مقتل ضابطين سعوديين بحضرموت.. دلالات التوقيت والتوظيف السيئ للحادثة (تقرير)
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
ألقت حادثة مقتل جنديين سعوديين وإصابة ثالث داخل مقر قيادة المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت، (شرق اليمن) برصاص مجند يمني الضوء على حدة الصراع بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والمدعومة من السعودية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.
ويوم الجمعة، أقدم جندي في اللواء 135 التابع للمنطقة الأولى ويدعى "محمد صالح العروسي"؛ من أبناء محافظة حجة على قتل جنديين سعوديين وإصابة الثالث، فيما لا تزال أسباب ودوافع الجريمة غير معروفة، في الوقت الذي لاذ الجاني بالفرار عقب الحادثة.
إلى جانب التنديد، المحلي والعربي، رافق الحادثة جدل بشأن التوقيت والدلالة، وسط اتهامات متبادلة بين أطراف الصراع في البلاد، ما قيل إنه استغلال في توظيف الحادثة وفق أجندات وتوجهات تلك الأطراف.
ومنذ سنوات يطالب الانتقالي بطرد قوات المنطقة العسكرية الأولى -موالية للحكومة وينتمي أغلب منتسبيها لمختلف مناطق اليمن- من وادي وصحراء حضرموت واستبدالها بقوات النخبة الحضرمية التابعة له، ليتسنى له استكمال سيطرته على المحافظة الغنية بالنفط.
عقبة أمام الانتقالي
وأعلنت قيادة المنطقة العسكرية الأولى وقائدها اللواء الركن "صالح طيمس" منذ اندلاع الصراع في اليمن موقف المنطقة الداعم للشرعية، كما أعلنت موقفها من دعوات الانفصال، الأمر الذي حدا بالانتقالي بالسعي لطرد تلك القوات.
واللواء "طيمس " من أبناء محافظة ابين ويتمتع بعلاقات واسعة مع قبائل حضرموت خصوصا الوادي والصحراء الذين يرفضون تواجد الانتقالي في محافظتهم كما يرفضون الانفصال.
وتشكل المنقطة العسكرية الأولى عقبة وحاجز منيع أمام الانتقالي الذي يسعى لبسط نفوذه على مديريات الوادي والصحراء في حضرموت- في إطار استكمال مشروع الانفصال الذي يزعم.
كما تأتي الحادثة بالتزامن مع حراك حقوقي وشعبي بقيادة حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع منذ عدة أشهر، للمطالبة بالشراكة في السلطة والثروة بالمحافظة الغنية بالنفط.
استغلال وتوظيف انتقالي
بين التوظيف السيئ والاستغلال، وجد الانتقالي حادثة مقتل الجنديين السعوديين فرصة للتصعيد وتحقيق مآربه الذي فشل على مدى السنوات الماضية والمتمثلة بطرد قوات المنطقة العسكرية الأولى، وفق مراقبين.
وفي استغلال للحادثة سارع الانتقالي إلى إصدار بيان يندد بالجريمة واتهم فيها قيادة المنطقة العسكرية الأولى بالوقوف وراء الحادثة، كما شن ناشطون وقيادات بالانتقالي هجوما حادا على قيادة المنطقة ومطالبين بإخراجها من حضرموت.
وفي اتهام ضمني لقيادة المنطقة العسكرية الأولى، زعمت -ما تسمى الهيئة التنفيذية المساعدة للمجلس الانتقالي لشؤون مديريات وادي وصحراء حضرموت في بيان نعي للجنود السعوديين- أن هذه الحادثة تأتي نتيجة السياسات العسكرية التي تستغل وادي حضرموت وأهله في خدمة أجندات بعيدة عن أمن واستقرار المنطقة.
وعلى الرغم من إدانة الحادث، إلا أن البيان حمل في طياته دلالات سياسية عميقة، حيث استغله المجلس الانتقالي لتوجيه انتقادات لاذعة للسياسات العسكرية الحالية للمنطقة العسكرية الاولى، ودعوة إلى تسليم الملف الأمني والعسكري لأبناء حضرموت.
في تخبط واضح يوزع الانتقالي وأتباعه الاتهامات جزافا على الأطراف، منهم من يقول إن الجندي ينتمي لمحافظة حجة فهو مدفوع من قبل جماعة الحوثي، والبعض يتهم حزب الإصلاح، على اعتبار أن قائد المنطقة ينتمي لحزب الإصلاح، وآخرون يتحدثون عن مخطط وتخادم "حوثي -إصلاحي". وكل هذه الاتهامات هدفها اقناع السعودية بنقل قيادة المنطقة من حضرموت.
وفي السياق يقول المحلل السياسي ياسين التميمي، إن حادثة اغتيال ضابطين سعوديين في مقر المنطقة العسكرية الأولى بمدينة سيئون يجري التعاطي معها بطريقة تعكس سطحية وضحالة التفكير وانتهازية لا حدود لها من قبل المرتبطين بالمشروع الانفصالي.
ويرى التميمي أن استمرار وجود قوات في حضرموت والمهرة وهي في الأصل امتداد للقوات المسلحة اليمنية في نسختها القديمة، يعود إلى رغبة سعودية في بقاء هذه القوات، التي تخضع على ما يبدو لعمليات تجديد في قوامها البشري لمعالجة الطغيان الجهوي الصارخ بالنظر إلى أن غالبيتها العظمى تنحدر من محافظات شمالية كانت تشكل بالنسبة لنظام علي عبد الله صالح قاعدة التأييد والمدد".
وأضاف "لا أعتقد أن الحادثة المؤسفة التي وقعت الجمعة ستحدد مصير المنطقة الأولى كما يتطلع المتطرفون الانفصاليون المرتبطون بالنفوذ الإماراتي".
وتابع التميمي "هناك ملاحظة جوهرية في خضم هذا الصخب المتحامل على عساكر المنطقة الأولى، وتتعلق بوجود قوات سعودية في منطقة ظلت بعيدة عن مسرح العمليات العسكرية، إذ لا يمكن تصنيف مهمتها كقوات إسناد حربي خصوصاً أن خيار الحرب تراجع إلى مستوى الصفر".
وأردف "ليس ثمة ما يدعم فكرة أن هذه القوات تعمل في مجال الدعم التقني والتدريب، أو حتى كقوات حفظ سلام، فالحادثة التي لم ترشح معلومات دقيقة عن دوافعها، وعما إذا كانت مرتبطة بتوجيه من جماعة الحوثي، ستبقى مجرد حادثة وكلفة مؤلمة لكن محتملة من جانب السعودية".
الصحفي الموالي للانتقالي، عدنان الاعجم، قال إن "الجندي محمد العروسي من محافظة عمران مرافق شخصي للعميد يحيى أبو عوجاء قائد اللواء 135 الذي تربطه صله قرابة بحميد الأحمر، قام بإطلاق النار مباشرة على القوات السعودية بعملية مدبرة مسبقا"، حسب زعمه.
وأعاد الاعجم نشر تصريحات سابقة للرئيس الراحل علي عبدالله صالح والذي قال إن "قوات المنطقة الأولى في وادي حضرموت تستلم مرتباتها من صنعاء وهي تابعه للحوثيين".
كذلك الصحفي الموالي للانتقالي صلاح السقلدي، اعتبر الحادثة فرصة سانحة امام المجلس الانتقالي الجنوبي ليحدث اختراقا ويغير كفتِيّ الميزان في حضرموت الداخل.
وقال "لكن أنا متأكد أنه سيمكنا هدرة فارغة ومنشورات من حق يالله رضاك، كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد (...) لن يلبث كثيرا حتى يغرقها بعبارات التملق للتحالف واستجداءات وتوسلات مذلة كما عودنا، في إشارة إلى رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي.
وفي تغريدة أخرى كتب السقلدي "بصرف النظر عمّا جرى في سيئون، فقائد المنطقة العسكرية الأولى وأركانها جنوبيان، عينهما التحالف استجابة للضغوط الجنوبية وتملصا من دعوات اخراج المنطقة العسكرية ليس إلا، وأبقى على معظم الضباط والجنود من المحافظات الشمالية ليتسنى له نهب ثروات حضرموت بأكثر سهولة"، حد قوله.
وفي إشارة إلى السعودية، قال السقلدي إن "القوى العظمى في حضرموت هي من تعيّن وهي من تعزل وهي من تأمر وتنهي، والجميع لهُ سامع وطائع، أي انه هو الكل في الكل ومن فوقه بالطبع الدول الكبرى، هذا لمن يريد أن يقف على الحقيقة كما هي دون أن يخدشها برتوش وتزييف".
وأضاف "الذين يتهربون من هذه الحقيقة بذريعة أن التحالف سيزعل وما نسخى نجرح مشاعره، ويلوكون حكاية اخونجيين وحوثيين، فتلك خديعة الطبع اللئيم، فعليهم أن يخجلوا، فضلاً عن أن يصمتوا، لأنهم -حدقوله- يعرفون الحقيقة ويخشون قولها، فللحقيقة وجه واحد لا غير، وللتضليل ألف وجه ووجه. فمن الذي يصرف مرتبات واكراميات بالريال السعودي على هذه المنطقة؟
من وجهة نظر أخرى قال صديق اليوسفي، "لكي تعرف من هو القاتل وأين هو، انظر إلى من المستفيد من مقتل هؤلاء الجنود في منطقة مسالمة جداً، عندها ستدرك لماذا قُتلا وماذا يريد القاتل من وراء قتلهما، وفي هذا التوقيت بالذات؟
في حين قال سيف المثنى المدير التنفيذي لمركز واشنطن لحقوق الإنسان في واشنطن ومسؤول المناصرة في الكونغرس، "جنوب اليمن سيكون مسرحاً للصراع، سواء تفجيرات إرهابية أو استهداف قيادات عسكرية".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن حضرموت الحكومة السعودية الانتقالي فی حضرموت
إقرأ أيضاً:
التايمز: المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني مستعد للتطبيع مع إسرائيل
زعمت صحيفة "التايمز" البريطانية، أن مندوبين من المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني، التقى مسؤولين إسرائيليين، وأكدوا لهم على أن جماعة أنصار الله اليمنية "الحوثيين" عدو مشترك.
ونقلت الصحيفة عن مصادر، لم تسمها، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يأمل في كسب تأييد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يرغب بضم المزيد من الدول إلى اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، فيما أكد المجلس أن "دولة جنوب اليمن" ستعترف بإسرائيل بمجرد استقلالها.
في وقت سابق، جدد المجلس الانتقالي الجنوبي، تمسكه ببقاء قواته في محافظة حضرموت، غداة وصول وفد سعودي إماراتي إلى العاصمة المؤقتة عدن لبحث ترتيبات سحب قوات المجلس من شرقي البلاد.
وقال أحمد بن بريك نائب رئيس المجلس الانتقالي، في تدوينة مطولة عبر حسابه على فيسبوك: "لا نعتقد أن خروج قواتنا التي أثبتت بسالتها بالتصدي للمشروع الإيراني بالمنطقة من حضرموت يُمثّل مطلباً شعبياً حضرمياً حقيقياً".
وأضاف أن طلب خروج قوات الانتقالي "يقف خلفه أطراف لا يسرّها وجود قوات كان للتحالف العربي دور أساسي في تأسيسها وبنائها، لما تمثله من قوة وطنية فاعلة في حماية الأمن والاستقرار والدفاع عن ارض وشعب الجنوب والمشروع العربي".
وفي إطار جهود الرياض لتهدئة التوترات شرقي اليمن، ودفع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي للانسحاب من المناطق التي سيطرت عليها مؤخرا، وصل مساء الجمعة وفد سعودي إماراتي إلى القصر الرئاسي في عدن، لبحث تطورات المحافظات الشرقية بعد تجاهل المجلس الانتقالي مطالب المملكة بالانسحاب.
وفي 2 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، شنت قوات "الانتقالي" هجوما على مواقع تابعة للمنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات بين الطرفين أسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى.
وفي اليوم التالي، وسّعت قوات المجلس الانتقالي عملياتها، وهاجمت مواقع لقوات "حلف قبائل حضرموت"، قبل أن تسيطر على عدد من حقول النفط، فارضة نفوذها على كامل وادي وصحراء حضرموت.
ويأتي تصعيد "الانتقالي" في حضرموت غداة وصول وفد سعودي إلى المحافظة في 2 ديسمبر، في مسعى لاحتواء التوتر في أكبر محافظات اليمن مساحة.
وواصل الوفد السعودي لاحقا تحركاته ولقاءاته، داعيا في بيانات متفرقة إلى انسحاب قوات "الانتقالي" من محافظتي حضرموت والمهرة.
كما طالب رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، في أكثر من تصريح، بانسحاب قوات "الانتقالي" من المحافظتين، متهما المجلس بأن "تحركاته العسكرية الأحادية تقوض الشرعية اليمنية"، وفق وكالة "سبأ" الرسمية.
وفي المقابل، تمسك المجلس الانتقالي الجنوبي بسيطرته على مناطق شرقي اليمن، حيث أعلن رئيس الجمعية الوطنية للمجلس علي عبد الله الكثيري، الخميس، عزم قواته تعزيز سيطرتها الأمنية في تلك المناطق.
وقال الكثيري إن "الجنوب مقبل على دولة فيدرالية عادلة تحتضن الجميع دون تمييز أو إقصاء"، داعيا إلى "طمأنة المجتمع، وإيضاح الحقائق، ودحض الإشاعات".
يُذكر أن المجلس الانتقالي الجنوبي تأسس عام 2017، وينادي بانفصال جنوب اليمن عن شماله وإعادة الأوضاع إلى ما قبل الوحدة اليمنية التي تحققت عام 1990 بين شطري الشمال والجنوب.