عربي21:
2025-07-31@09:31:34 GMT

العرب في مصيدة الانتخابات الأمريكية

تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT

تقوم الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط على ثلاث ركائز: الالتزام المطلق بدعم إسرائيل في كل الظروف والمواقف، والتحالف مع صناعة النفط في الخليج، والعداء المزمن لإيران. أُضيف لهذه العوامل في وقت لاحق غير بعيد موضوع الجماعات الجهادية وانتشارها في المنطقة وزعمها تهديد الوجود الأمريكي. ورغم الاستثمار الكبير، من حيث الموارد والتجنيد والدعاية، لم يرقَ موضوع الإرهاب والجهاديين إلى أن يصبح ركيزة رابعة ثابتة للهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط.



تتداخل هذه الركائز فتعزز إحداهما الأخرى لتُبقي الولايات المتحدة حبيسة مأزق عسكري واستراتيجي دائم في المنطقة بشكل يجعل الوجود الأمريكي فيها عامل توتر وتأزم أكثر منه عامل أمن وطمأنة.

في وقت من الأوقات قد يتراجع حضور إحدى الركائز الثلاث مقارنة بالاثنتين الأخريين، لكن لا يمكن أن يأفل حضور كل الركائز في وقت واحد بحيث يعطي الانطباع بأن الفراغ غالب وبأن الولايات المتحدة باتت غائبة أو بلا تأثير.

حتى مع الانسحاب من العراق في عهد الرئيس باراك أوباما ومن أفغانستان في عهد بايدن، وبينهما سعي ترامب لسحب بلاده من التزاماتها الدولية، القانونية والسياسية، عجزت الولايات المتحدة عن التواري كليا. كل ما حدث كان مجرد إعادة انتشار تكتيكي وظرفي.

تدفع مجمعات الصناعة الحربية الأمريكية السياسيين والمشرِّعين في واشنطن إلى إبقاء جذوة الحضور مشتعلة، ونُذر التوتر قائمة بشكل يجعل الولايات المتحدة ضرورة لا غنى عنها.

هناك طرف آخر لا يقل حرصه على الوجود الأمريكي، ومن ورائه إبقاء جذوة التوتر مشتعلة ونُذر الحرب قائمة، عن حرص مجمعات التصنيع الحربي: إسرائيل واللوبيات الداعمة لها.
تدفع إسرائيل في كثير من الأحيان نحو صراع أمريكي مع إيران بأي شكل من الأشكال
تدفع إسرائيل في كثير من الأحيان نحو صراع أمريكي مع إيران بأي شكل من الأشكال.. سياسي، دبلوماسي، عسكري، استراتيجي، ولو اجتمعت كل هذه الأشكال في وقت واحد سيكون ذلك بمثابة الجائزة الكبرى. أكثر ما تخشاه إسرائيل أنه في غياب عداوة تقترب من المواجهة المسلحة بين الولايات المتحدة وإيران، قد يبدأ الأمريكيون في التساؤل عما إذا كانت بلادهم في حاجة فعلا إلى تحالف مع إسرائيل.

حضر الشرق الأوسط في المناظرة الرئاسية بين المرشحين دونالد ترامب وكمالا هاريس الأسبوع الماضي. لكنه حضور بريكزتين فقط، إسرائيل وإيران وتغييب واضح لركيزة الصناعة النفطية الخليجية. بينما اختفى موضوع الإرهاب والجهاديين تماما، كما كان منتظرا.

لا يعني هذا «التغييب» أيّ تغيير استراتيجي في المقاربة الأمريكية لمنطقة الشرق الأوسط والخليج بعد الانتخابات المقبلة، أيًّا كان الفائز فيها.

بالعكس، ستكون الاستمرارية هي المحرّك الأساسي. لقد حاول الرئيس بايدن البناء على «الاتفاقيات الإبراهيمية» التي ورثها عن سلفه ترامب بجر السعودية إليها، لكنه فشل لأسباب أقوى منه.

وستواصل هاريس المحاولة بكل قواها على الرغم من أن ترامب هو صاحب الاتفاقيات المذكورة. ومن نافلة القول إن ترامب نفسه سيجعل منها ورقته الأساسية في التعاطي مع الشرق الأوسط وأزماته.

طبيعة السياسة الأمريكية، التي منحت بموجبها واشنطن لنفسها صفة شرطي العالم، وتداخل مصالحها في كل زاوية من زوايا الكرة الأرضية، ثم بروز المنافسة الصينية والإزعاج الروسي، كلها عوامل تجعل واشنطن في حاجة للجميع وتستعمل الجميع لخدمة مصالحها.

وعلى الرغم من أن المنطقة مقسَّمة تلقائيا إلى مجموعات أو فضاءات متجانسة إلى حد كبير، إلا أن المخططين في واشنطن متمسكون بالتعامل معها فرادى ووحدات.

ضمن هذا المنطق تعمل واشنطن على الحفاظ على علاقات طيبة مع السعودية بحكم التحالف الاستراتيجي الذي عمره أكثر من سبعة عقود، وبحكم أن المملكة منبع النفط العالمي.

وإذا أُضيف لهذين العاملين موضوع التطبيع المحتمل بين السعودية وإسرائيل، يصبح من ضروب المستحيل تقريبا أن تتخلى واشنطن عن الرياض.

وتحتاج الولايات المتحدة لدولة الإمارات كقوة إقليمية مؤثرة استراتيجيا واقتصاديا تُحقق لها بطرقها الخاصة ما لا تستطيع تحقيقه بالطرق التقليدية. إضافة إلى أن أبوظبي أحد أكبر زبائن السلاح بطموح كبير وموارد هائلة تتفوق بكثير على بقية الزبائن.

وتحتاج الولايات المتحدة للحفاظ على علاقات مع قطر بسبب قاعدة «العديد» العسكرية والحاجة إليها في موضوع الوساطات إقليميا ودوليا.

والحال نفسه يتكرر تقريبا في العلاقة مع عُمان التي تلعب أدوارا دبلوماسية فعَّالة بقدر ما هي هادئة، وتروق لصانع القرار في واشنطن. كما تحتاج الولايات المتحدة لعلاقات قوية مع الأردن رغم صغر حجمه وتأثيره في المنطقة الذي يبدو للبعيد ثانويا، مع مصر هناك حاجة لواشنطن لتأمين علاقات طبيعية في حدها الأدنى لأن العلاقات المصرية الأمريكية تعجز عن أن ترتقي إلى درجة التميّز، وفي الوقت نفسه لا يجب أن تتدهور أو تنقطع.

رغم أن انتخابات 2024 ستجري في سياق شرق أوسطي مختلف تماما عنوانه حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على سكان غزة، واحتمالات اشتعال المنطقة برمتها، كانت المناظرة بين ترامب وهاريس فرصة للمرشحَين لتأكيد تشابه سياساتهما (وسياسات جميع المرشحين، سابقا ولاحقا) بشكل كبير عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط وإسرائيل والحاجة الملحة للحفاظ على الوضع القائم.

كرَّست المناظرة الأخيرة المعروف في المقاربة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط. كل ما يستطيعه بعض المرشحين، وفي حالات محددة، طرح سردية تعطي الانطباع بالتمرد عن المألوف، ثم تتوقف عند سقف معيّن. النموذج عن ذلك في انتخابات 2024 المرشحة كمالا هاريس وحديثها عن معاناة المدنيين في غزة وضرورة أن تتوقف الحرب فورا.

هذا أقصى ما تستطيعه. وقبلها باراك أوباما وبدرجة أقل بيل كلينتون. لكن بعد الكلام نصف المعسول تتواصل شحنات السلاح لإسرائيل من قنابل خارقة للتحصينات وصواريخ موجهة وغير ذلك. وتتواصل المساعدة الاستخبارية التي تجعل الولايات المتحدة شريكة رئيسية في حرب الإبادة على غزة.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الولايات المتحدة ترامب هاريس غزة الولايات المتحدة غزة الإنتخابات الأمريكية ترامب هاريس مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك صحافة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الشرق الأوسط فی وقت

إقرأ أيضاً:

الأسباب مجهولة .. إلغاء اجتماع “الرباعية الدولية” بشأن السودان

وكالات- متابعات تاق برس- أكدت مصادر موثوقة بوزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»، إلغاء اجتماع اللجنة الرباعية بشأن السودان، الذي كان من المقرر أن يستضيفه وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، مع وزراء خارجية المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة، الأربعاء 30 يوليو (تموز)، دون تحديد الأسباب أو موعد جديد للاجتماع مما أثار التساؤلات حول أسباب الإلغاء.

 

ولم تعلن مصادر «الخارجية الأميركية» الأسباب التي دفعتها لإلغاء الاجتماع، رغم التحضيرات المكثفة التي جرت خلال الأسابيع الماضية ومستوى التنسيق الإقليمي الذي تم، وتحضير البيان المشترك الذي كان مُعدّاً بشكل مسبق.

من جانبه أشار السفير المصري في واشنطن، معتز زهران، إلى احتمال تأجيل المؤتمر إلى سبتمبر (أيلول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» اهتمام «الرباعية» بمتابعة الضغوط الدولية للتوصُّل إلى تسوية للأزمة في السودان.

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد وضعت أهدافاً محددة من هذا الاجتماع، بإطلاق حوار سياسي شامل بين طرفَي النزاع، ووقف التدخل الخارجي، والتأكيد على وحدة السودان وسيادته، والخروج ببيان مشترك يطالب بإنهاء الأعمال العدائية، وإطلاق مبادرات سياسية لتعزيز وصول المساعدات الإنسانية.

 

وكانت هناك شكوك في جدوى الاجتماع وقدرته على اتخاذ خطوات حاسمة لتحقيق وقف إطلاق النار، وحماية المدنيين، قد انتشرت بشكل موسَّع بين النشطاء السودانيين، خصوصاً في ظل استبعاد مشاركة طرفَي الصراع من الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع».

ويتحدث مراقبون عن وجود اختلافات في الرؤى بين المشاركين في هذا الاجتماع. وقالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو كان يرغب في توسيع المشارَكة الإقليمية والدولية، بإضافة قطر والمملكة المتحدة ودول من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي؛ لتكثيف الضغوط الدولية لإيجاد حلول للوضع في السودان، بينما كانت رؤية مسعد بولس، المستشار الرئاسي الذي يقوم بمشاورات بين طرفَي النزاع، أن يقتصر الاجتماع فقط على الرباعية، التي تضم السعودية والإمارات والولايات المتحدة ومصر.

 

المصدر: الشرق الأوسط

اجتماع الرباعية الدوليةالرباعية الدولية بشأن السودانالسودان

مقالات مشابهة

  • فورين أفيرز: كيف يفسد نتنياهو فرصة ترامب للسلام؟
  • من بينها التعويض..إيران تضع شرطين لاستئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة
  • واشنطن تقود الإرهاب في الشرق
  • أمواج تسونامي تبدأ بضرب سواحل الولايات المتحدة الأمريكية
  • جريج جوتفيلد: وسائل الإعلام الأمريكية ضخمت مؤامرة انتخابات الرئاسة وعليها الاعتذار لبوتين
  • روسيا: السلام في الشرق الأوسط لن يتحقق دون إقامة دولة فلسطينية
  • الأسباب مجهولة .. إلغاء اجتماع “الرباعية الدولية” بشأن السودان
  • جوتيرش: سلام الشرق الأوسط يتحقق بحل الدولتين
  • وزارة الخارجية الأمريكية: واشنطن ترفض مؤتمر حل الدولتين
  • إسرائيل في فخ غزة: هل وقعت تل أبيب في مصيدة الاستنزاف السياسي والعسكري؟