تشهد سماء الليل خلال ما تبقى من عام 2024 عدة ظواهر فلكية ممتعة، منها ظهور ألمع كوكبين يمكن أن نراهما بالعين المجردة في المساء بعد الغروب، وهما الزهرة والمشتري.

وتلمع الكواكب في المساء مثل النجوم، لأنها تعكس ضوء الشمس مثلما يفعل القمر، لكن لأنها بعيدة جدا عن الأرض فإنها تظهر في السماء كنجوم، وقد ميزها القدماء لأنها تتحرك ما بين النجوم شهرا بعد شهر، لكنهم لم يتمكنوا من التعرف على طبيعتها.

غلاف الزهرة الجوي كثيف جدا بحيث يعمل كمرآة تعكس جزءا كبيرا من ضوء الشمس (ناسا) ألمع الكواكب

ويلمع كوكب الزهرة بلون أبيض واضح، ويعد هذه الأيام ألمع أجرام السماء كلها بعد الشمس والقمر، ويمكن لك أن تراه بعينيك أعلى الأفق الغربي (موضع غروب الشمس) بعد غروب الشمس مباشرة ولمدة ساعة ونصف تقريبا بحسب توقيتك المحلي، ولا حاجة لبرامج فلكية أو أطالس للتعرف عليه، فهو واضح في السماء كأنه مصباح منير.

ويعد الزهرة ألمع الكواكب التي تظهر في سماء الليل، لأنه قريب نسبيا من الأرض، كما أن غلافه الجوي كثيف جدا بحيث يعمل كمرآة تعكس جزءا كبير من ضوء الشمس الساقط عليه.

أما كوكب المشتري فيظهر بلون أبيض واضح كذلك، لكنه أقل لمعانا من الزهرة، ويمكنك أن تراه أعلى الأفق الشرقي (موضع شروق الشمس)، في الجهة المقابلة بالضبط للزهرة، إلا أنه لا يظهر بوضوح إلا بعد غروب الشمس بعدة ساعات.

ويعد المشتري أكبر وأضخم كواكب المجموعة الشمسية، ويمكن له أن يحمل حوالي ألف كرة صغيرة بحجم الأرض داخله، يبتعد عن الشمس 5 أضعاف المسافة بينها وبين الأرض.

ويمكن لك أن ترى كل من الزهرة والمشتري إلى جوار القمر في أيام محددة، فمثلا في 17 نوفمبر/تشرين الثاني القادم سيقف القمر إلى جوار كوكب المشتري طوال المساء، أما في الرابع من ديسمبر/كانون الأول القادم فسيقف القمر إلى جوار كوكب الزهرة بعد الغروب.

يمكن للمشتري أن يحمل داخله حوالي ألف كرة صغيرة بحجم الأرض (بيكسابي) كواكب أخرى

المشتري والزهرة هما ألمع وأسهل الكواكب التي يمكن لك أن تراها بعينيك في سماء الليل، لكن هناك 3 كواكب أخرى يمكن رصدها بدرجة سهولة أقل، وهي زحل والمريخ وعطارد، وتعد أقل لمعانا من المشتري والزهرة.

ويمكن لك أن ترى كوكب المريخ أعلى الأفق الشرقي، حيث يلمع بلون أحمر واضح، ويقف إلى جوار القمر مساء يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني، ويمكن لك أن ترى المشهد بشكل أوضح كلما اقتربنا من منتصف الليل.

أما كوكب زحل، فيلمع بلون أبيض مائل للأصفر، ويمكن لك أن تحدد موضعه في السماء ليلا باستخدام القمر كما فعلنا مع ما سبق من كواكب، حيث يقترنان في مساء الثامن من ديسمبر/كانون الأول القادم أعلى الأفق الغربي.

ويتبقى أصعب تلك الكواكب في الرصد وهو كوكب عطارد، وتراه خلال ما تبقى من شهر نوفمبر/تشرين الثاني أعلى الأفق الغربي، قريبا جدا من الأفق، ويلمع بلون قريب للبرتقالي. يفضل أن تتأمل المشهد بعد الغروب بوقت قصير لأن الكوكب ينزل أسفل الأفق سريعا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات یمکن لک أن إلى جوار

إقرأ أيضاً:

المجال الجوي العربي والحروب العبثية

أن تجد أطفالا في القرية يشكّلون فريقين أو ثلاثة أو أكثر في طرق المارّة أو الحدائق العامّة يجرّهم أحيانا إلى المشاجرة البدنيّة ثمّ يعودون إلى حياتهم الطّبيعيّة وكأنّه شيء لم يحدث؛ هذا شيء طبيعيّ، بيد أن تجد ساسة يتلاعبون بملايين البشر، ويجرّونهم إلى صراعات دمويّة، يخرّبون البلدان، ويقتلون الأبرياء من الأطفال والنّساء، ويعيثون في الأرض الفساد، منهم من يستدعي الماضي وأحلامه الخلاصيّة، ومنهم من يتشبث بقيم الإنسان المعاصرة، والنّاس تبع لهذا وذاك، لا يختلفون بحال عن ساسة التّأريخ وما أحدثوه من قتل ودمار، فما دخلوا قرية إلّا أفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلّة، فليت تلاعب هؤلاء السّاسة لا يتجاوز عقول الأطفال، بيد أنّهم يجرّون العالم أجمع إلى حروبهم العبثيّة، وصراعاتهم الحيوانيّة البعيدة عن التّعقّل الإنسانيّ.

شاء القدر أن يكون عالمنا العربيّ في جغرافيّته قلبا وسطا بين العالم أجمع، بتأريخه القديم والحديث، يحمل ذاكرة الشّرق والغرب، حباه الله بخيرات زراعيّة ومعدنيّة وجغرافيّة وبشريّة، كانت صفحته بيضاء أمام حربين عبثيتين وما بعدهما في القرن العشرين، كانت دمارا وبلاء على العلم والبشريّة، فكانت غاية عالمنا العربيّ أن ينال استقلاله وحرّيته مِن يد مَن وضع وثيقة حقوق الإنسان ذاتها، فلم يتمدّد شرقا ولا غربا ليعيث في الأرض فسادا، بل احترم ما استقرّ عليه المجتمع الدّوليّ من مواثيق ومعاهدات دوليّة، فخرج المستعمر بعساكره، لكنّه بقي بتحكّمه وغطرسته، وزرع كيانا لباسه دينيّ ماضويّ لاهوتيّ، وواقعه تحكّم استعماريّ، ينقض كلّ ما يدعون إليه من أنسنة وسلم عالميّ وحقوقيّ، ويمارسون العنف اليوم باسم إعادة خريطة شرق الأوسط الجديد منذ جورج بوش الابن ووزيرة خارجيّته كوندليزا رايس، وما تبع ذلك من دمار في المنطقة لا يكاد تنطفئ جذوته في مكان إلّا وتشتعل ناره في مكان آخر من عالمنا العربيّ.

هذا الكيان مع الاستعمار الأوسع قبله وحّد قلب عالمنا العربيّ، فلم يعرف حينها يمينيّا ولا يساريّا وغيرها من التّيارات بالمعنى التّشويهيّ، ولا مسلما أو مسيحيّا أو يهوديّا وغيرها من الأديان، ولا عربيّا أو سريانيّا أو كرديّا أو قبطيّا أو أمازيغيّا وغيرها من العرقيّات، ولا سنيّا أو شيعيّا أو صوفيّا أو سلفيّا وغيرها من المذاهب والتّوجهات، جمعهم غاية التّحرّر من الاستعمار، مع غاية الإحياء والنّهضة العلميّة والحضاريّة كسائر العالم، فكان عقلاؤه يتجهون به هذا الاتّجاه، إلّا أنّه انحرف عن مساره، وتصارع بين هويّاته، فأصبحت شعوبه عربيّة اسما لا قلبا، وتحوّلت الانتماءات إلى غايات أثارت بينهم الشّقاق والفرقة، فلم نعد نسمع الإحياء العربيّ، ولا الأمّة العربيّة الواحدة بالمفهوم النّهضويّ والإنسانيّ.

بعد معاهدة كامب ديفيد 1978م بدأ عالمنا العربيّ يتراجع بشكل واضح، بعدما تراجع ثقله العروبيّ عن أرض مصر، وما تبع ذلك في سوريا والسّودان، ثمّ لاحقا العراق، وأخيرا اليمن، واستخدم الغربُ العرب درعا بشريّة في مواجهة الرّوس، ممّا أفقد ثقله خصوصا بعد حرب الخليج الثّانية (1990-1991م) وحتّى اليوم، فأصبح عالمنا العربيّ لا يرى قوّته في ذاته ووحدته، بل في ولاءاته الخارجيّة، على مستوى أحزاب الدّولة ذاتها، كما هو الحال اليوم في لبنان واليمن مثلا، لتفقد الدّولة الوطنيّة وجودها، أو على مستوى الدّولة القطريّة ذاتها، فلم يعد انقسامهم مقتصرا عند الكتلتين الشّرقيّة اليساريّة والإمبريالية الغربيّة، بل تمدّد اليوم طائفيّا إلى تركيا وإيران، وقد يتمدّد ديمغرافيّا إلى الهند وباكستان، واقتصاديّا إلى كوريا والصّين، وتطبيعيّا إلى إسرائيل لتكون عنصر هيمنة في الدّاخل وفق الشّرق الأوسط الجديد.

إنّ أحداث ما بعد 7 أكتوبر لم يكشف حالة الانهزام والضّعف في عالمنا العربيّ فحسب، بل كشف حالة تراجع حتّى على مستوى الولاءات الوطنيّة، فأصبحت الشّعوب تبحث عن ولاءات لها خارجيّة تنظر إليها بعين المخلّص من انهزامات الدّاخل، قد تتطوّر لاحقا سلبا على مستوى الأمن الوطنيّ المتمثل في وحدته الجغرافيّة، خصوصا أنّ النّقط الولائيّة الخارجيّة لم تعد محصورة في كتل خارجيّة لا تتعدّى الكتلة أو الكتلتين، بل نقطا متباينة تزداد يوما بعد يوم، ومع ضعف الدّولة الوطنيّة ذاتها تظهر هذه الولاءات الخارجيّة المتباينة على مستوى الأقليّات والأحزاب والعرقيّات المختلفة.

والمتتبع في الجانب الإعلاميّ الرّقميّ في وسائل التّواصل الاجتماعيّ نتيجة الحرب الأخيرة يدرك هذا الوضع تماما، إذ أصبحنا أمّة لا تشكّل ثقلا تحترم جغرافيّتها، وتهاب كلمتها، بل أصبحنا نحارب بعضنا بعضا، لنشتغل بتخوين الذّات، واستدعاء الماضي، وإشعال فتيل الطّائفيّة بين فترة وأخرى، فقافلة الصّمود، والّتي هي أقرب إلى رمزيّة عروبيّة شبابيّة لا تتجاوز لفت العالم من خلال رسالة سريعة لفكّ حصار جزء من عالمنا العربيّ والإنسانيّ يتعرّض لأكبر حالة إبادة وتجويع في القرن الحادي والعشرين، هذا الحصار الجائر الّذي نراه مباشرة مصحوبا بالدّماء والإبادة العبثيّة يكفي لتحرّك العالم لوقفه، ويكفي أن يوحد هذه الأمّة العربيّة لتقول كلمتها، وهو الّذي حرّك قافلة الصّمود من خلال فتية لا يحملون أسلحة ولا غيرها، ولكنّها كُبتت من قبل أبناء العروبة أنفسهم، وليست من غيرهم.

صحيح أنّ العالم أصبح يعيش متقاربا على بعضه، ومن الجيّد أن تتوزع القوى في العالم لأجل التّدافع الّذي يحافظ على استقرار المنطقة دون الهيمنة الأحاديّة المؤدية إلى الاستكبار العالميّ، لكن هذا كلّه لا يعني أن لا نكون شيئا أمام هذه القوى، وأن نكون مسرحا دائما لها، ما بين قواعد وميلشيّات وولاءات طائفيّة وحزبيّة، كانت نتيجته هذا الواقع المؤلم في عالمنا العربيّ من تمدّد الصّراع، وانتشار الفقر والبطالة، وتشريد العديد من أبنائه بحثا عن الحياة والاستقرار، فإن لم ينتبه عقلاء العروبة اليوم، ويراجعوا أوراقهم من جديد؛ فإن ما نراه ونشاهده اليوم من تجاذبات طائفيّة وحزبيّة وولاءات متباينة قد يتمدّد أثره واقعا بشكل أكبر مستقبلا، لا أريد بهذا أن نكون جزءا من الصّراع في إثارة الحروب، لكن على الأقل أن لا نكون دوما مسرحا لهذا الصّراع، وأضحوكة العالم وكأنّه لا عقلاء لدينا، ولن يتحقّق ذلك ما لم تكن هناك وقفة حازمة وجادّة أمام القضيّة الفلسطينيّة ابتداء، وأن نكون نحن من نشكّل عالمنا من خلال ذاتنا وعقلائنا، ولسنا بحاجة إلى شرق أوسطيّ جديد يشكّله غيرنا وفق الاستعمار النّاعم الحديث.

بدر العبري كاتب مهتم بقضايا التقارب والتفاهم ومؤلف كتاب «فقه التطرف»

مقالات مشابهة

  • الانقلاب الصيفي في الأردن يحل السبت المقبل
  • عاجل | الأردن تستقبل أطول نهار وظاهرة فلكية نادرة .. قريبًا
  • القمر يحجب نجم "Phi Aquarii " في سماء عرعر فجر اليوم
  • فعاليتان في المنيرة والزهرة بذكرى يوم الولاية
  • المجال الجوي العربي والحروب العبثية
  • قمران صناعيان أوروبيان ينتجان أول كسوف شمسي اصطناعي.. ما القصة؟
  • عروض فلكية استثنائية فى سماء يونيو.. ماذا سيحدث ؟
  • «فلكية جدة»: اقتران المريخ مع نجم قلب الأسد اليوم
  • فلكية جدة: اقتران المريخ مع نجم قلب الأسد اليوم
  • روسكوسموس: روسيا تخطط لبناء محطة طاقة نووية على القمر