%55 من شركات الإمارات تستثمر في تعزيز الابتكار
تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT
حسام عبدالنبي (أبوظبي)
يخطط 55% من مديري التسويق في دولة الإمارات لاستثمار أكثر من 20% من ميزانيتهم لتعزيز الابتكار خلال العام المقبل، بحسب دراسة استقصائية صدرت عن شركة «دينتسو كرييتيف».
وأكدت الدراسة التي شملت أكثر من 950 من كبار مسؤولي التسويق على مستوى العالم، أن هذه النسبة المرتفعة تدل على اهتمام كبير بالابتكار ضمن سوق الإمارات الديناميكي، لافتة إلى أن الابتكار محركٌ رئيسي لنمو وتطور الأعمال في دولة الإمارات.
وأفادت نتائج الدراسة بأن الاعتماد على الإبداع لم يعد مجرد فكرة، بل أصبح محركاً للتغيير، ولذا فقد أكد 85% من مديري التسويق في الإمارات أن الإبداع هو المحرك الأساسي للنمو في الوقت الحالي.
وقالت إنه في عالم يشهد تحولات مستمرة، تتجاوز العلامات التجارية دورها التقليدي لتصبح جزءاً لا يتجزأ من ثقافة المستهلك من ناحية المحتوى الذي يتلقاه، حيث أعرب 95% من المشاركين في الاستطلاع من الإمارات عن أهمية اندماج العلامات التجارية في النسيج الثقافي أكثر من أي وقت مضى.
شبكات المواهب
وأضافت الدراسة أن عالم التسويق يشهد تحولاً نحو التعاون، حيث أصبح بناء العلامات التجارية يعتمد بشكل متزايد على شبكات من المواهب المتنوعة، ولذا أكد 70% من المشاركين في الاستطلاع من الإمارات أهمية التعاون بين العلامات التجارية والمبدعين والمنصات لضمان النجاح في المستقبل، مشيرة إلى أن 9 من كل 10 من المسوقين في الإمارات شددوا على أهمية أن تكون كل نقطة تلامس مع العميل حاملة لقصة العلامة التجارية، بدءاً من الاتصالات، وصولاً إلى تجربة الشراء.
ووفقاً لدراسة «دينتسو كرييتيف»، فإن 80% من المشاركين في الاستطلاع من الإمارات يرون أن الاستفادة من البيانات والرؤى لتوقع الاتجاهات المستقبلية تمثل تحدياً كبيراً. وذكرت الدراسة أن هناك تحولاً من اعتبار الذكاء الاصطناعي منافساً إلى اعتباره كمساعد، حيث حدث تحول من رؤيته كتهديد للإبداع البشري إلى اعتباره أداة تعزز الإبداع وتدعمه، منوهة بأنه على الرغم من انخفاض الثقة العالمية في قدرة الذكاء الاصطناعي على إنتاج محتوى ملهم بنسبة 18%، فإن هذه النسبة لا تزال مرتفعة في الشرق الأوسط، حيث يرى 60% من المسوقين في الإمارات العربية المتحدة أن الذكاء الاصطناعي قادر على تعزيز الإبداع ودعمه.
ميزانية الابتكار
وفي ما يخص أهمية الابتكار بالنسبة للمستهلكين، أفادت الدراسة بأن الابتكار أصبح ضرورة ملحة بالنسبة للمستهلكين، حيث باتوا يخصصون جزءاً كبيراً من ميزانيتهم لشراء المنتجات والخدمات المبتكرة، وعلى الصعيد العالمي، يخطط أكثر من نصف المسوقين 56% لزيادة استثماراتهم في الابتكار لتصل إلى أكثر من 20% من ميزانياتهم، فيما يتبع هذا الاتجاه 55% من المسوقين في الإمارات.
وخلصت دراسة «دينتسو كرييتيف»، وهي شبكة وكالات عالمية للإبداع تعمل في أكثر من 145 دولة، إلى أنه مع تزايد التحديات والمخاطر التي تواجه العالم، يدرك مسوقو المنطقة مسؤوليتهم في دفع عجلة التغيير نحو الأفضل، إذ يؤكد 73% من مسوقي المملكة العربية السعودية و70% من نظرائهم في الإمارات أهمية أن يكون لتسويقهم دور فعال في إحداث تغيير إيجابي في المجتمع.
الأفكار الإبداعية
قال زياد غريب، المدير العام لشركة دينتسو كرييتيف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن المسوقون في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وخاصة في الإمارات يدركون بشكل متزايد القوة التحويلية للإبداع والابتكار، حيث تكشف نتائج الاستطلاع أن 85% من مديري التسويق في الإمارات يؤمنون بقدرة الأفكار الإبداعية على إحداث ثورة في مجال الأعمال التجارية.
وأوضح أنه في إطار ما نختبره من تطورات سريعة في مجال التكنولوجيا واتجاهات المستهلكين المتغيرة، فمن الواضح أن النهج التعاوني، والاستفادة من الشراكات مع العلامات التجارية والمبدعين والمنصات، ستكون ضرورية لتحقيق النمو المستدام والتأثير المجتمعي، مؤكداً التزام «دينتسو كرييتيف» بدعم العملاء في المنطقة لتحقيق أقصى استفادة من الإبداع وتجاوز توقعاتهم.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الاستثمار الإمارات التسويق العلامات التجارية الذكاء الاصطناعي العلامات التجاریة الشرق الأوسط فی الإمارات أکثر من
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي ولصوصية الإبداع
قيل إن المخترع الأمريكي صموئيل كولت (1814-1862) عندما حصل على براءة الاختراع للمسدس الذي يحمل اسمه، والذي يعد أول مسدس يطلق النار بشكل متكرر، قال: «اعتبارا من اليوم، يستوي الشجاع والجبان». بعيدا عن كون الأسلحة النارية لم تكن بدايتها مسدس كولت، وبعيدا عن تقييم العبارة ومدى صحتها، فإنها كانت ماثلة أمامي عندما عندما تفكرت في شأن الذكاء الاصطناعي، وذلك العبث الذي ضرب مجال التأليف والكتابة، فلنا أن نستعير عبارة كولت مع التعديل: «اليوم يستوي المبدع وفاقد الإبداع، يستوي المثقف وضئيل المعرفة». يكفي أن تحسن إدارة برامج الذكاء الاصطناعي والتعامل معها، لكي تخرج منه بكتاب يملأ الآفاق ولو لم تكن من أهل الصنعة.
إلى عهد قريب، كان المؤلف والباحث يعتمد على المخطوطات والكتب المطبوعة، التي يقضي في مطالعتها والبحث عنها في المكتبات وقتا طويلا، ويقوم بالعزو إلى المصادر، برقم الصفحة واسم دار النشر ونحوه، وربما كان الكتاب نادرا، أو نفدت طبعته، فيلتمسه لدى الآخرين، ثم يكتب بخط يده، مع كثير من الشطب والتعديل، إلى أن يخرج الشكل النهائي للكتاب، ثم يحمل الأوراق إلى دار النشر لصفّها وطباعتها، فما إن ينتهي من هذه العملية المرهقة حتى يتنفس الصعداء منتظرا ثمرة جهده وكدّه وإبداعه.
مع طفرة التحول التكنولوجي، وربط العالم من أطرافه، وربط القديم بالجديد، من خلال الشبكة العنكبوتية، حصل الكاتب على امتيازات مذهلة في الأدوات التي يتمكن بها من التأليف، فأصبحت هناك مكتبات للكتب المصورة كبديل عن المطبوعة، ويمكنه الحصول عليها خلال ثوان معدودات، ويكفي أن يكتب كلمة، أو بضع كلمات على محرك البحث، حتى يبرز أمام ناظريه كل ما كتب في الموضوع الذي يريد البحث فيها، من كتب ومقالات ودراسات وأبحاث، تختصر وقته وجهده بشكل مدهش.
ومع ذلك، احتفظ كل كاتب بنقاط تميّزه وإبداعه عن المفلسين، إذ أنه ليس عسيرا أن يتم كشف النسخ والنقل والسرقة في الكتاب أو البحث.
لكن مع عهد تطبيقات الذكاء الاصطناعي، اختلط الحابل بالنابل، واستوى المبدع بفاقد الإبداع، وأصبحت مهمة التأليف مشاعا لكل مبتغٍ، ولو كان قليل البضاعة، وفتح الباب على مصراعيه أمام اللصوصية وسرقة إبداع الآخرين، والاختلاس من جهودهم دون الإشارة إليهم.
يكفي أن يكون ملما بكيفية التعامل مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ويكفي أن يكون حاذقا في خطابه، وطرح أسئلته ومراده مع البرنامج، ويكفي أن تكون له القدرة على إعادة صياغة المنتج الفكري، فيصبح لديه كتاب جاهز للنشر، لم يبذل فيه مجهودا يُذكر، ولا تستطيع عموم الجماهير اكتشاف هذا الكذب والتدليس، إلا إذا كان الكتاب قد وضع لتقييم دقيق من قبل المراكز البحثية.
ذات يوم فاجأني أحد الأقارب بقصة قصيرة أرسلها إليّ، وأثارت انتباهي بشدة، نظرا لأنه ليس له باع في التأليف، ولم يُعهد به أي محاولة لأن يفعل، فلما سألته عنها، أجابني بأنها نتاج الذكاء الاصطناعي. هذا بدوره ربما يفسر امتلاء معارض الكتاب بأعمال روائية لا حصر لها، فالروايات تبوأت الصدارة في اهتمامات الناس الشباب منهم خاصة، وأصبح حلم كثير من الشباب أن تكون لهم روايات مطبوعة يقتنيها الناس من المعارض والمكتبات. لا أقول بأنه يأخذ المنتج من الذكاء الاصطناعي ساخنا، ثم يحيله إلى دار النشر، لكن القدرة على التعامل مع البرنامج تمكنه من توفيق المقاطع وتنسيقها وتوظيفها، فيكفي أن يعطيه البرنامج بنْية الرواية وسياقها وأفكارها الأساسية والفرعية، وإذا أضيف إلى ذلك قدرة المؤلف المزعوم على إعادة الصياغة، كان أبعد عن كشف السرقة. يرى البعض أنه يجدر أن نسميها استفادة، لكن يجب أن لا ننسى أن الذكاء الاصطناعي مجرد وعاء تتجمع فيه الإبداعات البشرية، والأخذ منه على هذا النحو إنما هو سرقة لإبداعات الآخرين، لذلك وصف اللصوصية في هذا المقام ليس قاسيا.
الاستمرار في امتلاء المكتبات العربية بمؤلفات كان بطلها الأساسي هو الآلة، التي صنعها الإنسان، تخلق حالة من الثقافة الفارغة، لأننا سوف نجد أنفسنا أمام إبداعات وهمية، تشبه رأس المال الوهمي الذي يقوم على القروض والفوائد وقابل للتداول كرأس مال بلا قاعدة مادية منتجة، بمعنى إنه ادعاء ورقي بالثروة، والحال كذلك مع هذه الثقافة الفارغة، التي أنتجتها لصوصية الإبداع، تصبح المكتبة قائمة على إعادة تدوير المنتج نفسه، وليس على الإبداعات المتجددة.
وأرى أن مهمتي تنتهي عند طرق القضية والإسهام مع الآخرين في قرع جرس الإنذار، إزاء لصوصية الإبداع، لكنها مهمة الهيئات الثقافية الرسمية وغير الرسمية في العمل على إيجاد آليات جادة للحد من هذه الظاهرة، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون