اتفق خبيران عسكريان على أن إسرائيل تستهدف بشكل ممنهج قيادات حزب الله وبنيته العسكرية بالضاحية الجنوبية ومناطق نفوذه، كما أشارا إلى أن الحزب يركز على استهداف المواقع العسكرية ولا يسعى لحرب شاملة.

وفي قراءة عسكرية للتصعيد المتواصل بين إسرائيل وحزب الله، يشير الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، إلى وجود نمط واضح في الاستهدافات الإسرائيلية، وقال "إن الهجمات تركزت على منطقة الضاحية الجنوبية في بيروت، وتحديدا في حي القائم، حيث تم استهداف قيادات بارزة في حزب الله".

وأوضح أن هذه المنطقة يفترض أن تعتبر مربعا أمنيا مهما لحزب الله، وذلك لأن معظم عمليات الاغتيال السابقة جرت فيها، مضيفا أن "هذه الاستهدافات تكشف عن ثغرة أمنية خطيرة في صفوف حزب الله".

وأشار إلى سلسلة من محاولات الاغتيال التي طالت قيادات بارزة في الحزب وصولا إلى محاولة اغتيال القائد محمد سرور في القائم، محذرا في الوقت نفسه من أن استمرار هذه العمليات قد يؤدي إلى عزل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله عن قاعدته العسكرية.

تقويض قدرات الحزب

ومن جانبه، يلفت الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا الانتباه إلى أن الاستهدافات الإسرائيلية لا تقتصر على الضاحية الجنوبية فحسب، بل تمتد إلى مناطق أخرى تعتبر مراكز ثقل أساسية لحزب الله.

وأشار إلى عدد من الاستهدافات سبق أن جرت بمناطق في البقاع الأوسط والغربي، وكذلك منطقة الهرمل، التي تعتبر جزءا من العمق الإستراتيجي والبيئة الحاضنة لحزب الله، لافتا إلى أن إسرائيل تسعى بذلك إلى تقويض القدرات العسكرية واللوجستية للحزب باستهداف قادة هذه الوحدات.

وضَرَب حنا مثلا بمنطقة البقاع، التي تعتبر ممرا حيويا لإمدادات الحزب ومعبرا للسلاح القادم من سوريا، كما أن استهداف المناطق القريبة من نهر الليطاني يهدف إلى قطع خطوط الإمداد اللوجستية للحزب.

وفيما يتعلق برد حزب الله، يؤكد كلا الخبيرين أن الحزب يحاول الحفاظ على توازن دقيق في رده، فقد ركز الحزب على استهداف المواقع العسكرية الإسرائيلية، مع تجنب استهداف المدنيين بشكل مباشر، واتفقا على أن هذا النهج يهدف إلى تجنب إعطاء إسرائيل ذريعة لشن حرب برية واسعة النطاق.

ومن بين الأهداف التي استهدفها حزب الله، تبرز القاعدة البحرية في حيفا، والتي تعتبر هدفا عسكريا مهما، كما تم استهداف مواقع عسكرية أخرى في شمال إسرائيل، بما في ذلك مركز القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي.

الاستهداف المتبادل

ويرى الخبيران أن هذا النمط من الاستهدافات المتبادلة قد يستمر لفترة طويلة، مع سعي كل طرف لإنهاك الآخر دون الانزلاق إلى حرب شاملة، فإسرائيل تسعى من خلال حملتها الجوية إلى إضعاف قدرات حزب الله وإجباره على الانسحاب إلى شمال نهر الليطاني، بينما يحاول حزب الله الحفاظ على قدراته الردعية وإثبات قدرته على الرد.

ويشير الدويري إلى أن إسرائيل قد تسعى لإنشاء منطقة عازلة في جنوب لبنان، تمتد لمسافة تتراوح بين 30 كيلومترا وعرض 100 كيلومتر، لافتا إلى أن مثل هذه الخطوة لن تكون نزهة للاحتلال، نظرا لخبرة حزب الله في حرب العصابات والدفاع عن الأرض.

ومع ذلك، فإن هذا الوضع قد يتغير إذا فشلت الحملة الجوية الإسرائيلية في تحقيق أهدافها وفقا للدويري، وقد تلجأ إسرائيل إلى شن عملية برية، رغم المخاطر الكبيرة التي تنطوي عليها مثل هذه الخطوة.

وبالعودة إلى تاريخ المواجهات البرية بين الجانبين يؤكد حنا أن حزب الله قد استفاد من السنوات الماضية في إعداد دفاعاته وتحصين مواقعه، مما يجعل أي عملية برية إسرائيلية مكلفة للغاية.

كما يشير إلى أن الذاكرة التاريخية للاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان لا تزال حاضرة، وهو ما قد يردع إسرائيل عن المغامرة بعملية برية واسعة النطاق.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات لحزب الله حزب الله إلى أن

إقرأ أيضاً:

جيش الاحتلال يروج لرواية “استهداف مواقع تدريب” وحزب الله لم يعلق

واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم، التصعيد العسكري على الأراضي اللبنانية، معلنًا أنه استهدف ما قال إنه "مجمع تدريب تابع لقوة الرضوان" في جنوب لبنان، إلى جانب مواقع أخرى زعم أنها "بنى تحتية عسكرية" لحزب الله.

ورغم الرواية الإسرائيلية التي تكررت خلال الأيام الماضية عن استهداف "مراكز تدريب" و"مواقع إرهابية"، فإن السكان في الجنوب يتحدثون عن غارات تطال مناطق مأهولة وأراضٍ زراعية وأحياء قريبة من بيوت المدنيين، في وقت يزداد فيه القلق من توسع العدوان نحو العمق اللبناني.

وقال جيش الاحتلال في بيانه إن الطائرات الحربية قصفت "مجمع تدريب وتأهيل يستخدمه حزب الله"، وإن الاستهداف جاء بعد ضرب موقع مشابه قبل أيام.

وأضاف أن "المقاتلين في هذه المواقع يخضعون لتدريبات على الأسلحة وتنفيذ هجمات ضد جنود الجيش والمستوطنين"، على حد زعمه — وهي رواية اعتادت إسرائيل استخدامها لتبرير توسع عملياتها العدوانية داخل لبنان.

كما ادعى الجيش أنه استهدف "بنى تحتية عسكرية إضافية" في مناطق عدة جنوب لبنان، مستندًا إلى "معلومات استخباراتية".

لكن في لبنان، يشير ناشطون ومسعفون إلى أن هذه الادعاءات لا تخفي حقيقة أن القصف يجري في مناطق ملاصقة لبلدات سكنية، وأن ما تسميه إسرائيل "بنية تحتية عسكرية" يشمل في كثير من الحالات أبنية تضررت سابقًا أو أراضٍ فارغة قريبة من منازل المدنيين، الأمر الذي يزيد المخاوف من سقوط ضحايا في أي لحظة.

توتر متصاعد منذ حرب غزة

يأتي هذا التصعيد في ظل استمرار التوتر على الجبهة اللبنانية منذ اندلاع حرب غزة في 7 أكتوبر 2023، حين فتح حزب الله جبهة مساندة للمقاومة الفلسطينية. ومنذ ذلك الحين، يعيش جنوب لبنان تحت وطأة القصف الإسرائيلي شبه اليومي، الذي استهدف منازل، سيارات إسعاف، منشآت مدنية، ومناطق حدودية مكتظة بالسكان.

ووصلت الغارات خلال الأشهر الأخيرة إلى مناطق أبعد في العمق اللبناني، في ظل تهديدات إسرائيلية متكررة بـ"تغيير قواعد الاشتباك"، بينما يؤكد حزب الله التزامه بالرد على أي اعتداء واستمرار "معادلة الردع" لمنع الاحتلال من فرض واقع جديد.

طباعة شارك لبنان حزب الله جيش الاحتلال الرضوان البقاع اللبناني جنوب لبنان

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تستهدف تدريبات "قوة الرضوان" في جنوب لبنان
  • ر بو عاصي: لا توازن قوى مع إسرائيل والتفاوض ضرورة لحماية لبنان
  • جيش الاحتلال يروج لرواية “استهداف مواقع تدريب” وحزب الله لم يعلق
  • إعلام عبري: سلاح الجو يبدأ بقصف أهداف لحزب الله في لبنان
  • عاجل | القناة 12 الإسرائيلية: سلاح الجو يبدأ بقصف أهداف لحزب الله في لبنان
  • بعد عامين… تحرّك في الكونغرس لمساءلة إسرائيل عن استهداف صحافيين
  • إسرائيل: التطورات على الحدود مع حزب الله تتجه نحو التصعيد
  • سياسي فلسطيني: إسرائيل لا تزال متمسكة باستراتيجيتها العسكرية تجاه الجنوب اللبناني
  • القوات الروسية تستهدف مؤسسات الطاقة والصناعة العسكرية الأوكرانية
  • المحفظة الفارغة.. رسالة غامضة تستهدف عناصر حزب الله