فواكه وخضراوات يجب عدم تقشيرها قبل تناولها
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
على عكس الاعتقادات السائدة، تحتفظ العديد من الفواكه والخضراوات بجزء كبير من فوائدها في قشورها الخارجية. يمكن الاستفادة من هذه الفوائد بشكل أكبر عند تناولها بالطريقة الصحيحة، بما في ذلك بعض الثمار التي يُعتقد عادةً بضرورة تقشيرها مثل البرتقال والليمون والرمان، وكذلك خضراوات مثل الخيار والجزر، وحتى الثوم والبصل.
عند إزالة قشور الفواكه والخضراوات والتخلص منها، قد تفقد جزءًا هامًا من العناصر الغذائية والألياف التي تلعب دورًا أساسيًا في دعم صحة الجسم.
وقد أظهرت دراسة نُشرت بمجلة "كارنت ريسيرش إن فوود ساينس" أن قشور فواكه مثل التفاح والخوخ تحتوي على نسب أعلى من مضادات الأكسدة مقارنةً بلُبّ هذه الفواكه. وفي بعض الأحيان، تبيّن أن قشور بعض الفواكه مثل الرمان تحتوي على كميات مضاعفة من مضادات الأكسدة مقارنة بما يوجد داخل الفاكهة.
وتجدر الإشارة إلى أن الفوائد الصحية المحتملة لتناول القشور تعتبر كبيرة لدرجة أن بعض شركات إنتاج الأغذية تعمل على تعزيز القيمة الغذائية لمنتجاتها المصنعة، مثل الخبز والبسكويت، بإضافة قشور الفواكه والخضراوات.
وأوضح الخبراء أن الفواكه ذات الألوان الداكنة تتمتع بقيمة غذائية كبيرة، حيث تشير تلك الألوان إلى وجود مضادات أكسدة مركزة تلعب دورًا هامًا في حماية الخلايا من التلف الناتج عن الملوثات والأشعة فوق البنفسجية ومصادر أخرى للجزيئات المسماة "الجذور الحرة" التي ترتبط بالإصابة بالأمراض وتسريع عملية الشيخوخة.
ونظرًا لأن قشور الفواكه والخضراوات تشكل الطبقة الحامية للثمرة من التلف والعوامل البيئية الضارة، فإنها تحتوي غالبًا على مركبات مثل المواد الكيميائية النباتية التي تعمل كآليات دفاع طبيعية ضد الشمس والمطر والآفات والحشرات.
وبالتالي، عند تناول القشور بطريقة صحيحة، نستفيد من هذه الآليات الدفاعية مما يدعم صحتنا ويتيح لنا الاستفادة من كافة العناصر الغذائية التي تحتويها الثمار.
فواكه وخضراوات قشورها غنية بالفوائدالتفاح: تحتوي التفاحة المتوسطة على ما يصل إلى 332% نسبة أكبر من فيتامين ك، و142% أكثر من فيتامين أ، و115% أكثر من فيتامين سي، و20% أكثر من الكالسيوم، و19% أكثر من البوتاسيوم مقارنة بالتفاحة المُقشّرة.
البطاطس: بالمثل، يمكن أن تحتوي البطاطس المسلوقة بقشرها على ما يصل إلى 175% أكثر من فيتامين سي، و115% أكثر من البوتاسيوم، و111% أكثر من حمض الفوليك، و110% أكثر من المغنيسيوم والفوسفور مقارنة بالبطاطس المقشرة. كما أن 50% من ألياف البطاطس توجد في القشرة.
الباذنجان: إضافة لغناه بالألياف المغذية، يُعد اللون الأرجواني الداكن لقشر الباذنجان بمثابة إشارة إلى أنه مليء بمضادات الأكسدة المفيدة، وتحديداً مادة ناسونين التي تحمي الأغشية الخلوية بالجسم والدماغ، وتقلل الكوليسترول الضار وتكافح الالتهابات.
الكيوي: تقول ألكسندرا كازاكس مستشارة علوم التغذية وأبحاث الصحة في قسم التغذية بمعهد خبراء تكنولوجيا الأغذية الأميركي: تحتوي قشرة الكيوي على ضعف كمية الألياف الموجودة داخلها، وتحتوي القشرة الرقيقة على حمض الفوليك وفيتامين هـ أكثر من اللحم. لذا يوصي الخبراء بغسل الكيوي وتناوله مثل الخوخ أو تقطيعه بقشرته.
المانغو: قشر المانغو ليس صالحًا للأكل فحسب، بل هو غني بفيتامين سي والكاروتينات والألياف ومضادات الأكسدة الأخرى التي تعمل على خفض مستويات الكوليسترول وتعزيز الإحساس بالشبع لفترة أطول.
الجزر: قد يميل البعض لتقشير هذه النباتات لضمان نظافتها قبل الاستهلاك، ومع ذلك قد يكفي استخدام الماء الجاري والفرك القوي فقط لتنظيفها جيداً. إذ من المستحسن استهلاك قشر الجزر لأن معظم فيتامين سي وفيتامين ب3 الموجودين فيه يتركزان في القشرة والطبقة الموجودة أسفل القشرة مباشرة التي تسمى اللحاء، لذا فإن ترك القشرة يضمن حصولك على أقصى قدر من هذه الفيتامينات الصحية.
الموز: يحتوي الموز على قشر صعب المضغ يمتاز بمذاق مُرّ. ومع ذلك، فإن القشر له بعض الفوائد الصحية الهامة مثل البوتاسيوم ومضادات الأكسدة التي من بينها مركب "اللوتين" المفيد لصحة العينين. كما يحتوي على ما يسمى "التريبتوفان" وهو حمض أميني يساهم في بناء الكتلة العضلية. ولأن القشرة صلبة ومرّة، فيمكن دوماً شواء الموز في الفرن لتحضير معجون الموز بالحلويات، أو تجفيف القشر بعد غسله لتناوله في تحضير المشروبات الساخنة أو العصير.
الرمان: صحيح أن القشر غير صالح للأكل، ولكن القشور تحتوي على مضادات أكسدة قوية تساعد في مكافحة أمراض القلب وتعزيز خفض مستويات الكوليسترول، وتقليل الإجهاد التأكسدي، وتحسين صحة القلب، وتخفيض ضغط الدم. لذلك يمكن دوماً غسله جيداً واستغلاله في تحضير الشاي والمشروبات الساخنة من خلال نقعه بالماء المغلي.
خيارات بديلة للاستفادة من القشوربالرغم مما سبق، هذا لا يعني أنه يجب تناول قشور كل أنواع الفاكهة والخضراوات. وعلى سبيل المثال، ينبغي تجنُّب قشر الشمام والأفوكادو والأناناس والبطيخ والكنتالوب، لأنها غير قابلة للمضغ وقد تسبب مشاكل هضمية.
وبشكل عام، قد يكون من الصعب تناول قشور بعض الفواكه أو الخضراوات لأنها لا تتمتع بالمذاق المحبب لدى الكثيرين. وفي تلك الحالة، من الأفضل عدم تناولها مباشرة، مع التفكير في حلول بديلة للاستفادة منها، مثل تحضير المربّى والحلويات من قشور الفواكه الحمضية كالبرتقال والليمون، والمرق من قشور الخضراوات غير الصالحة للأكل كالبصل والثوم لكونها غنية بمضادات الأكسدة والنكهة القوية. كما يمكن للطهي جيداً أن يساعد في تهيئة القشر للأكل في كثير من الحالات، مثل قشر القرع واليقطين والجزر والبطاطس.
وأخيراً، هناك دوماً خيارات لتحضير السلطات ومشروبات السموذي باستخدام الثمار الكاملة دون تقشيرها لتعزيز القيمة الغذائية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مضادات الأکسدة من فیتامین فیتامین سی أکثر من
إقرأ أيضاً:
تحليل رقصة صواريخ إيران التي أرهقت خورازميات ثاد
في ليلة الـ16 من يونيو/حزيران 2025، لم تكن السماء فوق تل أبيب مسرحا لمعركة تقليدية، بل خشبة رقص قاتلة. صواريخ فرط صوتية انطلقت من عمق إيران، لا تصيح ولا تزمجر، بل تنساب بسرعة تتحدى الإدراك، وتؤدي حركاتها المعقدة بين طبقات الغلاف الجوي كراقص محترف يتفادى كل يد تمتد لإيقافه. أمام هذا الأداء التقني الفائق، بدت خوارزميات "ثاد" -أكثر منظومات الدفاع الأميركية تقدما- كأنها تراقب رقصة لا تفهم خطواتها، ولا تعرف متى ولا أين ستنتهي.
إن ما يجعل تلك الصواريخ ترقص بهذا التمرّد ليس سرعتها الخارقة فحسب، بل قدرتها على كسر كل قواعد الاشتباك المعروفة. فهي لا تتبع مسارا ثابتا، ولا تكتفي بالتحليق بسرعة تفوق 5 أضعاف سرعة الصوت، بل تتحول رؤوسها الحربية إلى أجسام انزلاقية مناورة، تغيّر اتجاهها وارتفاعها كما يشاء مصمّموها، متجنبة أي نقطة اعتراض محتملة. فهذا النمط الجديد من الحركة لا يمنح منظومات مثل "ثاد" سوى ثوانٍ قليلة للتعامل مع تهديد لا يسير وفق منطق الخوارزميات، بل يراوغها كما لو كان يعرف كيف تفكّر.
رقصة الصواريخ الإيرانية التي استطاعت التغلب على خوارزميات "ثاد" لديها خصائص محددة مكنتها من أن تؤدي رقصتها الليلة باقتدار.
إعلان – الرقص في المنطقة العمياءكان من المفترض أن يُغطي رادار "إيه إن/تي بي واي- 2" (AN/TPY-2) التابع لمنظومة "ثاد" السماء كما تغطي العين المدربة ساحة المعركة، بدقة تتجاوز الألف كيلومتر، لكن الرادار الأميركي، رغم قوته، صُمم لينظر إلى الأعلى، لا إلى الزوايا المائلة للغلاف الجوي. والصواريخ الإيرانية لم تأتِ من العلو، بل انزلقت في ارتفاعات ماكرة تتراوح بين 30-50 كيلومترا، وهي المنطقة الرمادية التي تُعرف تقنيا بـ"تحت أفق الكشف" (underflying detection horizon). وهناك، بين صمت الرادار وتأخر القرار، وجدت هذه الصواريخ مساحتها الحرة للرقص بعيدا عن أعين الخوارزميات.
الرادار قد يراك، لكن هل يعرف أين ستذهب؟ هنا يبدأ الرقص الحقيقي. فالصواريخ الفرط صوتية الإيرانية لا تندفع بخط مستقيم وهو ما يفسر الرقصات التي كنا نشاهدها في سماء حيفا وتل أبيب، بل تُراوغ كأنها تدرك مسبقا كيف يفكر النظام المعادي. ففي كل ثانية، تُغير اتجاهها وارتفاعها، مما يُربك خوارزميات التتبع التي صُمّمت أصلا للتعامل مع أهداف تسلك مسارا شبه ثابت.
وتعتمد منظومة "ثاد" على خوارزميات مثل "كالمان فلتر" (Kalman Filter)، التي تحاول باستمرار تقدير موقع الهدف وسرعته عبر سلسلة من الحسابات اللحظية. ومع كل مناورة مفاجئة، تبدأ الخوارزمية بإعادة الحساب. فإذا أضيف إلى ذلك وجود احتماليات متعددة للمسار -كما في خوارزمية (Multi-Hypothesis Tracking)- يصبح النظام منشغلا بمطاردة أشباح الحركة أكثر من الهدف الحقيقي نفسه.
– اللحظة التي تنهار فيها الحساباتالسرعة هنا ليست مجرّد رقم، بل عدوّ زمني للخوارزميات. حين تنطلق الصواريخ الإيرانية بسرعة تتجاوز ماخ 13 (Mach 13) -أي أكثر من 4 كيلومترات في الثانية- تتحول نافذة اتخاذ القرار داخل منظومة "ثاد" إلى لحظات خاطفة، بالكاد تكفي للرصد، فضلا عن التحليل أو إصدار أمر اعتراض.
إعلانخوارزميات مثل "تتبع وأنت تمسح" (Track-While-Scan)، والمخصصة لمتابعة أهداف متعددة لحظيا، تجد نفسها في سباق مع سيل من البيانات المتغيرة، حيث لا يكفي أن ترصد، بل يجب أن تتوقع، وأن تفعل ذلك أسرع من سرعة الحركة نفسها. وفي تلك الثواني القليلة، تتجمّد المنظومة في حالة أشبه بـ"شلل رقمي"، تفقد فيه القدرة على الإمساك بمسار ثابت للهدف، لأن الهدف نفسه لا يملك مسارا واحدا.
وأشار تقرير رسمي صادر عن مكتب تقييم الأداء في وزارة الدفاع الأميركية (DOT&E) في عام 2023 إلى هذا العجز بوضوح، إذ ذكر "تُشكّل الصواريخ الأسرع من الصوت تحديا للجداول الزمنية الحالية لأجهزة الاستشعار والصواريخ الاعتراضية، مما يتطلب إعادة النظر بشكل كامل في تسلسل الاشتباك" .
– الرقص بين الطبقات… حيث لا أحد يرىتُصمم الأنظمة الدفاعية الحديثة على شكل طبقات متداخلة: طبقة عليا تعترض الصواريخ في الفضاء، مثل "إس إم-3" (SM-3)، وطبقة متوسطة مثل "ثاد"، وأخرى منخفضة مثل "باتريوت". ومن الناحية النظرية، يخلق هذا التدرج حزاما متعدد المراحل من الحماية. ولكن عند التطبيق، توجد بين هذه الطبقات فجوات تشغيلية تُعرف في العقيدة الدفاعية بـ"defense layer seams"، وهي مناطق يختلط فيها من يتولى مسؤولية الرصد، ومن يصدر أمر الاعتراض، ومن يمتلك القدرة على التنفيذ.
كما صُمّمت الصواريخ الفرط صوتية الإيرانية لتضرب بدقة داخل هذه المنطقة الرمادية. فهي لا ترتفع كثيرا لتواجه "إس إم-3″، ولا تهبط مبكرا كي تُعالج بفعالية من باتريوت، بل تبقى في النطاق الزمني والمكاني الذي يربك التوزيع الوظيفي بين الأنظمة.
وهذه الفجوات ليست مجرد مساحات خالية في السماء، بل مساحات خالية في القرار، حيث يمر الصاروخ، لا لأنه أسرع فقط، بل لأن الأنظمة تتردّد فيمن يرد أولا.
– سحابة التشويش: عندما تتجاوز الضوضاء سرعة القرارفي ساحة الحرب الحديثة، لم يعد التحدي فقط في اعتراض صاروخ واحد ذكي، بل في التمييز بين الحقيقي والوهمي ضمن عاصفة من الإشارات. هذا ما يُعرف عسكريا باسم "الإغراق الدفاعي" (Saturation Attack)، وهو تكتيك يقوم على إطلاق عدد كبير من الأهداف -صواريخ، طائرات مسيرة، شراك إلكترونية- في وقت متزامن لتجاوز طاقة المعالجة القصوى لمنظومات الدفاع الجوي.
إعلانووفق دراسة لمؤسسة راند (RAND) نشرت عام 2022، فإن الإغراق الدفاعي الفعال لا يكتفي بإرباك الرادار، بل يصيب مركز القرار بالشلل اللحظي، إذ تشير الدراسة إلى أنه "يمكن أن تؤدي هجمات التشبع إلى إرباك ليس فقط أجهزة استشعار الرادار، ولكن أيضا دورات صنع القرار البشرية والخوارزمية التي يجب أن تحدد التهديدات الحقيقية وتعطي الأولوية لها وتتعامل معها".
– الراقص الذي يقرر خطوته القادمة وحدهلم تعد المناورة في الجيل الجديد من الصواريخ الفرط صوتية، مجرد استجابة مُبرمجة مسبقا، بل خيار لحظي يتخذه الرأس الحربي بناء على ما "يراه" في السماء. فبعض التقارير الغربية -منها تقرير لمركز راند حول "الاستقلالية القتالية في الذخائر التفاعلية"- تُشير إلى أن دولا مثل إيران والصين بدأت بتجريب خوارزميات ذكاء اصطناعي داخل أنظمة التوجيه، لاتخاذ قرارات حركة ذاتية في الزمن الحقيقي.
وبهذا المفهوم، لا يعود الرأس الحربي مجرد مقذوف موجه، بل يتحول إلى راقص منفرد على مسرح السماء، يغيّر خطوته مع كل نبضة رادارية، لا لأنه مبرمج على الحركة، بل لأنه أصبح يفهم ما يدور حوله ويتصرّف بناء على ذلك.
عندما تكسر الرقصة التوقعات تكون النهايةما يجعل الصواريخ الفرط صوتية الإيرانية بهذا القدر من الخطورة، ليس امتلاكها لميزة واحدة، بل تراكب 5 طبقات من التهديد: سرعة خارقة، مناورة لحظية، مسارات منخفضة، شراك تشويشية، وخوارزميات ذكاء اصطناعي تجعل من الرأس الحربي كيانا مستقلا في اتخاذ القرار.
فكل واحدة من هذه الطبقات تُربك خوارزميات "ثاد"، لكن اجتماعها معا يجعل من كل محاولة اعتراض، أشبه بمحاولة الإمساك براقص قرر ألا يتبع الموسيقى التي تعرفها.
أمام هذا النوع من التهديد، لا يعود السؤال: "هل يستطيع النظام اعتراض الصاروخ؟"، بل يصبح: "هل يفهم النظام أساسا ما يراه؟".
الخطر الحقيقي لم يعد في الصاروخ، بل في اللحظة التي تصبح فيها الخوارزمية نفسها، هي الطرف الأبطأ في المعركة.
إعلان