رحيل عروبي كانت بوصلته فلسطين والمقاومة (بورتريه)
تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT
خبير اقتصادي يعد من التكنوقراط، وكثيرا ما كان يقول بأنه دخل معترك السياسة "صدفة"، وصف بأنه "ضمير لبنان"، فقد كان يمتلك حسا وطنيا وعروبيا.
سياسي وكاتب نشر له 18 مؤلفا، كان مثقفا رصينا أمضى حياته بين التدريس والسياسة ومناصب اقتصادية داخل وخارج بلاده.
شغل موقع رئاسة الحكومة 5 مرات في أدق الحقب في تاريخ لبنان، 4 منها خلال الحرب الأهلية اللبنانية.
نشا سليم الحص يتيما إذ بعد ولادته في عام 1929 لعائلة سنية من الطبقة البورجوازية البيروتية، بمنطقة البسطة، حي حوض الولاية في بيروت، تيتم بسن مبكرة.
وفي 1941، خلال الحرب العالمية الثانية، نزح مع والدته وجدته من بيروت إلى منطقة صوفر في جبل لبنان بعد أن هاجمت القوات البريطانية لبنان لإخراج القوات الفرنسية.
التحق بالجامعة الأمريكية ببيروت، وتخرج منها عام 1952 في الاقتصاد والعلوم السياسية وعمل أثناء الدراسة محاسبا في شركة "التابلاين" لنقل البترول، ثم محررا للرسائل في غرفة التجارة والصناعة.
وفي 1955، بدأ تدريس مواد المحاسبة في الجامعة، ونال درجة الماجستير في عام 1957.
ثم حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد وإدارة الأعمال عام 1961 من جامعة إنديانا في الولايات المتحدة، عاد بعدها إلى لبنان للتدريس في الجامعة الأمريكية.
وفي 1963، سافر إلى الكويت للعمل مستشارا ماليا للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، واستدعي إلى لبنان لتولي رئاسة أول لجنة للرقابة على المصارف في لبنان، وتعاون مع حاكم مصرف لبنان وقتها إلياس سركيس.
وعندما انتخب سركيس رئيسا للبنان عام 1976 كلف الحص، بتشكيل حكومة تكنوقراط، وتنص الأعراف المعمول بها في لبنان، على أن يكون رئيس الجمهورية مسيحيا مارونيا، ورئيس الوزراء مسلما سنيا، ورئيس مجلس النواب مسلما شيعيا.
وفي 1978، استقال الحص لإفساح المجال لحكومة جديدة، لكن بعد مشاورات مع النواب، عاد سركيس وكلف الحص بتشكيل الحكومة، وحين اصطدم بصعوبة تشكيل الحكومة، عدل عن استقالة الحكومة الأولى.
وفي 1979، تفاهم الحص مع سركيس على الاستقالة، لكن بعد مشاورات مع مجلس النواب، عاد سركيس ليكلف الحص بتأليف الحكومة الجديدة.
لكنه لم يستمر بعد ذلك سوى عاما واحدا حيث استقال من رئاسة الحكومة في عام 1980، وسجل تجربته في الحكم، إلى جانب الرئيس سركيس، في كتاب بعنوان "زمن الأمل والخيبة".
وبعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان وبناء على اجتماع أطراف الصراع اللبناني في مؤتمرين في جنيف ولوزان بسويسرا، اتفق المجتمعون في عام 1984 على تكليف رشيد كرامي لتشكيل الحكومة، وتولى الحص حقيبتي التربية والعمل في الحكومة.
وفي نفس العام تعرض الحص لمحاولة اغتيال عبر تفجير سيارة بالقرب منه أثناء توجهه إلى منزل المفتي الشيخ حسن خالد، لاصطحابه إلى صلاة العيد.
ودخل لبنان نفق الاغتيالات في عام 1987 بعد اغتيال كرامي، بينما كان في طريقه إلى مدينة طرابلس شمالي لبنان.
وفي اجتماع عقدته قيادات إسلامية في دار الفتوى، اتفق على تولي الحص رئاسة الحكومة بالوكالة في عهد الرئيس أمين الجميل.
بعد انتهاء ولاية الرئيس الجميل رفض الحص تسليم الحكم للحكومة العسكرية التي أنشأها الجميل برئاسة قائد الجيش العماد ميشال عون، وأصبح بلبنان حكومتان، وكان يعد من وجهة نظر الموالين له والمناوئين لعون بأنه يتولى مهمة رئيس الدولة بالنيابة. وأسهم بشكل لافت في إقرار اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان.
وبعد عامين من اغتيال كرامي، اغتيل الرئيس اللبناني رينيه معوض في عام 1989، بتفجير سيارته، فسارع مجلس النواب إلى انتخاب إلياس الهراوي رئيسا للجمهورية الذي كلف الحص بتأليف الحكومة التي استمرت حتى عام 1991.
في عام 1992، ترشح الحص للانتخابات النيابية عن بيروت، على رأس لائحة "الإنقاذ والتغيير"، وفاز في الانتخابات وانضم إلى خندق المعارضة. لكنه لم يحتفظ بنفس قوته السياسية في انتخابات عام 1996، حيث لم يفز سوى بمقعدين وتفوق عليه خصمه السياسي رئيس الحكومة حينها رفيق الحريري.
لكن الحريري اصطدم في عام 1998، مع الرئيس إميل لحود، فقام لحود بتكليف الحص بتشكيل الحكومة.
ولم يلبث أن خسر الحص الانتخابات في عام 2000 ولم تفز لائحته بأي مقعد نيابي في مواجهة لائحة الحريري، فأعلن اعتزاله العمل السياسي.
في عام 2005، رفض الحص تشكيل الحكومة الجديدة بعد استقالة عمر كرامي، لأسباب صحية وعين نجيب ميقاتي لاحقا.
توفي عن 94 عاما من وصفه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بأنه "كان اقتصاديا بارزا ومثال الخبرة والأخلاق والعلم، يضع المصلحة العليا ومصلحة المواطن فوق كل اعتبار، وكان متجردا وموضوعيا ودستوريا بامتياز".
ودع لبنان رجلا عصاميا، بنى نفسه بنفسه ليصل إلى أعلى درجات العلم، وأرفع المناصب. وكان رجلا وحدويا لا يميز بين اللبنانيين بناء على ديانتهم أو طوائفهم فكانت زوجته ليلى فرعون مسيحية مارونية، واعتنقت الإسلام في أواخر حياتها لتدفن بجوار زوجها في مقابر المسلمين، وذلك بحسب مقابلة أجريت مع الحص.
الحص كان عضوا في المؤتمر المناهض للإمبريالية ومحور السلام، وأوصى قبل سنوات بقوله "اجعلوا البوصلة دائما نحو تحرير فلسطين، كل فلسطين"، وفي عام 2017، شارك الحص، في إضراب عن الطعام لمدة يوم واحد تضامنا مع إضراب لحوالي 1500 أسير فلسطيني.
كان يرفض جميع الحلول السياسية لفلسطين، ورفض جميع الاتفاقيات والمعاهدات العربية الإسرائيلية، ولم يؤمن يوما بـ"حل الدولتين" وكان يؤمن بتحرير فلسطين كاملة غير منقوصة، فكان سندا للمقاومة ومؤيدا لها حتى اللحظات الأخيرة من عمره.
وشاءت الأقدار أن يرحل في زمن التطبيع العربي وحرب الإبادة على فلسطين والضفة الغربية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي عالم الفن كاريكاتير بورتريه بورتريه لبنان سليم الحص فلسطين لبنان فلسطين المقاومة سليم الحص بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه سياسة سياسة عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی عام
إقرأ أيضاً:
مع الهندى كرت كانت في الدامر
كرت(بكسر الكاف) كانت قولابداس دوشي هندى/ هندوسي من أعمدة وأعلام مدينة الدامر ذهبت إليه في دكانه العتيق -تاج محل – بالسوق القديم أبحث عن نظارة قراءة فكانت هذه الموانسة
——-
(١)
اسكن الدامر منذ عقود واشتريت فيها بيت وبعد هذا العمر لن اذهب الى اي مكان فالجيران هنا أصبحوا لنا أهل
(٢)
اعمل في هذا الدكان منذ سنين طويلة -نظر للسقف -المروحة هذه مدورة منذ أكثر من أربعين سنة وانا ماكل وشارب منه وفي ثقافتنا ما تغير العتبة البخيتة -!
(٣)
نعم اذهب للهند زيارات في المناسبات ونحن من قجرات واغلب هنود السودان منها وجاءوا في الأصل تجار وصاغة ولهم تاريخ طويل في سواكن تشهد له اقفال (طبل)الدكاكين القديمة الضخمة
(٤)
كثيرة هي المشتركات بين الهند والسودان في الثقافة والعادات مثل الزي -العراقي والسروال خاصة عند الرعاة والثوب الأبيض عند المرأة الكبيرة وتفاصيل المطبخ واستخدامات الزينة مثل الحنة والمحلب والصندل
(٥)
بالنسبة للهنود المهاجرين مافي مثل السودان والسودانيين الناس قلوبها بيضاء وكريمة
وانا مثلا لم اذهب المحكمة إلا مرة واحدة شاهد وكل من رآني فيها اول مره استغرب!
(٦)
نعم عندى صداقات كبيرة في الدامر واغلبهم للأسف رحلوا رجال مثل عبدالله طالب الذي كان عمدة حقيقي وعمنا النجار الذي اشتهر بشنبه الكبير وفاروق النجار وعمر ابراهيم نصار وبابكر عوض درملي وأحمد عبدالله حسن ومجذوب وعزالدين برسي وعلى المطبعجي وأولاده وعوض الكريم خالد والشيخ الاحمدى
(٧)
انا هندوسي ولكن الله واحد وعندي مثل كل هنود وأهل الدامر عقيدة في الشيخ المجذوب واذكر أن رجل صالح في الهند قال لي عندكم رجل صالح في بلدكم بالسودان- يقصد المجذوب -عليكم بزيارة ضريحه هو والشيخ قمر الدين وكانت زوجتى قبل ذلك لا تزور الشيخ المجذوب ولكنها أصبحت مواظبة على زيارته وانا احتفظ ببركة من تراب الشيخ المجذوب في دولابي
(٨)
هنود الدامر الذين يأتون من امريكا وكندا وأوروبا وغيرها يحرصون على زيارة الشيخ المجذوب وله معنا كرامات كثيرة
(٩)
نعم نحن هندوس وعندنا بيت لله في ام درمان وفي غيره نمارس العبادة في بيوتنا
(١٠)
ولدى ينيش أسلم وتزوج مسلمة في الدامر وقلت له خليك معانا في البيت ناكل سواء وكل واحد يعبد لوحده والحمدلله حافظت عليه وعلى الأسرة
(١١)
استأذنت العم كرت للحاق بمباراة السهم -الدامر وهلال كريمة وسألته في الختام عن فريقه بالدامر فقال لي أنا بشجع السهم موت منذ أن كنت صبي -قالها وقد قام من مجلسه وهو يتخير أفضل عطر وبخور هندى ويهديه لي وقد بلغت منى المشاعر الحنجرة وانا أطالع جغرافيا وتاريخ بلدى في وجه هذا الرجل الهندى الأصل الهندوسي الديانة المجذوبي الطريقة والسهمابي موت!!
بكري المدنى