ضاعفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، في الآونة الأخيرة، عبر رقابتها العسكرية على المستوطنين ووسائل الإعلام، قيود نشر أو توثيق عن أماكن ضربات حزب الله والأضرار الناتجة عنها، ما يظهر مدى قلقها من تداعيات هذه الصور على الرأي العام الداخلي والخارجي.

ما يثير التساؤلات هنا هو لماذا تتخذ “إسرائيل” مثل هذا الإجراء؟ وما الذي تحاول إخفاءه عن مواطنيها وعن العالم؟
إن منع التصوير ليس إلا محاولة للتغطية على حجم الدمار الذي تتسبب بها هجمات حزب الله، فعندما يعلن الحزب عن استهداف مواقع استراتيجية، ويرافق ذلك تعتيم إعلامي من جانب الاحتلال، فهذا مؤشر ودليل على أن الهجمات حققت نتائج بالغة التأثير تتجاوز ما ترغب “إسرائيل” الاعتراف به دون الإضرار بها داخليا وخارجيا.

يوم الاربعين

أبرز الأمثلة القريبة على ذلك هو عملية “يوم الأربعين” التي نفذها حزب الله، باستهدافه لقاعدة “غليلوت”، ومقر الوحدة “8200” الشهيرة التي تعتبر أحد أعمدة التجسس الإسرائيلي.

حيث ضرب الاحتلال بعد العملية طوقًا أمنيًا مشددًا حول القاعدة، بعمق عدة كيلومترات.

واستمر هذا الطوق الأمني المشدد ساعات، ومُنع العسكريون والمدنيون، على حد سواء، من الاقتراب من القاعدة أو دخولها، خشية توثيق الأضرار التي نجمت عن العملية.

تعتيم اعلامي

ورغم التعتيم الإعلامي الكبير من الاحتلال حول حجم الأضرار والإصابات التي لحقت بالوحدة والدفع بوسائل إعلامه (عبرية وعربية) للتقليل من حجم الضربة وتأثيرها، إلا أن مصادر أوروبية كشفت لقناة “الميادين” لاحقًا أن العملية حققت إصابات بالغة في الوحدة 8200، وسقط منها 22 قتيلا و 74 جريحا، وأكد هذه المعلومات أيضا الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله، ما دفع قائد الوحدة -فيما بعد- لتقديم استقالته على خلفية الضربة.

عملية غليلوت

عملية “غليلوت” تعكس نموذجا لنجاح حزب الله في توجيه ضربات مؤثرة إلى مراكز حساسة في عمق كيان الاحتلال، وهو نجاح أجبره على فرض قيود مشددة على التصوير والتغطية الإعلامية؛ لأن إظهار تلك الأضرار يفتح بابا لانتقادات داخلية ودولية على سياساتها، ويثبت أن منظوماته الدفاعية ليست منيعة حسب مزاعمه.

هذه ليست المرة الأولى التي تخفي فيها “إسرائيل” نتائج الاستهدافات التي طالتها، فالتاريخ مليء بحوادث مشابهة، لم تظهر حقائقها إلا بعد سنوات من وقوعها.

ففي حرب تموز عام 2006، كانت تُخفى نتائج استهداف بعض المواقع العسكرية التي استهدفها حزب عن الإعلام لأشهر، بل وحتى سنوات، لتظهر فيما بعد على شكل تقارير وتحقيقات دولية تفيد بحدوث خسائر جسيمة.

سياسة تثبيط

تستخدم “إسرائيل” هذه السياسة لتثبيط معنويات المقاومة من جهة، وللحفاظ على ما تبقى من معنويات لدى المستوطنين، خصوصا في مواجهة ضربات دقيقة تستهدف مواقع حساسة، مثلما حدث مع قاعدة “غليلوت” ووحدة “8200”، وما تلاها من ضربات اليوم وأمس.

في مقابل ذلك، هناك حالة من الانفلات لدى بعض الأخوة المواطنين في لبنان في التعاطي مع هذه المسألة، من خلال تصوير الأضرار التي يخلفها العدوان الإسرائيلي في لبنان وقت القصف وما بعده ونشر هذه المواد على وسائل التواصل دون اكتراث لما قد تحويه من معلومات حساسة لا ينبغي ظهورها للعلن.

تفاصيل حساسة

فعلى الرغم من أن الهدف (على افتراض حسن النية) من نشر مثل هذه الصور والفيديوهات قد يكون لإظهار وحشية الاحتلال وجرائمه، إلا أنها يمكن أن تخدم العدو بشكل مباشر؛ فالصور والمقاطع والمعلومات التي تُنشر قد تكشف تفاصيل حساسة عن مواقع المقاومة وطبيعة الهجمات التي تعرضت لها، ما يسمح للكيان بتحليل البيانات المنشورة في ما يخدمه في توجيه ضرباته في ما بعد.

ومن خلال هذه المواد المنشورة، يستطيع العدو رصد البنية التحتية للمقاومة وتحليل أماكن تواجد المجاهدين ومواقعهم وحتى الكشف عن هوياتهم كما حدث في جريمة تفجير أجهزة البيجر واللاسلكي، ما يساعده في تجميع بنك أهداف لضرب المقاومة وكوادرها.

حذر شديد

وعليه، يفترض على الأخوة هناك توخي الحذر الشديد، وعدم الانجرار خلف السبق -الذي لا يغني من لايك ولا يسمن من ريتويت- بنشر صور الأضرار الناتجة عن غارات العدو؛ لأن ذلك قد يشكل تهديدًا مباشرًا على أمن المجاهدين وعلى المقاومة بشكل عام، ويفترض الالتزام بما تنشره الجهات المعنية، وهي حريصة كل الحرص على إظهار معالم وتفاصيل الجريمة دون تخليف أي ضرر عرضي كما هو الحال مع ما ينشره أصحاب السبق.

في زمن الحرب الحديثة، لا تقل المعلومات والاستخبارات أهمية عن السلاح في ساحات المعارك، ومن هنا تأتي ضرورة الحذر في التعامل مع ما يُنشر على وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي، لضمان حماية المجاهدين واستمرار قوة المقاومة في تحقيق أهدافها.

عبدالحميد شروان

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: حزب الله ما بعد

إقرأ أيضاً:

إيران: نجاح تدمير مقاتلة "إف- 35" إسرائيلية في مدينة تبريز

 

الرؤية- غرفة الأخبار

أعلنت القوات المسلحة الإيرانية أن دفاعاتها الجوية نجحت في إسقاط مقاتلة من طراز "إف-35" في مدينة تبريز شمال غربي إيران.

وقصفت صواريخ إيرانية تل أبيب ومدينة حيفا الساحلية في إسرائيل اليوم الاثنين مما أسفر عن مقتل 8 على الأقل وتدمير منازل، مما دفع وزير الدفاع الإسرائيلي لتوعد سكان طهران "بدفع الثمن قريبا".

وقالت إيران إن البرلمان يعد مشروع قانون للانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، مضيفة أنها لا تزال تعارض تطوير أسلحة الدمار الشامل. وقد يستغرق التصديق على مشروع القانون عدة أسابيع.

وقالت السلطات الإسرائيلية إن سبعة من بين أقل من مئة صاروخ أطلقتها إيران ليلا سقطت في إسرائيل. وزعم متحدث عسكري إن إسرائيل دمرت أكثر من ثلث منصات إيران لإطلاق صواريخ سطح-سطح.

وأصيب أيضا ما لا يقل عن 100 في القصف الإيراني لإسرائيل خلال الليل، وهو جزء من موجة من الهجمات التي شنتها طهران ردا على ضربات بدأتها إسرائيل واستهدفت برنامج إيران النووي وبرنامجها للصواريخ الباليستية.

وقالت إيران إن عشرات من المخربين و"الجواسيس" المرتبطين بإسرائيل تم اعتقالهم منذ بدأ الصراع يوم الجمعة.

مقالات مشابهة

  • ما الأضرار التي سببتها الضربات الإسرائيلية للبرنامج النووي الإيراني؟
  • وكالة تسنيم الإيرانية تؤكد إسقاط مسيّرة إسرائيلية في شاهرود بمحافظة سمنان
  • أكثر من 50 مقاتلة حربية إسرائيلية نفذت سلسلة ضربات على إيران
  • الحرس الثوري الإيراني يعلن استهداف قواعد جوية إسرائيلية
  • العدو الصهيوني يعترف: تعاملنا مع 14583 حالة ضرر مباشر جراء ضربات إيران
  • ما علاقة القاعدة التي استهدفتها إيران اليوم بأخطر “قضية تجسس” داخل “إسرائيل”؟
  • إيران: نجاح تدمير مقاتلة "إف- 35" إسرائيلية في مدينة تبريز
  • غروسي يكشف عن حجم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية
  • إسرائيل.. السفارة الأمريكية تؤكد تعرضها لقصف إيراني وتكشف حجم الأضرار
  • الجيش الإيراني: نجحنا بضرب أهداف حساسة في إسرائيل