بين متلازمتي «الانسحاب» و«الحساسية الانتقائية».. تدور رحى الانفصال عن الواقع
تاريخ النشر: 4th, September 2024 GMT
كلمة "متلازمة" في الطب تستخدم كتعريف واسع النطاق لوصف مجموعة من الأعراض البدنية والنفسية.. وتُسمى المتلازمات غالبا على اسم الطبيب أو مجموعة الأطباء الذين اكتشفوها أو الذين وصفوا الصورة السريرية كاملة لأول مرة.
ومن بين المتلازمات النفسية التي تم تسميتها بناءً على وصفها، "متلازمة الاستقالة" أو "الانسحاب من الحياة" (Resignation syndrome)، وكذلك متلازمة "حساسية الصوت الانتقائية" ( Mesophonia )، فكلاهما يتملك المصاب بهما رغبة في الانفصال عن الحياة أو الواقع المُعاش.
وتم تشخيص "متلازمة الاستقالة"، تحت هذا الاسم لأول مرة في السويد عام 2000 على عدد من أبناء اللاجئين الصغار من أصول سوفيتية سابقاً ويوغوسلافية وتتراوح أعمارهم بين 8 إلى 15 عاما، وأطلق عليهم حينها "اللا مبالين" لعدم تجاوبهم مع كل المحيط بهم، وكان ذلك رد فعل على رفض السلطات السويدية منحهم وعائلاتهم حق اللجوء.
وتصيب هذه المتلازمة الأطفال الذين تعرضوا للصدمات النفسية في مجتمعات المهاجرين تحديدا، حيث يتعرض الطفل لنوبة اكتئاب ثم يبدأ في فقدان وظائفه الجسدية كالقدرة على المشي وتناول الطعام.
أما "متلازمة حساسية الصوت الانتقائية" فهي تتجاوز مجرد الانزعاج من الضوضاء غير المرغوبة، فالذين يعانون منها تصدر عنهم ردود فعل غير اعتيادية تجاه أصوات معينة تثير حفيظتهم وتوترهم، مثل: صوت التنفس، أو مضغ الطعام، أو حتى احتكاك الملابس ببعضها البعض.
ويدرك كل من عمل في بيئة مفتوحة أو شارك زملاءه في أماكن عمل ضيقة، أن الأصوات المحيطة تمثل مصدرا للتوتر.
وقد أظهرت دراسة أجريت في جامعة "كورنيل" الأمريكية وشملت 40 من موظفي المكاتب الذين تعرضوا للضوضاء في أجواء عمل مفتوحة، أن الأصوات قد زادت من مستويات هرمون الأدرينالين الذي يستثير الجسم لاستجابات التوتر والرغبة في الانعزال، مما يدمر الإنتاجية ويولد الاستياء.
ومع بقاء أوضاع بيئات العمل المفتوحة، وكذلك الحروب وحالات اللجوء، فإن الإصابات بمتلازمتي "الاستقالة" و"حساسية الصوت الانتقائية" ستظل مرشحة للزيادة عالميا.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الضوضاء
إقرأ أيضاً:
ما دلالات رفع الزبيدي علم الانفصال خلال لقائه وفد عسكري سعودي في عدن؟
في واقعة أثارت استياء وجدلاً في اليمن، خلال لقاء جمع وفد عسكري سعودي في العاصمة المؤقتة عدن، برئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيا، عيدروس الزبيدي وهو عضو بالمجلس الرئاسي، بغياب العلم اليمني وظهور علم الانفصال.
والسبت، بحث الزُبيدي مع مساعد قائد قوات الواجب 802 للدعم والإسناد السعودية العقيد عوض بن حمود العتيبي، المستجدات والأوضاع الميدانية والأمنية في العاصمة المؤقتة عدن وبقية المحافظات المحررة، وفق موقع المجلس الانتقالي.
وتوالت ردود فعل اليمنيين عقب ظهور علم الانفصال وغياب العلم الوطني للدولة اليمنية، الأمر الذي عده كثيرون تعبيرا عن دعم سعودي للمشاريع غير الوطنية في البلاد، والتي تساهم في تمزيق اليمن وتمكين الحوثيين من السيطرة على مختلف المحافظات اليمنية.
وفي الشأن ذاته، أبدى الكاتب عبدالقادر الجنيد، استغرابه وقال "وفد عسكري سعودي يصل إلى عدن تم استعماله لترسيخ فكرة الانفصال".
وأضاف "صورة خير من ألف كلمة، نائب قائد القوة 802 السعودية يبحث التعاون المشترك مع عيدروس الزبيدي تحت علم راية الانفصال".
وتابع "عيدروس، يقول إنه رئيس "الجنوب العربي" وبالرغم من أنه عضو في مجلس الرئاسة اليمني إلا أنه يقول أنه ليس يمنيا ولا علاقة له بالجمهورية اليمنية".
وتساءل الجنيد قائلا: لماذا وافقت السعودية على الاجتماع تحت هذه الراية؟ وما هو التعاون الذي ناقشوه؟
الكاتب الصحفي سيف الحاضري، قال إن "المشهد الذي جمع الأشقاء السعوديين بما يسمى "رئيس الجنوب العربي" وبحضور علم غير علم الجمهورية اليمنية، ليس مجرد تفاصيل بروتوكولي أو خطأ شكلي، بل هو رسالة سياسية عميقة المعاني في توقيت شديد الحساسية، وفوق كل ذلك كان الوفد السعودي عسكريا ممثل بنائب قائد القوة 802 السعودية لبحث التعاون المشترك".
ويرى أن ذلك يأتي في لحظة تتكثف فيها الضغوط لفرض "خارطة طريق" عبر مفاوضات مسقط، وتتصاعد المساعي الدولية والإقليمية لإغلاق الملف اليمني وفق ترتيبات لا تلبي الحد الأدنى من أهداف معركة التحرير، يطل هذا المشهد ليؤكد أن هناك من يعمل على إعادة تعريف الأطراف السياسية في المعادلة اليمنية، بل وإعادة صياغة رموزها وهويتها.
وأكد الحاضري أن وجود علم آخر على الطاولة يعني – في لغة السياسة – الإقرار الضمني بكيان سياسي موازٍ أو بديل، حتى لو لم يُعلن ذلك في البيان الرسمي. وقال إنها خطوة أشبه بـ"اختبار" لردود الفعل، وتهيئة الرأي العام لمرحلة يصبح فيها التعامل مع هذا العلم وهذه القيادة أمرًا مألوفًا، وربما مقبولًا دوليًا.
وزاد "لكن الأخطر أن هذا النوع من الرسائل يصب مباشرة في صالح المشروع الذي تسعى خارطة الطريق لتمريره: شرعنة الأمر الواقع، وتفكيك الشرعية اليمنية إلى مكونات متساوية في التمثيل، بدل أن تبقى إطارًا جامعًا وموحدًا للدولة".
هنا، يصبح المشهد أكثر وضوحًا
وقال رسالة ضغط على الشرعية: إما القبول بالترتيبات القادمة كما هي، أو الاستعداد للتعامل مع أطراف أخرى تُقدَّم للعالم على أنها "شركاء" على قدم المساواة.
وأضاف تأثير على معركة التحرير: إضعاف مركز القرار السياسي الموحّد، وتشتيت الجبهة الوطنية، وفتح الباب أمام أجندات تقسيم وتجزئة اليمن.
وأردف إعادة ترسيم الهوية: حين يظهر علم غير علم الجمهورية في مشهد رسمي، فإن الرسالة المبطنة هي أن رمزية الدولة اليمنية لم تعد حصرية أو مقدسة، وأن البدائل قابلة للتداول.
وأوضح أن خطورة هذا المشهد تكمن في أنه يتزامن مع تحسن قيمة العملة، ومع شعور نسبي بالانفراج الاقتصادي، وكأن المطلوب أن ينشغل الناس بالأثر المعيشي قصير المدى، بينما تُرسم في الكواليس خرائط سياسية طويلة المدى تمس جوهر السيادة ووحدة الأرض.
وقال الحاضري إنها لحظة اختبار للإرادة الوطنية: إما أن تكون الشرعية بمؤسساتها وقواها السياسية على مستوى التحدي، وتواجه بوضوح هذه الرسائل، أو أن تصمت، فتتحول هذه اللحظات الرمزية إلى وقائع سياسية راسخة في مفاوضات مسقط وما بعدها.
وختم الحاضري منشوره بالقول "القضية الوطنية ليست سلعة تفاوض ولا علمًا يُستبدل على الطاولات، بل هي هوية وسيادة ومصير شعب. ومهما كان شكل الضغوط أو بريق الوعود، فإن أي مشهد يتجاوز علم الجمهورية اليمنية هو خطوة على طريق تفكيكها، ومسؤولية التصدي له تقع على كل من يحمل صفة شرعية أو يدّعي الدفاع عن الدولة".
أما الناشط عبدالعزيز النقيب فقال "لا اظن ولا أعتقد أبدا وخصوصا في ظل الصراع البارد بين السعودية والامارات في اليمن، أن الوفد السعودي كان مطلعا وموافقا على هذا العلم في الاجتماع".
ويرى أن صغر مستوى القائد السعودي جعله يبلع المؤامرة بحسبانه مجرد عسكريا محترفا وليس سياسيا من أي مستوى، لكن عيدروس ومن خلفه الامارات كانت لهما أهدافا أخرى".