مدرين المكتومية

عندما تتعمد بعض المؤسسات الحكومية أو الخاصة، تهميش الصحفيين، وفي المُقابل "تلميع" آخرين يدَّعون مُمارسة العمل الصحفي والإعلامي، فكيف تستقيم الأمور، وكيف يُؤدي الصحفي صاحب الدراسة والخبرة عمله، في بيئة عمل بات يُسيطر عليها المُتطفلون على المهنة، ومندوبو المبيعات الذين تحولوا إلى "مشاهير"!

الصحفي الذي تعلَّم ودرس وتدرب بمؤسسات إعلامية حتى حصل على مُسمى "صحفي" يجد نفسه أمام آخر تسلل بكل سهولة إلى المشهد، وأخذ يُمارس عملَ الصحفي، تارة تحت اسم "ناشط اجتماعي" وأخرى بمسمى "مشهور" أو حتى "إعلامي"، وهذه الأخيرة كلمة مائعة لا معنى لها، فإمَّا أن تكون صحفيًا أو مُذيعًا أو مُحررًا أو مُراسلًا أو مُعد برامج أو مُخرجاً أو مُنتج أخبار، أو لا شيء آخر، إنما وصف "إعلامي" لا يعدو كونه وصفًا يُمنح لمن لا صفة له!

بالطبع لا أُعمِّم هنا، وإنما أخص فئة من هؤلاء الذين- وللأسف الشديد- يُمارسون عملًا ليس عملهم، لكنهم في المُقابل يجدون الرعاية والدعم من مختلف المؤسسات؛ سواء حكومية أو خاصة.

عندما يتساءل البعض عن غياب الإعلام في كثيرٍ من الأحيان، وأسباب وجود بعض الناس من فئة "الآخر" في أماكنهم، ألا يستدعي الأمر أن تقف المؤسسات التي تشكو غياب الصحافة عن تغطية أعمالها وتتذمر من عدم الاهتمام بنشر أخبارها، وتستنكر غياب الصحفي عن التحقيقات المختلفة... ألا يجب عليها أن تقوم بمُراجعة نفسها والأسباب التي تدفع الصحفي للعزوف عن المشاركة في مثل هذه المحافل التي تُقيمها تلك المؤسسات وغيرها؟ ألا يجب علينا أن نقف قليلًا وقفة حقيقية تجاه الصحفي الذي بدأ منذ زمن يُمارس الصحافة وما يزال يعمل تحت كل الضغوط والظروف التي تعيشها المؤسسات الصحفية المُرخّصة في الوقت الراهن؟ ألا يستحق أن يجد الصحفي التقدير والاهتمام؟ إنني أشعرُ بأسى شديد عندما يشارك صحفيون في تغطية حدث ما ويُطلب منهم الجلوس في آخر الصفوف، في تجاهل تام لأدوار هذا الصحفي، وأنه يمثل المجتمع الذي يكتب الأخبار من أجله.

لماذا الذي يعمل بكل جد واجتهاد وتفانٍ في تقديم مادة خبرية مُهمة للمجتمع يجد نفسه في الصفوف الأخيرة، بينما من يلتقط مقاطع السيلفي يحتل صدارة المشهد؛ بل إن بعضهم يحظى باستقبال "كبار الشخصيات"، رغم أنَّه ربما يكون قد انتهى للتو من إعداد فيديو دعائي لمستحضرات تجميل أو صالون حلاقة أو خاض تجربة تذوق طعام في مطعم جديد!!!

مع كل الاحترام للعاملين الجادين في مجال صناعة المحتوى، لكن هناك شباب وشابات درسوا الصحافة في أرقى الجامعات، ويعملون في مؤسسات صحفية دورها- حسب القانون- القيام بمسؤولياتها الإعلامية والصحفية، فلماذا هذه الهرولة وهذا اللهث وراء أشخاص يدعون أنهم "إعلاميون" أو "صحفيون"؟! هل لأن لديهم "مئات الآلاف" من المُتابعين، الذين لا نعلم حقيقتهم جميعًا وربما كثير منهم عبارة عن حسابات وهمية؟ أم لأنَّ "الوجاهة الاجتماعية" تتطلب حضور "الإنفلوِنسَر" لحصد المزيد من "اللايكات" و"الشير"؟!

بالتأكيد لن نُمارس أي أسلوب لمنع أحدهم من حضور مناسبات، ولسنا ضد صُنّاع المحتوى، فكثير منهم لهم أدوار مجتمعية إيجابية للغاية، لكننا نُطالب بعدم منحهم صفة "إعلامي" أو "صحفي"، بينما هو في الأساس درجة متقدمة من "مندوب المبيعات" و"المروِّج" للبضائع المختلفة، والحقيقة أن كثيراً منهم يملكون مهارات التسويق والمبيعات بكفاءة عالية، لذلك عليهم بالتخصص والبقاء في هذا الجانب؛ ألا وهو التسويق والمبيعات.

إنَّ تطفُّل أمثال هؤلاء على العمل الصحفي، دفع عددًا من المؤسسات الحكومية والخاصة لاعتبارهم "إعلاميين"؛ بل وتكريمهم على "أدوارهم الإعلامية"، في حين أنها أدوار تسويقية مرتبطة بجوانب المبيعات والترويج للسلع والخدمات وغيرها!

من الظلم بمكان مُقارنة صحفي يجتهد لتغطية مؤتمر أو منتدى أو لقاء، ثم يعود لمقر عمله لكتابة النص وتدقيقه وصياغته، مع شخص آخر يفتح كاميرا هاتفه النقال ليظل يُثرثر ويُثرثر ومن ثم يضغط "نشر"! والعجيب في الأمر أنَّ هؤلاء لا يتحركون من غرفهم المُكيفة دون مُقابل، بينما الصحفي يؤدي عمله من منطلق واجبه المهني ومن باب المسؤولية والأمانة. والعجيب أن تكلفة واحد منهم لحضور ساعة في حدث ما قد تعادل راتب صحفي في شهر كامل!

إنَّنِي لأطالب الجهات المعنية بالعمل الصحفي والإعلامي، بوضع حد لهذا التشويه المُتعمَّد للعمل الصحفي، خاصة فيما يتعلق بمنح صفة "إعلامي" للمروِّجين المشهورين، فضلًا عن بعض الصفحات "التويترية" التي تسرق الأخبار من المؤسسات الصحفية وتتربح من ورائها، تحت زعم أنها "صفحات إخبارية"، بينما هي في حقيقتها كيانات تسعى للتربح السريع دون أي مجهود يُذكر، فقط "قص ولصق" ثم "نشر"! فهل نظل صامتين حتى نجد أن كل من هبَّ ودبَّ يحمل صفة "إعلامي"؟!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كاتب صحفي: تعديات الأراضي الزراعية مستمرة رغم قرارات الردع الحكومية

أكد الصحفي أحمد أبو المحاسن، رئيس ملف التنمية المحلية بجريدة الدستور، أن التعديات على الأراضي الزراعية لا تزال مستمرة، بالرغم من الجهود الحكومية والإجراءات الرادعة التي اتخذتها الدولة في هذا الملف الحيوي.

أخبار قنا| توقيع بروتوكول تعاون مع هيئة المساحة.. وإزالة 8 حالات تعد على الأراضي الزراعية بالوقفالموجة 26 بقنا..إزالة 8 حالات تعد على أراض زراعية بمركز الوقفالدولة ترفض التصالح بعد 15 أكتوبر 2023

أوضح أبو المحاسن في مداخلة هاتفية مع برنامج «صباح البلد» المذاع على قناة «صدى البلد»،أن بعض المواطنين يواصلون البناء على الأراضي الزراعية بشكل مخالف، رغم إعلان الدولة الواضح أن التصالح لا يشمل أي مخالفة حدثت بعد تاريخ 15 أكتوبر 2023.


وأكد أن قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بمد فترة التصالح، كان مقتصرًا فقط على مخالفات البناء التي وقعت قبل هذا التاريخ، وليس على مخالفات التعدي على الأراضي الزراعية.

القانون واضح والإجراءات صارمة

وشدد أبو المحاسن على أن الحكومة اتخذت إجراءات صارمة للحد من هذه الظاهرة، من بينها الحملات المستمرة والإزالة الفورية لأي بناء مخالف، بالإضافة إلى التنسيق مع الجهات التنفيذية والأمنية لضبط المتعدين ومحاسبتهم قانونيًا.

مخاوف من اتساع الظاهرة وتأثيرها على الأمن الغذائي

وأشار إلى أن استمرار البناء على الأراضي الزراعية يهدد الأمن الغذائي في مصر، خاصة مع تراجع المساحات المزروعة وزيادة الطلب على الغذاء. ودعا إلى تفعيل دور الأجهزة المحلية وتشديد الرقابة على المناطق الريفية والمناطق الهشة إداريًا، التي غالبًا ما تشهد تجاوزات بسبب ضعف المتابعة.

طباعة شارك مخالفات الأراضي الزراعية التعدي على الأراضي الزراعية إجراءات التراخيص

مقالات مشابهة

  • ابن عم رئيس المؤتمر الصحفي
  • بإيهامه ببيع تمثالين أثريين.. حبس المتهمين بالنصب على مواطن بالقاهرة
  • بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر يعقد أول مؤتمر صحفي له منذ تنصيبه
  • كاتب صحفي: تعديات الأراضي الزراعية مستمرة رغم قرارات الردع الحكومية
  • صحفي برازيلي: رونالدو ليس سعيدًا مع النصر
  • العثور على جثة الصحفي الأمريكي المختطف في سوريا أوستن تايس
  • نهاية قصة الصحفي أوستن تايس.. العثور على جثته في مقبرة جماعية بسوريا
  • تحقيق ضد صحفي مقرب من نتنياهو في قضايا تهديد وابتزاز
  • صحفي إيطالي: سعود عبد الحميد قد يغادر روما قريبًا نحو نادٍ آخر في الكالتشيو.. فيديو
  • بث مباشر.. مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء على هامش جولته بمنطقة شرق بورسعيد