هل يتمكن الديمقراطيون من استعادة الطبقة العاملة؟
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
صدم انتخاب دونالد ترامب، الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة، الحزب الديمقراطي كـ "قطار شحن"، كانت الرسالة من أمريكا لا لبس فيها: "الناخبون غير راضين عن الحزب الحاكم".
الديمقراطيون خسروا ناخبين يكسبون أقل من 50 ألف دولار سنوياً
وكتب مايكل باهارين في موقع "أنهيرد" أن الديمقراطيين سيضطرون إلى قبول حقيقة مفادها أنهم أساؤوا فهم الناخبين بشكل أساسي، وحتى ائتلافهم الخاص.
حين تبجح شومر
لم يبدُ العديد من الديمقراطيين منزعجين من هذا التحول. في الواقع، رحب بعضهم به. قال زعيم الحزب في مجلس الشيوخ تشاك شومر ذات مرة: "مقابل كل ديمقراطي من ذوي الياقات الزرقاء نخسره في غرب بنسلفانيا، سنحصل على جمهوريَين معتدلين في ضواحي فيلادلفيا، ويمكنكم تكرار ذلك في أوهايو وإلينوي وويسكونسن".
From 1992 to 2020, the Democrats carried working-class voters by double digits. This year, Harris lost them by one point.
Without drastic changes, this realignment could be terminal, writes @mbaharaeen ???? https://t.co/mJMHMP4moN
لكن الآن، من الواضح أن هذه الصيغة لم تعد قابلة للاستدامة بالنسبة إلى الحزب الذي أصبح فقدانه لأصوات الطبقة العاملة عائقاً كبيراً أمام النجاح الانتخابي. ووفق البيانات الديموغرافية المبكرة من استطلاع الخروج لأسوشيتد برس، تحول الناخبون الذين لا يحملون شهادة جامعية إلى اليمين بست نقاط أكثر منذ 2020، فدعموا ترامب بفارق 11 نقطة – وهو أكبر ميزة من هذا القبيل لأي مرشح جمهوري منذ سنة 1996 على الأقل. علاوة على ذلك، إن الفجوة بين هذه المجموعة وأقرانهم من خريجي الجامعات الذين دعموا هاريس بفارق 16 نقطة، هي الأوسع على الإطلاق عند 27 نقطة. وهي علامة على مدى الاستقطاب الذي أصبحت عليه أمريكا على طول خطوط التعليم.
ولعل الأكثر إثارة للدهشة هو أن الديمقراطيين خسروا ناخبين يكسبون أقل من 50 ألف دولار سنوياً، لأول مرة على الإطلاق. فمنذ سنة 1988، عندما بدأت استطلاعات الرأي تسأل الناخبين عن دخلهم، فاز الديمقراطيون بأصوات الطبقة العاملة في كل مرة، حتى في الانتخابات التي خسروها. ومن 1992 حتى 2020، فاز الحزب بأصوات هؤلاء الناخبين بفارق 10 نقاط وأكثر. ولكن هذه السنة؟ خسرت هاريس أصواتهم بفارق نقطة واحدة.
مسلسل الخسائر مستمر
واصل الحزب فقدان قبضته على الأسر النقابية التي كانت لفترة طويلة دائرة انتخابية ديمقراطية أساسية. وتظهر استطلاعات الرأي أن هاريس فازت بها بنحو 11 نقطة، خلف هيلاري كلينتون فقط بالنسبة إلى ديمقراطي منذ 1988. وفي ولايتي "الجدار الأزرق" ميشيغان وبنسلفانيا الحاسمتين في الغرب الأوسط، بالكاد طابقت هامش جو بايدن مع هؤلاء الناخبين؛ وفي ويسكونسن، فازت بهم بفارق ضئيل فقط ــ وهو أداء ضعيف إلى حد كبير بالمقارنة مع بايدن. والأكثر من ذلك أن هذه الخسائر تتخطى الخطوط العرقية.
“The former and now future U.S. president’s demagogue genius got him so far, but the Democrats offered him yet again the opening because they’ve increasingly lost touch with their traditional constituents: working class and lower-middle-income voters. https://t.co/h6RHsaYZlS
— Josephine Lee (@josephineklee) November 6, 2024
صوت الناخبون من الطبقة العاملة السوداء واللاتينية والناخبون النقابيون لصالح ترامب بمعدلات أعلى هذه المرة، مقارنة مع 2020. لذلك، على عكس الماضي عندما حاول العديد من اليساريين إرجاع انتصاراته إلى آفة العنصرية، إن فوز ترامب المقنع هذه المرة عبر الخطوط الديموغرافية والجغرافية يعني أنه من المرجح تعاطف عدد أقل من الناس مع هذا الاستنتاج.
والشيء الآخر الذي فات الديمقراطيين أن السياسة لا يمكن أن تأخذهم إلى أبعد من هذا. فقد كان لبايدن رئاسة منتجة على المستوى التشريعي، لكن نسبة تأييده استمرت في الانخفاض، كما حدث مع الحزب. والمشكلة الواضحة التي يتعين على الديمقراطيين مواجهتها هي ثقافتهم. ففي مجموعة من القضايا ــ الهجرة والمناخ والجنس والجندر والعرق ــ هم خارج نطاق الجمهور الأوسع. وفي وقت تدور السياسة الأمريكية بشكل متزايد حول القضايا الثقافية، إن الوقوف على الجانب الخطأ من هذه المعادلة هو وسيلة أكيدة لخسارة الانتخابات. جاء الحساب من الواضح بالنسبة إلى الكاتب أن الديمقراطيين الآن عند مفترق طرق. لقد بنوا تحالفهم الحديث حول الطبقة المهنية المتعلمة في الكليات والتي تتبنى بشكل ساحق مواقف ثقافية تقدمية، واتضح أن هذه الاستراتيجية قد تضر بحيويتهم الانتخابية. مع البدء بالتقاط قرائن على هذه الهزيمة، جاء وقت الحساب بالنسبة إلى الديموقراطيين.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الانتخابات الأمريكية الطبقة العاملة بالنسبة إلى أن هذه
إقرأ أيضاً:
استعادة الريادة التكنولوجية الأوروبية
على مدار العقود القليلة الأخيرة، تحول الاتحاد الأوروبي من لاعب عالمي في مجال التكنولوجيا إلى مستهلك سلبي للتكنولوجيات المطورة في أماكن أخرى. فاليوم، 80% من التكنولوجيات والخدمات التي تحتاج إليها أوروبا لتحقيق التحول الرقمي تُـصَـمَّـم وتُـصَـنَّـع خارج حدودها، ومعظمها في الولايات المتحدة والصين. هذه العقلية الاستهلاكية شديدة العمق إلى الحد الذي جعلها تشكّل حتى الفلسفة الكامنة وراء قوانيننا: كان الهدف من الضوابط التنظيمية التكنولوجية الأخيرة مثل قانون الخدمات الرقمية وقانون الأسواق الرقمية حماية الأوروبيين كمستهلكين، من خلال الحفاظ على سلامتنا على الإنترنت وضمان المنافسة العادلة.
يُحسب لهذه القوانين أنها توفر سبل حماية قوية لمواطني الاتحاد الأوروبي، حتى أنها عملت عمل المخططات الأولية لسياسة المنافسة والسلامة على الإنترنت في مختلف أنحاء العالم. لقد أصبح التميز التنظيمي علامة تجارية أوروبية. ولكن بدون سياسة إبداع تكميلية، وتقييم ما إذا كانت قواعدنا الحالية تعزز هذه السياسة أو تعيقها، فإننا نجازف بالتحول إلى مجرد متفرج في سباق التكنولوجيا العالمي، وخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي. على الرغم من الصفقات التي أُعـلِن عنها أثناء قمة عمل الذكاء الاصطناعي في باريس في وقت سابق من هذا العام، انخفض إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في أوروبا عام 2024 إلى أدنى مستوى له منذ 9 سنوات، حيث شهدت فرنسا وألمانيا انخفاضا مضاعفا. ويصاحب هذا الانخفاض أرقام أخرى مثيرة للقلق: فقد انخفضت حصة الاتحاد الأوروبي في سوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات العالمية من 21.8% في عام 2013 إلى 11.3% في عام 2022. لفترة طويلة للغاية، استفاد الأوروبيون بشكل سلبي من النزوع إلى خوض المجازفات في وادي السيليكون وبراعة التصنيع في شينزين. لكن هذا لم يكن بلا ثمن. على حد تعبير رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراجي، مؤلف التقرير التاريخي الصادر عام 2024 حول القدرة التنافسية الأوروبية، فإن الأوروبيين فعلوا «كل ما في وسعهم لإبقاء الإبداع عند مستوى متدن». يجب على أوروبا أن تبذل من الجهد قدرًا أكبر كثيرا من مجرد اللحاق بأمريكا والصين. ولكي تستعيد مكانتها في صناعة التكنولوجيا العالمية، فهي بحاجة ماسة إلى إعادة التفكير بصورة عاجلة في كامل نهجها في التعامل مع الاستقلالية، والتحالفات، والتنظيم، والقيادة. هذا يستدعي الاستعانة باستراتيجية مدروسة جيدا. فالهدف هو ضمان أمننا من خلال بناء قدراتنا الأساسية، وليس تحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي أو الاستقلالية الذاتية بمعزل عن الآخرين. من غير المنطقي الاستثمار بكثافة في تكنولوجيات يصعب توسيع نطاقها أو تصديرها. كانت الجهود الأخيرة لتطوير حوسبة سحابية محلية وبدائل لمحرك البحث جوجل مدفوعة في الأساس بالرغبة في الاستقلال التكنولوجي؛ لكنها لم تنجح على الرغم من الدعم السياسي القوي. وبالنظر إلى المستقبل، ينبغي إخضاع الجدوى التجارية لمثل هذه المشاريع لاختبارات الإجهاد قبل أن تستهلك قدرا أكبر مما ينبغي من الوقت أو الموارد.
تتمثل إحدى القضايا المهمة بشكل خاص في الاتكالية الاستراتيجية المتبادلة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالبنى الأساسية المادية والرقمية الحيوية. في هذه المرحلة، لا يمكن لأي دولة أن تتحمل إغلاقًا مفاجئًا للمدفوعات الرقمية، على سبيل المثال. لهذا السبب ظل قطاع المدفوعات لفترة طويلة يعتمد على التشارك في المنصات (منصات دفع متعددة تستخدم ذات أداة الدفع). بوسعنا أن نجد نماذج مماثلة للمسؤولية المشتركة في توفير الكابلات البحرية، والأقمار الصناعية المنخفضة المدار، وأشباه الموصلات، والطاقة، والاندماج النووي.
لكن توسيع مثل هذه الشراكات يتطلب تكافؤ الفرص، بحيث يتسنى لجميع المشاركين استخدام اللبنات التكنولوجية المتاحة. على سبيل المثال، تعتمد شركة Helsing، شركة الطائرات الـمُـسَـيَّرة آليا البادئة ومقرها ألمانيا، على نماذج لغوية ضخمة مفتوحة المصدر طورتها شركة ميسترال الفرنسية الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي. وبفضل هذا الترتيب المتآزر، أطلقت شركة Helsing مؤخرا مصنعا بطاقة إنتاجية شهرية أولية تزيد عن 1000 طائرة مُـسَـيَّرة آليا مدعومة بالذكاء الاصطناعي. يتعين علينا نحن الأوروبيين أيضا أن نعترف بأوجه القصور لدينا. حذَّر كل من دراجي ورئيس الوزراء الإيطالي السابق إنريكو ليتا - مؤلف تقرير رئيسي حول تعزيز السوق الأوروبية الموحدة - من أن النهج الحالي المتبع في تطبيق القوانين الرقمية في الاتحاد الأوروبي يثقل كاهل صغار المبدعين. والاستعانة بمزيد من الوضوح والبساطة والقدرة على التنبؤ في إطارنا القانوني الذي يحكم التكنولوجيا من شأنه أن يعزز السوق الموحدة ويجذب المواهب والاستثمارات إلى أوروبا. ولا يتعلق الأمر بتخفيف قوانين الخصوصية أو حقوق النشر. بل يدور حول إيجاد بيئة تنظيمية تسمح بتمكين المشاركين في السوق وحمايتهم. من ناحية أخرى، لم يكتمل بعد العمل على حماية الأشخاص في المجال الرقمي، مع الأخذ في الاعتبار أن الأطفال في مختلف أنحاء العالم لا يزالون يفتقرون إلى الحماية الشاملة على الإنترنت. سوف تظل مواءمة سياسات الإبداع الأوروبية مع حماية الحقوق الأساسية تشكل أولوية قصوى. ولكن من غير الممكن أن تستفيد أوروبا من قوتها الدبلوماسية والتنظيمية إذا لم يكن لديها شركات تكنولوجية ضخمة قادرة على تشكيل المنتجات، والخدمات، والأسواق الرقمية، على المستوى العالمي. في هذا الصدد، من الممكن أن يضطلع تحالف من الشركات المتماثلة الفِـكر من مختلف أنحاء الاتحاد الأوروبي والبلدان الأخرى التي تشاركه قيمه بدور مهم في المناصرة. يتعين علينا أن نثبت أن الذكاء الاصطناعي التوليدي من الممكن أن يمثل فرصة كبرى، ولكن فقط إذا جرى نشره بطرق تحترم حقوق الإنسان والعمال. كما أننا بحاجة إلى إنشاء أطر تكنولوجية وقانونية تعزز المساواة والتعددية عبر لغاتنا العديدة. هذه هي التحديات والفرص الكبرى أمامنا. ولتحقيق النجاح، يتعين على قادة الصناعة وصناع السياسات أن يتعاونوا بشكل وثيق مع المجتمع المدني، والجامعات، والنقابات العمالية. لم يفت الأوان بعد لاستعادة مكانة أوروبا كرائد عالمي في مجال التكنولوجيا والإبداع، ونحن نعرف كيف نفعل ذلك. الخطوة الأكثر أهمية هي تغيير العقلية.
إريك سالوبير رئيس اللجنة التنفيذية لمؤسسة التكنولوجيا البشرية.