هل تقدم الطاقة النووية حلًا لإحدى أزمات الذكاء الاصطناعي؟
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
دخلت كبرى الشركات التقنية في سباق محموم لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي وطرح التقنية الأكثر استخدامًا، وفي خضم هذا السباق الذي يركز على هذه التقنيات والنماذج اللغوية وقدراتها المختلفة، تناسى الجميع أحد أكبر التحديات الملازمة لتقنيات الذكاء الاصطناعي.
تتمثل هذه المشكلة في استهلاك الطاقة الذي تحتاجه خوادم الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات التي تستضيفها، إذ تحتاج هذه المراكز إلى كم كبير من الطاقة نظرًا لتعقيد عمليات الذكاء الاصطناعي وتطور الخوادم التي تستخدمها، فضلًا عن الحاجة إلى تأدية هذه العمليات بشكل سريع للغاية ودقيق حتى تتمكن الخدمات من التنافس في هذا القطاع الشرس.
وبينما لا يمثل استهلاك الطاقة في حد ذاته تحديًا أو عائقًا أمام هذه الشركات، يمثل مصدر هذه الطاقة عائقا، إذ جرت العادة أن تعمل مراكز البيانات عبر استخدام شبكات الطاقة الكهربائية التي تعتمد بشكل أساسي على المحروقات، مما يزيد من البصمة الكربونية التي تتركها هذه الشركات وراءها.
الدور المجتمعي ورحلة خفض البصمة الكربونيةفي السنوات الماضية، شهد قطاع التقنية توجّه العديد من الشركات إلى آليات خفض البصمة الكربونية كجزء من الدور المجتمعي الذي تقوم به كل شركة عملاقة، وفي هذا السياق، قررت شركة آبل سابقًا إزالة رأس الشاحن من العلبة الخاصة بها، ثم قررت خفض حجم العلبة لتستهلك أوراقًا أقل، فضلًا عن خفض مساحة التخزين اللازمة لصندوق الهاتف، وبالتالي تحقيق أكبر قدر استفادة من حاويات الشحن وجعلها تسع عددًا أكبر من الهواتف، مما يجعلها تستهلك وقودًا أقل بنسبة كبيرة.
ولا يمكن القول بأن آبل هي أول من سار في هذا الطريق، إذ سبقتها مايكروسوفت التي بدأت رحلتها في خفض البصمة الكربونية منذ عام 2012 وربما قبل ذلك عبر تبني مؤسس الشركة ومديرها التنفيذي لفترة طويلة بيل غيتس فكرة الأقراص الضوئية المضغوطة التي وفرت مساحة تخزين توازي العديد من الأوراق وحمت الأشجار من القطع، وهو الذي كان واضحًا في الصورة الشهيرة التي انتشرت له سابقًا.
وتحاول شركات أمازون وفورد وسامسونغ خفض انبعاثاتها الكربونية بشكل كبير، كل منها بطريقتها الخاصة، بدءًا من الاعتماد على مصادر طاقة صديقة للبيئة مثل مزارع الرياح لتوليد الكهرباء من الهواء أو حتى الانتقال إلى السيارات الكهربائية سواءً كان في الاستخدام أو التطوير.
تعد مايكروسوفت من كبار الداعمين لحملة التحول للأخضر والحفاظ على البيئة، ورغم ذلك، فإنها من أكبر المستثمرين في شركة "آوبن إيه آي" صاحبة أكبر نموذج ذكاء اصطناعي وأكثرهم شهرةً واستخدامًا، فضلًا عن كونه الأكثر استهلاكًا للطاقة، لذا من المتوقع أن تحاول مايكروسوفت وغيرها من المستثمرين الكبار في الذكاء الاصطناعي الوصول إلى حالة حياد كربوني في المستقبل القريب.
معدل استهلاك مرتفعيتمثل جزء من مشكلة الطاقة في تقنيات الذكاء الاصطناعي في كونها تحتاج إلى مصادر طاقة كبيرة ومستمرة لتشغيل التقنيات بكفاءة وجودة، وبحسب دراسة أجريت في جامعة كاليفورنيا، فإن "شات جي بي تي" يحتاج إلى 500 مليلتر من المياه مقابل كل 50 أمر يوجه له، وعند النظر لحجم مستخدمي "شات جي بي تي"، وفق أحدث بيانات الشركة، فإننا نجد أنهم يتجاوزون 200 مليون مستخدم أسبوعيًا.
وبحسب الدراسة، فإن هذا العدد من المستخدمين إذا وجه كحد أدنى أمرا واحدا فقط للنموذج فهو يحتاج لاستهلاك ما يعادل مليوني لتر من المياه، ويذكر أن هذا الاستهلاك هو لنموذج ذكاء اصطناعي واحد يستخدمه شخص في أمر واحد أسبوعيًا، وهو تقدير منخفض لمعدل استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي.
وفي تقرير آخر نشره موقع "غولدمان ساكس" (Goldman Sachs) التابع للمؤسسة المالية الشهيرة، فإن استخدام "شات جي بي تي" في أمر واحد يستهلك كهرباء أكثر بـ10 أضعاف من استخدام محرك "غوغل"، لذا تتوقع المؤسسة أن هذا الاستهلاك المرتفع يزيد من حاجة مراكز البيانات إلى الطاقة بمعدل 160% بحلول عام 2030.
وفي الوقت الحالي، فإن مراكز البيانات تستهلك قرب 2% من إجمالي الطاقة المنتجة في العالم، لذا فإن مضاعفة هذا الاستهلاك تجعله يصل إلى 4% من إجمالي الطاقة المستهلكة فقط لصالح مراكز البيانات، وذلك دون النظر إلى بقية التقنيات سواءً كان تعدين العملات الرقمية أو الاستخدام المعتاد للحواسيب والتقنيات.
ترى غولدمان ساكس أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب لن يكون مجديًا وسيقدم تكاليف أكثر من العائد الخاص به، وذلك لأسباب عديدة في مقدمتها استهلاك الطاقة المرتفع لهذه التقنية وكلفته، لذا على الشركات حل هذا العائق قبل السعي لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر.
لماذا الطاقة النووية وليس طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية؟تحدثت التقارير مؤخرًا عن توجه الشركات التقنية العملاقة العاملة في الذكاء الاصطناعي إلى الطاقة النووية لتغطية احتياجات خوادمها من الطاقة بشكل عام، وفي مقدمة هذه الشركات جاءت غوغل، التي قررت التعاون مع شركة "كايروس باور" للطاقة النووية، وأما مايكروسوفت فقد تعاقدت مع إحدى كبرى شركات الطاقة في الولايات المتحدة وهي "كونستليشن" (Constellation) لتزويد خوادمها بالطاقة النووية، في حين قررت أمازون الاستثمار في بناء معالج نووي مصغر خاص بها بالتعاون مع شركة "دومينيون للطاقة" (Dominion Energy).
تؤكد هذه التقارير التفات شركات التقنية الكبرى والشركات العاملة في الذكاء الاصطناعي تحديدًا إلى الطاقة النووية دون بقية مصادر الطاقة الخضراء، سواءً كانت مزارع الرياح والطاقة المولدة منها أو الطاقة الشمسية أو حتى الطاقة المولدة من المياه.
يعود السبب وراء هذا التوجه إلى الطاقة النووية كونها قادرة على تغطية حاجة مراكز البيانات بشكل كامل عبر مجهود أقل كثيرًا من مصادر الطاقة المتجددة الأخرى سواءً كان في الكلفة الأساسية لبناء المحطة أو في كلفة التشغيل النهائية.
وبحسب تقرير نشره موقع "كلايمت كنترول" التابع لمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا، فإن استبدال مصانع الطاقة النووية المتوسطة الحجم القادرة على توليد وتخزين 900 ميغاواط من الطاقة يحتاج إلى مزرعة رياح مكونة من 800 توربينات رياح متوسطة الحجم.
وهذا بمفرده يفسر سبب توجه العديد من الشركات إلى الطاقة النووية مثل مايكروسوفت التي تملك مزارع رياح عديدة وتستخدمها بالفعل في بعض مراكزها، ويتكرر السيناريو ذاته في جميع مصادر الطاقة المتجددة سواءً كانت مياها أو شمسية أو غازا طبيعيا.
بالطبع، لا تأتي مفاعلات الطاقة النووية دون التحديات الخاصة بها، إذ تتطلب هذه المفاعلات آليات حماية خاصة وإدارة خاصة من أجل خفض فرص الانفجار والتسرب الإشعاعي في المنطقة المحيطة بها، ولكن يمكن القول إن معدلات هذه التسريبات قد انخفضت بفضل تطور التقنية وآليات السلامة المستخدمة في المفاعلات النووية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی الذکاء الاصطناعی إلى الطاقة النوویة البصمة الکربونیة مراکز البیانات من الطاقة استهلاک ا
إقرأ أيضاً:
كيف يساعد الذكاء الاصطناعي على إنقاص الوزن؟
إذا كنت قد خضت تجارب حمية غذائية متعددة دون جدوى، فقد يكون الحل في الاتجاه إلى الذكاء الاصطناعي.
تخيل وجود مدرب ذكي للغاية يفهم أدق تفاصيل جسدك، ويصمم خطة غذائية وتمارين رياضية مصممة خصيصاً لك، والأروع من ذلك أنه يعدّلها تلقائياً مع كل تقدم تحرزه في رحلتك نحو الرشاقة المثالية.
وشهدت تقنيات الذكاء الاصطناعي تحولاً ملحوظاً في عالم إنقاص الوزن، من خلال توفير حلول تعتمد على البيانات ويمكن تطويرها باستمرار.
وتُقدم منصات التخسيس المدعومة بالذكاء الاصطناعي إرشادات غذائية شخصية للغاية، فهي تُمكنك من تتبع وجباتك بدقة، وتوفر لك محتوى توعوياً غنياً حول التغذية، بالإضافة إلى أدوات فعالة لوضع أهداف صحية قابلة للتحقيق، خصوصاً إذا كنت تعاني من السمنة أو داء السكري.
الذكاء الاصطناعي والعادات الصحية اليومية
تُسهّل تطبيقات الذكاء الاصطناعي عملية تسجيل الطعام من خلال استخدام تقنيات الرؤية الحاسوبية للتعرف على الأطعمة المحلية عبر الصور، مما يمكّن المستخدمين من تتبع وجباتهم بدقة أكبر.
ويُوفّر عدّاد السعرات الحرارية المعتمد على الذكاء الاصطناعي والمدعوم بـ"ChatGPT" إمكانية تسجيل الوجبات عبر الصوت أو الصور، مما يتيح تحليلاً فورياً للسعرات الحرارية والعناصر الغذائية الرئيسية.
كما تساعد تطبيقات الذكاء الاصطناعي في دعم العادات الصحية عبر استخدام تقنيات التحفيز السلوكي، من خلال إرسال إشعارات مخصصة، وتوفير تقارير منتظمة ونصائح ملائمة في الأوقات المناسبة، مما يعزز التزام المستخدمين بأهدافهم الصحية بشكل دائم وفعّال.
ويعمل نظام التخسيس بالذكاء الاصطناعي على تحليل بياناتك الشخصية ليضع لك أهدافاً واقعية لخسارة الوزن.
ويأخذ النظام في الحسبان مدى التزامك بخطة وجباتك ومواظبتك على قياس وزنك، ثم يقدم لك ملاحظات فورية وتشجيعاً خاصاً، مما يعزز فرصك في الحصول على نتائج دائمة.
أجهزة ذكية قابلة للارتداء
يساهم الجمع بين الذكاء الاصطناعي والأجهزة القابلة للارتداء في رفع كفاءة خطط فقدان الوزن المصممة لكل فرد على حدة.
وبينت الدراسات أن تحليل البيانات التي تسجلها هذه الأجهزة، مثل المؤشرات الحيوية، ومستوى النشاط البدني، من خلال خوارزميات الذكاء الاصطناعي، يمكنه التنبؤ بدقة بنتائج خسارة الوزن، الأمر الذي يسمح بتقديم تدخلات صحية مصممة وفقاً لاحتياجات كل فرد.
أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي لخسارة الوزن
تفيد الدراسات بأن 3% فقط ينجحون في فقدان 20 كجم عبر الطرق التقليدية، بينما يتمكن 47% من خسارة 7 إلى 11 كجم باستخدام تقنيات مدعومة بالذكاء الاصطناعي.
ومن أبرز أدوات الذكاء الاصطناعي في مجال التغذية تطبيق "HealthifyMe"، الذي يوفر خططاً غذائية مخصصة وتتبعاً دقيقاً للسعرات عبر المساعد الافتراضي "Ria"، مع تكامل ذكي مع أمازون أليكسا.
أما "CalCounter"، فهي أداة تعتمد على تقنية التعرف على الصور لتحليل الوجبات وحساب السعرات فورياً، مما يسهل عملية التسجيل بشكل تلقائي ودقيق.
ويقدم "MacroSnap AI" ميزة تصوير الوجبات لتحليل مكوناتها الغذائية بسرعة، مع تتبع دقيق للعناصر الأساسية.
ويُعد "Welling" مدرباً صحياً ذكياً يتيح تسجيل الوجبات عبر الصور أو الدردشة، ويقدم خططاً غذائية يومية ونصائح مخصصة لدعم تحقيق الأهداف الصحية.
ولخسارة الوزن بفعالية، يحتاج المستخدمون إلى أدوات ذكية تقدم إرشادات دقيقة للتمرين واللياقة البدنية، ومن أشهرها "Fitness AI"، الذي يعتمد على خوارزميات التعلم الآلي لتحليل بيانات التمارين، وتقديم خطط تدريب مخصصة تتطور مع تقدم المستخدم، إضافة إلى فيديوهات تعليمية للحفاظ على التقنية الصحيحة.
بينما يوفر تطبيق "Zing AI" خطط تمرين شخصية تتكيف تلقائياً مع مستوى اللياقة والتقدم المحقق، وتجمع بين تمارين الكارديو، والقوة، ووزن الجسم لضمان تنوع وتحفيز مستمر.
وتلعب أدوات التدريب والتحفيز السلوكي دوراً محورياً في دعم رحلة فقدان الوزن، ومن أهمها تطبيق "Simple"، الذي يقدم برامج مخصصة تشمل التغذية واللياقة والتحفيز، مع ميزات مثل تتبع الطعام، الصيام المتقطع، ودعم ذكي متواصل على مدار الساعة.
كما يُعد "Weight Mate" مساعداً افتراضياً يعتمد على الذكاء الاصطناعي، ويقدم دعماً مستمراً بناءً على تحليل أكثر من مليار تفاعل، ما يمكنه من توفير توصيات شخصية فعالة تساعد المستخدمين على فقدان الوزن والحفاظ عليه.
وتعتبر الأدوات الشمولية والتنبؤية بالذكاء الاصطناعي من أبرز الوسائل في دعم برامج التخسيس، حيث يقدم برنامج "OmadaSpark" تعليماً غذائياً مخصصاً وتتبعاً دقيقاً للوجبات، مع تكامل فعّال مع فرق الرعاية الصحية لضمان دعم شامل.
ويقدم نظام "CSIRO" الغذائي عبر أداة "My Journey" إرشادات فردية تساعد المستخدمين على تحديد أهدافهم، ومتابعة التقدم، وتحقيق نتائج طويلة الأمد من خلال استراتيجيات مصممة خصيصاً لكل شخص.
خلاصة القول، يشير تقدم تقنيات فقدان الوزن المدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى مستقبل مشرق لمن يسعى لتحقيق أهدافه الصحية بطريقة علمية ومنظمة، ومع ذلك يظل الالتزام الشخصي والإرادة القوية العاملين الأساسيين لنجاح أي خطة صحية.
أمجد الأمين (أبوظبي)