كتبت رندة تقي الدين في "النهار": تعود رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على الإساءة لزوار الدولة العبرية عندما تكون علاقته برئيس دولتهم متوترة، فقد واجه وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو إساءة الشرطة الإسرائيلية الى عناصر أمنه الخاص خلال زيارته اسرائيل، الأمر نفسه الذي حصل للرئيس الراحل جاك شيراك خلال زيارته إسرائيل والأراضي الفلسطينية عام 1996 عندما تعرض آنذاك الى سوء تعامل حرس الحدود الإسرائيلي في القدس الشرقية خلال جولته في شوارع المدينة.
بارو اراد زيارة كنيسة" ايليونا" في جبل الزيتون في القدس الشرقية وهي أرض فرنسية تديرها فرنسا منذ 160 عاما ليفاجأ لدى وصوله الى قرب الكنيسة بوجود رجال شرطة إسرائيليين مسلحين في داخل الكنيسة، فرفض الوزير الدخول احتجاجا على دخول العناصر من دون اذن وايقافهم عنصرين من الدرك الفرنسي مسوؤلين عن أمنه. ويذكر الحادث بوقوف شيراك امام كنيسة "سانت آن" في القدس، وهي أيضا موقع فرنسي، رافضا الدخول لأن الشرطة الإسرائيلية كانت داخل الكنيسة وقد انتظر اجبارها على الخروج ليدخل بعد ذلك. وفي فترة شيراك كانت العلاقة متدهورة جداً بين نتنياهو والرئيس الفرنسي الذي كان يسعى مع رئيس السلطة الفلسطينية آنذاك ياسر عرفات من اجل سلام عادل فيما كان نتنياهو نفسه يعرقل كل مساعي شيراك. واليوم، والعلاقة متوترة جدا بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ونتنياهو يعود المشهد نفسه، أولا لأن الدولة العبرية تريد القول لفرنسا ان القدس أرض إسرائيلية وان أي أرض، حتى المواقع التي تقع تحت مظلة دبلوماسية اجنبية، تخضع لحكومة إسرائيل. وذلك بعد فترة كانت العلاقة الفرنسية- الإسرائيلية تبدو كأنها ودية، لا سيما بعد ما سارع ماكرون بعد عملية "طوفان الاقصى"الى القول، مثل كل زعماء الغرب، ان من حق إسرائيل ان تدافع عن نفسها، وشجعها على الانتقام من "حماس"، قبل أن يتحول هذا الانتقام الإسرائيلي الى حرب وحشية على الشعب الغزاوي ما زالت مستمرة منذ اكثر من سنة وتوسعت الى
لبنان حيث قتلت إسرائيل قيادات "حزب الله" ودمرت قرى كثيرة في الجنوب وبعلبك وضاحية بيروت وتسببت بنزوح أكثر من مليون شخص. وقد تحول موقف ماكرون الى التنديد بهذه الحرب مطالبا بوقف اطلاق النار وساعياً مع الرئيس الاميركي الحالي جو بايدن الى وقف اطلاق النار، لكن من دون جدوى . ونتنياهو كان ينتظر وصول صديقه دونالد
ترامب الى الرئاسة الأميركية لانه مقتنع بأنه سيحصل منه على ما يشاء رغم أن بايدن لم يحرمه من كل ما طلبته إسرائيل من دعم بالسلاح والمال للاستمرار في الحرب بموازاة ادعائه انه مع وقف اطلاق النار. لكن دعوة ماكرون الشهر الماضي الى وقف تصدير السلاح الى إسرائيل، في إشارة الى الولايات المتحدة، ثم إصراره على وقف اطلاق النار وعدم توسيع الحرب على لبنان أديا الى غضب نتنياهو. ورغم ان ماكرون بقي يتواصل مع نتنياهو مقتنعا بأنه ربما يضغط عليه لوقف الحرب واسترجاع الرهائن وعدم التعرض لليونيفيل في الجنوب اللبناني ومنع توسيع الحرب في لبنان، سعى نتنياهو الى إذلال فرنسا كما فعل مع شيراك. ومع كل ذلك يبدو ماكرون عازماً على التواصل مع نتنياهو، حتى انه امتنع حتى الآن عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية كي لا يفقد قدرته على التحاور معه. لكن الأخير لا يسمع لأحد، وربما حتى لصديقه ترامب، فهو لا يعرف الا الانتقام. ولتذكير بما حصل مع شيراك أثناء زيارته القدس، روى أحد عناصر الامن الذين تولوا أمن زيارتي الرئيس الاشتراكي الراحل فرانسوا ميتران ولاحقا زيارة شيراك لـ"النهار" ان إسرائيل سهلت بشكل كبير زيارة ميتران، فكل المعاملات كتأشيرات الدخول كانت تطبع على ورقة مستقلة عن الجواز وغيرها من متطلبات الامن. وآنذاك كانت علاقة ميتران بالحكومة الإسرائيلية مميزة وهو الرئيس الذي استطاع اخراج عرفات من لبنان. اما في زيارة شيراك، فقال المسوؤل الأمني، إن التحضيرات للزيارة الرئاسية كانت بالغة الصعوبة لأن الإسرائيليين عقدوا كل شيء. فمثلا طلب شيراك التجول في شوارع القدس الشرقية وارادت الحكومة الاسرائيلية ان تفرض عليه مواكبة رئيس بلدية القدس الغربية جولته، وقد رفض شيراك ذلك مؤكداً انه سيتجول وحده، فقررت حكومة نتنياهو ارسال حرس الحدود لمواكبته وعرقلة جولته مع كل وفده، حتى جعلته يهدد بقطع الزيارة والعودة الى بلده، وقد تم عرض المشهد على كل تلفزيونات العالم. واعيد تكرار المشهد الخميس على شاشات تلفزيون فرنسا اثر تعرض الشرطة الإسرائيلية لعناصر أمن بارو في جبل الزيتون. لقد اراد نتنياهو توجيه الرسالة مجددا الى ماكرون بأنه غير راض عن ضغوطه لوقف إسرائيل حربها على غزة وفي لبنان. لكن الآن وبعد هذا الحدث مع بارو بالتزامن مع انتخاب دونالد ترامب رئيسا الولايات المتحدة، كيف تكون سياسة ترامب في لبنان وهل يستمع الى ماكرون الذي كان اول من هنأه من الأوروبيين، وهل يقبل بالضغط على نتنياهو لوقف الحرب على لبنان؟ سبق لماكرون أن اقنع ترامب في عهده الأول بعد انفجار المرفأ في بيروت بحضور مؤتمر بالفيديو لمساعدة للبنان فحضر، ما اعطى الؤتمر أهمية اكبر وقتئذ. ثم حاول ماكرون ان يرتب لقاء بين ترامب والرئيس الإيراني السابق حسن روحاني في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة، وكان الرئيس الإيراني وافق على المبدأ الى ان منعه في اللحظة الأخيرة المرشد علي خامينئي تاركا ماكرون مربكاً امام ترامب . حصل ذلك في العهد الأول لرئاسة ماكرون. اما الآن فطبيعة ماكرون تشير الى أنه لن يستسلم للفشل مع نتنياهو وإيقاف الحرب في لبنان، بل سيبحث عن إيجاد سبل للعمل مع ترامب على الملف اللبناني. وماكرون يدرك ان فرنسا وحدها لا يمكنها ان تنجح في مثل هذه المساعي، والحل اليوم لوقف الحرب في لبنان متعلق بالجانبين الإسرائيلي والإيراني، فمنذ مقتل الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله استعاد الحزب جزءا من قدراته عبر تسلم الحرس الثوري الإيراني قيادته المباشرة . والجميع في الأوساط الفرنسية والاميركية المسوؤلة يعرفون ذلك . والسؤال اليوم هل يضغط ترامب على ايران للتخلي عن ذراعها المسلحة في لبنان، وربما عن أذرعتها في اليمن وسوريا والعراق، أم تشن اسرائيل هجوما على ايران قبل تسلم ترامب الرئاسة للاعداد لمرحلة إسرائيلية جديدة في المنطقة؟
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية:
وقف اطلاق النار
لوقف الحرب
مع نتنیاهو
فی لبنان
إقرأ أيضاً:
في الشبكة.. عجز نتنياهو ومسؤول مصري ينقل مكتبه إلى توكتوك

واستُهلت حلقة (2025/11/28) بتناول الاتهامات المباشرة التي وجهها وزيرا الاحتلال المتطرفان، بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بعد تحميله مسؤولية "العجز السياسي والإجرامي"، حيث اعتبر البرنامج أن هذه السجالات تكشف عمق المأزق داخل الائتلاف اليميني.
وتوقفت النشرة عند تهديدات نتنياهو باستكمال الحرب على مختلف الجبهات، حيث قدمها البرنامج بسخرية باعتبارها محاولة للهروب من ضغوط داخلية، لا سيما بعد الاتهامات المتكررة بعجزه عن إدارة الملفين العسكري والسياسي بفعالية.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4نتنياهو يواصل الحرب وترامب يبحث عن الاستثمار.. هل يتهاوى اتفاق غزة؟list 2 of 4مغردون: جنود الاحتلال هربوا من مواجهة الأهالي في بيت جن وردوا بقتل الأبرياءlist 3 of 4طاقم وزاري إسرائيلي لتطبيق المرحلة الثانية بغزة وساعر يدعو لمنح خطة ترامب فرصةlist 4 of 4ممداني يلوّح باعتقال نتنياهو وسلفه يعلن "أخوته" للإسرائيليينend of list
كما تناولت الحلقة موجة طلبات التقاعد المبكر التي قدمها مئات الجنود الإسرائيليين خلال الحرب على قطاع غزة، معتبرة أن هذا النزيف البشري داخل الجيش يعكس تراجع الدافعية وتزايد الخشية من استمرار العمليات البرية.
واستعرضت الحلقة بشكل ساخر تقارير حول قيام جنود إسرائيليين بسرقة قطيع أبقار يعود لعائلة فلسطينية وتسليمه للمستوطنين تحت ذريعة "لم الشمل"، وهي مفارقة استخدمها البرنامج لتسليط الضوء على سلوك الفوضى والفلتان الإسرائيلي.
وفي سياق مشابه، عرض البرنامج حادثة سرقة صناديق مياه من أمام متجر فلسطيني، مشيرا إلى أن جنود الاحتلال بدوا وكأنهم يتعاملون مع الممتلكات المدنية كغنائم حرب، قبل أن يدمج المشهد بمقطع تمثيلي يسخر من اتساع دائرة السرقات.
هروب إلى الأمام
وتطرقت الحلقة كذلك إلى جولة نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس في الجنوب السوري بزعم "إبداء حسن النوايا"، حيث قدّم البرنامج هذا التحرك باعتباره دليلا إضافيا على محاولات الهروب إلى الأمام وسط انقسام الحكومة الإسرائيلية.
وفي أحد أكثر المقاطع سخرية، خصص البرنامج فقرة عن استغاثات مستوطنين مما قيل إنه "غزو آلاف الكلاب الضالة القادمة من حدود مصر وغزة"، لتُدمج الشكوى بمكالمة هاتفية عبثية تَمثّل فيها أحد مقدمي البرنامج دور مستوطن يشتكي "مؤامرة كلبية معادية للسامية".
كما عرضت الحلقة تقريرا تمثيليا من مصر تناول قرار مسؤول محلي نقل مكتبه إلى الشارع "ليستمع لشكاوى المواطنين من قرب"، قبل أن ينتهي به الحال محمولا داخل توكتوك وسط فوضى عارمة، في مشهد قدمه البرنامج كرمز لأسلوب إدارة الملف الخدمي في بعض المناطق.
وفي جزء آخر من الحلقة، عاد البرنامج للسخرية من المشهد السياسي الدولي عبر خبر تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن "الفلسطينيين يحبونه"، وهو ما تناوله المذيعان بسخرية باعتباره خطابا يعكس مبالغة المسؤولين الأميركيين.
كما توقف البرنامج عند تلويح عمدة نويورك المنتخب زهران ممداني باعتقال نتنياهو إن زار نيويورك، مستعيدا مشهدا ساخرا من جولات نتنياهو السابقة، حين اضطر لتجنب عدد من الدول هربا من مذكرات الملاحقة.
وختمت الحلقة فقراتها بعرض تقرير مصور يعكس واقع الاعتداءات المستمرة للمستوطنين على القرى الفلسطينية، حيث مزجت آمنة خندقجي بين لغة شاعرية موجعة وصور مظلمة لحرائق واعتداءات.
Published On 28/11/202528/11/2025|آخر تحديث: 21:36 (توقيت مكة)آخر تحديث: 21:36 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2
شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylink
حفظ