غزة- لم يعد المواطن ثائر نطاطرة من قرية أم صفا شمالي غرب رام الله يعرف كيف يدبر مصاريف بناته الثلاث اللواتي يدرسن في جامعة بيرزيت، وهو الذي كان يعمل في مناطق الداخل الفلسطيني قبل الحرب على غزة، ثم انقطعت به السبل بعدها ليبقى عاطلا عن العمل منذ عام، ويقول "لم ينظر إلينا أحد، ولم يساعدنا أحد، الله يعلم كيف مدبرين حالنا".

يملك نطاطرة عائلة كبيرة مكونة من 9 أفراد، وهو المعيل الوحيد لها، ويؤكد أن وزارة العمل أو أي نقابة عمالية أو مؤسسة أو جمعية لم تقدم له أي معونة، منذ أن تعطل عن عمله، رغم أنه سمع وعود كثيرين عبر وسائل الإعلام المختلفة تتحدث عن تعويض العمال وتشغيلهم، متسائلا عمن منحت لهم الأولوية للاستفادة من هذه المعونات.

تم بناء أكثر من 250 بيتا بلاستيكيا في أراضي فروش بيت دجن بعد تحول العمال للزراعة بعد اندلاع الحرب (الجزيرة) بديل الزراعة

وعلى عكس نطاطرة، لم يمكث المواطن مازن أبو جيش، من منطقة فروش بيت دجن قضاء طوباس، طويلا في البيت بعد أن تعطل عن عمله في داخل الخط الأخضر، فالجد مزارع والأب مزارع، وأرض الفروش تقع في منطقة لقبت عبر التاريخ بسلة غذاء فلسطين، لخصوبة تربتها وجودة عطائها.

يقول أبو جيش "اشتغلت مقاولا في مناطق الداخل لمدة 12 سنة، وكان لدي دخل ثابت، صبرت على البطالة 3 أشهر، ثم قررت استعادة فأس جدي ومنجل أبي، وعدت للعمل في أرضي البالغ مساحتها 1.5 دونم، أنشات فيها بيتا بلاستيكيا وزرعت البندورة والفلفل الحلو، واستطعت أن أوفر مصدر دخل لعائلاتي".

ولم يكن أبو جيش الوحيد الذي عاد للعمل في الأرض بعد أن أغلق الاحتلال الحواجز أمامهم، بل مثله جيش من المزارعين عادوا للعمل في أراضي فروش بيت دجن، وبنوا أكثر من 250 بيتا بلاستيكيا، زرعوها بالخضروات التي تحتاجها الأسرة الفلسطينية.

كما دعم المجلس القروي لبيت دجن هذه الخطوة عبر توفير المياه وفتح طريق زراعي، سهل على المزارعين الوصول إلى أراضيهم، بالتعاون مع جمعية الإغاثة الزراعية في رام الله.

وبتأكيد أبو جيش على أهمية التوجه للزراعة، يبين أيضا أن هناك حاجة ماسة لتنظيم السوق وتولي أمر التنسيق بين المزارعين، حتى لا يزرعوا الخضروات ذاتها ويعانوا من كساد وخسارة لاحقا، وهذا أمر يجب أن تتسلم زمامه وزارة الزراعة الفلسطينية، التي تنفذ جولات في المنطقة بين الفينة والأخرى دون اتخاذ الخطوات المناسبة.

كما طالب أبو جيش الحكومة الفلسطينية باتخاذ بعض القرارات التي من شأنها تشجيع المزارعين على استمرار العمل في الأرض، مثل إلغاء الضريبة عن المواد الخام والأسمدة والأدوية، وتخفيض سعر المياه في المنطقة، فهذه الأمور البسيطة من شانها أن تشكل فارقا لدى المزارعين، وتزيدهم صلابة على التمسك بأرضهم أمام إغواء الاحتلال.

محاولات

بينما استطاع بعض العمال أن يجدوا مخرجا للبطالة والفقر والأزمة التي خلقتها الحرب وأثرت على العمال الفلسطينيين، لم يستطع أكثر من 200 ألف عامل إيجاد الفرصة البديلة حتى الآن، رغم مرور عام كامل من الحرب على غزة، لعدة أسباب من بينها أنهم قد لا يملكون أرضا، أو لم يأخذ أحد بيدهم ويوجههم للطريق الصحيح بعد.

ورغم محاولات الجزيرة نت التواصل مع وزارة العمل الفلسطينية لمعرفة الخطوات التي اتخذتها لإنقاذ العمال الذين خسروا مصادر رزقهم، أو لفهم خطتها الإستراتيجية التي تنفذها للنجاة من هذه الأزمة، فإنها اكتفت بتأكيد صدور بيان من الوزارة بخصوص هذا الأمر قريبا، في حين رفض صندوق التشغيل الفلسطيني إعطاء أي تصريح.

وأوضح نائب الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين راسم البياري للجزيرة نت أنهم وجهوا رسائل للاتحاد العربي والاتحاد الدولي للعمال ولمنظمة العمل الدولية لوضع إسرائيل أمام مسؤولياتها لتعويض العمال الفلسطينيين، كونهم فصلوا بشكل تعسفي ولم تدفع لهم أجورهم خلال هذه الفترة، على الرغم من أنهم يحملون تصاريح عمل رسمية.

وأكد البياري أن هناك 25 رجل قانون في العالم يعملون منذ شهور على جمع الأدلة والوثائق، من أجل رفع قضية لدى منظمة العمل الدولية لتحصيل حقوق العمال الفلسطينيين من إسرائيل.

وعلى الصعيد المحلي، خاطب الاتحاد الحكومة الفلسطينية، واستطاع توفير تأمين صحي مجاني لكل من كان يحمل تصريحا رسميا، وعددهم 120 ألف عامل وعاملة، كما تمكن من تأجيل الشيكات المستحقة عليهم، وإعفاء أبنائهم من دفع الرسوم المدرسية، وقال إنهم يسعون أيضا لخلق فرص تشغيلية تتراوح مدتها بين 6 أشهر إلى سنة، من خلال برامج دولية وعبر مؤسسات ودول مانحة.

وأكد البياري أن نحو 5 آلاف عامل ممن انطبقت عليهم الشروط أخذوا قرضا دون فوائد من أجل إنشاء مشاريع صغيرة تدر على أسرهم دخلا، مشيرا إلى أنه في المستقبل القريب ستوزع بعض المساعدات المالية على العمال.

وبيّن نائب الأمين العام أن هذه التدخلات جميعها عمل عليها الاتحاد بالتعاون مع وزارة العمل الفلسطينية، وأكد أن هناك أمورا أخرى يجري العمل عليها على المديين القريب والبعيد مع العديد من المانحين، لتخفيف وطأة الأزمة على العمال العاطلين عن العمل وعائلاتهم.

ظروف العمل

من جهته، أوضح المستشار القانوني لنقابة العمال العرب في مدينة الناصرة وهبة بدارنة، أن العمال الذين كانوا قد حصلوا على تصاريح من قسم تشغيل العمال الأجانب في وزارة الداخلية الإسرائيلية كان عددهم 122 ألف عامل عندما اندلعت الحرب، بينهم 80 ألف عامل من غزة.

وأشار إلى أن هناك نحو 100 ألف عامل فلسطيني آخرين، إما يحملون تصاريح عمل لأغراض أخرى، أو لا يحملون تصاريح بالمطلق، ويدخلون بشكل غير قانوني للعمل في إسرائيل.

ودون احتساب فئة العمال غير المنظمين، فإن الأرقام الصادرة عن وزارة الداخلية الإسرائيلية تشير إلى أن 57% من العاملين في قطاع البناء الإسرائيلي هم عمال فلسطينيون باعتباره أكثر القطاعات تشغيلا لهم، يليه قطاع الزراعة بنسبة 18%، ومن ثم قطاع التجارة، والمطاعم والفنادق، بالإضافة للمواصلات والاتصالات.

كما أشار بدارنة إلى أن 74 ألف عامل فلسطيني اضطروا لسحب مستحقات تقاعدهم خلال عام الحرب من صندوق "بركة" المخصص للتقاعد، نتيجة لانقطاعهم عن أعمالهم وسوء حال معيشتهم.

ومن جهة أخرى، أوضح المستشار أن العديد من العمال تعرضوا للإصابة والاعتقال، وسوء المعاملة والضرب والإهانات، خاصة في بداية الحرب، وعلى وجه الخصوص عمال غزة.

وبيّن أن إسرائيل اخترقت قوانين العمل الدولية بحرمان المصابين من عمال غزة بإصابات عمل من مستحقاتهم الشهرية منذ بدء الحرب، وعددهم 47 عاملا، حيث يتابع المحامون الفلسطينيون في الداخل هذه القضية حاليا، ويبرر صندوق التأمين الوطني الإسرائيلي هذه الخطوة بمشاركة العمال الفلسطينيين في أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأكد المستشار القانوني أن عودة العمال الفلسطينيين إلى العمل في الجانب الإسرائيلي فور انتهاء الحرب محتومة، لأن التجربة أثبتت أن لا غنى عن العمال الفلسطينيين، حيث امتد أثر هذه المشكلة إلى الكنيست الإسرائيلي نتيجة مطالبات شركات إسرائيلية بعودة العمال الفلسطينيين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجامعات العمال الفلسطینیین للعمل فی ألف عامل أبو جیش أن هناک إلى أن

إقرأ أيضاً:

اعرف حقوقك .. إجراءات جديدة لحماية العمال بالقانون

في خطوة تهدف إلى ضبط العلاقة بين العامل وصاحب العمل وضمان الحقوق والواجبات للطرفين، حدد قانون العمل الجديد مجموعة من المواد التي تنظم بنود التعاقد، وفترة الاختبار، وحفظ الملفات، والتنقل، والحقوق المتبادلة، وأبرزها المواد من 87 حتى 95.

عقد العمل.. محدد أم غير محدد؟

تنص المادة (87) على أن عقد العمل يمكن أن يكون لمدة محددة أو غير محددة وفقًا لطبيعة العمل، ويجوز للطرفين الاتفاق على تجديده. أما المادة (88) فاعتبرت العقد غير محدد المدة إذا كان غير مكتوب، أو لم يتضمن مدة محددة، أو استمر الطرفان في تنفيذه بعد انتهاء المدة المحددة دون توثيق مكتوب.

شروط كتابة العقد وتوثيقه

بحسب المادة (89)، يُلزم صاحب العمل بتحرير عقد مكتوب من 4 نسخ باللغة العربية، يحتفظ كل طرف بنسخة، فيما تُودع نسختان لدى مكتب التأمينات الاجتماعية والجهة الإدارية المختصة. ويشمل العقد بيانات العامل ومحل إقامته وطبيعة العمل والأجر المتفق عليه. وفي حال غياب عقد مكتوب، يحق للطرفين إثبات العلاقة بكافة وسائل الإثبات القانونية.

فترة الاختبار مرة واحدة فقط

حددت المادة (90) فترة الاختبار في عقد العمل بما لا يزيد عن 3 أشهر، ولا يجوز تكرار فترة الاختبار للعامل لدى نفس صاحب العمل.

6 محظورات صارمة على العامل في قانون العمل الجديد.. اعرفهابيانات دورية عن العمالة.. قانون العمل الجديد يحدد آليات تشغيل العمالة وتنظيم بيانات سوق العمل

وأكدت المادة (91) أنه لا يجوز إخلال صاحب العمل ببنود العقد أو تكليف العامل بعمل مختلف، إلا في حالات الضرورة كمنع الحوادث أو مواجهة قوة قاهرة، ويشترط أن يكون ذلك مؤقتًا، وألا يمس بحقوق العامل.

ملف وظيفي لكل عامل

أوضحت المادة (92) أن على صاحب العمل إنشاء ملف ورقي أو إلكتروني لكل عامل، يتضمن بياناته الشخصية والمهنية، وتاريخ بداية عمله، وأجره، ومحاضر التحقيق إن وجدت، وتقارير رؤسائه، وصورة العقد، وشهادة التأمين، والكشف الطبي. ويجب الاحتفاظ بالملف 5 سنوات بعد انتهاء العلاقة، أو لحين الفصل في أي نزاع قضائي.

نقل العامل وإعادته

بحسب المادة (93)، يلتزم صاحب العمل بنقل العامل من جهة التعاقد إلى موقع العمل، وإعادته بعد انتهاء العقد خلال 3 أيام، بما في ذلك فترة الاختبار. وإذا امتنع، تتولى الجهة الإدارية إعادة العامل على نفقتها، وتسترد ما أنفقته من صاحب العمل الأصلي.

التعاقد من الباطن.. حقوق العامل محفوظة

تنص المادة (94) على أن صاحب العمل الذي يعهد بجزء من أعماله إلى آخر، يجب أن يساوي بين حقوق العمال في جميع المزايا، ويكون متضامنًا في الوفاء بكافة الالتزامات.

رد نفقات التدريب

وتوضح المادة (95) أن العامل المتدرب على نفقة صاحب العمل، ملزم بقضاء مدة العمل المتفق عليها بعد انتهاء التدريب، وفي حال تركه العمل قبل المدة، عليه رد نفقات التدريب، مع احتفاظ صاحب العمل بحق التعويض.

طباعة شارك قانون العمل قانون العمل الجديد مجلس النواب البرلمان اخبار البرلمان

مقالات مشابهة

  • اتحاد عمال مصر يشارك في 4 لجان رئيسية بمؤتمر العمل الدولي
  • رئيس اتحاد عمال العراق يلتقي محمد جبران لبحث تعزيز التعاون المشترك
  • وزارة العمل تعلن عن فرص عمل جديدة بالأردن
  • تقرير حقوقي: دول الخليج تُهمِل حماية العمال من الحر الشديد وتُعرّض حياتهم للخطر
  • تنطلق أعماله اليوم.. مصر تشارك في موتمر العمل الدولي بوفد عمالي ضخم
  • حامد فارس: إذا أفرجت حماس عن الأسرى الفلسطينيين ستتوسع آلة الحرب
  • طريقة جديدة للإعلان عن الوظائف بالقطاع الخاص.. تفاصيل
  • اعرف حقوقك .. إجراءات جديدة لحماية العمال بالقانون
  • العمل الأهلي الفلسطيني: غياب ضمانات إنهاء الحرب عقبة أمام نجاح أي مبادرة سياسية
  • كيف عوّضت الأرض فلسطينيا بعد فقدان عمله خلال الحرب؟