بيان حول: إفشال إصدار قرار أممي ضد دولة السودان
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
بسم الله الرحمن الرحيم
حركة المستقبل للإصلاح والتنمية
بيان حول: إفشال إصدار قرار أممي ضد دولة السودان.
انعقد اجتماع مجلس الأمن الدولي اليوم الاثنين ١٨ نوفمبر ٢٠٢٤ لمناقشة مشروع قرار بخصوص الأوضاع في السودان قدمته المملكة المتحدة رئيس مجلس الأمن لهذا الشهر وسيراليون.
جاء مشروع القرار متذرعاً بالحديث عن حماية المدنيين وإيصال المساعدات، وحوى نقاط كثيرة لكنها مبنية على مشكلات حقيقية هي:
– عدم تمييز الجهات التي تعرقل هذه المساعي كما ورد في كثير من التقارير والجهات التي تتسبب في معاناة المواطنين بالقتل والنهب والإغتصاب والتهجير، كما يساوي مشروع القرار بين القوات المسلحة والمليشيا المتمردة متجاوزا ما تضمنته مواثيق الأمم المتحدة في المحافظة على سيادة الدول، وهذه مقدمات خاطئة ستقود حتما لنتيجة خاطئة.
– لم يشر مشروع القرار إلى الفاعل الخارجي الرئيس المغذي لهذه الحرب والذي يمد المليشيا بالسلاح وقد تسبب في كل هذا الخراب وكل هذه المآسي.
– أخطر نقطة في القرار هي المطالبة بقيام (آلية إمتثال) تؤسس من الأمين العام للأمم المتحدة، هذا نوع من التأسيس للتدخل في البلاد وإن تم تحت غطاء التدخل الإنساني، إن (آلية امتثال) أممية هي بداية تقنين لوضع القدم الأممية في السودان.
لقد عطلت بريطانيا (حاملة القلم في قضايا السودان) إدانة مجلس الأمن لدولة الإمارات ومطالبتها بإيقاف الدعم عن المليشيا المتمردة لوقف هذه الحرب وذلك وفقا لما صدر عن الأمم المتحدة وفريق الخبراء الذي أكد هذه الاتهامات والتي ما انفكت بعثة السودان في الأمم المتحدة على تأكيدها بالأدلة والبراهين.
عليه من المهم أن ينتبه الشعب السوداني لعملية (دس السم في العسل) التي تظهر في نصوص القرار، فالاعتراف بمجلس السيادة الإنتقالي والتأكيد على مركزية إعلان جدة لحماية المدنيين هي أمور مهمة صحيحة، لكنها وضعت في سياق خاطئ تماما، سياق يشير لوجود طرفين متساويين يتقاتلان، ويتجاهل الفاعل الخارجي، ويمنح (آلية امتثال) سلطات تقوم على شرعية أممية وقوة فوق إرادة الدولة، هذه أمور خطيرة ومرفوضة تماما ولا تساعد على تحقيق حماية للمدنيين.
إننا نشيد ونشكر دولة روسيا الاتحادية ودبلوماسيتها على وقفتها مع الشعب السوداني، وتضامنها مع وحدة وسيادة السودان، ومنع هذه المحاولات الخبيثة لتدويل المشكل السودانية عبر التدخلات التي تطيل أمد الحرب ومعاناة الشعب السوداني، بهذا الموقف نالت روسيا ثناء الشعب السوداني ولم يشذ عن ذلك سوى فئة بسيطة من داعمي المليشيا والتابعين لمحاور غربية إقليمية شريرة تمنحهم المال والدعم التقني والشعب يعرفهم جيدا.
إننا ندعو الحكومة السودانية لأن تمضي بكل ثبات وبدون تردد نحو ترسيخ (تحالفات استراتيجية) مع الجهات التي تحترم سيادة الدول وإرادة الشعوب مثل روسيا والصين، وتعمل على تحدي محاور الهيمنة خصوصا في أفريقيا التي سلبت إرادة غالب شعوبها لصالح أنظمة تعمل ضد مصلحة أفريقيا كما ظهر في موقف ممثلي بعض الدول. إننا في مثل هذه القضايا لا نعرف الحياد بل ننحاز لكرامة الشعوب وإرادة الدول الساعية نحو كمال تحررها وسيادتها ونؤكد أن العمل الإنساني يحب أن يتحرر من التسييس ومن الأجندة حتى يحقق الغايات السامية التي نرجوها له.
أمانة العلاقات الخارجية
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الشعب السودانی
إقرأ أيضاً:
وزير المالية السوداني: وقف الحرب أولا وشعبنا سيحكم نفسه بنفسه
وفي حلقة جديدة من بودكاست "ذوو الشأن"، سلط الدكتور جبريل إبراهيم، الذي يترأس حركة العدل والمساواة، الضوء على مسيرته الحافلة بالتحولات، من قرية طينية نائية على الحدود التشادية إلى أروقة السياسة والاقتصاد في السودان، مرورا بتجربة دراسية وعملية غنية في اليابان والسعودية ولندن.
وتناول الوزير السوداني الأوضاع الاقتصادية الراهنة، معترفا بصعوبتها جراء الحرب، لكنه نفى وجود مجاعة شاملة، مشيرا إلى وفرة الإنتاج الزراعي ومشكلة رئيسية في إيصال الغذاء للمتضررين، كما تطرق إلى جذور الصراع في دارفور، وخلفيات تأسيس حركة العدل والمساواة، وموقفه من حمل السلاح.
بدأ الدكتور جبريل إبراهيم حديثه مستذكرا طفولته في قرية صغيرة قرب الطينة، المحاذية لتشاد، حيث الحياة القاسية وشظف العيش. وقال "الناس تتنقل نصف اليوم للوصول إلى مصادر المياه، وتعُود نصف اليوم الآخر"، واصفا كيف قاده إعجابه بمظهر أخيه الأكبر الأنيق إلى الالتحاق بالمدرسة.
وروى كيف تنقل بين المدارس الداخلية من الطينة إلى الفاشر، ثم إلى جامعة الخرطوم، مواصلا "انزياحا شرقا" أوصله إلى اليابان، التي يسميها البعض "بلاد الوقواق"، موضحا أن اسمها الحقيقي "واكوكو" يعني "بلاد السلام".
إعلانوأمضى إبراهيم 7 سنوات في اليابان، حيث درس الاقتصاد وأتقن اللغة اليابانية، التي بدأت تتآكل بمرور الزمن، على حد قوله. وعن تجربته هناك، ذكر كيف كان الأفارقة منظرا غريبا لليابانيين، خاصة في القرى، حيث كان الأطفال يتجمعون حولهم.
تكوين ورؤى اقتصاديةوبعد اليابان، انتقل وزير المالية للعمل في السعودية لمدة 4 سنوات، مدرسا للاقتصاد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، قبل أن يعود إلى السودان حيث كُلف بتأسيس شركة "عزة" للنقل الجوي، وهو الاسم المستعار الذي كان يُطلق على السودان إبان الاستعمار.
ثم غادر إلى تشاد ومنها إلى الإمارات، قبل أن يستقر في لندن لاجئا بعد أن طلبت الحكومة السودانية آنذاك تسليمه، وأوضح أن اتهامه بدعم الثورة في دارفور كان السبب وراء طلب تسليمه.
وعن الأوضاع الاقتصادية الحالية، أقر إبراهيم بصعوبتها، مشيرا إلى أن معظم النشاط الاقتصادي ومصادر إيرادات الدولة كانت متمركزة في العاصمة الخرطوم التي تضررت بشدة، وأكد أن الدولة لم تصل إلى الصفر في إيراداتها، وتعتمد حاليا على مواردها الذاتية من ضرائب وجمارك وعوائد الذهب.
ونفى الوزير وجود مجاعة شاملة، مؤكدا أن إنتاج السودان من الغلال يفوق الحاجة، وأن برنامج الغذاء العالمي يشتري الذرة من السودان لتصديرها، وأرجع شح الغذاء في بعض المناطق إلى ممارسات "المليشيا المتمردة" التي تمنع وصوله، فضلا عن فقدان القدرة الشرائية للمواطنين النازحين.
رؤية لإعادة البناءوطرح الدكتور جبريل إبراهيم رؤيته لإعادة بناء الاقتصاد السوداني، مرتكزة على محورين: الأول هو الاستثمار في "رأس المال البشري" عبر التعليم النوعي والخدمات الصحية، والثاني هو تطوير البنية التحتية المادية من طرق وجسور والسكك الحديدية وموانئ وشبكات خدمات.
وأشار إلى سعي وزارته قبل الحرب لرفع نصيب التعليم والصحة في الميزانية إلى 40%. ولتمويل البنية التحتية، دعا إلى شراكات إستراتيجية بنظام البناء والتشغيل ثم تحويل الملكية "بي أو تي" (BOT)، مؤكدا تهيئة البيئة التشريعية لذلك.
إعلانوفيما يتعلق بالمساعدات الخارجية، أوضح أن أموال الغرب "مُسيّسة"، وأن الدعم حاليا يأتي عبر طرف ثالث، غالبا وكالات الأمم المتحدة، بعد تصنيف التغيير في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 انقلابا، وأشاد بالدعم الإغاثي من الدول العربية والخليجية وإيران وتركيا.
الحرب والسياسة والمستقبلوتطرق وزير المالية إلى الحرب الدائرة مع قوات الدعم السريع، معتبرا إياها "مشروعا إقليميا ودوليا كبيرا" وأن الدعم السريع "مجرد أداة تستخدم مرحليا"، وربط الصراع بأطماع في سواحل البحر الأحمر وموارد السودان المائية والزراعية والمعدنية، وربما بمحاولة "تغليف المسألة بمحاربة الإسلام السياسي".
وبشأن الأوضاع في الفاشر، أكد صمود المدينة أمام هجمات الدعم السريع المتكررة، قائلا "لن تسقط بإذن الله"، مشيرا إلى رمزيتها التاريخية كعاصمة لإقليم دارفور.
وعن موقفه من الحكم العسكري، قال إبراهيم إنه مع الحكم المدني تماما، وإن الظرف الحالي فرض وجودا عسكريا في السلطة، مددت الحرب عمره.
وأعرب عن ثقته في قدرة الشعب السوداني على تغيير الأنظمة العسكرية عبر الثورات، متوقعا حوارا سودانيا-سودانيا شاملا بعد الحرب لرسم خارطة طريق نحو انتخابات حرة.
وردا على تصريحات الفريق البرهان حول أداء بعض الوزراء، نفى الدكتور جبريل أن يكون من المقصودين، مؤكدا أن التعيينات في الدولة تخضع لإجراءات وقوانين تحد من سلطة الوزير المطلقة، وأن صلاحياته في التعيين المباشر تقتصر على 3 أشخاص.
جذور الصراع في دارفوروعاد إبراهيم بالذاكرة إلى نشأة حركة العدل والمساواة، مؤكدا أنها حركة قومية وليست قبلية أو إقليمية، تهدف إلى تحقيق العدالة والتنمية المتوازنة في كل أقاليم السودان. وأوضح أن فكرة الحركة تبلورت منذ عام 1995 نتيجة شعور بالظلم والتهميش.
وكشف الوزير أنه كان "الوحيد الذي اعترض على حمل السلاح" في المؤتمر الذي تقرر فيه ذلك بألمانيا، مفضلا الحوار، لكن قناعة الأغلبية كانت أن الحكومة آنذاك "لا تسمع إلا أصوات المدافع". ورغم ذلك، أكد أنه ليس نادما على خيار التمرد المسلح الذي فرضته الظروف.
إعلانوأرجع أسباب الصراع في دارفور إلى الشعور بالظلم من قبل المركز في توزيع الفرص والمشروعات التنموية، وإلى دور الحكومة أحيانا في "اللعب على التناقضات القبلية وتفضيل مكونات على أخرى"، مما أدى إلى تطاحن كبير.
واختتم الدكتور جبريل إبراهيم حديثه بالتأكيد على أن وقف الحرب هو الأولوية، وأن الشعب السوداني بعد ذلك "سيحكم نفسه بنفسه"، معربا عن تفاؤله بمستقبل السودان رغم التحديات الجسيمة.
30/5/2025