قال مركز أمريكي إن اليمن بعد عقد من الصراع يجد نفسه مجزأ بشدة، ومتورط في صراع طويل الأمد يتميز بهدنات هشة، وتوترات متصاعدة، وأزمة إنسانية متفاقمة، بفعل التدخلات الإقليمية وتباين أجندات بعض الدول في المنطقة.

 

وأضاف "المركز العربي واشنطن دي سي" في تحليل للباحثة اليمنية أفراح ناصر بعنوان "بعد مرور عقد من الزمان، تقييم المسؤولية المشتركة عن مأساة اليمن"، وترجمه للعربية "الموقع بوست" أن "ما بدأ كصراع داخلي على السلطة تطور إلى شبكة معقدة من المنافسات الإقليمية والحروب بالوكالة".

 

وتابع "لقد دعمت السعودية حكومة هادي المعترف بها دوليا، في حين بدأت الإمارات العربية المتحدة، التي تعد ظاهريا جزءا من التحالف الذي تقوده السعودية، في ملاحقة مصالحها الاستراتيجية من خلال دعم الانفصاليين الجنوبيين والسيطرة على البنية التحتية الحيوية.

 

وأردف "في الوقت نفسه، ازدادت همسات يد إيران في الصراع. لقد خدم دعم طهران للحوثيين - من خلال الأسلحة والتدريب والدعم السياسي - هدفها المتمثل في توسيع نفوذها الإقليمي وتحدي الهيمنة السعودية. مشيرا إلى أن الرقص المعقد لهذه القوى المتنافسة أدى إلى تفاقم الصراع وتعميق الانقسامات الداخلية، وتحويل اليمن إلى ساحة معركة لمنافسات جيوسياسية أوسع نطاقا.

 

وأكدت الباحثة ناصر أنه مع عدم وجود حل واضح في الأفق، تظل احتمالات اليمن الموحد قاتمة. ومع استمرار التفتت الداخلي والتنافس على الطموحات الإقليمية، فإن حلم السلام الدائم أصبح بعيدًا عن المنال.

 

وقالت إن "الصراع الذي دام عقدًا من الزمان هو مأساة مشتركة حيث أعطت جميع الأطراف - الفصائل المحلية والقوى الإقليمية على حد سواء - الأولوية للهيمنة السياسية على السلام، مما أدى إلى إدامة العنف الذي لا ينتهي والذي تسبب في معاناة إنسانية هائلة".

 

وتطرقت الباحثة في تحليلها إلى سقوط صنعاء بيد جماعة الحوثي وفرار الرئيس هادي وحكومته إلى المملكة العربية السعودية، وظهور الانقسامات الداخلية مع اشتباك الفصائل الحكومية حول الاستراتيجيات، وتآكل الثقة العامة بسبب الفساد المستشري. وفي الوقت نفسه، انقسم الجيش الوطني المعاد تشكيله، والذي كان من المفترض أن يكون جبهة موحدة ضد التمرد الحوثي، إلى فصائل ذات ولاءات منقسمة. وترك هذا التفتت الحكومة اليمنية عُرضة للتقدم المستمر للحوثيين وغيرهم من الفصائل المتنافسة على السلطة.

 

دور الجهات الفاعلة الإقليمية

 

وقالت "لقد أدى تورط القوى الإقليمية - السعودية والإمارات وإيران - إلى تعميق الصراع في اليمن. لم تعد الرياض تركز فقط على هزيمة الحوثيين في ساحة المعركة، بل بدأت في التفاوض على هدنة معهم وتشكيل تحالفات جديدة مع فصائل أخرى، والمساعدة في تشكيل قوات متخصصة جديدة، ودعم أعضاء مختارين من المجلس الرئاسي لموازنة نفوذ الإمارات العربية المتحدة المتزايد.

 

وأوضحت أن الإمارات التي كانت في البداية لاعباً رئيسياً في التحالف، تحولت لإعطاء الأولوية للمصالح الاستراتيجية في جنوب اليمن، وهي منطقة غنية بالموارد ومليئة بالموانئ الاستراتيجية. وبإدراكها للقيمة الاقتصادية والجيوسياسية لهذه المناطق، قدمت الإمارات دعمها للمجلس الانتقالي الجنوبي، وهي مجموعة تسعى بحماس إلى انفصال جنوب اليمن.

 

وبحسب ناصر فإن صعود المجلس الانتقالي الجنوبي كان سريعًا وأنشأ معقلًا يتحدى سلطة مجلس القيادة الرئاسي بشكل مباشر. كما دعمت الإمارات أعضاء محددين في الرئاسي.

 

وذكرت أن السعودية والإمارات دعمتا فصائل مختلفة داخل اليمن، كل منها يسعى لتحقيق مصالحه الخاصة.

 

تضيف "من جانبهم، وجد الحوثيون حليفًا وثيقًا في إيران، التي عززت دعمها العسكري للجماعة منذ عام 2014. قدمت إيران أسلحة متقدمة وتدريبًا وتوجيهًا استراتيجيًا، مما عزز بشكل كبير قدرات الحوثيين وقدرتهم على الصمود. وحول دعم إيران الحوثيين من جماعة متمردة إقليمية إلى قوة هائلة قادرة على تحمل الضغط العسكري لفترات طويلة. وعلى الرغم من مواجهة العديد من النكسات في ساحة المعركة، فإن ترسانة الحوثيين المعززة وبراعتهم التكتيكية سمحت لهم بالصمود في وجه الهجمات التي ربما كانت لتكسر مجموعة أقل تجهيزا".

 

وطبقا للباحثة فإن هذه الديناميكيات الإقليمية ساعدت في تشكيل الحرب، حيث سعى كل طرف إلى تحقيق أجندته الخاصة - وإطالة أمد الصراع ومعاناة الشعب اليمني.

 

وخلصت الباحثة غير المقيمة إلى أن الطريق إلى السلام يتطلب أكثر من مجرد وقف إطلاق النار - فهو يدعو إلى استراتيجية تعالج الأبعاد السياسية والإنسانية للأزمة.

 

وقالت "يجب على المجتمع الدولي أن يجتمع بهدف موحد، والضغط على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإيران لإنهاء دعمها للفصائل المتنافسة".

 

وأكدت بأنه إذا كان هناك أي أمل في الاستقرار، فيجب حث هذه القوى على التراجع عن مصالحها الضيقة. مستدركة بالقول "للمضي قدمًا، يجب على المجتمع الدولي أن يدفع نحو استراتيجية متماسكة تعيد تركيز الجهود على استقرار اليمن ككل، وليس تفتيتها بشكل أكبر".

 

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن السعودية اسرائيل الامارات حرب السعودیة والإمارات

إقرأ أيضاً:

الإصلاح والنهضة: العلاقة بين مصر والإمارات شراكة استراتيجية قائمة على المصالح المتبادلة

أعرب الدكتور هشام عبد العزيز، رئيس حزب الإصلاح والنهضة، عن ترحيبه بالزيارة التي يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي، للقاء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، مؤكداً أن هذا اللقاء يعكس عمق ومتانة العلاقات الاستراتيجية التي تربط بين مصر والإمارات، والتي لطالما مثّلت نموذجًا رائدًا للتنسيق العربي الفعّال والعمل المشترك في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.

تعزيز التنسيق السياسي والدبلوماسي بين البلدين

وأشار عبد العزيز، إلى أن الزيارة تأتي في توقيت دقيق يشهد فيه الإقليم تصاعدًا في التوترات الجيوسياسية وتحديات متنامية في عدد من بؤر الصراع، وهو ما يُضفي على اللقاء أهمية بالغة من حيث تعزيز التنسيق السياسي والدبلوماسي بين البلدين من أجل استعادة الاستقرار، ودعم المبادرات التي تسهم في الحفاظ على وحدة الدول العربية، وحماية مقدرات شعوبها، ورفض التدخلات الإقليمية في شؤونها الداخلية.

وأوضح رئيس حزب الإصلاح والنهضة، أن الملف الاقتصادي يمثل كذلك محورًا جوهريًا في المباحثات، خاصة في ضوء العلاقات الاستثمارية والتجارية المتنامية بين القاهرة وأبوظبي، إذ تُعد الإمارات من أكبر الدول المستثمرة في مصر، بإجمالي استثمارات تتجاوز 65 مليار دولار بحسب تقديرات مجلس الإمارات للمستثمرين في الخارج، كما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 5.5 مليار دولار في عام 2025 بحسب وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية، مما يعكس طموحات متبادلة لتعزيز التعاون في قطاعات الطاقة، والتنمية العمرانية، والصناعة، والخدمات الرقمية.

مرحلة جديدة من التكامل المصري الإماراتي

وأكد عبد العزيز أن اللقاء المرتقب بين الزعيمين يؤسس لمرحلة جديدة من التكامل المصري الإماراتي، لا سيما في الملفات المرتبطة بالأمن القومي العربي، والمواقف المشتركة تجاه الأزمات في فلسطين، والسودان، وليبيا، واليمن، مشدداً على أن استمرار هذه اللقاءات الثنائية رفيعة المستوى يُمثل ركيزة رئيسية لحماية الأمن الإقليمي، وإعادة التوازن للمشهد العربي في ظل تحديات متصاعدة على أكثر من صعيد.

الرئيس السيسي يتوجه إلى أبو ظبي ويلتقي رئيس دولة الإماراتالرئيس السيسي: نؤكد رفض مصر محاولات تصفية القضية الفلسطينية أو التهجير.. وكامل الوزير: سعر تذكرة المونوريل أقل 50% من البنزين المستخدم في السيارة الشخصية| أخبار التوك شو

واختتم رئيس حزب الإصلاح والنهضة تصريحه بالتأكيد على أن العلاقة بين مصر والإمارات هي شراكة استراتيجية قائمة على الثقة والمصالح المتبادلة، وأن هذا اللقاء يمثل امتدادًا لمسار ثابت من التعاون الوثيق الذي يعكس تطلعات الشعبين في التنمية والاستقرار، ويمهّد لمبادرات ملموسة في المستقبل القريب تخدم قضايا المنطقة وتعزز من وحدة الصف العربي.

طباعة شارك السيسي الرئيس السيسي الإمارات الرئيس عبد الفتاح السيسي الإصلاح والنهضة

مقالات مشابهة

  • إلغاء تأشيرات الطلاب واتساع رقعة الحرب التجارية الأميركية الصينية
  • ارتدادات إسناد اليمن لغزة إقليميًّا
  • الإمارات وأطماعها في الموانئ والجزر اليمنية
  • كاتب إسرائيلي زار اليمن يروي عجائبها.. وهآرتس تتساءل: من يحمي كنوز البلد في ظل نظام الحوثيين وهجمات إسرائيل؟ (ترجمة خاصة)
  • أوزبكستان ترافق إيران إلى كأس العالم.. والإمارات إلى الملحق
  • إعلام إسرائيلي: تباين الآراء بشأن الحرب وسط عزلة دبلوماسية متزايدة
  • تحالف الأخوة والاستقرار.. تنسيق استراتيجي بين مصر والإمارات في مواجهة التحديات الإقليمية
  • لماذا انتصرت إسرائيل في لبنان وفشلت في اليمن؟: السعودية تفتح ملفاً مسكوتاً عنه
  • الإصلاح والنهضة: العلاقة بين مصر والإمارات شراكة استراتيجية قائمة على المصالح المتبادلة
  • ماذا تسعى روسيا لتحقيقه من الصراع في اليمن؟.. قراءة عقب زيارة الرئيس اليمني