لجريدة عمان:
2025-06-02@09:28:25 GMT

هذه القصّة ليست قصّتي وحدي

تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT

في ليلة التنقلات الرهيبة بين المدارس، وضع بعضنا مُنبها ليصحو في الثانية عشرة ليلا وفضل بعضٌ آخر أن يسهر ليلته تلك رفقة «السستم»! وفي مشهد شديد السريالية، هنالك من ظفر بمقعد وهنالك من نام صفر اليدين!

ولأنّ ابني كان أقلّ حظًا، توجب عليَّ أن أقف في طابور طويل، تكدس فيه الآباء والأمهات في صباح أول يوم مدرسي، وذلك ليُدلي كل منا بدلوه أمام مُدخلة البيانات.

بدا لي المشهد مُناقضًا إلى حد كبير لما نُشيعه عن «عُمان الرقمية»! فإن كان «السستم» الجبار يحل مسائلنا العالقة باقتدار، فما الدعوى لأن نترك أشغالنا وأعمالنا لنبث الشكوى لمُدخلة البيانات؟!

بقليل من الإصغاء، وجدتُ أنّنا نحن الواقفين، جئنا لأسباب مُماثلة تتعلقُ بافتتاح مدارس مجاورة لمنازلنا، لكن «السستم» العجيب فضّل أن يُلقي بأبنائنا في مدارس أبعد، ولا أدري إن كان مرد العشوائية، يرجع لأنّ «السستم» لم يُغذ بالبيانات الدقيقة التي تؤدي لفرز الطلاب بحسب أماكن إقامتهم أم لخلل إداري بحت!

تلك الإشارة المتفائلة -هذا العام- بافتتاح مدارس جديدة، أعادت الأمل باقتراب انتهاء زمن التعليم المسائي بمساوئه الكثيرة، لكن كما يبدو ضاع الأسبوع الأول -على البعض منهم- في التنقل من مدرسة لأخرى، ولم يكن ثمّة رد واضح عدا أنّ: «الطاقة الاستيعابية للمدرسة اكتملت!»

عندما دخلتُ الفصل بصحبة ابني، هالني عدد الطلبة فيه، وقبل أن أستفيق من شرودي، كان ابني قد اختفى بين الجموع، وفي خروجي المضطرب فكرت: عدد سُكاننا بأكمله لا يُشكل سوى عدد سكان مدينة صغيرة في بلدان أخرى، فلماذا نشعرُ ونحن نتجه إلى المدارس بأننا إزاء انفجار سكاني مهول؟!! ولماذا لا تُبنى المدارس وفق إحصائيات عدد المواليد المُتغيرة من عام لآخر، وبالنظر للكثافة السكانية من محافظة لأخرى؟

وليس لي أن ألوم مُدخلة البيانات، التي وقفت بوجه شاحب عاجزة عن تلبية الطلبات اللامتناهية من كل حدب وصوب، ولكنها عندما أشارت بصلف إلى أنّ: «الناس لم يكتفوا بحصولهم على مقاعد صباحية، وهاهم الآن يتذمرون لأنّ أبناءهم نقلوا إلى مدارس بعيدة عن منازلهم، وكأنَّ رضاهم غاية لا تدرك». آنذاك وحسب، استشاط غضبي، شعرتُ بشيء من الغليان الداخلي وأنا أجيبها: «هل تعرفين كم مشكلة ستُحل لو أنّ كل طفل درس في المدرسة التي تجاور بيته؟ إنّه ليس الطمع كما تظنين. إنّها نقطة نظام».

شعرتُ بحرقة وبخفقان شديد في قلبي، فهذه الخدمة الحكومية هي حق لكل مواطن وليس من حق أحد أن يتفضل بها علينا. وعدا ذلك فهذا «الاستحقاق» لو توفر، سيوفر الجهد والتعب على الأطفال الذين يُغامرون بحياتهم في تلك الحافلات المتهالكة كل يوم.

في الحقيقة لا يمكنني تجاوز موضوع الحافلات مجددًا، تلك التي لم تأخذ حقها من الصيانة، فتعطل بعضها في الأسبوع الأول. فليس بمقدور الجميع أن يدفعوا أجرة سيارة خاصة! والسؤال: كيف يُترك أطفال الحلقة الأولى - بهشاشة بعضهم وتنمر البعض الآخر- دون مشرفة؟! ولنا أن نتصور عدد المنتظرات لمهنة من هذا النوع -يمكن أن تفتح بيوتا حقا- لو أتيحت فكرة العقود لمشرفات الحافلات الحكومية، لكيلا نهلع كل عام بنسيان أحدهم أو دهسه، كما حدث بداية هذا العام، وفي كل الأعوام الماضية!

على الضفة الأخرى من النهر، يُراوغُ بعض الأهالي بتزييف أماكن سكنهم، بتزييف إيجارات منازل ليسوا من مستأجريها، فيتجشم أبناؤهم المسافات البعيدة، وليس لنا أن نلومهم أيضا، فهم ينقذون ما يستطيعون إنقاذه من رحلة فلذات أكبادهم، فلو تحصلوا على صفوف بكثافة أقل، وإدارة قوية، سيتحصلون على انتباهة عين واعية ومُحرضة، ولن يتحولوا -على أفضل تقدير- لمجرد رقم في عداد الصف، وإنّما سيُنظر لفرديتهم بكل تمايزها -أو على الأقل هذا ما يُراهن عليه الآباء المخذولون! لكن وفي استدراك أخير: أليس من المُخجل حقًا أن نخوض كل هذه المعارك من أجل مدرسة قريبة أو صف بكثافة أقل!

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ليست احتجاجات بل هجمات عرقية.. دراسة تفضح رواية اليمين المتطرففي بريطانيا

كشفت دراسة بريطانية حديثة أن الاضطرابات التي اندلعت في بريطانيا صيف عام 2024، عقب جريمة قتل مروعة في مدينة ساوثبورت، تشبه في طبيعتها أحداث الشغب العنصري التي وقعت في خمسينيات القرن الماضي، أكثر مما تشبه احتجاجات عام 2011، التي كانت موجهة بشكل أساسي ضد السلطة.

وبحسب ما نشرته صحيفة الجارديان البريطانية، فإن العنف اندلع في البداية في مدينة ساوثبورت، بعد مقتل ثلاث فتيات صغيرات خلال حصة رقص مستوحاة من أغاني تايلور سويفت. الضحايا هن: إلسي دوت ستانكومب (7 سنوات)، أليس دا سيلفا أجويار (9 سنوات)، وبيبي كينج (6 سنوات). وقد حكم على القاتل، أكسل روداكوبانا، بالسجن لمدة لا تقل عن 52 عاماً.

في اليوم التالي للهجوم، أي في 30 يوليو، انتشرت معلومات مغلوطة عبر الإنترنت تفيد بأن القاتل "طالب لجوء مسلم"، وهي رواية تبنتها حسابات يمينية متطرفة على وسائل التواصل الاجتماعي، ما أجج الغضب وفتح الباب أمام أعمال شغب امتدت لاحقاً إلى عدد من المدن البريطانية، من بينها لندن ومانشستر وليفربول وبلفاست وسندرلاند وروذرهام.

ورغم وصف هذه الأحداث إعلامياً بأنها "احتجاجات يمينية متطرفة"، إلا أن فريقاً من الباحثين شكك في هذا التوصيف، وخلص في دراسة تمهيدية إلى أن ما جرى كان أقرب إلى "هجمات عنصرية" استهدفت الأقليات، وليس احتجاجاً تقليدياً بالمعنى السياسي أو الاجتماعي.

أوضح جون دريوري، أستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة ساسكس، والذي قاد الدراسة، أن "ما حدث لم يأخذ الشكل النمطي للاحتجاج"، مضيفاً: "ربما يمكن اعتباره نوعاً من العمل المباشر، ولكن ليس بالضرورة احتجاجاً".

ووجدت الدراسة، التي تناولت ثلاث حالات ميدانية في مدن بريستول وهانلي وتاموورث، أن المشاركين في هذه الأحداث كانوا في الغالب من "الأغلبية البيضاء" التي استهدفت الأقليات العرقية والدينية. وأكد الباحثون أن هذه الاضطرابات تختلف عن انتفاضات 1980 و2011، التي كانت بمعظمها من قبل أقليات عرقية ضد الشرطة أو الدولة.

تشابه مع أحداث نوتينج هيل 1958 وليفربول 1919

الدراسة قارنت ما جرى في صيف 2024 بأحداث الشغب في نوتينج هيل ونوتنجهام عام 1958، والتي شهدت هجمات عنيفة شنها رجال بيض ضد سكان من أصول كاريبية، وكذلك بأحداث عام 1919 في ليفربول وكارديف وجلاسكو، حين استهدفت مجتمعات المهاجرين في سياق أزمة بطالة بعد الحرب العالمية الأولى.

وأشار الباحثون إلى أن العنف الذي اندلع عام 2024 لم يكن يحمل طابعاً احتجاجياً، بل كان أقرب إلى "سلسلة من الهجمات"، حيث لم تظهر فيه رموز أو شعارات احتجاجية، وجاءت أعمال العنف عشوائية وغير مبررة.

أحد أبرز استنتاجات الدراسة أن المشاركين لم يكونوا حصرياً من اليمين المتطرف أو من مشجعي كرة القدم المتطرفين، بل ضمت الحشود خليطاً من الأفراد غير المنتمين سياسياً، منهم من يعارض الهجرة، أو من يعادي الشرطة، أو حتى من حضر بدافع الفضول أو للمشاركة التلقائية.

رغم ذلك، حذر دريوري من التعميم، قائلاً إن "الافتراض بأن جميع المشاركين كانوا عنصريين أو متطرفين قد يؤدي إلى تبني سياسات خاطئة، كما حدث في أعقاب احتجاجات 2011، حين أطلقت الحكومة برامج لم تنجح لأنها قامت على فهم خاطئ لأسباب الاضطرابات".

أضاف دريوري: "إذا وصفنا كل المشاركين بأنهم ينتمون إلى اليمين المتطرف، فإن ذلك قد يدفع بعضهم فعلاً إلى أحضان هذه التيارات"، مؤكداً أن التعامل الأمني والسياسي الموحد مع كل الحالات قد يعقد الأزمة بدل أن يحلها.

وخلصت الدراسة إلى أن الفاعلين في هذه الأحداث لم يكونوا فقط مناهضين للهجرة، بل شملت القوى الحاضرة أيضاً الشرطة، ومناهضين للتظاهرات، و"مدافعين عن المجتمع" في بعض المناطق مثل هانلي، بالإضافة إلى المستهدفين من الهجمات مثل المسلمين وطالبي اللجوء.

طباعة شارك بريطانيا الجارديان احتجاجات

مقالات مشابهة

  • ليست احتجاجات بل هجمات عرقية.. دراسة تفضح رواية اليمين المتطرففي بريطانيا
  • آمال غالب: زيارة القبور في العيد ليست ممنوعة بل محببة
  • ولاية الجزيرة .. أسرار وأخبار ليست للنشر !!
  • السكريات ليست سواسية.. أي نوع يهدد صحتك أكثر؟
  • مسؤول سابق في تسلا: الروبوتات البشرية ليست مناسبة للمصانع
  • تواصل 2025: حين تحدّث ولي العهد، الدولة الحديثة ليست بنايات وشوارع، بل عقل ونهج
  • الإجادة ليست عزفًا منفردًا
  • السفارة الصينية في سنغافورة ترد على ماكرون.. تايوان ليست كأوكرانيا
  • جامعة القاهرة: 10 منح لطلاب مدارس STEM
  • مدارس الأفق بمنح تحتفي بالمجيدين في ختام العام الدراسي