أصداءٌ من تَعَبْ: اللوح والدواية
تاريخ النشر: 2nd, September 2024 GMT
عادل سيد احمد
بموجب مجموعة كبيرة من الصدف والملابسات غير المتوقعة اتيح لي ان اغادر السودان لأول مرة بعد انقلاب الجبهة الاسلامية 1989م. وكان ذلك في 2009م. اي بعد عشرين عاما من القهر والتشريد والملاحقة والاعتقال.
عندما وصلت صالة المغادرة بانتظار اقلاع الطائرة اجريت عدة اتصالات اخيرة مع بعض احبابي في السودان ثم اغلقت بعدها هاتفي النقال.
ودون ان أدرى او اقصد ودون مقدمات او سابق انذار اجهشت بالبكاء. وكان بكاء حارا وثخينا نعيت فيه عشرون عاما من عمري وئدت فيه احلامي وتطايرت فيها طموحاتي وتفرقت فيها صحبتي ايدي سبا.
ووصلت الى وجهتي الاخيرة بعد يومين تقريبا التي كانت كسارة وغرابيل محضة بمدينة البريمي في شمال سلطنة عمان، وهي مدينة حدودية تحدها من الشمال امارة العين.
اليومان اللذان قضيتهما في ضيافة احبابي في مسقط حاضرة السلطنة كان لهما مفعول السحر في تهدئة خاطري وفي تحويل حلم الغربة في خيالي الى واقع.
الكسارة كانت مؤسسة اهلية، ومتخلفة وتدار على الطريقة الابوية، وفيها النفوذ مقسم وسط الطاقم الاداري الذي قاوم وجودي منذ اللحظة الاولى، وعرفت بعد مدة وجيزة ان عملي هنا سيكون مؤقتا، وعلي اذن ان انجز اكبر ما يمكن انجازه تجاه مهنتي واسرتي قبل ان تنطوي هذه الصفحة... صفحة الكسارة.
وفعلا توفقت في الحاق اسرتي بي هناك في السلطنة بعد اربعة أشهر، والتقيتهم في مطار مسقط وكأنما التقيهم للمرة الاولى.
واثناء عملي في الكسارة اكتشفت انني قد فقدت مهارات الخطابة والكتابة. وكنت اجلس في مكتب منزو في ورشة الميكانيكا وعندما زودوها بجهاز كمبيوتر بدأت اكتب فقرات متقطعة من ذكرياتي للتأمل وليس للنشر حتى وسط الاصدقاء.
واسميت المذكرات (بعض ما جرى) التي بلغت في ختامها مائة صفحة، وقراها عدد محدود من الأصدقاء.
ثم رويدا رويدا استعدت جزءا من قدراتي على التعبير فصرت اكتب أكثر كما ونوع.
وقرضتُ الشعر فكتبت بعض القصائد، ثم انتقلت للعام فكتبت مقالات من طرف المسيد، واصداء من تعب وحليل زمن الصبا.
ونشرت لي جريدة الميدان بعضا منها.
وانتهت اقامتي في عمان بعد سنة ونصف من قدومي اليها، ولكن ساعدتنا الصدف وأسعفنا الحظ في ايجاد وظيفة لزوجتي الدكتورة رابعة في السعودية على الفور. وهناك كتبت كل كتبي المنشورة قبل 2019م.
amsidahmed@outlook.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
روسيا تطوي صفحة اتفاق نووي مع السويد عمره 37 عاما
موسكو- أعلنت روسيا رسميا انسحابها من اتفاقية ثنائية كانت قد أبرمت مع السويد في عهد الاتحاد السوفياتي، تتعلق بتبادل المعلومات حول المنشآت النووية والإبلاغ الفوري عن الحوادث ذات الصلة، وهي اتفاقية تعود إلى عام 1988 وشكلت آنذاك أحد أركان أنظمة الإنذار المبكر في منطقة بحر البلطيق.
وبموجب الاتفاقية الملغاة، كان يتعين على الطرفين تبادل المعلومات سنويا حول تشغيل منشآتهما النووية، كما تشمل الاتفاقية الإبلاغ عن أي حوادث في المفاعلات النووية، وتشمل الالتزامات أيضا الإبلاغ الفوري عند تسجيل مستويات إشعاعية مرتفعة بشكل غير مبرر أو عند احتمال انتشار إشعاع عبر الحدود.
وبينما لم يصدر الكرملين تعليقا تفصيليا، يأتي القرار الروسي في سياق انسحابها من عدة اتفاقيات تعاون مع دول الشمال الأوروبي، بما فيها فنلندا والنرويج، في وقت انضمت فيه السويد إلى حلف الشمال الأطلسي (الناتو)، وهو ما يشير إلى تحول إستراتيجي في نهج موسكو تجاه التعاون الأمني في شمال وشرق أوروبا.
ويرى مراقبون أن الانسحاب يعكس نهجا روسيا متزايدا نحو تقليص الانخراط في اتفاقيات الأمن النووي والبيئي، لا سيما مع الدول الأعضاء في الناتو.
ويقول الباحث في القسم الإسكندنافي بمعهد الدراسات الأوروبية غريغوري فولكوف، في حديث للجزيرة نت، إن الاتفاقية فقدت أهميتها مع تقلص التعاون في مجال الطاقة النووية السلمية، وتدهور العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي، خاصة بعد انضمام السويد رسميا إلى حلف الناتو في مارس/آذار 2024.
ويضيف فولكوف أن هذه الخطوة تأتي في ظل تصاعد التوترات النووية على المستوى الدولي، لا سيما بعد المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، مما ينذر بعودة سباق التسلح في أجواء قد تكون أكثر تعقيدا مما كانت عليه في حقبة الحرب الباردة.
إعلان أبعاد قانونية وتقنيةمن جانبه، يقلل الخبير في القانون الدولي دانييل بيترينكو من أثر الانسحاب على التزامات روسيا الدولية، موضحا أن اتفاقية التبليغ المبكر عن الحوادث النووية التي ترعاها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تزال سارية. ويصف الاتفاقية الروسية-السويدية بأنها كانت ذات طابع تكميلي، وكان يحق لكل طرف تقييد بعض المعلومات وفقا لتشريعاته، ما لم تتعلق بسلامة الإشعاع.
لكن في المقابل، يحذر بيترينكو من أن إنهاء هذه الاتفاقية يعني رفع التزام الطرفين بالإبلاغ الفوري في حال وقوع حادث نووي، وهو ما قد يؤدي إلى تأخر تبادل المعلومات في أوقات الطوارئ، مما يزيد من مخاطر التعرض الإشعاعي أو البيئي.
وفي حين لم تربط موسكو رسميا بين قرار الانسحاب وانضمام السويد للناتو، فإن توقيت القرار يعزز الانطباع بأن الخطوة تأتي ضمن انسحاب أوسع من منظومات التعاون والشفافية التي كانت قائمة بعد الحرب الباردة.
بنود الاتفاقيةوكانت الاتفاقية تلزم الطرفين بتبادل المعلومات مرة واحدة على الأقل سنويا حول:
المفاعلات النووية. منشآت دورة الوقود النووي. منشآت إدارة النفايات المشعة. عمليات نقل وتخزين الوقود والنفايات النووية. استخدام النظائر المشعة لأغراض سلمية (زراعية، طبية، صناعية). الحوادث النووية المفاجئة التي قد تؤدي إلى تسرب إشعاعي عابر للحدود.ويرى بيترينكو أن السويد قد تعتبر الخطوة ذات أبعاد سياسية، وقد تؤثر على مسارات التعاون الثنائي في مجالات أخرى، وإن كان لا يستبعد إمكانية التوصل إلى صيغ بديلة مستقبلا، تحت مظلة الوكالة الدولية أو من خلال مبادرات إقليمية جديدة.
وفي المحصلة، يمثل القرار الروسي محطة إضافية في مسار تراجع التعاون النووي بين موسكو ودول الجوار الأوروبي، في وقت تتزايد فيه المؤشرات على عودة مناخات المواجهة الإستراتيجية والقلق من تسرب الإشعاع أو الحوادث النووية العابرة للحدود دون آليات إنذار فاعلة.