإيرادات الضريبية، كما يشجع الفساد على تنامي التهرب الضريبي، مما يتسبب في فقدان مبالغ ضخمة من الإيرادات السنوية، حيث بلغ حجم التهرب الضريبي في السنوات الأخيرة أكثر من 20 مليار دولار سنوياً.
وقدمت الحكومة العراقية مبادرات لإصلاح النظام الضريبي، بما في ذلك عقد مؤتمر إصلاح النظام الضريبي الذي أقر تشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ الإصلاحات.
وتتضمن الإصلاحات المقترحة تحسين نظام التدقيق الذاتي، وتطبيق نظام الأتمتة للحد من التهرب الضريبي، بالإضافة إلى تطوير تشريعات جديدة مثل قانون ضريبة الدخل وقانون ضريبة المبيعات.
ويتسبب التهرب الضريبي في إعاقة المشاريع التنموية ويؤثر سلباً على القطاعات الصناعية والتجارية.
ويعزز عدم تطبيق القوانين بفعالية من حالة الفوضى والفساد، مما يضعف الثقة في النظام الضريبي.
غياب البيانات الشاملة
ويعاني النظام الضريبي في العراق من نقص في البيانات الشاملة عن الأنشطة التجارية والصناعية، مما يصعب عملية التحصيل الضريبي ويزيد من فرص التهرب الضريبي.
ويُعد تطوير قاعدة بيانات متكاملة للمكلفين الضريبيين خطوة أساسية لتحسين كفاءة التحصيل الضريبي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: التهرب الضریبی النظام الضریبی
إقرأ أيضاً:
التهافت الضريبي وهروب رؤوس الأموال
تسعى دولة المؤسسات والقانون لضمان استقرار التشريع التجاري ووضوح القواعد القانونية التي ترشح عنه؛ لأن ذلك يؤدي حتمًا إلى اطمئنان المستثمر لمركزه القانوني وتمتعه بالحماية الكافية لحقوقه، وهو ما ينعكس إيجابا على تنمية نشاطه التجاري وتطويره، وبقاء رأس المال وتثميره في الوطن، ولذلك اتسمت القواعد القانونية – المواد القانونية في كل تشريع – بالعموم والتجرد، بمعنى انطباقها على جميع المخاطبين بها على حد سواء، لا تمييز ولا حصانة لأحد من أحكامها، وتهدف إلى استقرار الوضع القانوني للمخاطبين بها وهو يحتم ثباتها ورسوخ تشريعاتها وتذليل العقبات في سبيل عدم المساس بما استقر من أحكامها؛ لأن انعدام عنصر الثبات ولو بصورة نسبية وتعريضه لعواصف التغيير المستمر يعني إخلالا بالأمن القانوني وتنفيرا لرأس المال وهروبا لأصحابه إلى بيئات أكثر استقرارا وتشريعات أكثر حماية وحصانة لرأس المال الخاص من تعاقب الضرائب وتنوعها، ويشكل تذبذب القرارات الضريبية ضغطا على بيئة الأعمال وقلقا من القرارات الارتجالية التي قد تعصف برأس المال والأرباح من قبل أصحاب القرار دون مراعاة للأمن القانوني الذي يشكله التشريع واطمئنان المستثمر له، ولا يمكن تبرير التهافت الضريبي على مفاصل التجارة وتراخيصها الملزمة بذريعة التسارع الرقمي وضرورة تطوير التشريع ومواكبته للوقائع المتجددة التي تتطلب مزيدا من الحماية يصحبها زيادة في التكاليف التي تحتم رفعا للضرائب على المستفيدين من تلك الخدمات؛ لأن تجدد الضرائب بصورة مستمرة وتعددها، والعقوبات الصارمة المصاحبة للإخلال بها، مع عدم تقديم حوافز حقيقية يؤدي إلى زعزعة المراكز القانونية المكتسبة وعدم اليقين بالتشريعات وضعف مناخ التجارة والاستثمار في البلد وهروب رأس المال الأجنبي، وركود رأس المال المحلي وعدم المغامرة بضخه في السوق، خاصة مع اقتران ذلك بضعف القوة الشرائية وتركيز الجهات المسؤولة عن تحفيز السوق – كل جهة عامة لها علاقة بالتاجر- على سبل تحصيل الضرائب المختلفة بدلا من تطوير بيئة الأعمال وتقديم الحوافز لها.
كما أن تقييم القرارات الإدارية وبيان مدى تأثيرها في تعافي التجارة، يعد ضرورة ملحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من عواقب التهافت الضريبي الذي يشكل بيئة طاردة لأصحاب الأموال، ويترك فراغا في الخدمات والوظائف والحركة التجارية، وحري بنا أن نتمثل وصية عمر -رضي الله عنه- في قوله: " ولا يمنعك قضاء قضيته أمس فراجعت اليوم فيه عقلك وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق؛ فإن الحق قديم لا يبطله شيء ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل"، وهو وإن كان في باب القضاء إلا أنه ينطبق على كل قرار ملزم، فإن مراجعته وتقييمه أدعى لتصويبه.
يتكبد التاجر رسوما سنوية لتراخيص تتعلق بنشاطه التجاري، ثم لا يجد خدمة حقيقية تساهم في تنمية عمله من قبل الجهة المصدرة للترخيص، مع مزيد من الرقابة والمخالفات دون وضوح الحوافز التي يحملها الترخيص والحزم الاقتصادية التي يمكنه الاستفادة منه، ويتفاجأ بعد ذلك برفع لقيمة تلك المساهمة أو فرض لضرائب جديدة أو إلزام بالتزامات لم تكن موجودة، مع عدم تجديد الترخيص قبل الوفاء بالالتزام المستحدث، كل ذلك يؤدي إلى إنهاك التاجر وهروبه بأقل الخسائر.
إن تركيز بعض الجهات على الجباية وكيفية تحصيل الأموال بأبسط طريق من غير تفكير في تجويد خدماتها ولا مساهمة في خلق بيئة جاذبة للاستثمار والتجارة، يقابله جهات أخرى لديها قيادة واعية بأهمية المساهمة في تعافي السوق وتخفيف الضرائب والرسوم على خدماتها، وهي تقوم بمراجعة دورية وشاملة وتخفيض للرسوم والضرائب بما يتناسب مع الخدمة المقدمة، مع تقديم خدمات وحوافز مقابل تلك التراخيص، ورقابة المجتمع كافية للحكم على جودة الخدمات وتقييم الأداء، بما يحقق الهدف من تقديم خدمة حقيقية تناسب الرسوم المفروضة، مع التركيز على التطوير وتقديم خدمات تسهم في تيسير حصول المستفيد على الخدمة ودفعة رسوما يرى أثرها في جودة تلك الخدمة، مع تحفيز السوق وإيجاد بيئة جاذبة للمال والأعمال.
وهنا يكون الدور منوطا بالمراكز المتخصصة في الإحصاء والمعلومات بشكل خاص لتحليل بيانات السوق ومراجعة دقيقة لآثار القرارات المستحدثة التي تزيد عبئا ماليا على التاجر ومدى تأثيرها على هروب رؤوس الأموال والتسريح من الأعمال وما تخلفه من قضايا في أروقة المحاكم يدفع ثمنها الوطن في استقراره وأمنه المجتمعي، وهو دور منوط كذلك بكل مسؤول على أي ثغر في هذا الوطن العزيز مع استحضار مسؤولية ضمان العيش الكريم لأبنائه الأوفياء.