"بداية النهاية".. مذكرات توقيف تفتح ملف انتهاكات ميليشيا "الكانيات" في ترهونة
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تستمر تداعيات الأزمات الأمنية والسياسية فى ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي، حيث تتجلى الانتهاكات في العديد من المناطق.
وفي خطوة جديدة نحو تحقيق العدالة، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية مؤخرًا عن إصدار مذكرات توقيف بحق ستة ليبيين يُشتبه في تورطهم في جرائم وحشية ارتكبتها ميليشيا "الكانيات" في مدينة ترهونة.
هذه الأحداث تسلط الضوء على ما عاناه سكان المنطقة من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
ووفقًا لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، فقد تم الإبلاغ عن اختفاء أو اختطاف ما لا يقل عن 338 شخصًا خلال السنوات الخمس التي هيمنت فيها هذه الميليشيا على المدينة.
المحكمة، من خلال تصريحات المدعى العام كريم خان، أكدت أن ثلاثة من المشتبه بهم هم من القادة البارزين في ميليشيا "الكانيات"، التي أرهبت سكان ترهونة.
وبيّن خان أن الثلاثة الآخرين مرتبطون بالميليشيا التي نفذت عمليات إعدام ممنهجة ضد معارضيها، مع إعدام عائلات كاملة.
من بين الأسماء البارزة، يتصدر عبد الرحيم الكاني، أحد الإخوة الذين قادوا الميليشيا، والتي كانت تجوب المدينة مُستعرضةً قوتها، مستفيدة من أسدين تم تقييدهما كوسيلة لبث الرعب فى نفوس المواطنين.
وأكد خان على وجود أدلة على ارتكاب جرائم حرب في ترهونة، منها القتل والتعذيب والعنف الجنسي؛ مشيرًا إلى أن زيارته للمدينة في عام 2022 كشفت عن حالات احتجاز في ظروف غير إنسانية، بالإضافة إلى مقابر جماعية في مواقع متعددة.
ميليشيا "الكانيات"
تأسست ميليشيا "الكانيات" في ليبيا عام 2015، وتعتبر واحدة من أبرز الجماعات المسلحة التي ظهرت بعد سقوط نظام معمر القذافي في 2011.
يُعرف عن هذه الميليشيا أنها تنتمى إلى عائلة الكاني، وتحديدًا الإخوة الكاني الذين قادوا هذه المجموعة، حيث كان لهم دور بارز في السيطرة على مدينة ترهونة الواقعة على بعد حوالى ٨٠ كيلومترًا جنوب طرابلس.
ويُعتبر عبد الرحيم الكاني، الذى صدر بحقه أمر اعتقال في أبريل 2023، "زعيم الكانيات" و"مسئول مشترك" عن الجناح العسكري للميليشيا.
تتكون "الكانيات" من مجموعة من المقاتلين المحليين، وقد استندت في بنيتها إلى الولاءات العائلية والقبلية.
عُرفت الميليشيا بأساليبها القاسية في التعامل مع المعارضين، حيث استخدمت العنف المفرط والتخويف لتحقيق أهدافها. تميزت بتبنيها لممارسات وحشية، منها الاعتقالات التعسفية، التعذيب، وعمليات الإعدام الميداني، حيث أُبلغ عن قتل العائلات بالكامل كوسيلة للانتقام.
خلال فترة سيطرتها على ترهونة، أظهرت الميليشيا ولاءً متغيرًا، حيث كانت في البداية تتعاون مع المجموعات المسلحة في طرابلس، لكن عندما شن المشير خليفة حفتر هجومًا للسيطرة على العاصمة، تحولت ولاءاتها لتصبح قوة داعمة لقوات حفتر، مُستغلة الوضع لتعزيز سلطتها في المنطقة.
تُعتبر "الكانيات" مسئولة عن عدد من الجرائم الإنسانية، بما في ذلك الاعتقالات الجماعية، التعذيب، والعنف الجنسي.
ووفقًا لتقارير من منظمات حقوق الإنسان، يُعتقد أن الميليشيا وراء اختفاء أو اختطاف ما لا يقل عن ٣٣٨ شخصًا خلال فترة سيطرتها.
كما تشير الأدلة إلى تورطها في ارتكاب جرائم حرب تشمل القتل والاغتصاب، مما أدى إلى إصدار مذكرات توقيف دولية بحق عدد من قادتها.
بعد الهزيمة العسكرية لقوات حفتر، تراجع نفوذ "الكانيات" في المنطقة، واختفى العديد من قادتها، مع اعتقاد البعض أن بعضهم قُتل بينما لا يزال الآخرون مختبئين.
ومع استمرار التوترات في ليبيا، تبقى الميليشيا رمزًا للانفلات الأمني والتحديات التي تواجه البلاد فى سعيها لتحقيق الاستقرار والعدالة.
تعتبر "الكانيات" مثالًا على التحديات المعقدة التي يواجهها المجتمع الليبي في مرحلة ما بعد الثورة، حيث تعكس استمرار الصراع بين الجماعات المسلحة والجهود لتحقيق المصالحة الوطنية.
وتأتى مذكرات التوقيف هذه في وقت حساس بالنسبة للأمن والاستقرار في ليبيا، حيث تكشف عن حجم المعاناة التي واجهها سكان ترهونة.
ومع استمرار التحقيقات، يأمل الكثيرون أن تُسهم هذه الخطوات في تحقيق العدالة للضحايا وتكون بمثابة إنذار للجماعات المسلحة التي تستمر في ارتكاب الانتهاكات.
ويرى مراقبون أن العدالة لن تعود إلا بتسليط الضوء على هذه الجرائم ومعاقبة المسئولين عنها، مما يعد خطوة ضرورية نحو بناء ليبيا أكثر استقرارًا وأمانًا.
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
بلا قيود تدين انتهاكات قوات الانتقالي بحضرموت وتكشف فظائع من ممارساته
أدانت منظمة صحفيات بلا قيود انتهاكات المجلس الانتقالي في حضرموت، واعتبرتها تهديداً مباشراً لحياة المدنيين وحقوقهم الأساسية، وتنذر بتفاقم الفوضى والعنف وانتشار موجات النزوح وتقويض السلم والاستقرار المجتمعي.
وقالت المنظمة في تقرير حديث لها إن التقارير والمعلومات الواردة من المحافظة تشير إلى ارتكاب قوات المجلس الانتقالي انتهاكات ممنهجة وواسعة النطاق تمثل خرقاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وترتقي في خطورتها إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق المعايير الدولية ، ما يستدعي تحركاً دولياً عاجلاً لمحاسبة المسؤولين وضمان حماية المدنيين دون تأجيل.
ونقلت المنظمة عن شهود عيان تأكيدهم بارتكاب القوات التابعة للانتقالي سلسلة من الانتهاكات الجسيمة منذ سيطرتها على محافظة حضرموت، شملت الإعدامات خارج نطاق القانون بحق أسرى عسكريين، والاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري للمدنيين والعسكريين، والإخلاء القسري للأسر من منازلهم، ونهب المنازل والمحلات التجارية والمؤسسات المدنية والعسكرية، وفرض قيود صارمة على حرية التنقل.
وشملت الانتهاكات وفقا للمنظمة اعتقال أربعة ضباط وجنود من المنطقة العسكرية الأولى عقب سيطرتها على موقع المنطقة دون أي مواجهات، ثم نقلتهم إلى معتقل في مطار سيئون قبل تصفيتهم، وإيصال جثثهم إلى مستشفى سيئون العام. وأوردت المنظمة أسماء الضباط والجنود وهم: العقيد الركن فتحي الضبوي، والمساعد صادق البشاري، والمساعد محمد قطيبر، والمساعد راجح الشرفي. ولا يزال مصير عشرات الأسرى الآخرين من ضباط وجنود المنطقة العسكرية الأولى مجهولاً.
وقالت المنظمة إنها رصدت ممارسات تعكس خرقاً صارخاً لقواعد حماية المصابين والمحتجزين، بما في ذلك إساءة معاملة الجرحى وترك بعضهم دون إسعاف. وتوثق مقاطع فيديو حالات يظهر فيها الجرحى وهم يستجدون المساعدة الطبية، مما يثير مخاوف جدية بشأن سلامتهم، ويستدعي إجراء تحقيق مستقل وشفاف لتحديد مصيرهم وضمان سلامتهم، كما تظهر لقطات اخرى مشاهد لمعاملة الاسرى بطريقة مهينة ومذلة.
أضافت المنظمة أن الانتهاكات شملت أيضاً تنفيذ حملة مداهمات واسعة لعشرات المنازل واعتقال عشرات المدنيين، واقتيادهم نحو جهات مجهولة، كما صاحبت تلك المداهمات عمليات نهب واسعة طالت العديد من المنازل والمحال التجارية، والمقرات الرسمية والعسكرية والمدنية، والمركبات، لاسيما في مدينة سيئون وضواحيها، كما فرضت تلك القوات نقاط تفتيش مكثفة داخل الأحياء السكنية وبدأت عمليات فرز عنصري وفقاً للهوية، واعتقال العشرات من المدنيين لا سيما من أبناء المحافظات الشمالية بما فيهم باعة متجولون وعمالاً وطلاب، وموظفون حكوميون، جرى اقتيادهم نحو مراكز اعتقال غير معلومة.
وأشارت المنظمة الى انها اطلعت على مقاطع موثقة تظهر سلسلة انتهاكات واسعة من بينها مقطع فيديو مؤلم يظهر طرد أسرة من منزلها بالقوة، ورمي محتوياتها خارج المنزل وسط صراخ وبكاء الأطفال، ومقاطع فيديو اخرى تظهر عمليات نهب طالت عدة منازل ومقرات مدنية وسياسية ومركبات في مدينة سيئون وضواحيها.
وفي هذا السياق، لفتت المنظمة إلى تصريح رئيس مجلس القيادة الرئاسي الذي أكد فيه شروع سلطات الدولة في توثيق الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي شهدتها محافظة حضرموت خلال الأيام الماضية، معتبرة أن هذا التصريح يُعد دلالة رسمية على الاعتراف بحجم وخطورة تلك الانتهاكات. وشددت المنظمة على أن هذا الاعتراف يستوجب خطوات عملية عاجلة تتضمن فتح تحقيق مستقل وشفاف، واتخاذ إجراءات ملموسة لضمان حماية المدنيين ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وفق المعايير الدولية.
أكدت منظمة “صحفيات بلاقيود” أن الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها قوات المجلس الانتقالي في محافظة حضرموت خلال الايام الماضية، تمثل خرقاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وترتقي إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وتعد هذه الممارسات انتهاكاً صريحاً لاتفاقيات جنيف لعام 1949، بما في ذلك اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب، والمادة 3 المشتركة بين الاتفاقيات الأربع، واتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين.
وأشارت المنظمة إلى أن الانتهاكات شملت استهدافاً ممنهجاً للأفراد على أساس هويتهم الجغرافية، بما يشكل تمييزاً عنصرياً محظوراً بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، لا سيما المادة 2 و26 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ويعد هذا الاستهداف العنصري جريمة مستقلة ضمن الجرائم ضد الإنسانية.
وحذرت المنظمة من أن استمرار الانتهاكات سيؤدي إلى تفاقم الفوضى وانهيار الأمن المحلي، وزيادة موجات النزوح، وتعريض المدنيين، بما فيهم النساء والأطفال، لمخاطر مباشرة على حياتهم وسلامتهم. كما أكدت أن هذه الممارسات تقوض أي فرص لإحلال السلم والاستقرار الاجتماعي، وتضاعف خطر تحويل محافظة حضرموت إلى منطقة خارج سيطرة القانون، مع ما يحمله ذلك من انعكاسات خطيرة على الأمن والحقوق الأساسية للسكان.
وطالبت منظمة "صحفيات بلا قيود" السلطات اليمنية المعنية، بما فيها مجلس القيادة الرئاسي والجهات القضائية، باتخاذ إجراءات عاجلة لضمان احترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وحماية المدنيين من أي أعمال عنف إضافية، وتقديم الدعم اللازم للضحايا وضمان عودتهم إلى منازلهم بأمان.
كما دعت المنظمة المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة آلياتها المعنية، إلى التحرك الفوري والعاجل للضغط على القوات التابعة للمجلس الانتقالي لوقف جميع الانتهاكات فوراً، وضمان حماية المدنيين، مع التأكيد على ضرورة إجراء تحقيق مستقل وشفاف لتوثيق الانتهاكات وتحديد المسؤولين عنها ومحاسبتهم وفق القانون الدولي.
وأكدت "صحفيات بلاقيود" في ختام بيانها على أهمية تفعيل الآليات الدولية ذات الصلة، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية، للنظر في جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة المرتكبة ضد المدنيين وأسرى الحرب، وضمان مساءلة كل من تورط في عمليات القتل والإخفاء القسري والتمييز العنصري والنهب، محذرة من أن أي تقاعس عن اتخاذ إجراءات عاجلة سيؤدي إلى استمرار الإفلات من العقاب، وزيادة معاناة المدنيين، وتعميق الفوضى وانعدام الأمن.