عربي21:
2025-07-30@06:57:15 GMT

الانتخابات الرئاسية في تونس.. الفوز المحسوم

تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT

أظهرت جل المؤشرات المواكبة لاقتراع 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2024 أن الفوز محسوم لصالح الرئيس قيس سعيد، المنتخب منذ العام 2019. فالمناخ السياسي العام في تونس لا يسمح موضوعيا بالحديث عن تنافس انتخابي رئاسي بالمعايير المتعارف عليها في الديمقراطيات العصرية، حيث من أصل سبعة عشر مرشحا للانتخابات الرئاسية، لم تعتمد الهيئة المستقلة للانتخابات، الموكول لها دستوريا بالإشراف على العملية الانتخابية، سوى ثلاثة أسماء، وهم: رئيس الدولة الحالي "قيس سعيد"، و"زهير المغزاوي"، أمين عام "حركة الشعب"، و"العياش الزمال" عن حزب "عازمون"، الذي أُدخل السجن بتهمة تزوير تزكيات الترشح للاقتراع الرئاسي.

وإذا اعتبرنا المرشح الثاني مؤيدا للرئيس قيس، وإن كان يعتبر نفسه محسوبا على صفوف المعارضة، فإن نتائج الانتخابات محسوبة سلفا للرئيس الحالي، ويصعب معها تاليا الحديث عن التنافسية والتباري الحقيقي على مؤسسة الرئاسة.

تؤكد المؤشرات الأساسية للانتخابات التنافسية في الديمقراطيات العصرية على أن أول شرط في تحقيق التنافس أن تكون إرادة المترشحين حرة غير مقيدة، وأن تلتزم الدولة الحياد، ولا يكون تدخلها مقبولا ومشروعا إلا حين تتعرض هذه الحرية للتضييق والتقييد، وأن تكون القوانين المنظمة للعمليات الانتخابية، وعلى رأسها القانون الانتخابي، متوازنة، ومؤسسة على التراضي والقبول، وأيضا أن يكون القضاء، وفي صدارته القضاء الدستوري، مستقلا ونزيها، وحاميا لحقوق الجميع على أساس معقول من التكافؤ والمساواة.

فمن المفارقة أن انتخابات 2019 جرت بين ستة وعشرين مرشحا من كل الأطياف السياسية، فاز فيها الرئيس الحالي "قيس سعيد" بنسبة 72.71 في المئة من أصوات المقترحين، الذين وصلت مشاركتهم إلى 58 في المئة، في حين لم يتجاوز عدد المترشحين في الانتخابات الحالية ثلاثة أسماء، ولم يُعرف بعد عدد المشاركين فعلا في انتخابات 6 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، وإن ناشدت خطب الرئيس عشية الاقتراع المواطنين من أجل المشاركة بكثافة في ما وصفه بـ"موعد مع التاريخ"، ولحظة انطلاق "العبور نحو بناء جديد".

وتتكامل مع هذه المفارقة خطوات أخرى ذات أبعاد عميقة، أقدمت عليها مؤسسة الرئاسة في تونس منذ العام 2021، تتعلق بسلة الإجراءات التي مست القوانين، بما فيها بعض فصول الدستور (فصل 81 على وجه الخصوص)، والعمليات الانتخابية، ومؤسسة القضاء، وحل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، وإعادة النظر في مصفوفة من النصوص التشريعية ذات العلاقة بالحقوق والحريات، علاوة على قطاع الصحافة، ووسائل الاتصال والتواصل بكل مكوناته..

ففي الإجمال لم تكن ولاية الرئيس "قيس سعيد" الأولى (2019-2024) عُهدة عادية، بقدر ما كانت عملية جراحية لكل مفاصل السلطة في البلاد، ظل الدافع الرئيس إليها في مشروع الرئيس واستراتيجية إعادة بناء تونس الجديدة، التي أنهكتها المزايدات السياسية والحزبية، وفساد النخبة وابتعادها عن مطالب المواطنين وتطلعاتهم، وأضعفت هيبتها تدخلات القوى الدولية والإقليمية. والحال أن قدرة الرئيس في الذهاب بعيدا في عمليته الجراحية كانت واضحة ومؤكدة ولا يختلف حولها اثنان.. لكن بأية كلفة وأي ثمن؟

تقدم تونس اليوم صورة البلد الذي ابتعد كثيرا وبشكل جوهري وعميق عن الآفاق التي فتحتها ثورته لعام 2011، وهو الذي أطلق شرارة ما سُمي الحراك العربي، الممتد، وإن بدرجات متباينة، على مدار سبع عشرة دولة من المحيط إلى الخليج. ثم إن المناخ السياسي الموسوم بإطلاق الحريات، وموجات النقاش العمومي، ووعد بالكثير من الآمال والتطلعات، خبت جذوته، وأصيب بالانكفاء والنكوص، إلى حد لم يعد موضوعيا الحديث عن كل جناه التونسيون من مكاسب حراكهم الوطني.

فالمعارضة غدت معارضات بالجمع، مشتتة، ومنقسمة على نفسها، وعاجزة عن تضميد أطرافها ومفاصلها، وتقريب وجهات نظرها، ورسم صورة مشتركة عن واقع تونس ومستقبلها. كما أن جل رموز هذه المعارضات قابعة في السجون، أو مُبعدة عنوة وبالقوة، وما بقي منها يشكو من وهن وعجز أكيدين. والحقيقة أن ليست صورة تونس في الداخل تعرضت وحدها للضرر والخدوش، بل صورتها في العالم أيضا، عكستها تقارير المنظمات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، وحريات الرأي والتعبير والإعلام، واستقلال القضاء ونزاهته، وتنافسية الانتخابات وحياد الدولة والإدارة إزاءها.

يميز علماء السياسة والاجتماع بين نوعين من الشرعية، هما: شرعية الانتخاب وشرعية الإنجاز، ويشددون على أن شرعية الانتخاب، كي تظل مقبولة وغير متنازع حولها، يجب أن تتعزز بشرعية الإنجاز، أي شرعية تحقيق رفاهية المواطنين وشروط عيشهم الكريم، وإذا لم يحصل هذا فإن شرعية الانتخاب تفقد قيمتها، وتتعرض للتآكل والاندثار، لأن شرعية الإنجاز هي الكفيلة بمنح الاستمرارية والديمومة لشرعية الانتخاب. لذلك، فالسؤال المطروح في ضوء خمس سنوات من حكم الرئيس "قيس سعيد": هل تعززت شرعية الانتخاب التي منحت مؤسسة الرئاسة ما يقرب من 73 في المئة من قبول الجسم الانتخابي، بإنجازات واضحة وملموسة وذات نجاعة وفعالية، أم بالعكس تراجعت أحوال التونسيين نحو الخلف؟

لا شك أن حصيلة الإنجازات على مدار العهدة الأولى من ولاية الرئيس "قيس سعيد"، معروفة وملموسة لدى المواطنين التونسيين في حياتهم اليومية، وفي أحوالهم المعيشية، كما أن تقارير المنظمات الدولية المالية والاقتصادية والتجارية تُشدد على الصعوبات التي تجتازها تونس، على الرغم من الكثير من الإصلاحات المؤسسية والقانونية التي شهدتها تونس خلال هذه العُهدة، ومن يقوم بزيارة تونس، وسبق له أن زارها، يلمس عُمق التغيرات التي طالت أحوال الناس وأوضاعهم.. لذلك، وإن كانت النتائج محسومة لصالح ولاية ثانية للرئيس الحالي، فالمنتظر، والمطلوب والضروري، أن تتعزز شرعيته الانتخابية بشرعية الإنجازات المطالب بإدخالها على البلاد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه قيس سعيد تونس الانتخابات الحريات تونس انتخابات حريات مرشحين قيس سعيد مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قیس سعید

إقرأ أيضاً:

وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات وحدات المبادرة الرئاسية سكن لكل المصريين بعددٍ من المدن الجديدة

تابع المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، جانباً من مشروعات وحدات المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين" بمحوري محدودي ومتوسطي الدخل بعددٍ من المدن الجديدة، والتي يتم تنفيذها في إطار استكمال خُطة الدولة لإتاحة الوحدات السكنية لمختلف شرائح الدخل من المواطنين، بجانب الوحدات السكنية البديلة لسكان المناطق العشوائية.

أسعار الحديد والأسمنت في مصر اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025توقعات بانخفاض صادرات الصين للولايات المتحدة بقيمة 485 مليار دولار بحلول2027

وفي هذا الإطار، أشار وزير الإسكان إلى أن استراتيجية الوزارة فى توفير الوحدات السكنية تعتمد على 3 محاور، وهى دعم شريحة محدودى الدخل بتوفير وحدات الإسكان الاجتماعى المدعومة، ومساندة أصحاب الدخول المتوسطة بتوفير الوحدات المناسبة لهم، وإتاحة الوحدات الفاخرة لأصحاب الدخل الأعلى بسعرها الحقيقى، واستغلال عائد بيع هذه الوحدات في دعم الشرائح المستحقة.

وشدد وزير الإسكان على دفع العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها، والالتزام بالتوقيتات الزمنية للأعمال، ومراعاة تنفيذ مشروعات الخدمات المختلفة بالتزامن مع تنفيذ العمارات السكنية.

وفي هذا الإطار، أعلن المهندس محمد عبدالمقصود، رئيس جهاز مدينة أكتوبر الجديدة، تقدم الأعمال بمشروع وحدات المبادرة الرئاسية" سكن لكل المصريين"، المرحلة السادسة، بالمدينة بإجمالي ٥٥ ألف وحدة سكنية وبتكلفة اجمالية تتخطى الـ ٣٢ مليار جنيه والمتوقع بدء التسليم المرحلي لهذه المرحلة بداية من أكتوبر المقبل.

بدوره، تفقد المهندس أحمد رشاد، رئيس جهاز تنمية مدينة العبور، أعمال تنفيذ المرحلة الثانية لمشروع "روضة العبور"، والذي يعتبر واجهة عمرانية متكاملة متعددة الاستخدامات، حيث يضم المشروع 134 عمارة بها أكثر من 5 آلاف وحدة سكنية وتجارية وإدارية، على مساحة تمتد ( لـ ٢٠٠ فدان).

 وشملت جولة رئيس جهاز العبور، متابعة أعمال التشطيبات الداخلية والخارجية وتنسيق الموقع العام خاصة بالمناطق المطلة على استاد السلام، مؤكدًا أهمية الالتزام بالجداول الزمنية والمواصفات الفنية لتسليم المشروع بأعلى جودة.

وقام المهندس أحمد عبد الجابر عبد اللاه، رئيس جهاز مدينة بني سويف الجديدة، ومسئولو الجهاز، بجولة تفقدية لمتابعة الأعمال الجارية بعمارات المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين"، حيث شملت الأعمال الجاري تنفيذها الهيكل الخرساني والحوائط وصب الخرسانة العادية والقواعد المسلحة وأعمدة وأسقف عمارات بالمشروع، بجانب تفقد أعمال الحفر والإحلال لباقى عمارات المشروع.

وقام المهندس أحمد مصطفى محمد، رئيس جهاز مدينة المنيا الجديدة، ومسئولو الجهاز بجولة تفقدية لمتابعة موقف عمارات "سكن لكل المصريين - المرحلتين الخامسة والسادسة"، مشدداً على جودة أعمال التشطيب للوحدات وسرعة الانتهاء من الأعمال والبدء في تسليم الوحدات طبقا لخطة صندوق الإسكان الاجتماعي.

 كما تابع موقف أعمال الموقع العام للمشروع، مشدداً على اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المتقاعسين.

طباعة شارك شريف الشربيني والمرافق والمجتمعات العمرانية

مقالات مشابهة

  • سعيد يخسر لعبة الترند الجديد أمام صالحة ويمنحها500 ريال.. فيديو
  • نحو ولاية رابعة… رئيس ساحل العاج الحسن واتارا يعلن ترشّحه للانتخابات الرئاسية في أكتوبر/ تشرين الأول
  • مستقبل وطن: حجم التحديات يظهر بطولية الرئيس.. ونجاحنا بزيادة المشاركة في الانتخابات
  • قيادي بمستقبل وطن: كلمة الرئيس تعكس التضحيات التي تقدمها مصر من أجل القضية الفلسطينية
  • وزير الإسكان يتابع موقف مشروعات وحدات المبادرة الرئاسية سكن لكل المصريين بعددٍ من المدن الجديدة
  • 3 أفعال تتسبب في إبطال الأصوات الانتخابية.. احذرها
  • تبرع قطري بلا شروط.. تفاصيل مذكرة اتفاق الطائرة الرئاسية المُهداة لترامب
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: تشويه صورة البرلمان.. معركة على شرعية التمثيل
  • انتخابات فاشلة مزورة لتدوير نفس الوجوه التي دمرت البلاد والعباد
  • القضاء الأعلى يستضيف اجتماعًا حول الانتخابات: تطبيق المساءلة والعدالة بدقة وشفافية