أعادت إنشاءات الاحتلال الإسرائيلي الجديدة على محور فيلادلفيا الحدودي بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، والتي جرى الكشف عنها خلال الأيام الأخيرة؛ الحديث مجددا عن فترة إبقاء السيطرة الإسرائيلية عليه، لا سيما أنها المسألة الأساسية التي فجّرت مفاوضات وقف إطلاق النار وعقد صفقة لتبادل الأسرى.

وبحسب مصادر قبلية من مدينة رفح المصرية، فإن جيش الاحتلال قام بتركيب أعمدة إنارة ضخمة مزودة بكاميرات مراقبة وأبراج عسكرية في عدة مواقع على طول المحور.







وأشارت المصادر إلى أن الجيش المصري أجرى إصلاحات على الأضرار التي لحقت بالمنطقة الحدودية، نتيجة تفجير جيش الاحتلال لأنفاق مهجورة بالقرب من الحدود مع مصر.

وتستمر قوات الاحتلال في قصف المناطق المتاخمة لمحور "صلاح الدين" ومعبر رفح البرّي، ما أدى إلى توقف تام لدخول أي مساعدات إنسانية للسكان المحاصرين في قطاع غزة.

البقاء لمدة طويلة
وخلال الاجتياح البري لمدينة رفح، قامت قوات الاحتلال بعمليات نسف هائلة للمنازل القريبة من المحور الحدودي، بهدف إنشاء منطقة عازلة، فيما كشفت صور الأقمار الصناعية عن طرق جديدة مصممة على ما يبدو لبقاء القوات الإسرائيلية في المحور لمدة طويلة.

وأظهرت صور الأقمار الصناعية ولقطات الفيديو التي حملها الجنود الإسرائيليون على منصات التواصل الاجتماعي شوارع موسعة لكي تمر منها العربات العسكرية وحولها دمار كامل، بما في ذلك بنايات سويت بالتراب في مدينة كانت يوما عامرة بالحياة.



وكشفت الصور التي تم تداولها على منصات التواصل دمارا كاملا لمعبر رفح، الذي كان آخر نقطة عبور لأهل غزة إلى مصر.

وشق الاحتلال الإسرائيلي طريقا جديدا بين رفح ومعبر كرم أبو سالم، وأطلقت عليه "معبر ديفيد"، ووسع الطريق الذي يمر من خلال محور فيلادلفيا لتسهيل مرور الآليات العسكرية.




تعطيل الصفقة
وعلى مدار الشهور الماضية، حاول الوسطاء تذليل العقبات للتوصل لاتفاق يقضي بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، ويتضمن صفقة لتبادل الأسرى، لكن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أعلن تمسكه بالبقاء في محور فيلادلفيا ومعبر رفح.

ورغم موقف نتنياهو، إلا أن مسؤولين ومحللين إسرائيليين أجمعوا على أنّه يهدف فقط لتعطيل المفاوضات، وضمان استمرار الحرب على قطاع غزة، لضمان استمراره في السلطة، وعدم خضوعه للمحكمة على خلفية هجوم السابع من أكتوبر.



ووجدت العديد من استطلاعات الرأي أن غالبية الإسرائيليين يؤيدون انسحاب جيش الاحتلال من محور فيلادلفيا الحدودي الفاصل بين قطاع غزة ومصر، وذلك من أجل إنجاز صفقة تبادل للأسرى مع حركة حماس.

وأظهر استطلاع صحيفة "معاريف" أن 48 بالمئة من الإسرائيليين يؤيدون انسحاب "إسرائيل" من محور فيلادلفيا، مقابل 37 بالمئة فقط أبدوا التخلي عن الصفقة من أجل الاحتفاظ بالسيطرة على المحور.

تضخيم للأهمية
وقال مراقبون إن نتنياهو سعى لتضخيم أهمية السيطرة على محور فيلادلفيا، ووصل ذلك ذروته في مؤتمر صحفي تحدث فيه ستين دقيقة مدافعا عن الأهمية الاستراتيجية للبقاء هناك، معتبرا إياه "صخرة وجود" للاحتلال، وأنه كان أنبوب الأكسجين (شريان حياة) لحماس.

ولم يُجب نتنياهو عن سبب البروز المفاجئ للأهمية الاستراتيجية للمحور، إذ إنه لم ينتبه له إلا في الشهر الثامن للحرب، بالرغم من وجود وزراء أثاروا الأمر في اليوم الأول، بحسب ما ذكر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق آيزنكوت.



ولتخفيف حدة التوتر مع مصر، اقترح الاحتلال الإسرائيلي بناء ثمانية أبراج مراقبة على طول محور فيلادلفيا، لكن في ظل الرفض المصري وإصرار المقاومة على الانسحاب الكامل من قطاع غزة بما فيه المحور للتوصل لأي صفقة، لجأت الولايات المتحدة إلى اقتراح إنشاء برجي مراقبة فقط.

وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن "القاهرة رفضت كلا الاقتراحين على أساس أن كل برج مراقبة، يسمح للجيش الإسرائيلي بالتواجد الدائم في المحور".

وأمام هذا التطورات المتعلقة بالمحور، لا يزال جيش الاحتلال يواصل عمليات الهدم والتجريف والتشييد على طول المنطقة الحدودية الفاصلة بين قطاع غزة ومصر، وسط أنباء عن مخططات لبناء جدار تحت أرضي، ومحاولات لتنفيذ مخططات سابقة منها إنشاء قناة مائية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية الاحتلال رفح غزة المصرية محور فيلادلفيا مصر غزة الاحتلال رفح محور فيلادلفيا المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی محور فیلادلفیا جیش الاحتلال قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

ماذا تقول لنا المواجهة الحالية بين إسرائيل وإيران؟

بدا الهجوم "الإسرائيلي" الأخير على إيران مع ما تبعه من تطورات كاشفا لبعض الحقائق بخصوص المنطقة، ولعل أولها ما يرتبط بموقف الإدارة الأمريكية.

فقد أتى الهجوم في ظل المفاوضات التي كانت تجريها طهران مع واشنطن على عدة جولات، والتي أكد فيها ترامب عدة مرات حرص بلاده على التوصل لاتفاق بخصوص البرنامج النووي الإيراني. فجأة ودون أدنى تردد، انتقل الرئيس الأمريكي لتبرير الهجوم "الإسرائيلي" وتحميل إيران نفسها مسؤوليته من باب أنها رفضت المقترحات الأمريكية، وصولا للشماتة بما حل بها من قصف ودمار واغتيالات. وهنا، ظهر بوضوح أن ترامب وإدارته كانا على علم بالضربة "الإسرائيلية" قبل تنفيذها وأنهما شاركا في عملية تمويه وخداع لطهران، فضلا عن تأكيد وجود ضوء أمريكي أخضر -بالحد الأدنى- لقصف إيران، على عكس ما كانت التصريحات الرسمية تدعي.

ما هو أهم، من ضمن ما كشفه الهجوم وما تلاه، يرتبط بدولة الاحتلال "الإسرائيلي" وما تعرضت له رؤيتها وأولوياتها في المنطقة من متغيرات بعد عملية السابع من أكتوبر وحتى اليوم، وهو تغير شامل يكاد يصل حد 180 درجة، بعد أن تداعت إلى حد كبير النظرية الأمنية السابقة لدولة الاحتلال والتي استمرت لعقود، حيث تتبدى اليوم معالم نظرية جديدة تنسجها حكومة نتنياهو بشكل عملي على الأرض.

في غزة، تعلن المقاومة منذ يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 أنها تريد وقف الحرب، وقد قبلت كل ما عرض عليها من مقترحات جادة لذلك، بل إنها عرضت صفقة شاملة تطلق من خلالها كل الأسرى "الإسرائيليين" لديها دفعة واحدة، ورغم ذلك لم توافق حكومة الاحتلال على أي مقترح يشمل وقف إطلاق النار بما في ذلك مقترحات قدمتها هي عبر واشنطن.

وأما الضفة الغربية المحتلة فلم تصل في يوم من الأيام وخصوصا خلال هذه الحرب إلى مستوى تهديد متقدم (فضلا عن وجودي) للاحتلال، ورغم ذلك عمدت حكومة نتنياهو لتفعيل مشاريع الاستيطان وهدم المنازل والحصار والتهجير.

في لبنان، ضبط حزب الله "جبهة الإسناد" بمستوى معين لا يؤدي لحرب مفتوحة أو شاملة أو بلا سقف، وأكد على عدم رغبته في توسيع نطاقها، ورغم ذلك لم تسع "إسرائيل" إلى هزيمته فقط وإنما إلى إفنائه، ضمن سلسلة عمليات لتقويض كادره البشري وأسلحته الاستراتيجية وصولا لقيادة الصف الأول فيه وعلى رأسها أمينه العام السيد حسن نصر الله.

وتمثل سوريا الجديدة بعد سقوط نظام الأسد مثالا نموذجيا لما نتحدث عنه، فهي لا تشكل أي تهديد لـ"إسرائيل"، بل أكدت أكثر من مرة أنها تريد "سلاما مع الجميع" وأنها "لن تسمح بتهديد أي طرف انطلاقا من أراضيها بما في ذلك إسرائيل"، وانخرطت في مباحثات أمنية معها بوساطة أطراف ثالثة، ورغم ذلك لم توقف "إسرائيل" قصفها واغتيالاتها واختطاف المواطنين السوريين، فضلا عن توسيع الاحتلال والتخطيط لمشاريع استيطانية والإعلان عن الرغبة في تقسيم سوريا بدعم شرائح إثنية ومذهبية معينة.

ولا تشذ إيران عن هذه القاعدة، فهي لم تنخرط بشكل عملي ومباشر في الحرب دعما لغزة أو لبنان، وردّت بشكل نسبي ورمزي إلى حد بعيد على اعتداءات "إسرائيل" على أراضيها، بما في ذلك اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على أراضيها، بل إنها لم تردَّ على العدوان الأخير عليها، وانخرطت في مفاوضات حول برنامجها النووي مع الإدارة الأمريكية، ولم يحمها كل ذلك من العدوان "الإسرائيلي" الموسّع مؤخرا.

ملخص كل ما سبق وغيره أن "إسرائيل" تغيرت جذريا في هذه الحرب بعد تداعي نظريتها الأمنية بالكامل، فما عادت تنتظر حصول تهديد لتتعامل معه احتواء أو مواجهة، وإنما تسعى لوأد أي إمكانية لتَشكل تهديد لها -ولو نظريا- في المستقبل، بما يشمل غزو الدول وإقامة مناطق عازلة فيها، ومواصلة القصف وتدمير المقدرات والاغتيالات.

هنا، تثبت "إسرائيل" أنه لا أمان لأحد في المنطقة من عدوانها بالمطلق، وأن إعادة رسم خرائط المنطقة ليست شعارا فارغا للتهويل أو التهديد وإنما سياسة مرسومة ومتبعة، وأنها تسير ضمن مخطط للاستفراد بأعدائها وخصومها الواحد تلو الآخر وفق أجندتها وأولوياتها وتوقيتها هي، بغض النظر أكان هؤلاء الأعداء والخصوم حقيقيين أم مفترضين أو حتى متوهمين.

يعني ذلك أن رهان أي طرف على إمكانية تجنب العدوان "الإسرائيلي" بالحفاظ على سقف محدود من الرد أو بالتدرج البطيء في المواجهة أو حتى بتجاهل كل ذلك؛ رهان خاطئ لن يحمي أحدا ولن يمنع خطط الاحتلال، بل سيسهلها ويتيح المجال لوضعها موضع التنفيذ في التوقيت الأنسب للاحتلال نفسه.

وهنا الرسالة مزدوجة؛ أولها لإيران نفسها، ألا تراهن على العودة سريعا للمفاوضات مع الإدارة الأمريكية (التي أثبتت أنها جزء من العدوان عليها) قبل أن تكسر شوكة الهجوم عليها وتعيد صياغة موازين القوى وقواعد الاشتباك، وإلا منحت الاحتلال مكاسب أكبر في هذه الجولة، بما يعيدها لطاولة المفاوضات أضعف وأقرب لتقديم تنازلات كبيرة، مع احتمال كبير لعودة الاحتلال لاستهدافها لاحقا بشكل أكبر. ويتأتى ذلك بإدامة أمد الاستنزاف وتوجيه ضربات قاسية للمواقع الاستراتيجية والجبهة الداخلية على حد سواء، فرغم كل عوامل التفوق العسكرية والتكنولوجية والدعم لدولة الاحتلال، إلا أنها تبقى أقل قدرة على احتمال حرب استنزاف طويلة مقارنة بإيران؛ بعدد سكانها واتساعها الجغرافي وأسلوب حياتها وخلفية نظامها.

والرسالة الأخرى لدول المنطقة وقواها الحية، بأنها جميعا على قائمة الاستهداف والإضعاف وربما التقسيم، الآن أو لاحقا، وبأشكال وأساليب متعددة، وأن أي موقف منها اليوم، بما في ذلك السكوت أو حتى التواطؤ، لن يحميها من المصير الذي تخططه لها دولة الاحتلال وفق قراءتها لمنظومة التهديدات المحتملة عليها مستقبلا. يجعل ذلك دولا ليست منخرطة في صراع مباشر مع "إسرائيل" اليوم مثل تركيا، وأخرى أبرمت معها اتفاقات "سلام" مثل مصر والأردن، وأخرى في وارد التطبيع معها مثل السعودية، ضمن الأهداف المحتملة مستقبلا.

تلخيصا، لم تعد قواعد وموازين ومعادلات ما قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 قائمة في المنطقة وتحديدا بالنسبة لـ"إسرائيل". وعليه، فكل من يصر على التعامل وفق المعادلات "المنسوخة" سيكون من المستهدَفين والخاسرين وإن ظن عكس ذلك. في منطقة تغلب عليها السيولة والتطورات الضخمة والمواجهات العسكرية الواسعة، يصبح من السذاجة غير المقبولة البقاء في مناطق السكون والركون والثقة بما غيّرته هذه الحرب المستمرة والمتصاعدة يوما بعد يوم.

وللحديث بقية.

x.com/saidelhaj

مقالات مشابهة

  • استشهاد أكثر من (50) فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي منتظري المساعدات جنوب قطاع غزة
  • استشهاد ستة فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة
  • ماذا تقول لنا المواجهة الحالية بين إسرائيل وإيران؟
  • مـ.قتل ضابط في جيش الاحتلال الإسرائيلي جنوب قطاع غزة
  • استشهاد سبعة فلسطينيين في قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة
  • تجدد القصف الإسرائيلي على قطاع غزة وارتفاع أعداد الضحايا
  • من فيلادلفيا إلى سان أنطونيو.. احتجاجات واسعة تندد بسياسات ترامب وتطالب بعزله فوراً
  • "الاقتصاد" تحذر من الانجرار وراء الشائعات
  • استشهاد 12 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة
  • مسعفون بغزة يروون معاناتهم تحت القصف الإسرائيلي