في ظلال #طوفان_الأقصى “114”

#غزة تتحدى بصمودها #نتنياهو والضفة تكسر بجبروتها سموتريتش وبن غفير

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

اليوم ألــــ 332 للعدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، هو اليوم السادس للعدوان الإسرائيلي الواسع على شمال وجنوب الضفة الغربية، والمعتدي هو العدو نفسه، والمعتدى عليه هو الشعب الفلسطيني، والمتحالف معه هو الغرب نفسه والولايات المتحدة الأمريكية، والمتفرج على الجريمة والصامت إزاءها والعاجز أمامها، هي الدول العربية المتخاذلة الضعيفة العاجزة.

مقالات ذات صلة الابتلاء والتمكين 2024/09/02

والغاية من العدوانين هنا وهناك، كسر إرادة الشعب الفلسطيني وتيئيسه، ودفعه للخضوع والاستسلام، والقبول بالذل والهوان، والرضى بالعيش تحت الاحتلال، والعمل تحت إدارته وإرادته خدماً له وحراساً على مصالحه، والتخلي عن أحلامهم في الدولة والعودة والعلم والوطن، والاكتفاء بإداراتٍ محليةٍ، وهيئات حكمٍ عائليةٍ، لا طموح لها ولا غايةً عندها.

ولإن كانت هزيمة المقاومة في قطاع غزة، وتفكيك صفوفها وسحب سلاحها وتدمير أنفاقها، وطرد قادتها وترحيل أهلها، واستعادة الأسرى الإسرائيليين واستنقاذهم بالقوة، مجاناً دون مقابل، هو حلم نتنياهو المستحيل وغايته الصعبة، التي عمل عليها على مدى ألـــــ 332 يوماً الماضية دون جدوى، ولم يحقق خلالها شيئاً من أهدافه، ولم ينجز شيئاً من وعوده، بل على العكس مما أراد، فقد ساخت أقدام جيشه في رمال غزة، وغرق وحكومته في أوحالها، ولم يستطع أن يخرج منها أو ينهي مهامه فيها، رغم حجم الدمار الذي سببه، وعشرات آلاف الشهداء والجرحى الذين سقطوا نتيجة حمم صواريخه ونيران دباباته.

فإن تهويد القدس والضفة الغربية، وتوسيع المستوطنات وزيادة عددها، وتشريع بؤرها وتشجيع المستوطنين على بناء جديدها، واستجلاب المزيد من السكان إليها، والتضييق على الفلسطينيين وحصارهم، وهدم بيوتهم وطردهم من بلداتهم، ومصادرة أرضهم وحرمانهم من ممتلكاتهم، وحرق سياراتهم وتخريب مرافقهم، وإتلاف محاصيلهم وتجريف أشجارهم، هو حلم الوزيرين المتطرفين الأهوجين الأحمقين بن غفير وسموتريتش، اللذين يعملان ليل نهار لبسط السيادة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية، وإعلانها جزءً من الدولة العبرية، والاحتفال بإعلان دولة “يهودا والسامرة”، واستعادة أمجاد اليهود الغابرين قبل ثلاثة آلاف عامٍ، بزعمهم أنها كانت لهم وكانوا هم أصحابها.

لكن الأول الحالم بتحقيق أهدافه ما زال عاجزاً أمام صمود أهل غزة وثبات مقاومتهم، الذين يصرون رغم الجراح والآلام، والقتل والخراب والدمار على بقائهم، ويتحدون ولو بدمائهم جبروته وعدوانه، ويرسلون له يومياً رسائل بالدم والنار، أننا ها هنا باقون، لن نترك أرضنا، ولن نتخلى عن بلادنا، ولن نعيد نكبتنا، ولن نكرر نكستنا، وسنبقى نقبض على الجمر ولو حرق أيدينا، والتاريخ على مثل مقاومتنا شاهد، والميدان بعمليات وإنجازات مقاومتنا ينطق، والصورة تفضح والحقيقة تكشف، وعداد قتلاه لا يتوقف، وسجلات مستشفياته على جرحاه تشهد، ومصحاته لا تتوقف عن استقبال مرضى جنوده المصدومين المرعوبين.

تلك كانت غزة العزة، التي أحسنت الرد وأبدعت في الصمود، فأعيت نتنياهو ومن معه من القادة والجنود، أما أهلنا في القدس والضفة الغربية، بكل مدنها وبلداتها ومخيماتها، شمالاً وجنوباً ووسطاً، حيث جبل النار نابلس، وخزان الرجال الخليل، ومدرسة المقاومة جنين، وعرائن المقاتلين وكتائبها في طوباس وطولكرم، وأحرار الثورة في سلفيت وبيت لحم، والجمر المتقد تحت الرماد في رام الله، والنار المقدسة في القدس، فلا أظن إلا أنهم سيلطمون بن غفير وسموتريتش على وجهيهما، وسيرغمونهما على الاستيقاظ من غفوتهما وعدم الانجرار وراء أحلاهما، وعدم المغامرة بمخططاتهما، فالضفة الغربية ليست قطعة زبدٍ يقطعونها ليأكلوها بسكينٍ، ولا قطعة جبنٍ يقتسمونها على طاولةٍ كما يريدون، بل هي كتلةُ نارٍ تلتهب، وبركان ثورةٍ ينفجر، ومقاومةٌ تتقد، وسيعلم الأغران السفيهان أن حسابهما كان خاطئاً، وأن رهانهما كان فاشلاً.

كما سيعلم قادة العدو وجيشه، وحكومته ورئيسها، أنهم أخطأوا إذ قدموهما، وورطوا كيانهم إذ جعلوهما جزءً من حكومتهم، وطرفاً في ائتلافهم، فهذان الأهوجان وإن كان نتنياهو سيدهما وأسوأ منهما، قد أوردا كيانهم موارد الهلاك، وأدخلوا جيشهم في مواجهةٍ مع شعبٍ كان يتوق للثورة والانتفاضة، وكان يعمل لنصرة غزة ونجدتها، ولكنه الآن في مواجهةٍ سافرةٍ مع عدوٍ يستهدفهم، ويريد استئصالهم من أرضهم وطردهم من بلادهم، ويتطلع إلى السيطرة على ممتلكاتهم والاستيلاء على خيراتهم، وقد ظن أنه محصنٌ قويٌ، وأنه محميٌ قادر، وأنه بما فعل في غزة قد أرهبهم وأرعبهم، فلن يقوى أهلها على مواجهتهم ومقاومتهم، والتصدي لهم وقتالهم.

لكن أهلنا وكل شعبنا من عمق الجراح ومن قلب المحنة والابتلاء يقولون، هذه الأرض أرضنا، وهذه البلاد بلادنا، وما أصابنا لن يكسرنا، ولن يفت في عضدنا، ولن يقضي على مقاومتنا، ولن يجبرنا على التسليم والاستسلام، أو الخضوع والخنوع، وسيكون من بيننا من يفشل مشاريعهم، ويحبط خططهم، وسيدرك نتنياهو ولو بعد حين، أنه خسر إذ قامر، وخاب إذ راهن، فهذه الأرض المشبعة بدماء أهلها، والمسكونة بشهدائها، والمروية بدماء أهلها، لا يطأطئ رجالها رؤوسهم، ولا يحنون قاماتهم، ولا يخفتون أصواتهم، ولا تضعف إرادتهم أو تلين عريكتهم، وقسماً يقولون أن هذه الأرض لن تكون إلا لهم، ولن يسكنها غيرهم.

سينتصر الفلسطينيون وإن طال الزمن، وستخرج غزة من تحت الركام وآثار الدمار مرفوعة الرأس عزيزة، وسترد لها الضفة الغربية والقدس التحية، بمثلها أو أفضل منها قوية، ومعاً سيصدون العدو وسيسقطون أعلامه، وسيبددون أحلامه، وسيفشلون مخططاته، وسيفككون كيانه، وسيقوضون بنيانه، ومعاً سيقودون الأهوجين ورئيسهما إلى منبر الإعلان عن الهزيمة والخسارة، وإعلان الاعتزال والاستقالة، ولعن أنفسهما والندامة.

بيروت في 2/9/2024

moustafa.leddawi@gmail.com

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: طوفان الأقصى نتنياهو

إقرأ أيضاً:

أخطر من مجرد تصريحات.. كيف يمضي سموتريتش نحو تحقيق خطة أعلنها في 2017؟

أعلن وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، التي تشهد تصاعدا في الاعتداءات والجرائم، ما أدى إلى استشهاد 972 فلسطينيا على الأقل منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وقال سموتريتش، في تبريره القرار من ناحية دينية "لم نأخذ أرضًا غريبة، بل ميراث أجدادنا، وهذا يومٌ عظيمٌ للاستيطان ويوم مهم لدولة إسرائيل. بفضل العمل الجاد والقيادة الدؤوبة، نجحنا في إحداث تغييرٍ استراتيجيٍّ عميق، وإعادة دولة إسرائيل إلى مسار البناء والصهيونية والرؤية".

إعلان سموتريتش الذي يعمل بالتوازي على عرقلة أي آمال للتوصل إلى صفقة تنهي العدوان على قطاع غزة، يأتي ضمن مشروع كبير كشف عنه لأول مرة في العام 2017، ويستهدف إزالة الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية.

سموتريتش الذي لم يتوقف عن إطلاق التصريحات المتطرفة، والتي تكشف عن أطماعه التوسعية، تجاوز رفقة وزير الأمن القومي المتطرف الآخر إيتمار بن غفير الخطاب السائد لليمين الإسرائيلي خلال العقود الماضية.

وتكمن خطورة سموتريتش اليوم في كونه انتقل من مجرد عضو كنيست شاب عن حزب غير مؤثر في العام 2017، إلى وزير في حكومة متطرفة يقودها بنيامين نتنياهو الذي يرتكب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة منذ نحو 19 شهرا.

ومنذ العام 2024، أطلق سموتريتش عدة مرات تصريحات بأن العام 2025، سيشهد فرضا رسميا للسيادة الإسرائيلية على كامل الضفة الغربية.
وزير المالية الإسـرائيلي، بتسلئيل #سموتريتش، يعرب عن أمله في بسط السيادة على الضفة الغربية في عام 2025، حيث كشف عن إصداره تعليمات لإعداد البنية التحتية اللازمة لتحقيق هذا الأمر pic.twitter.com/jZHGzhikB0 — عربي21 (@Arabi21News) November 12, 2024
"خطة الحسم"
في أيلول/ سبتمبر 2017، طرح سموتريتش الذي كان حينها عضوا في الكنيست عن حزب "الاتحاد القومي"، ما أسماه بـ"خطة الحسم"، وحينها قال في وصفها إنها ليست مجرد أوراق وأحلام بعيدة، ولكنها وثيقة سياسية متكاملة تهدف إلى حل نهائي للأزمة مع الفلسطينيين في الضفة الغربية.

تقترح الخطة على الفلسطينيين ثلاثة خيارات لا رابع لها: القبول بحكم إسرائيلي كامل دون حقوق سياسية متساوية، أو الهجرة الطوعية إلى دول أخرى بمقابل مالي، أو مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية.

في شرحه للخطة، قال سموتريتش إن الفلسطيني الذي يقبل بالعيش في ظل إسرائيل دون المطالبة بدولة أو سيادة، يمكنه البقاء، أما من يرفض فالحل هو "أن يغادر طوعًا أو يُقمع بقوة السلاح".

وأطلق سموتريتش أوصافا ساخرة من "حل الدولتين"، وهاجم اليسار الإسرائيلي بشدة، قائلا إن مساعيه للتوصل إلى حل مع الفلسطينيين يهضم حق اليهود.

للاطلاع إلى النص الكامل للخطة باللغة العبرية (هنا)



أفكار دينية وأطماع خارج فلسطين
تعكس "خطة الحسم" انتماء سموتريتش إلى المدرسة الدينية الصهيونية، التي تمزج بين التوراة والقومية اليهودية، وتعتبر أن "أرض إسرائيل الكاملة" هبة إلهية غير قابلة للتقسيم.

هذه الأيديولوجيا ترفض حل الدولتين، ولا ترى في الفلسطينيين شعبًا، بل مجرد مجموعات سكانية يمكن التعامل معها إما بالإخضاع أو التهجير. ويرى سموتريتش أن السيادة الإسرائيلية يجب أن تمتد من البحر إلى النهر، وألمح إلى طمعه بحدود أوسع تضم شرق الأردن وأجزاء من سوريا ولبنان.

وفي آذار/ مارس 2023، قال سموتريتش في تصريح لقناة "كان" العبرية: "لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني، هذا اختراع حديث نسبياً. لا يوجد شعب فلسطيني ولا تاريخ فلسطيني ولا لغة فلسطينية."

صلاحيات محدودةقال سموتريتش في خطته، إن الفلسطينيين الراغبين بالبقاء تحت ظل الحكم الإسرائيلي، سيتم تقسيمهم إلى ستة بلديات صغيرة، ومنحهم صلاحيات محدودة لإدارة شؤونهم الداخلية.

وقال إن "عرب الخليل، ليسوا مثل عرب رام الله، وهؤلاء ليسوا مثل عرب نابلس، وليسوا كعرب أريحا. حتى أن لهجة اللغة العربية تختلف من منطقة إلى أخرى".

وتابع أن "التقسيم إلى بلديات محلية من شأنه أن يفكك التنظيمات الوطنية الفلسطينية والتطلعات لتحقيق دولة، ولكنه في الوقت نفسه سيحافظ على الانقسام القبلي والعشائري وبالتالي يسمح بوجود نظام مستقر لإدارة الحياة اليومية دون توترات وصراعات داخلية".

وأضاف أن "الإدارات المحلية لهذه المناطق الست، ستعمل على إنشاء نظام من العلاقات المتبادلة مع دولة إسرائيل، مما يتيح تنمية اقتصادية إقليمية مستقرة والمستدامة".

واللافت أن سموتريتش ضرب في حديثه عن فكرة البلديات أو الأقاليم الصغرى، مثالا على الإمارات العربية المتحدة، والتي توحدت في العام 1971، قائلا إنها النموذج المزدهر في الخليج حاليا.


من الأقوال إلى الأفعال
ما إن وصل سموتريتش إلى الحكومة في 2022، حتى بدأ بالفعل بتطبيق خطته، حيث ساعده نتنياهو بذلك بتسليمه ملفات البناء والهدم والاستيطان.

وأطلق سموتريتش عدة مشاريع استيطان، تم البدء بتنفيذها في الضفة الغربية، بعضها يقع بالقرب من حدود الأردن.

في تشرين ثاني/ نوفمبر 2024، أعلن رسميًا عن بدء الاستعدادات لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، مشيرًا إلى أنه وجّه بتهيئة "البنية التحتية القانونية والإدارية" لذلك.

كما كرر دعوته لإفراغ غزة من سكانها عبر ما سماه بـ"الهجرة الطوعية"، متوقعًا أن ينخفض عدد السكان في القطاع إلى أقل من النصف خلال عامين، في حال توفر غطاء دولي لهذا المسار.

كما أضاف في مقابلات لاحقة أن "بقاء الفلسطينيين في هذه الأرض يزيد من التهديدات الديموغرافية والأمنية، والحل الوحيد هو تقليص وجودهم بكل الوسائل الممكنة".
View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
أفكار صريحة
لا يخفي سموتريتش أفكاره الخطيرة والتي يريد من خلالها ممارسة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين.

فعلى سبيل المثال، قال في أعقاب هجوم مستوطنين على بلدة حوار قضاء نابلس في آذار/ مارس 2023، إن "حوارة يجب أن تمحى".

ولم يتراجع عن تصريحه، بل قال لاحقًا: "من لا يفهم الرسالة، سيفهمها عندما تتحول بلدته إلى رماد".

وفي آذار/ مارس الماضي، كشف سموتريتش عن مدى توسعية مخططه حين تحدث عن امتداد حدود إسرائيل إلى دمشق، في تعبير صريح عن مفهوم "إسرائيل الكبرى" الذي يشمل أراضي في الأردن وسوريا ولبنان والعراق ومصر والسعودية. وأوضح في مناسبة أخرى أن هذا التصور ليس شعارًا دينيًا بل هدفًا سياسيًا واستراتيجيًا يجب العمل عليه تدريجيًا.

كما أدرج خريطة خلال مؤتمر في فرنسا تحدث فيه، تظهر صورة "إسرائيل الكبرى" المزعومة، والتي تقضم البلدان العربية المحيطة بفلسطين المحتلة.

اقرأ أيضا: ما قصة الشعار الذي ظهر أمام سموتريتش وأثار غضبا واسعا؟ (شاهد)

مقالات مشابهة

  • أبو ردينة: المستوطنات غير شرعية والتصديق على بنائها يستهدف عدم قيام دولة فلسطينية
  • إيران تتحدى الغرب: لن نتخلى عن حقنا في التخصيب النووي
  • حواجز الاحتلال في القدس.. نقاط عسكرية لعزل المدينة وإهانة أهلها
  • معجزة التيك توك.. صحفية ليبية تلاقي أهلها بعد 44 سنة ضياع
  • أخطر من مجرد تصريحات.. كيف يمضي سموتريتش نحو تحقيق خطة أعلنها في 2017؟
  • «المحاولة 28» تكسر هيمنة الإسبان الأوروبية
  • سموتريتش يصف صفقة جزئية مع حماس بـالجنون المحض
  • قرار مرتقب لاعتقالهما: سموتريتش وبن غفير على طاولة الجنائية الدولية
  • 57 ألف أسرة نازحة تعود إلى منازلها في محافظة حماة خلال شهرين
  • سوريا تكسر الصمت وتكشف حقيقة المفاوضات المباشرة مع إسرائيل