هل بات خطر تقسيم السودان وشيكاً ؟
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
أ. بابكر فيصل
رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي
16 سبتمبر 2024
منذ اليوم الأول لإندلاع حرب الخامس عشر من أبريل, ظلت القوى المدنية (الحرية والتغيير على وجه الخصوص) تُحِّذر من أن إستمرار الحرب سيؤدي إلى نتائج كارثية ، وسيضاعف من مخاطر تفتيت وحدة البلاد, وأن الدعوة الساذجة لإستمرار الحرب بحُجة حماية مؤسسات الدولة ستؤدي إلى ضياع الدولة نفسها.
وبعد أن فشلت خطتها الرامية لحسم الحرب في ساعات محدودة، بات رهان الحركة الإسلامية وحزبها (المؤتمر الوطني) على العودة للسلطة والحكم مرتبطاً بإحكام سيطرتها على ولايات بعينها عن طريق الجيش والأمن والكتائب، وعبر التمسك (بشرعية) حكومة إنقلاب 25 أكتوبر 2021 في التعامل مع المجتمع الدولي.
ومع دخول الحرب شهرها السابع عشر وفقدان الجيش لمساحات واسعة من الأرض، أضحت قضية تكريس شرعية الحكم تمثل الهاجس الأكبر لقيادة الحركة الإسلامية ونواتها الصلبة في الأجهزة العسكرية والأمنية، وفي حسبانها أن أكبر مصدر لهذه الشرعية يتمثل في تشكيل حكومة تمارس صلاحياتها في ولايات محدودة (6 ولايات من مجموع 18 ولاية) دون إكتراث للنتائج الوخيمة المترتبة على مثل هذا التوجه.
ضاعفت الحركة الإسلامية وحزبها الضغوط على قيادة الجيش لفترة طويلة من أجل تشكيل الحكومة، وعلى الرغم من معارضة بعض حلفاء الجيش في الحرب للخطوة، إلا أن قائد الجيش أعلن في مؤتمر صحفي عقده في 24 أغسطس الماضي إنه يجري العمل على تشكيل حكومة (معنية بشكل مباشر بتحسين الظروف المعيشية والاقتصادية).
وبعد مرور حوالى شهر من حديث قائد الجيش لم تتشكل الحكومة وواصل المؤتمر الوطني خطته الرامية للضغط عليه لتشكيل الحكومة وقال في بيان صادر في 15 سبتمبر الجاري :
(ويُكرِّرُ المؤتمرُ الوطنيُّ مطالبتَه لرئيس مجلس السيادة الانتقالي، وللقوى السياسية الداعمة لمعركة العزة والكرامة؛ للإسراع في تشكيلِ حكومةٍ انتقاليةٍ من كفاءات مهنيةٍ غيرِ حزبيةٍ، تُحظى بدعم القوى السياسية والمقاومة الشعبية، لمخاطبة هموم المواطنين في دعم `المجهود الحربي والاقتصاد والتعليم كأولويةٍ عاجلةٍ، والخدمات الأخرى والنزوح واللجوء، وضبط الأداء التنفيذي بالمركز والولايات).
يُدرك المؤتمر الوطني أن خطوة إعلان الحكومة ستُقابل بإعلان حكومة أخرى من قبل قوات الدعم السريع في إطار الصراع والتنافس حول "الشرعية" بين الطرفين المتقاتلين، وهو الأمر الذي سيعني دخول البلد مباشرة في خطة التقسيم والتفتيت التي لا شك ستجد من الأطراف الإقليمية والدولية من يدعمها لتحقيق مآربه وأطماعه الخاصة.
درس التاريخ يعلمنا أن الحركة الإسلامية لا تتورع عن تقسيم البلد وتفتيت وحدتها في مقابل البقاء في السلطة، وليس أدل على ذلك من تجربة إنفصال جنوب السودان، وخططها المبثوثة منذ "مثلث حمدي" !
خلاصة القول : إنَّ إطالة أمد الحرب، وفضلاً عن الدمار المادي الكبير وفقدان الأرواح وعذابات النزوح، سيقود إلى ضياع البلد نفسه بعكس ما يُروج له دعاة الحفاظ على مؤسسات الدولة، ذلك لأن الصراع والتنافس على "الشرعية" لا شك سيدفع لإتخاذ خطوات من شأنها تهديد وحدة البلد بشكل جدي وهو الأمر الذي ترمي إليه الحركة الإسلامية.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحرکة الإسلامیة
إقرأ أيضاً:
تصاعد الغضب الشعبي في إسرائيل.. تظاهرات وإدانات ضد حكومة نتنياهو
في تصاعد لافت للاحتجاجات ضد حكومة بنيامين نتنياهو، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن متظاهرين أغلقوا شوارع رئيسية في وسط تل أبيب، ضمن موجة مستمرة من الغضب الشعبي حيال السياسات الحكومية، خاصة المتعلقة بالحرب على قطاع غزة، والتي دخلت يومها الـ 672.
وفي مشهد درامي، خرجت عائلات الأسرى الإسرائيليين لتعبر عن سخطها الشديد، ووصفت حكومة نتنياهو بأنها "حكومة موت"، وأكدت العائلات أنها ستلاحق نتنياهو "في كل مكان" إذا ما قررت حكومته مواصلة الحرب واحتلال أجزاء من قطاع غزة، محملة إياه المسؤولية الكاملة عن الإخفاقات التي وقعت.
وفي السياق نفسه، شهدت مدينة تل أبيب تظاهرة أمام السفارة الأمريكية، شارك فيها نشطاء من حركة "إخوة وأخوات في السلاح" إلى جانب مجموعات مدنية أخرى.
وجاءت التظاهرة تحت شعار: "ترامب - كن بالغا مسؤولا وأوقف الحرب"، ورفع المتظاهرون مطالب واضحة بإعادة الرهائن وإنهاء الحرب التي دخلت عامها الثاني، وتسببت حتى الآن في سقوط آلاف القتلى والجرحى من الجانبين.
وعلى الصعيد السياسي، فجر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش مفاجأة من العيار الثقيل مساء السبت، حين أعلن في تسجيل مصور نشره عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا) عن فقدانه الثقة في رئيس الوزراء نتنياهو، متهما إياه بالفشل في تحقيق النصر في غزة رغم مرور 22 شهرا على اندلاع الحرب.
وقال سموتريتش في رسالته المصورة: "دفعنا أثمانا باهظة، لكننا حققنا إنجازات مهمة على جميع الجبهات. في غزة، ألحقنا ضررا كبيرا بحماس، وقضينا على معظم قادتها، لكن الحرب لم تنته، وأهدافها لم تحقق".
وأوضح أنه كان يعمل منذ أسابيع مع نتنياهو على تنفيذ "خطة دراماتيكية" تجمع بين الحسم العسكري السريع وخطوة سياسية كبيرة تهدف إلى ضرب قدرات حماس بشكل نهائي، وإجبارها على إطلاق سراح الرهائن، ما من شأنه رفع معنويات الإسرائيليين.
لكن الوزير اتهم نتنياهو بالتراجع المفاجئ عن دعمه للخطة، قائلا: "للأسف، اختار رئيس الوزراء الاستسلام للعاطفة بدلا من العقل، وقرر العودة إلى نفس السياسات الفاشلة، عبر إطلاق عملية عسكرية لا تهدف إلى الحسم، بل فقط إلى الضغط الجزئي على حماس من أجل صفقة رهائن، ثم التوقف والانسحاب مرة أخرى، ما يتيح لحماس إعادة بناء نفسها".
والجدير بالذكر، أن تصريحات سموتريتش تعكس حجم الانقسام داخل الحكومة الإسرائيلية، وتشير إلى تآكل الثقة حتى بين الحلفاء، في وقت تواجه فيه البلاد واحدة من أعقد أزماتها السياسية والعسكرية منذ عقود.