هل تودع الشركات العملاقة ميزة "التعامل المميز" حول العالم؟
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
لطالما توقعت شركات التكنولوجيا العملاقة ومنذ فترة طويلة، أن تتعامل السلطات الحكومية بكافة أنحاء الدول معها بطريقة تتسم بالسهولة والمرونة.
وبحسب تقرير نشرته وكالة "بلومبرغ" واطلعت عليه سكاي نيوز عربية، فقد أساءت شركة "أبل" لسنوات عديدة استغلال الثغرات القانونية لدفع ضرائب تكاد تكون معدومة في الاتحاد الأوروبي.
في حين حققت الشركة أرباحًا قياسية هناك، وذلك بفضل المعاملة الخاصة التي حصلت عليها من أيرلندا، وهو مقر الشركة في أوروبا.
وقالت "بلومبرغ" في تقريرها إن شركات أخرى عملاقة مثل "ألفابت" المالكة لشركة غوغل قد تمكنت من ترسيخ هيمنتها في مجال البحث بفضل المعاملة الخاصة التي منحتها الشركة لخدمة التسوق الخاصة بها على حساب المنافسين.
الأمر بات مختلفا
بحسب التقرير، بات الأمر مختلفا حاليا، فالآن تتلقى غوغل وأبل "صفعة قاسية" بسبب هذه المزايا غير العادلة.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أصدر حجما ضد شركة أبل يلزمها بدفع 13 مليار يورو (14.4 مليار دولار) كضرائب متأخرة للحكومة الأيرلندية.
كما أجبر حكم مماثل شركة غوغل على دفع غرامة قدرها 2.4 مليار يورو لقيامها بعمليات تلاعب على محرك البحث الخاص بها.
بالنسبة لكلا الشركتين، فإن الأمر يتعلق بنهاية المطاف بجدوى بالاستئناف ضد الأحكام.
ولكن بطبيعة الحال، فإن الغرامات المقررة على الشركتين ليست سوى تكلفة لممارسة الأعمال التجارية أي "مجرد مصروف جيب" لهذه الشركات، بحسب التقرير.
في واقع الأمر، يمكن للشركات أن تهنئ محاميها على إطالة أمد القضايا في المحكمة لسنوات مع استئنافات لا نهاية لها، تمكن الشركة من تأجيل السداد.
فحتى الآن، كان على الجهات التنظيمية لدى الشركات أن تكون ذكية بشأن كيفية استخدام القواعد القديمة التي عفا عليها الزمن لمتابعة قضاياها في المحكمة.
هذا هو السبب في أن الإجراءات استغرقت وقتًا طويلاً، ولكن عصر القضايا المطولة يتلاشى.
واستندت المفوضية الأوروبية في قضية الضرائب الأيرلندية لشركة "أبل" على انتهاك لقواعد المساعدات الحكومية في الاتحاد الأوروبي، والتي تتعلق عادةً بالإعانات أو المنح.
ومن الناحية القانونية، تقول آن ويت، أستاذة في معهد القانون المعزز بكلية EDHEC للأعمال، عن كيفية إصدار هذه الأحكام على أبل وغوغل: "كان نهجًا مبدعًا للغاية".
وكان جوهر القضية، بحسب التقرير، هو معرفة كيفية إثبات أن أيرلندا كانت تقدم لشركة أبل مساعدات انتقائية حصرا، وهو الأمر الذي كان من الصعب حسابه من الناحية الفنية أيضًا، كما أضاف ويت.
وذكر التقرير أن يزال السؤال مفتوحا حول مدى إمكانية استفادة الشركات من مثل هذه القوانين، ولكن من الواضح أن أبل وغوغل وغيرهما من اللاعبين الكبار سوف يتعين عليهم البدء في التلويح بالوداع للمزايا التي تمسكت بها لفترة طويلة للغاية لكونهم "شركات عملاقة".
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات أبل الاتحاد الأوروبي أيرلندا أوروبا ألفابت غوغل الاتحاد الأوروبي المفوضية الأوروبية شركات تكنولوجيا تكنولوجي اقتصاد عالمي أبل الاتحاد الأوروبي أيرلندا أوروبا ألفابت غوغل الاتحاد الأوروبي المفوضية الأوروبية أخبار الشركات
إقرأ أيضاً:
باكستان الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك السلاح النووي!
اليوم سأحدثكم عن قصة حصول باكستان على السلاح النووي وإحداثها لمعجزة سياسية-علمية في العالم الإسلامي، فدولة التي لم تكن تملك شيئا بل حتى لا تستطيع صناعة مسامير وبراغي كيف لها أن تصنع سلاحا نوويا معقدا جدا في فترة قصيرة جدا، حتى الغرب لم يستطع مجاراتها؟ لا بد أن يكون وراء ذلك سر عظيم جدا ألا وهي الإرادة والعزيمة التي صنعت المستحيل.
بدأ كل شيء عام 1971 عندما تعرضت باكستان لهزيمة قاسية ومذلة أمام الهند، العدو الأول والأزلي، انتهت بانفصال بنغلادش عن باكستان، وبعد ثلاث سنوات فجّرت الهند أول قنبلة نووية له بمساعدة الكيان وخرجت للعالم تتبجح وصرّح الهنود: "نحن الآن صرنا قوة نووية".
في تلك اللحظة المفصلية في التاريخ كانت باكستان تراقب الوضع وشعرت بأن عدوها قد اكتسب ما سيمكنه من التفوق عليها، وهذا ما استفز كبرياء الشعب والحكومة هناك، حينها وقف رئيس وزراء باكستان ذو الفقار علي بوتو وقال عبارته الشهيرة: "لو اضطررنا لأكل العشب أو التراب، سنصنع قنبلة نووية". لم يأخذه الغرب ولا حتى الهند على محمل الجد، وظن الكل أنه مجرد هرطقة سياسية فقط وشعبوية معتادة للإلهاب حماس الجماهير هناك.. لكن تأكد لا حقا أن الرجل كان يعني ما يقوله بالحرف الواحد!
وبدأ التخطيط الفعلي لامتلاك برنامج نووي سري دون أن يثيروا ريبة أعين الغرب والعدو الأزلي الحاقدة.. وانطلق جمع المعلومات من طرف أجهزة المخابرات الباكستانية باحثة عن كل من يستطيع أن يقدم لهم يد العون من دول وحكومات ومنظمات سرية وجماعات تهريب وقبل ذلك البحث عن علماء نووي موثوقين ومستعدين للتضحية من أجل ذلك، وكان الاختيار على أحد الرجال الذين صنعوا المعجزة بأتم معنى الكلمة، ألا وهو الدكتور عبد القدير خان، وهو عالم الباكستاني شاب كان يعمل حينها في منشأة تخصيب أوروبية (URENCO – هولندا). اتصلت به المخابرات الباكستانية وقالت له بالحرف الواحد: "سيد عبد القدير أنت مستدعى في مهمة وطنية نبيلة هل ستلبي الدعاء أم نذهب لخيارات أخرى؟".
وكان الجواب: "لا مجال للتردد أمام نداء الوطن!" لم يتردد هذا الرجل الوطني المخلص للحظة في تلبية نداء الواجب، وترك كل الامتيازات الممنوحة له والرفاهية وجودة الحياة وحقول الورود والياسمين في هولندا؛ البلد الساحر من حيث الطبيعة الخلابة وجودة الحياة، وعاد متخفيا ليعمل في ظروف قاسية في مناطق وعرة غير موصولة حتى بطرق معبدة وبعيدة كل البعد عن المدن في باكستان. كل هذه التضحية من أجل هدف واحد ونبيل ألا وهو أن تمتلك بلده سلاحا نوويا يمكنها من استعاده التوازن أمام عدو أزلي يتربص على الحدود في كشمير..
استغل هذا الرجل الذكي منصبه هناك لجمع كل ما يمكنه من معلومات حول تقنية الطرد المركزي، ونجح في نسخ تصاميمها وخزنها في ذاكرته في عام 1975. وكما سبق وذكرت، عاد إلى باكستان سرّا حاملا مخططات علمية وتقنية ثمينة، ومعه حتى قائمة موردين دوليين وأسرار لا تُقدّر بثمن.
أسّس "مختبرات خان" في منطقة كاهوتا، وبدأ العمل بصمت رفقة علماء آخرين قام هو بنفسه بإقناعهم في العمل معه وكفاءات وطنية كوّنها هو بنفسه. وفي الخفاء تم إنشاء منشآت التخصيب الذي هو أصعب شيء في أي برنامج نووي، واستُخدمت شبكة تهريب دولية لاقتناء القطع والتكنولوجيا من أوروبا وماليزيا والصين، وكل ذلك تم بسرّية مذهلة وبمساعدة جزئية من الصين التي زوّدت باكستان ببعض التصاميم والمكونات النووية والتي فيما بعد تحولت إلى الحليف الأول للباكستان. والآن 80 في المئة من واردات السلاح إلى باكستان هي من التنين الصيني، مستغلة وبذكاء خلاف الصين الحدودي مع الهند مما قرب تلقائيا بينهما وفق المعادلة الشهيرة "عدو عدوي صديقي"، أضف إلى ذلك أن الظروف الإقليمية آنذاك خدمت المشروع النووي بطريقة غير مباشرة، ففي الوقت الذي كانت فيه أمريكا مشغولة بدعم باكستان في حربها ضد الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، غضّت الطرف عن تقدمها النووي، أو لنقل أن واشنطن لم تكن تتصور أن باكستان بلغت أشواطا متقدمة جدا في الحصول على سلاح نووي كامل.
في عام 1998 فجّرت الهند سلسلة تجارب نووية وبعد أقل من ثلاثة أسابيع، وفي يوم 28 أيار/ أمايو ردّت باكستان بتفجير خمس قنابل نووية دفعة واحدة في جبال بلوشستان. وهنا كان العالم مذهولا، والغرب في حالة صدمة واضحة، ولعل الصدمة الأكبر كانت في نيودلهي حين علم الهنود أن تفوقهم النوعي على عدوهم الأزلي قد زال وحدث التوازن بين القوى!
دخلت باكستان رسميا نادي القوى النووية إلى جانب القوى العظمى في العالم، وأصبحت أول دولة إسلامية تمتلك السلاح النووي. حاول شرطي العالم تدارك الأمر، ففرضت أمريكا عقوبات اقتصادية علها تثنيها عن ذلك، لكن يبدو أن الرجال فعلوها أخيرا والردع النووي قد تحقّق، فالبرنامج اكتمل ورسالة رئيس الوزراء قد وصلت فعلا، كل كلمة قالها كان يعنيها، لا شيء سيثني باكستان عن امتلاك سلاح نووي.
أما بالعودة للحديث عن البطل القومي عبد القدير خان الذي قام عليه المشروع، فقد وُضع لاحقا تحت الإقامة الجبرية بعد اتهامه بتهريب تكنولوجيا نووية إلى دول أخرى ككوريا الشمالية وإيران وليبيا، ومع ذلك بقي في أعين شعبه "أبو القنبلة الإسلامية".
قصة المشروع النووي في دولة باكستان تظهر مدى حجم التأثير حين تجتمع الإرادة والعزيمة السياسية مع إرادة الشعب، ومدى أهمية العقول العلمية وحب الوطن الخالص الذي يمكن أن يغير موازين القوى بشكل كامل وإحداث المعجزات!