زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، الاثنين المقبل، ستكون علامة مضيئة في مسار العلاقات الوثيقة بين البلدين لأكثر من خمسين عاماً، وستؤسس لمرحلة مزدهرة تستثمر كل ما تحقق من شراكة إيجابية في الماضي لتبني عليها آفاقاً أوسع للتعاون الوثيق في المستقبل.
من المؤكد أن هذه الزيارات المباركة تسهم في تعزيز مكانة الإمارات ورفعة شأنها بين الأمم والشعوب، كما تؤكد الحظوة والتقدير والاحترام لمقام رئيس الدولة ولتاريخ الإمارات الحافل بالعلاقات الطيبة مع مختلف الدول في شتى أنحاء العالم، وتشهد على ذلك معاهدات واتفاقيات ومؤشرات اقتصادية تنمو من فصل إلى فصل ومن عام إلى آخر، كما هو الحال مع الولايات المتحدة.
لقاءات صاحب السمو رئيس الدولة مع الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس وكبار المسؤولين الأمريكيين، ستتطرق إلى كل مستويات العلاقة بين البلدين، وتشمل مجالات التجارة والاستثمار والأمن، وستبحث فرص التعاون في العلوم والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي واستكشاف الفضاء حيث المستقبل الذي تعد وتخطط له دولة الإمارات لتحقيق الازدهار والنمو والتقدم لشعبها ووطنها، وللمنطقة برمتها.
من المؤكد أيضاً أن القضايا الدولية الراهنة، ومنها القضية الفلسطينية والحرب على غزة وجهود خفض التصعيد في المنطقة، والأزمات الإنسانية ومكافحة الفقر والأمراض، ومواجهة تداعيات المناخ، لن تغيب عن المحادثات بين الجانبين، فهذه القضايا تستدعي حلولاً عاجلة، ويشغل كل منها جانباً من العمل الدبلوماسي والإنساني للإمارات والولايات المتحدة، وسيعود تطابق وجهات النظر بينهما بفوائد كبيرة على جهود إحلال السلام والاستقرار الدوليين.
الإمارات قوة إقليمية رائدة ولها سجل حافل بالإنجازات التنموية والاستثمارية، وتمتلك تجارب ووساطات إيجابية في حل الصراعات والخلافات اعتماداً على علاقاتها الوثيقة مع القوى الدولية الفاعلة وعلى رأسها الولايات المتحدة، . ولأن عالم اليوم يرزح تحت أزمات وتحديات جسيمة، فإن تكثيف العمل المتعدد الأطراف، الذي تؤمن به الإمارات، سيجد حيزاً في لقاءات صاحب السمو رئيس الدولة مع بايدن والمسؤولين الأمريكيين، والغاية السامية من ذلك ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار وتلبية تطلعات الشعوب كافة في الحياة الكريمة والتنمية والازدهار.
لا شك أن الحرب الإسرائيلية على غزة وجهود خفض التصعيد في المنطقة ستفرض نفسها على المحادثات الإماراتية الأمريكية، وستدفع اللقاءات الثنائية نحو التهدئة واعتماد الحوار والمفاوضات سبيلاً لإنهاء التوتر، لاسيما أن البلدين تجمعهما رؤية مشتركة لإحلال الاستقرار في الشرق الأوسط، وهو ما تشدد عليه الإمارات في كل مواقفها وبياناتها، وتجدد التأكيد عليه في كل مناسبة.
هناك تاريخ طويل يجمع الإمارات والولايات المتحدة، وبعد هذه الزيارة التاريخية لصاحب السمو رئيس الدولة، سيبدأ البلدان الصديقان مرحلة جديدة لاستكشاف الفرص والإمكانيات لتزداد هذه العلاقة رسوخاً وتعود بالنفع على الشعبين وتكون رافداً قوياً للتنمية والاستقرار في منطقتنا والعالم.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الإمارات غزة وإسرائيل الانتخابات الأمريكية رئیس الدولة
إقرأ أيضاً:
إيران تشكك في اتفاق غزة وتتهم واشنطن بالانحياز لـإسرائيل
تأخّر الموقف الإيراني الرسمي من اتفاق وقف إطلاق النار الذي وُقع في شرم الشيخ، بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وحركة "حماس" نحو 12 ساعة بعد إعلان الاتفاق، في وقت سارعت فيه معظم دول العالم والمنظمات الدولية إلى الترحيب به، ما أثار استغراب المراقبين وأطلق تحليلات متعدّدة حول أسباب هذا التأخير.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" أنّ: "وزارة الخارجية الإيرانية، قد أصدرت بيانا، بعد مرور نصف يوم على توقيع الاتفاق، أكدت فيه أنّ الجمهورية الإسلامية كانت داعمة للمقاومة الفلسطينية "المشروعة" خلال العامين الماضيين، وأنها استخدمت كل إمكانياتها الدبلوماسية على المستويين الإقليمي والدولي، من خلال منظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة، للضغط على دولة الاحتلال وداعميها من أجل وقف ما وصفته بـ"الإبادة الجماعية" وطرد المحتلين من غزة".
وجاء في البيان أنّ: طهران "تحيي ذكرى شهداء المقاومة"، وتدعو المجتمع الدولي إلى ضمان التزام دولة الاحتلال الإسرائيلي ببنود الاتفاق، محذّرة جميع الأطراف من "خداع ونقض العهد" من قبل تل أبيب، كما طالبت بتحقيق العدالة عبر تحديد ومحاكمة المسؤولين عن "جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية" في قطاع غزة.
ولم يصدر أي تعليق رسمي آخر من كبار المسؤولين الإيرانيين بشأن الاتفاق، غير أن وسائل الإعلام المقربة من الحكومة قلّلت من دور الولايات المتحدة في التوصل إليه، وشكّكت في إمكانية استمراره. وربط محللون هذا الموقف الحذر بتصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي قال في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، إنّ: "الهدنة كانت ثمرة "جهود دبلوماسية أميركية"، مشيرا إلى أنّ: "الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية ساهم في تسريع التوصّل إلى الاتفاق".
وقالت صحيفة "كيهان" المقربة من التيار المحافظ إنّ: "تصريحات ترامب تربط الهدنة بـ"السلام في الشرق الأوسط"، وهو ما يتعارض مع موقف إيران التي تعتبر واشنطن شريكة في "جرائم إسرائيل" في غزة، وترى أن وساطتها: غير محايدة".
أما القنوات التلفزيونية الحكومية الإيرانية، فقد تجنبت الإشارة إلى أدوار الولايات المتحدة أو مصر أو تركيا أو قطر في التوصل إلى الاتفاق، ووصفت الهدنة بأنها "انتصار لحركة حماس والمقاومة الإسلامية"، معتبرة دولة الاحتلال الإسرائيلي، الطرف الخاسر في الحرب المستمرة منذ عامين.
وفي السياق نفسه، أكد محللون في برامج هذه القنوات أنّ: دولة الاحتلال الإسرائيلي قد فشلت في تحقيق أهدافها، واضطرت، بوساطة أمريكية، إلى قبول وقف إطلاق النار.
من جانبها، عبّرت وكالة "تسنيم" المرتبطة بالحرس الثوري عن تشككها في الاتفاق، مرجحة أن تقوم دولة الاحتلال الإسرائيلي بنقضه لاحقا. وذكرت الوكالة أنّ: "قبول إسرائيل للاتفاق لم يكن نتيجة ضغط سياسي أمريكي أو احتجاجات غربية، بل بسبب خلافات داخلية بين الحكومة والجيش حول استمرار الوجود العسكري في غزة".
أيضا، أوضحت أنّ: "الجيش رأى استحالة مواصلة العمليات، بينما أصرّت الحكومة على البقاء. وأضافت "تسنيم" أن ترامب استغل هذا الخلاف لصالح الجيش ليظهر بمظهر: رجل السلام الساعي لجائزة نوبل".
إلى ذلك، نشرت وكالة "إرنا" وموقع "مشرق" التابع للحرس الثوري تحليلات حول غياب جدول زمني واضح لانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من غزة، معتبرين أنّ: "انسحابا كاملا ومفاجئا بعد عامين من الحرب أمر غير مرجح، لأنه سيُنظر إليه كهزيمة لإسرائيل أمام الرأي العام المحلي والدولي".
وفي مواقع التواصل الاجتماعي، أثار شكر حركة "حماس" للولايات المتحدة في بيانها الختامي، دون الإشارة إلى دعم إيران، ردود فعل غاضبة بين بعض الإيرانيين الذين اعتبروا ذلك "نكرانا للجميل".
وكتب الصحافي الإيراني المتخصص في الشأن الفلسطيني، أحمد زيد آبادي، أنّ: "طهران لا يمكنها معارضة الاتفاق علنا"، لكنها ستتعامل معه "بحذر"، معتبرا أنه قد يشكل فرصة لتحسين العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، شريطة ألا تبحث طهران عن "صراع جديد مع الغرب بدلا من القضية الفلسطينية".
وفي المقابل، قالت الصحافية الإيرانية نفيـسة كوهـنورد، مراسلة "بي بي سي" الفارسية، إنّ: "الاتفاق ربما جاء مقابل "تنازل كبير" لإسرائيل، قد يرتبط بتصعيد التهديدات ضد إيران".
وبحسب محللين نقلتهم وسائل إعلام إيرانية، فإنّ: "الجمهورية الإسلامية ستواصل التعامل بحذر مع الهدنة لتجنب الظهور بموقف مناهض لتطلعات الشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي، مع الاستمرار في التشكيك بالوساطة الأمريكية، تحسبا لأي خرق إسرائيلي يمكن أن تستخدمه طهران لتأكيد صحة موقفها."