شاهر أحمد عمير

يحتفل المسلمون في جميع أنحاء العالم بذكرى مولد النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلا أن الشعب اليمني يتميز بأنه الأكثر فرحًا وحماسًا في إحياء هذه الذكرى العظيمة، يتجدد في اليمن حب الرسول كُـلّ عام، حَيثُ تتزين المدن وتُرفع الشعارات وتُقام الفعاليات التي تعبر عن ارتباط اليمنيين العميق برسول الله ورسالته.

هذه المناسبة ليست مُجَـرّد احتفال عابر، بل هي فرصة يتطلع من خلالها الشعب اليمني إلى استلهام القيم النبيلة التي جاء بها الرسول الأعظم، خَاصَّة في ظل التحديات التي تواجهها الأُمَّــة الإسلامية اليوم، وعلى رأسها قضية فلسطين.

إن ذكرى المولد النبوي ليست مُجَـرّد مناسبة دينية، بل هي لحظة تتجلى فيها معاني العدل والرحمة والجهاد في سبيل الله، وهي القيم التي جسدها الرسول في حياته وحملها كرسالة عالمية، وفي الوقت الذي يعاني فيه الشعب الفلسطيني من الظلم والاحتلال الإسرائيلي، تتعزز في نفوس المسلمين –وخَاصَّة اليمنيين– مشاعر التضامن والوقوف إلى جانب الحق، مستلهمين من سيرة النبي محمد كيفية مواجهة الظلم ومناصرة المستضعفين.

لم يكن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) مُجَـرّد قائد عسكري أَو زعيم سياسي، بل كان رمزًا للنضال؛ مِن أجلِ الحق والعدالة، مدافعًا عن الفقراء والمظلومين، وخاض العديد من المعارك ليس طمعًا في السلطة أَو الجاه، بل لتأسيس نظام قائم على الإيمان والقيم الإنسانية.

واليوم، بينما تعاني فلسطين من احتلال طويل الأمد وعدوان مُستمرّ، يصبح الاحتفال بمولد النبي فرصة لتذكر تلك القيم السامية، وللتفكير في كيفية مواصلة مسيرته في نصرة المظلومين والوقوف في وجه الطغاة.

إن الاحتفاء بذكرى المولد النبوي يعزز فينا روح الإيمان ويربطنا بالرسول الكريم كقُدوة ومثل أعلى، ولكن لا يقتصر هذا الربط على مظاهر الاحتفال الخارجية، بل هو تعبير عن إيماننا العميق بأن رسالة النبي مُستمرّة في حياتنا اليومية وفي مواقفنا السياسية والاجتماعية، وما يجري اليوم في فلسطين يتطلب منا استحضار قيم النبي في التضامن والوقوف مع الحق.

إذَا كنا نحتفل بذكرى مولده، ألا يحق لنا أن نعبّر عن شكرنا وامتناننا لله عبر دعم المستضعفين ونصرة الحق في كُـلّ مكان؟ وكيف يمكن لنا أن نقتدي برسول الله إن لم نكن جزءًا من هذا الجهاد الأخلاقي؟

لقد ادّعى البعض على مر العصور حب النبي واتخذوا من اسمه شعارًا لهم، لكن سرعان ما فضح الله زيفهم عندما رأيناهم يتبعون أهواء أمريكا و”إسرائيل”، ويفتحون المراقص والكافيهات في أراضٍ يفترض أن تكون مقدسة، هؤلاء الذين يدعون حب النبي كذبًا وزورًا، هم من باعوا القيم الإسلامية الحقيقية، متبعين الغرب الضال والمضل في كُـلّ ما يعاكس تعاليم رسول الله؛ فهل هؤلاء هم من نقتدي بهم؟ أم نقتدي برسول الله الذي جاء ليكون رحمة للعالمين، والذي واجه الكفر والطغيان بكل قوة وثبات؟

وعلى من في قلبه مرض ويعارض الاحتفال بذكرى المولد النبوي أن يراجع نفسه جيِّدًا، وأن يدرك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جاء برسالة عالمية للإسلام والإيمان، وليس لفرقة أَو جماعة بعينها، الاحتفال بذكرى مولده يعبر عن محبتنا له، وتجديد ارتباطنا بسيرته العطرة، ومن يحارب هذا الاحتفال، سواء بدافع العداء لأنصار الله أَو لأسباب أُخرى، فَــإنَّه يحارب أجمل ما في اليمن، وهو حب النبي محمد والارتباط العميق به.

اليمنيون لطالما كانوا معروفين بهذا الارتباط الوثيق بالنبي وبمحبته، وهذا جزء لا يتجزأ من هُــوِيَّتهم.

إن إحياء ذكرى المولد النبوي في ظل الظروف الراهنة هو فرصة للوقوف وقفة تأمل وتفكير في كيفية العودة إلى قيم رسول الله في وقتٍ تزداد فيه التحديات والمصاعب على الأُمَّــة الإسلامية، يجب أن نحتفل بهذه المناسبة بروح من التضامن والتمسك بالحق، وأن نتعلم من سيرة النبي كيف نقاوم الظلم، ونسعى لبناء عالم يسوده العدل والمساواة.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: المولد النبوی النبی م

إقرأ أيضاً:

حث عليها النبي .. أفضل الدعوات لا يعادلها شيء

قال الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم، العميد السابق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط،إن هناك نعمة أفضل وأغلى من الياقوت، وحثنا عليها النبي فى دعاء معين ومخصص لها داوم عليه صباحًا ومساءً.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من دعوة يدعو بها العبد أفضل من: (اللهم إني أسألك المعافاة في الدنيا والآخرة) رواه ابن ماجه، وعند أحمد والترمذي (يا عباس يا عم رسول الله سل الله العافية في الدنيا والآخرة)

فعن ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ قال : ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺪﻉ ﻫﺆﻻء اﻟﺪﻋﻮاﺕ ﺣﻴﻦ ﻳﺼﺒﺢ ﻭﺣﻴﻦ ﻳﻤﺴﻲ: " اﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻲ ﺃﺳﺄﻟﻚ اﻟﻌﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭاﻵﺧﺮﺓ، اﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﻲ ﺃﺳﺄﻟﻚ اﻟﻌﻔﻮ ﻭاﻟﻌﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺩﻳﻨﻲ ﻭﺩﻧﻴﺎﻱ ﻭﺃﻫﻠﻲ ﻭﻣﺎﻟﻲ، اﻟﻠﻬﻢ اﺳﺘﺮ ﻋﻮﺭاﺗﻲ، ﻭﺁﻣﻦ ﺭﻭﻋﺎﺗﻲ، اﻟﻠﻬﻢ اﺣﻔﻈﻨﻲ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ، ﻭﻣﻦ ﺧﻠﻔﻲ، ﻭﻋﻦ ﻳﻤﻴﻨﻲ، ﻭﻋﻦ ﺷﻤﺎﻟﻲ، ﻭﻣﻦ ﻓﻮﻗﻲ، ﻭﺃﻋﻮﺫ ﺑﻌﻈﻤﺘﻚ ﺃﻥ ﺃﻏﺘﺎﻝ ﻣﻦ ﺗﺤﺘﻲ "، ومعنى ( من تحتي ) الخسف كما جاء مفسرا في باقي الرواية، أولا: واظبوا على هذا الدعاء الأخير مرة في الصباح ومرة في المساء على الأقل، ثانيا: واظبوا على الدعاء بالعافية ما استطعتم إلى ذلك سبيلا.

دعاء نهاية العام الهجري .. كلمات تغفر ذنوبك وتدخلك الجنةدعاء استقبال العام الهجري الجديد.. للرزق والتيسيردعاء يحفظ لك النعم

«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ».

 دعاء العافية أغلى من الياقوت

((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ استُرْ عَوْرَاتي، وآمِنْ رَوْعَاتي، اللَّهمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَينِ يَدَيَّ، ومِنْ خَلْفي، وَعن يَميني، وعن شِمالي، ومِن فَوْقِي، وأعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحتي)).

 الفرق بين العفو والعافية

ذكر العلماء أن الفرق بين العافية والمعافاة هو أن الْعَافِيَة أَنْ تَسْلَمَ مِنْ الأَسْقَامِ وَالْبَلايَا وَهِيَ الصِّحَّةُ وَضِدُّ الْمَرَضِ، أما َالْمُعَافَاةُ فهِيَ أَنْ يُعَافِيَك اللَّهُ مِنْ النَّاسِ وَيُعَافِيَهُمْ مِنْك أَيْ يُغْنِيك عَنْهُمْ وَيُغْنِيهِمْ عَنْك وَيَصْرِفَ أَذَاهُمْ عَنْك وَأَذَاك عَنْهُمْ (شرح الترمذي)

وذكر ابن جرير أن العافية في الدارين؛ السلامة من تبعات الذنوب فمن رزق ذلك فقد برئ من المصائب التي هي عقوبات والعلل التي هي كفارات لأن البلاء لأهل الإيمان عقوبة يمحص بها عنهم في الدنيا ليلقوه مطهرين فإذا عوفي من التبعات وسلم من الذنوب الموجبة للعقوبات سلم من الأوجاع التي هي كفارات لأن الكفارة إنما تكون لمكفر اهـ.

طباعة شارك دعاء يحفظ لك النعم دعاء العافية أغلى من الياقوت الفرق بين العفو والعافية

مقالات مشابهة

  • بدء النسخة الرابعة من "ملتقى نور على نور" لتعزيز القيم التربوية في نخل
  • دعاء الاستفتاح في الصلاة.. اعرف ما ورد عنه في السنة النبوية
  • حث عليها النبي .. أفضل الدعوات لا يعادلها شيء
  • يوم الأب .. تعرف على مكانته في الإسلام ومن أين جاءت فكرة الاحتفال
  • الحاج حسن: واجب كل حرٍ في العالم أن يقف مع الحق
  • السيرة النبوية والتأسيس الأخلاقي.. قراءة فلسفية جديدة في شخصية الرسول
  • لماذا حذر النبي من النوم بعد الفجر؟.. لـ9 أسباب فانتبه
  • هل تعيد حرب إيران إحياء سلاح حزب الله؟
  • العام الهجري الجديد .. دعوة للتغيير واليقظة
  • علي جمعة: اصبر على طلب الحق وتمسك به ولو كنت وحدك