المسلة:
2025-12-01@09:56:26 GMT

الاستثمار بلا رؤية.. وسيلة قانونية لتبييض الأموال

تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT

الاستثمار بلا رؤية.. وسيلة قانونية لتبييض الأموال

1 سبتمبر، 2024

بغداد/المسلة:  يُنظر إلى الاستثمار الحالي في العراق، على أنه غير مدعوم بخطط استراتيجية ذات أهداف تنموية واضحة، بل يُعتبر في كثير من الأحيان وسيلة قانونية لتبييض الأموال.
وهذا الوضع يعكس مدى تدهور المناخ الاستثماري في البلاد، حيث يتم توجيه الأموال القذرة إلى مشاريع تبدو مشروعة، لكنها تفتقر إلى القيمة الاقتصادية الحقيقية.


وبدلاً من أن تكون الاستثمارات محفزات للنمو والتطوير، فإنها تعمل كغطاء لإخفاء مصادر الأموال غير الشرعية، مما يعزز الفساد ويقلل من فرص التنمية المستدامة، فيما الشركات والمستثمرون يتجنبون المخاطر ويستفيدون من نظام بيروقراطي لا يراقب بفاعلية عمليات غسيل الأموال

وغسيل الأموال، أو تبييض الأموال، هو عملية تحويل الأموال المكتسبة بطرق غير شرعية إلى أموال تبدو وكأنها شرعية. هذه العملية المعقدة تتضمن استثمار الأموال القذرة في مشاريع تبدو قانونية، مما يخفي مصدرها غير المشروع. وفي العراق، يشكل غسيل الأموال تحديًا كبيرًا للاقتصاد والاستقرار الاجتماعي، ويؤثر بشكل مباشر على فرص الاستثمار والتنمية المستدامة.

وجهة الأموال القذرة

ومن أكثر الأساليب شيوعًا لغسيل الأموال في العراق هو استثمار العائدات غير المشروعة في قطاع العقارات، اذ يتم توجيه أموال النهب والتجارة غير القانونية، إلى شراء العقارات داخل وخارج العراق.
هذا النوع من الاستثمار يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات حتى في المحافظات التي لا تتمتع بمقومات اقتصادية أو سياحية واضحة.

وهذا الارتفاع غير المبرر في الأسعار يعد مؤشرًا قويًا على دخول الأموال القذرة إلى سوق العقارات، مما يجعل من الصعب على المواطنين العاديين شراء منازل أو أراضٍ.

الاستثمارات الوهمية وغياب التنمية

هناك الكثير من الحالات التي تظهر كيف يتم استغلال العراق في عمليات غسيل الأموال. على سبيل المثال، قبل عامين، أعلنت شركة روسية عن استثمار في معامل الزجاج والسيراميك في الرمادي، ولكن لم يتم تنفيذ أي خطوة فعلية في هذا المشروع. هذه الاستثمارات الوهمية تستخدم كغطاء لتبييض الأموال، دون تحقيق أي فوائد حقيقية للاقتصاد العراقي.

القطاع المصرفي: مركز الفساد وغسيل الأموال

ويعد القطاع المصرفي في العراق أحد أكثر القطاعات فسادًا، حيث يساهم بشكل كبير في تسهيل عمليات تهريب العملة وغسيل الأموال. البيروقراطية المتغلغلة وعدم تقديم الخدمات المالية الحقيقية للمواطنين يجعل من هذا القطاع بيئة خصبة للفساد المالي. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد بعض البنوك بشكل رئيسي على جني الأرباح من خلال هذه العمليات غير القانونية، مما يعمق الأزمة الاقتصادية في البلاد.

وأصبح غسيل الأموال في العراق أكثر تعقيدًا، حيث تم استخدام وسائل جديدة مثل الألعاب الإلكترونية.
رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، فاضل الغراوي، أشار إلى استخدام لعبة “بوبجي” في عمليات غسيل الأموال، مما أدى إلى خروج مليار دولار من العراق من خلال شراء بطاقات الشحن. هذه الطرق الحديثة تظهر مدى تطور شبكات غسيل الأموال وقدرتها على استخدام تقنيات العصر الرقمي لتمرير أموالها القذرة.

دور دول الجوار

وتلعب بعض الشركات من دول الجوار دورًا مشبوهًا في الاقتصاد العراقي، حيث يُشتبه بأن هذه الشركات تُستخدم كواجهات لغسيل الأموال للجهات النافذة. الاستثمار الأجنبي، الذي يُفترض أن يكون وسيلة لتعزيز الاقتصاد، يصبح في كثير من الأحيان وسيلة لتبييض الأموال، مما يضر بسمعة البلاد ويعزز مناخ الفساد.

القوانين والفساد: من المسؤول؟

القوانين العراقية الحالية والممارسات القضائية تترك الكثير مما هو مطلوب في مكافحة غسيل الأموال. إطلاق سراح المتهمين بسرقة مليارات الدولارات وعدم استرداد الأموال إلا بعد إثبات التهمة يعكس ضعف النظام القانوني. وبالرغم من إصدار مذكرات دولية لاسترداد الأموال، إلا أن العراق لا يزال بعيدًا عن تحقيق العدالة الكاملة.

تجارب دولية

يتأثر الاقتصاد العالمي بشكل كبير بهذه الظاهرة، حيث تقدر الأمم المتحدة أن قيمة الأموال المغسولة عالمياً تصل إلى تريليونات الدولارات سنوياً. وأدت هذه المشكلة إلى اتخاذ دول عديدة إجراءات لمكافحتها، ولكن يبقى التحدي قائماً بسبب تعقيد العمليات وتنوع أساليب غسيل الأموال.

الولايات المتحدة: “قضية بنك واشنطن المتحد”

الولايات المتحدة من أكثر الدول نشاطًا في مكافحة غسيل الأموال، حيث أنشأت مجموعة واسعة من القوانين لمراقبة الأنشطة المالية. واحدة من أشهر الحوادث في الولايات المتحدة كانت “قضية بنك واشنطن المتحد” في الثمانينيات. هذا البنك الصغير في ولاية ميامي كان يستخدم لتبييض أموال المخدرات لعدة سنوات، قبل أن تكشف السلطات الفيدرالية عن نشاطاته غير القانونية. أدى التحقيق إلى إغلاق البنك ومصادرة ملايين الدولارات من الأصول. كانت هذه القضية نقطة تحول في تاريخ مكافحة غسيل الأموال في الولايات المتحدة، حيث دفعت إلى إصدار قانون مكافحة غسيل الأموال لعام 1986.

سويسرا: السرية المصرفية تحت المجهر

سويسرا، المعروفة بسرية مصارفها، كانت لفترة طويلة ملاذًا لغسيل الأموال. ومع ذلك، تعرضت لضغوط دولية متزايدة لتعديل قوانينها المصرفية. وفي العام 2015، تم الكشف عن فضيحة “HSBC سويس”، حيث تبين أن فرع بنك HSBC في جنيف كان يساعد العملاء في إخفاء أموالهم وتجنب دفع الضرائب، بما في ذلك الأموال المرتبطة بعمليات غسيل الأموال. أدت الفضيحة إلى إعادة النظر في ممارسات السرية المصرفية السويسرية، وتم تعديل القوانين للسماح بمزيد من الشفافية والتعاون الدولي في التحقيقات المالية.

روسيا: “قضية المغسل الروسي”

روسيا شهدت واحدة من أكبر عمليات غسيل الأموال في التاريخ الحديث، وهي ما تعرف بـ”قضية المغسل الروسي”. تم الكشف في العام 2014 عن شبكة لغسيل الأموال تقدر قيمتها بحوالي 20 مليار دولار، حيث استخدمت الشبكة البنوك الروسية والدولية لنقل الأموال غير القانونية إلى الخارج. التحقيق في هذه القضية شمل أكثر من 96 دولة، وأدى إلى فرض عقوبات مالية على عدة بنوك متورطة. كانت “قضية المغسل الروسي” مثالاً على التعقيد والتنسيق الدولي المطلوب لمكافحة غسيل الأموال.

المكسيك: “بنك HSBC والمخدرات”

في المكسيك، تم الكشف عن تورط بنك HSBC في عملية ضخمة لغسيل الأموال لصالح عصابات المخدرات المكسيكية. بين عامي 2006 و2010، قام البنك بتسهيل عمليات إيداع وتحويل أموال غير قانونية بقيمة تقدر بمليارات الدولارات. وفي العام 2012، وافق البنك على دفع غرامة قدرها 1.9 مليار دولار لتسوية التهم الموجهة إليه من السلطات الأمريكية. هذه الفضيحة أظهرت ضعف الأنظمة المصرفية في مواجهة شبكات الجريمة المنظمة، وأدت إلى تشديد الرقابة على الأنشطة المصرفية عبر الحدود.

البرازيل: “عملية غسيل السيارات”

في البرازيل، كشفت “عملية غسيل السيارات” عن شبكة واسعة من غسيل الأموال والفساد السياسي. بدأت العملية في العام 2014 كمحاولة للتحقيق في شركة صغيرة لغسيل السيارات، لكنها توسعت لتكشف عن شبكة فساد واسعة تشمل شركات النفط والسياسيين. تمت إدانة عشرات الشخصيات البارزة، بما في ذلك الرئيس البرازيلي الأسبق لويز إيناسيو لولا دا سيلفا. العملية أظهرت كيف يمكن لغسيل الأموال أن يكون جزءًا من نظام فساد متكامل، وأدت إلى سلسلة من الإصلاحات في النظام القضائي والمالي في البرازيل.

الهند: “فضيحة بنك البنجاب الوطني”

في الهند، كشفت فضيحة “بنك البنجاب الوطني” في عام 2018 عن ثغرات في نظام الرقابة المصرفية. تم اتهام رجل الأعمال نيراف مودي وشركائه باستخدام وثائق مزورة للحصول على قروض من البنك، وتحويل الأموال إلى حسابات خارج البلاد في عملية غسيل أموال معقدة. الفضيحة، التي قدرت قيمتها بمليارات الدولارات، أدت إلى اعتقالات وإصلاحات في النظام المصرفي الهندي لتعزيز الشفافية ومنع التلاعب.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: مکافحة غسیل الأموال عملیات غسیل الأموال الولایات المتحدة غسیل الأموال فی لتبییض الأموال الأموال القذرة غیر القانونیة لغسیل الأموال الأموال ا فی العراق فی العام

إقرأ أيضاً:

ياسر شاهين : سوق المال المتكامل.. البوابة الملكية لتدفقات الأموال


4 مستهدفات تعزز ريادة الشركة
 
اجعل هدفك أن تكون فى مقدمة الصفوف، ليس لأن التقدم يلمع الأسماء، بل لأنه فلسفة المقاتلين الذين تعودوا أن يواجهوا الحياة بصدر جرىء، وعقول واعية.. هؤلاء الذين يدركون أن الطريق لا يبتسم إلا لمن يفرض حضوره عليه، وأن مكانك فى الترتيب لا يُمنح لك، بل ينتزع بذكاء، وصبر، وانضباط.. المرتبة الأولى ليست مجرد موقع، بل حالة ذهنية، يقظة دائمة، وجوع لا يشبع للإنجاز. إنها رسالة تقول «أنا هنا لأصنع أثرى، لا لأتبع خطوات غيرى» وكذلك محدثى يجعل من كل تحدٍ فرصة، وكل عثرة سُلماً، وكل لحظة اختبار جديد.
تعثرك مجرد محطة عابرة، لا أكثر.. فدع كل عثرة تمر دون أن تترك فى روحك هزيمة، فالعقبات لم تُخلق لتكسرك، بل لتختبر مدى إصرارك على المضى.. لا تسمح للمطبات أن توقف رحلتك، فهى ليست جدرانًا، بل موجات سرعان ما تنحسر أمام من يعرف كيف يعيد اتزانه ويواصل.. وعلى هذا الأساس كان مشوار الرجل منذ الصبا.
ياسر شاهين العضو المنتدب لشركة برايم القابضة للاستثمارات المالية.. بالعزيمة وحدها يشقّ الطرق الوعرة، ويهزم العقبات، داخله طاقة لا تعرف المستحيل، وجرأة قادرة على اختراق الأسوار الحديدية.
على بعد خطوات قليلة من الميدان الذى لا يخطئه عابر، فى قلب المهندسين، يقف المكان مشبعًا بروح صاحبه.. ذلك الميدان الذى يحمل اسم الدكتور مصطفى محمود؛ المفكر والطبيب والعالم الذى مزج بين دقّة العلم وصفاء الإيمان، وترك للأجيال من بعده ميراثًا فكريًا يضج بالحكمة والأسئلة الكبرى.
 فى الصرح الزجاجى الشاهق وبالطابق التاسع، تنبض إدارة الاستثمارات بحياة هادئة ولكن مشتعلة من الداخل. فى تلك المساحة التى يختلط فيها الصمت بالتركيز، والعمل بالأفكار، تبدو كل حركة محسوبة كأنها جزء من لحن لا يُسمع، لكنه يُشعر.
على يسار المدخل بخطوات قليلة، يطل مكتب ديكوراته خفيفة كأنها ظلال مفاهيم، لكنها شديدة التأثير.. قطعة فنية تبدو مرسومة بيد فنان أدرك تمامًا معنى أن يكون الجمال هادئًا.. وسط هذا المشهد، يجلس الرجل.. ملامحه ثابتة، يتابع التفاصيل بدقة تشعرك أن لا شيء يمر عابرا أمامه.. السطح الخشبى لمكتبه يلمع بترتيبه، ملفات مصطفة بصرامة، قصاصات ورقية متناثرة بانتظام، تحمل جُملاً سريعة، رؤى خاطفة، ومسارات تفكير تمتد لأبعد مما يبدو على الورق.
خلف هذه القصاصات، أجندة كل سطر فيها حكاية مُحكمة، فكرة ولدت من تحد، أو خطوة رسمت طريقًا لم يكن معبدًا.. تلك الصفحات ليست مجرد تدوينات، بل إرثٌ صغير من صراع هادئ، وتجارب صنعت رجلاً لم تهتز إرادته، حتى وجد نفسه، بلا ضجيج ولا ادعاء فى مقدمة الصفوف الأولى.
بلغة الأرقام يرسم ملامح كل ما يحيط به؛ يحوّل البيانات إلى خرائط، والحقائق إلى رؤى.. يرى أن «الاقتصاد الوطنى مرّ خلال عام 2025 بحالة تعافٍ تدريجى محسوب، بعد تقلبات لأسعار الصرف واتساع الفجوة أمام العملات الصعبة، مع الضغوط الخارجية وتوترات المنطقة التى فرضت ظلالها الثقيلة على حركة التجارة الدولية. ولعلّ أكثر ما تلقّى الضربة المباشرة كان المجرى الملاحى فى البحر الأحمر، وما أعقبه من تراجع فى إيرادات قناة السويس، الأمر الذى ترك بصمة واضحة على مؤشرات الأداء الاقتصادى».
ومع ذلك، يقرأ المشهد بعين مختلفة؛ يرى أن ما يشهده الاقتصاد اليوم ليس مجرد تحسن عابر، بل عودة تدريجية إلى التوازن تعكس قدرة الدولة على المناورة، وإعادة ضبط بوصلتها فى أكثر الفترات اضطرابًا.
اترك خلفك أثرًا يشبهك، أثرًا يعلن حضورك فى كل خطوة تخطّها. وبالروح تتقدم نحو مواجهة التحديات الداخلية التى وقفت طويلًا فى طريق الاقتصاد، ومع كل معالجة جادة، بدأ المشهد الاقتصادى يستعيد أنفاسه بهدوء، وكأنه ينهض من عثرة طويلة، فجاء الخفض التدريجى لأسعار الفائدة كإشارة اطمئنان، واستقرّت أسعار الصرف، وتراجع غول التضخم الذى التهم كثيرًا من الطموحات. ومع انحساره، بدأت الأموال تتدفق نحو القطاعات الحيوية كعودة الحياة إلى شرايين الاقتصاد، وكانت السياحة فى مقدّمة القطاعات التى التقطت هذه الإشارات، لتعود وتتصدر مشهد الانتعاش من جديد.
 • إذن ما توقعك لمسار الاقتصاد خلال عام 2026؟
- بنبرة هادئة تختزن خبرة طويلة، يجيبنى قائلاً إن «الحكومة استطاعت أن تُخضع عدداً من الأزمات لسيطرتها، وأن الاقتصاد الوطنى تمكن بالفعل من استعادة أنفاسه الأولى، ليصل اليوم إلى مرحلة تعافٍ حقيقى يجعله مؤهلاً للعودة إلى مسار التحسن والانطلاق، شريطة أن تستعيد المنطقة إيقاعها الطبيعى من الاستقرار».
ويضيف أن «المؤشرات الاقتصادية الراهنة تحمل إشارات إيجابية واضحة، بدءًا من اتجاهات النمو، مرورًا ببيانات السوق، وصولًا إلى تقارير التصنيف الائتمانى الصادرة عن المؤسسات المالية العالمية، والتى بدأت تعكس ثقة متزايدة فى قدرة الاقتصاد على النهوض، غير أن المشهد -برأيه- لا يكتمل دون تعزيز منظومة الحوافز الموجهة للقطاعات الإنتاجية، باعتبارها البوابة التى تُحول التعافى إلى إنجاز، والتحسن إلى استدامة، والانطلاقة إلى واقع ملموس يشعر به الجميع».
تبنّيه الدائم للأفكار الجديدة منحه زاوية تحليل لا تشبه سواها ويتجلّى بوضوح كلما تحدّث عن السياسة النقدية.. يرى أن إدارة هذا الملف اتسمت بدرجة عالية من النجاح والمرونة، عبر توظيف الأدوات المتاحة فى كل مرحلة على النحو الذى يضمن تحقيق أهدافها: انكماشية حين يتطلب الظرف كبح التضخم، وتوسعية عندما تستدعى الحاجة تنشيط الدورة الاقتصادية.
يمضى أبعد من ذلك، مشيرًا إلى أن هذه السياسة استطاعت أن تُبقى تدفّق الدولار قائمًا عبر «الأموال الساخنة»، من خلال رفع تدريجى ومحسوب لأسعار الفائدة طوال السنوات الماضية، بما عزّز قدرة السوق على استقطاب استثمارات أجنبية قصيرة الأجل ساهمت فى تخفيف الضغوط على العملة.
وبذات الرؤية الواسعة، يتناول ملف الديون الخارجية، معتبرًا أن التعامل معه لم يعد يقتصر على السداد التقليدى، بل امتدّ إلى ابتكار آليات جديدة مثل التوسع فى نظام حق الانتفاع للمشروعات، الذى يمنح الدولة فرصة للاستفادة من العوائد دون التفريط فى ملكية الأصول، وبذلك تتحقق معادلة صعبة: دعم الاقتصاد، وتنويع مصادر التمويل، والحفاظ على ثروة البلاد فى آنٍ واحد.
أدواته التحليلية لا تقف عند حدود المألوف؛ فهى تصنع الفارق وتمنحه ميزة خاصة تتجلى بوضوح فى قراءته للسياسة المالية، يرى أن هذه السياسة اتسمت بدرجة لافتة من المرونة، خاصة فيما يتعلق بالمنظومة الضريبية، التى يجرى العمل على إعادة تشكيلها بما يدعم الإنتاج، ويزيل القيود التى طالما أعاقت توسع المشروعات الاستثمارية.. فهذه المرونة -كما يوضح- لا تُسهِم فقط فى تحسين بيئة الأعمال، بل تنعكس مباشرة فى زيادة العوائد وتنشيط الدورة الاقتصادية.
ويمضى فى تحليله ليؤكد أن أحد مفاتيح النجاح يكمن فى التعامل الجاد مع القطاع غير الرسمى، ودمجه ضمن المنظومة الرسمية، لما لذلك من أثر مباشر على توسيع قاعدة الضرائب، ورفع كفاءة الاقتصاد، وزيادة القدرة على التخطيط المالى السليم. ويشدد على أن استكمال الدولة لهذه السياسة ليس خيارًا تكميليًا، بل ضرورة اقتصادية تضمن اتساع مظلة الإنتاج، وتعزز استدامة النمو، وتمنح الاقتصاد قدرة أكبر على امتصاص الصدمات.
 • كيف ترى الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى السوق المحلى؟
- علامات تركيز ترتسم على ملامحه قبل أن يجيبنى قائلا إن «استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتوسع فيها لم يعد يُقاس بالشعارات، بل بخطة أكثر فاعلية ودقة، تقوم على توجيه الاستثمار نحو الإنتاج والتصنيع الحقيقى؛ فهناك فقط تتحقق الفائدة، وتُبنى الثقة فى السوق المحلى».
ويضيف أن «الملف شهد بالفعل تحسّنًا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة، بدعم من الحملات الإعلامية والترويجية التى سلّطت الضوء على المزايا التنافسية التى ينفرد بها السوق المصرى، وعلى رأسها الصناعات كثيفة العمالة المدربة والرخيصة نسبيًا، وهى عناصر جذب لا يمكن تجاهلها. وإلى جانب ذلك، تبدو الحاجة ملحّة إلى التوسع فى المناطق الاقتصادية ذات القوانين الخاصة، فهى بوّابات مفتوحة لتعزيز تدفق الاستثمارات الأجنبية وتوفير بيئة أكثر مرونة وحرية».
يواصل حديثه عن المستثمر المحلى، واصفًا إياه بأنه اللاعب الأول فى معادلة الجذب، والركيزة التى يقاس عليها استعداد الأجنبى للدخول. إلا أن هذا المستثمر ما زال يحتاج إلى دعم حقيقى؛ دعم يبدأ من خفض أسعار الفائدة، مرورًا بدعم الطاقة وتسهيل الإجراءات، وصولاً إلى تحقيق عدالة المنافسة للقطاع الخاص، ويرى أن بعض القطاعات لا تزال تواجه تحديات تحول دون قيام القطاع الخاص بدوره الكامل، وهو ما يجعل الحاجة إلى صيغ دعم جديدة أمراً لا يحتمل التأجيل.
يختار طريقًا أقل ضجيجًا، ولكن نهايته نجاح، ومع هذا الفكر الهادئ الواثق، يتناول المشهد الاقتصادى بمنظور مختلف، فيبحث عن القطاعات القادرة على سحب القاطرة إلى الأمام ودفع العجلة نحو آفاق أوسع، وفى مقدّمة تلك القطاعات يبرز القطاع السياحى، الذى سجّل فى الآونة الأخيرة قفزات ملحوظة أعادت إليه بريقه ومكانته. وإلى جانبه يقف القطاع اللوجستى وقطاع النقل، كركائز حيوية تُعيد تشكيل جسور الحركة، وتربط بين الموارد والفرص، وبين الأسواق والآمال.
إذن كيف ترى برنامج الطروحات الحكومية؟
 - لحظات صمت تسود قبل أن يبادرنى بثقة قائلا إن «الحكومة اتجهت إلى المستثمر الاستراتيجى بسبب طول المدة التى تحتاجها عمليات الطرح فى البورصة، فى الوقت الذى تكون فيه فى أمسّ الحاجة إلى حصيلة البيع. لذلك اختارت الجمع بين المسارين معًا -الاستثمار الاستراتيجى والطرح فى البورصة- ليجرى كل منهما بالتوازى، مستفيدةً من جاذبية السوق الحالية وتوافر السيولة التى تشجع على الإسراع فى تنفيذ تلك الطروحات».
الإيمان بالنفس لا يكتسب بين ليلة وضحاها، إنه ثمرة رحلة طويلة من التجارب، نجاحات متتالية فى مشواره، ويتبين ذلك فى دوره فى الشركات التى عمل بها وساهم فى نجاحها، ويستكمل هذه الرحلة من خلال رؤيته للسوق عبر تحقيق سوق أوراق مالية متكامل قادرة على استقطاب المزيد من الأموال والاستثمارات، وبنفس الحماس نجح مع مجلس الإدارة فى تحقيق استراتيجية متكاملة للشركة والشركات التابعة عبر هيكلة مالية وإدارية وفنية متكاملة، وهو ما انعكس بصورة إيجابية على القوائم المالية للشركة، ونمو أرباحها، ويسعى من خلال مستهدفات مستقبلية للحفاظ على ريادة الشركة عبر 4 مستهدفات العمل على تعزيز معدلات النمو فى كل القطاعات، مع الالتزام بالمرونة لمواجهة المتغيرات الخارجية، والداخلية، وكذلك استهداف طرح شركات بالسوق الرئيسى وسوق الشركات الصغيرة والمتوسطة، فى مجال المقاولات والتجارة، وكذلك استهداف قاعدة عملاء جدد على مستوى المؤسسات والأفراد.
لا يتوقف عن السعى، وألا يسمح للمطبات بإيقافه، تجده أكثر شغفا بما يمارس من رياضة، خاصة الشطرنج، بما يمنحه تركيز وثقة، محب للألوان التى تعبر عن الصفاء، كاللون اللبنى، يحث أولاده على العمل والاستثمار بالنفس.. لكن يظل شغله الشاغل الحفاظ مع مجلس الإدارة على ريادة الشركة.. فهل يستطيع تحقيق ذلك؟
 

مقالات مشابهة

  • ضبط قضايا اتجار في العملات الأجنبية بـ9 ملايين جنيه
  • "الرقابة الإدارية" تنظم مؤتمرا حول التحقيقات المالية الموازية
  • افتتاح وحدة غسيل الكلى بولاية الخابورة
  • خالد النمر: بدلة الساونا المستخدمة مع خلطات ليست وسيلة لتنزيل الدهون
  • 250 مليون جنيه مخدرات .. حبس تشكيل عصابي جديد بالجيزة
  • ياسر شاهين : سوق المال المتكامل.. البوابة الملكية لتدفقات الأموال
  • مياه القناة: بدء حملات غسيل الشبكات ببور سعيد والإسماعيلية والسويس
  • مياه القناة : البدء في حملات غسيل الشبكات ببور سعيد والإسماعيلية والسويس
  • WSJ: الكشف عن تمويل إيراني لحزب الله عبر شبكة شركات في دبي
  • ضبط تشكيل عصابي غسل 250 مليون جنيه من تجارة المخدرات فى الجيزة