فيلم تسجيلي يعكس الرؤية المشتركة لمؤسسات الدولة بأولى ندوات الإفتاء المصرية
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
شهدت ندوة "الفتوى وبناء الإنسان" التي تعقدها دار الإفتاء المصرية تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، عرض فيلم تسجيلي عن أعمال الندوة التي تم انطلاقها قبل قليل، بحضور علماء الأزهر الشريف وكبار رجال الدولة والمجتمع المدني.
وعكس الفيلم التسجيلي الجهود المبذولة من قبل دار الإفتاء المصرية، ويأتي بمنزلة رحلة في أعماق الجهود المبذولة والتطلعات المستقبلية لندوة الإفتاء، حيث أكد الفيلم التسجيلي جهود الأزهر الشريف؛ بصفته كعبة العلم الديني الصحيح الذي حمل مشاعل الاستنارة والوسطية في العالم أجمع؛ وخروج العديد من المؤسسات الدينية والوطنية العريقة من رحم هذا الصرح الكبير، لتعمل على خدمة علوم الشريعة الإسلامية والدعوة والقضايا الإنسانية والوطنية وفق منهج علمي أزهري وسطي دقيق، وطبقا لرؤية مؤسسية متطورة ومرنة تتواءم مع تغير الواقع المتلاحق.
وأشار الفيلم إلى انطلاق مسيرة دار الإفتاء المصرية من الفهم الصحيح لرسالة الفتوى، ودورها المهم الكبير في استقرار المجتمعات، وتحقيق الأمن الفكري، ومواجهة التحديات، ومواكبة المستجدات، والخروج بالأمة من دياجير ظلمات الجهل والإرجاف والتفلت إلى نور العلم والعمل والاستقرار؛ بما يحقق مقاصد الشريعة ويبرز معنى أن الشريعة الإسلامية صالحة لكل زمان ومكان.
كما أوضح أن ما جعل أفئدة الناس وعقولهم تهوي إلى دار الإفتاء هو تاريخها الكبير الذي قام على أسس علمية منضبطة ومنهجية عملية مشهود لها بالوسطية النابعة من وسطية الأزهر الشريف؛ لتسطر هذه المنهجية لدار الإفتاء المصرية السيرة والمسيرة.
ولما كان لكل جسد روح ولكل مبنى معنى، فقد توارد على دار الإفتاء المصرية سلسلة منيرة متصلة مترابطة من أكابر المفتين؛ لا تختلف منهجا ولا مرجعية ولا تحيد عن كتاب الله وعن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قيد أنملة؛ يحمل بعضهم عن بعض علوم وأسرار الشريعة المطهرة النابعة المتدفقة من بحار وأنوار علوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصدق فيهم قول سيد الخلق صلى الله عليه وسلم: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله؛ ينفون عنه تحريف الجاهلين وانتحال المبطلين وتأويل الغالين» فجزاهم الله خير الجزاء على ما قدموه من خدمات جليلة لدار الإفتاء المصرية.
ولفت الفيلم النظر إلى أن دار الإفتاء المصرية على موعد مع من يحيي هذه المعاني العظيمة في بعث جديد للخطاب الديني علما ودعوة وفتوى بما يساير مفاهيم وتحديات العصر الحاضر؛ فكان الزمان يوم الثاني عشر من شهر أغسطس لسنة ألفين وأربع وعشرين من الميلاد الموافق الثامن من شهر صفر لسنة ألف وأربعمائة وست وأربعين من الهجرة المشرفة؛ حيث تولى الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد منصب الإفتاء؛ ليكون هذا اليوم المنير بداية لانطلاقة جديدة وتوسع أكبر لدور دار الإفتاء المصرية في خدمة الأمة الإسلامية.
كما أشار إلى جهود الأستاذ الدكتور نظير عياد في مجمع البحوث الإسلامية الذى شهد في عهده قمة العطاء العلمي والثقافي؛ حيث كان فضيلته مسؤولا عن الوعظ والدعوة والفتوى والبحوث والرصد وغيرها الكثير، وقد شرفت الديار المصرية بتوليه مفتيا لها؛ وبتوليه إفتاء ديارنا تنطلق دار الإفتاء المصرية إلى آفاق رحيبة تحت قيادته.
في السياق ذاته استعرض الفيلم أولويات فضيلة المفتي في قيادة مؤسسة دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم بصفته مفتيا للديار المصرية في مجموعة من النقاط:أولا: البناء على ما سبق في مسيرة دار الإفتاء المصرية بالحفاظ على المنجزات وتطويرها.
ثانيا: أن تكون دار الإفتاء أكثر قربا من المواطن بأن تعكس في فتاواها ومبادراتها وأنشطتها اهتمامات المواطنين وما يشغلهم دينا ودنيا.
ثالثا: الاستثمار في رأس المال البشري باعتباره الثروة الحقيقية لدار الإفتاء المصرية، وإيمانا بأن بناء الإنسان هو كلمة السر في نهضة المؤسسات والدول والشعوب.
رابعا: استثمار الفضاء الرقمي وتعزيز القدرات التقنية لدار الإفتاء المصرية وتسهيل وصول الخدمات الشرعية للعالم أجمع.
خامسا: الاستمرار في الحوكمة الإدارية وتطوير نظم العمل في دار الإفتاء.
سادسا: بناء الشراكات وعقد المزيد من مذكرات التفاهم والتعاون مع المؤسسات والجهات المحلية والعالمية ذات الرؤى والأهداف المشتركة.
سابعا: تعزيز دور دار الإفتاء التوعوي من خلال تنظيم الفاعليات وتقديم المبادرات والأنشطة ونشر الإصدارات المطبوعة والإلكترونية حتى تظل الدار شريكا فعالا في بناء الوعي وعمران الوطن وخدمة الإنسانية.
ثامنا: الاهتمام بالمفتيات بدار الإفتاء حتى يقمن بدورهن في الفتوى والتوعية والإرشاد.
تاسعا: الدعم الإفتائي للجاليات المسلمة حول العالم وترسيخ الدار كبيت خبرة لدور الإفتاء في العالم.
عاشرا: إطلاق مشروع الحفاظ على التراث الإفتائي، ومن ضمن ذلك: المخطوطات والتحف والصور النادرة، بالتعاون مع المتاحف والجامعات الوطنية.
وفي ختام الفيلم التسجيلي تمت الإشارة إلى أن هذه الندوة تأتي لتؤكد أن دار الإفتاء المصرية شريك فعال في قضايا الوطن عامة والرؤية الوطنية الشاملة التي تسعى لبناء الإنسان على كافة الأصعدة على وجه الخصوص؛ حيث تتوافق هذه الرؤية مع مقاصد الأديان ومبادئ الشريعة الإسلامية. وأن الدار تسعى من خلال هذه الندوة إلى تفعيل وتعزيز دور المؤسسات الدينية؛ وبخاصة دار الإفتاء المصرية؛ في دعم المبادرات الوطنية بشكل عام ومبادرة فخامة الرئيس للتنمية البشرية بشكل خاص، وإبراز دور ورسالة دار الإفتاء المصرية في توسيع مجال الفتوى وتحقيق شمولية الإسلام، ليشمل ذلك كل ما يتعلق بتنمية الإنسان في كافة أطواره وشتى مجالاته؛ حتى يكون ذلك الإنسان عنصرا فاعلا في تنمية الوطن.
كما تسعى الدار من خلال عقد هذه الندوة إلى تحقيق مفهوم التعاون بين مؤسسات وأطياف الوطن؛ حيث إن بناء المواطن المصري بناء صالحا هو مسئولية مشتركة يجب على الجميع المشاركة فيها ومد يد العون من أجل بلوغ غاياتها.
رابط الفيلم التسجيلى: https://youtu.be/A0CG8TIkKYc
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فيلم تسجيلي الإفتاء المصرية دار الافتاء المصرية مدبولى لدار الإفتاء المصریة دار الإفتاء المصریة
إقرأ أيضاً:
ما الفرق بين الروح والنفس.. وهل تموت الروح؟
أوضحت دار الإفتاء المصرية الفروق الدقيقة بين الروح والنفس، مؤكدةً أن الكلمتين تردّدتا كثيرًا في القرآن الكريم، وأن كلمة النفس وردت مفردة وجمعًا في قرابة ثلاثمائة موضع، مما يعكس اتساع معانيها وتنوع دلالاتها، وقد استعرضت الدار آراء العلماء في التفريق بينهما، ومعاني كل منهما في القرآن والسنة، إضافة إلى حقيقة موت الروح، وما يتعلق بها من مسائل عقدية.
الروح والنفس.. هل هما شيء واحد أم متغايران؟أشارت دار الإفتاء إلى أن العلماء اختلفوا في مسألة تمييز الروح عن النفس:
الفريق الأول رأى أنهما شيء واحد، مستدلين بأحاديث نبوية جاء فيها إطلاق الروح على النفس والعكس، ومنها الحديث الذي رواه البزار عن أبي هريرة، وفيه ذكرُ خروج نفس المؤمن وصعود روحه إلى السماء، مما يدل على استعمال اللفظين بمعنى واحد.
أما الفريق الثاني فذهب إلى أن الروح شيء والنفس شيء آخر؛ فالروح هي سرّ الحياة، جسم نوراني علوي لا يقبل التحلل، يسري في الجسد بإذن الله كما يسري الماء في الورد.
أما النفس فتمثل الجسد بروحه، وهي التي يظهر فيها الفرح والحزن والشهوة والغضب وسائر الصفات الإنسانية. ويترقى الإنسان بروحه إذا غلب عليه الصلاح والإنابة، بينما يشقى إذا غلبت عليه ميول النفس وشهواتها.
معاني الروح في القرآن والسنةبيّنت دار الإفتاء أن كلمة الروح في القرآن جاءت بعدة معانٍ، منها:الوحي: كما في قوله تعالى: ﴿يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ﴾ [غافر: 15].القرآن الكريم: إذ يوصف بالروح لأنه يحيي القلوب.جبريل عليه السلام: لقبه في عدة آيات مثل: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ﴾ [الشعراء: 193-194].روح القدس: وهو جبريل أيضًا في قوله: ﴿وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ [البقرة: 253].الروح المذكور في سؤال اليهود عن حقيقتها، وهي الروح التي يحيا بها الإنسان، وقد بيّن الله أن العلم بحقيقتها مخصوص به وحده، في قوله:﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾ [الإسراء: 85].
وأكدت الدار أن هذه الروح سرٌّ من أسرار الله تعالى، لم يطّلع عليه أحد من خلقه، وهي التي نفخها في آدم وذريته.
معاني النفس في الاستعمال القرآني واللغوي
ذكرت دار الإفتاء أن كلمة النفس تحمل معاني متعددة في اللغة والقرآن، من أبرزها:
تطلق بمعنى الروح عند قول: "خرجت نفسه".
تأتي بمعنى الذات أو حقيقة الإنسان؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: 29].
تُستخدم بمعنى الدم: "سالت نفسه".
وقد وردت في القرآن بمعنى العلم أو الغيب في قوله تعالى: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ [المائدة: 116].
وخلصت الدار إلى أن استعمال النفس والروح قد يتقارب في بعض المواضع، لكنه غالبًا ما يكون على سبيل المجاز، لأن لكل منهما دلالة خاصة.
هل تموت الروح؟أوضحت دار الإفتاء أن أهل العلم اختلفوا في مسألة موت الروح:
فريق يرى أنها تموت، استنادًا إلى قوله تعالى: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: 88].
وفريق آخر يرى أنها لا تموت، لثبوت نعيمها وعذابها بعد مفارقة الجسد.
ونقلت الدار ما ذكره القاضي محمود الألوسي في تفسيره حول أن موت الروح هو مفارقتها للجسد، أما فناؤها وانعدامها بالكامل فلا يكون؛ فهي تبقى ما شاء الله لها أن تبقى، ثم تعود إلى جسد الإنسان عند البعث.
أكدت الدار أن النفس هي مجموع الجسد والروح، بينما الروح ذاتٌ نورانية خُلقت بأمر الله، وهي أساس الحياة الإنسانية. وتبقى الروح سرًّا إلهيًا لا تدركه العقول، ولا يعرف كنهه أحد.