اجابت دار الإفتاء المصرية سائل يقول: توفي رجل وعليه ديون، وله مال محجوز عليه من دائنين بمقتضى أحكام. فهل المال المحجوز عليه يعتبر من مال المتوفى؟ وإذا كان يعتبر من ماله فهل يقدم فيه مصاريف التجهيز والتكفين والدفن على قضاء الديون؟ وهل يدخل في التجهيز والتكفين إقامة ليلة المأتم يصرف فيها أجرة سرادق وفراشة؟ وما هو الكفن اللازم شرعًا؟

لترد دار الإفتاء موضحة، أنَّ الظاهر أن هذا المال المحجوز يبقى على ملك المدين إلى أن يصل إلى الدائنين؛ ولذلك لا يبرأ المدين من الدين إلا بوصول هذا المال إلى الدائن أو وكليه في القبض، ولو اعتبر ملكًا للدائنين بمجرد الحجز، واعتبر مَن في يده المال وكيلًا عن الدائنين قبضه كقبضهم لبرئت ذمة المدين بقبض مَن في يده المال مع أن الظاهر خلاف ذلك، وحينئذٍ إذا لم يصل هذا المال إلى الدائنين ووكلائهم في القبض في حياة المُتوفَّى كان ملكًا للمتوفى واعتبر تركة عنه بموته، وإذ كان هذا المال تركة عن المتوفى وهي مستغرقة بالدين فالواجب تقديمه في هذا المال هو تجهيزه إلى أن يوضع في قبره، وتكفينه كفن الكفاية وهو ثوبان فقط، ولا يكفن كفن السنة وهو ثلاثة أثواب ممَّا يلبسه في حياته إلا برضاء الدائنين، وما صرف زيادة عن ذلك من أجرة سرادق وفراشة وثمن قهوة.

. إلخ لا يلزم ذلك في مال المُتوفَّى وإنما يلزم به مَن صرفه ومَن أذنه بالصرف من الورثة، وبهذا عُلِم الجواب عن السؤال متى كان الحال كما ذُكِر.

حكم من مات وعليه دين يصعب سداده 

 ورد إلى دار الإفتاء المصرية، من خلال منصة الفيديوهات "يوتيوب"، سؤالاً تقول صاحبته: زوجي مات وعليه دين وأنا وأولادي يصرف علينا والدي.. فما حكم هذا الدين؟


وقال الدكتور محمود شلبي أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن دين المتوفى يسدد مما تركه حال رحيله عن الحياة سواء أموال أو عقارات أو قطعة أرض وغيرها، أما وإن مات ولا يملك شيء فأمر هذا الدين إلى الله سبحانه وتعالى.

وأجاب شلبي على السائلة:" والدك يصرف عليكي أنت وأبنائك جزاه الله خيرا، وليس عليكي أي شيء في أمر الدين طالما لا تستطيعن السداد".

حكم من مات وعليه دين

قال الدكتور مجدى عاشور، المستشار العلمى لمفتى الجمهورية، ردا على سؤال حكم من مات وعليه دين: يجب على كل من استدان أو أخذ قرضاً لابد أن ينوى نية صحيحة ويعقد العزم على أن يسد هذا الدين ما دام يستطيع، ومن مات وعليه دين فعلى ورثته أن يقضوا هذا الدين عنه لأن هذا الدين هو فى رقبة هذا المدين الذى مات والنبي صلى الله عليه وسلم بيًن أن الميت مرهون بدينه ولم يصل النبي صلى الله عليه وسلم على رجلاً عليه دين عندما سأل عليه دين قالوا ديناران فقال صلوا أنتم عليه، وفى حديث أخر (نفس المؤمن مُعلَّقة بدَيْنِه حتى يُقْضَى عنه).

وأشار الى أن من مات وعليه دين ولم يستطيع أن يقضيه ولم يكن له أحداً يقضي هذا الدين وكان ينوى فى حال حياته أنه سيقضي هذا الدين فإن الله عز وجل بفضله يتحمل عنه هذا الدين.

حكم من مات وعليه دين

قال الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إنه يجب على الورثة المسارعة إلى قضاء ديون ميتهم مما ترك من المال، إن كان ترك مالًا.

وأضاف «ممدوح» في إجابته عن سؤال: «إذا توفي شخص مدين ولا نعلم الدائن هل يجوز إخراج صدقة بنية سداد الدين؟»، أنه في هذه الحالة يجوز إخراج صدقة بنية سداد الدين.

وأوضح أنه إذا مات المسلم وعليه ديون وترك أموالًا فأول عمل يقوم به ورثته هو تجهيزه وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، ومن ثمَ تسديد ديونه، وبعد ذلك إنفاذ وصيته إن كان قد أوصى، وبعد ذلك يوزع باقي المال على الورثة، وينبغي أن يعلم أن نَفْسَ المؤمن إذا مات تكون معلقةً بدينه حتى يقضى عنه، كما ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» رواه الترمذي (1078).

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: هذا الدین هذا المال علیه دین

إقرأ أيضاً:

هل أخذ الجمعة والسبت عطلة فيه تشبه بغير المسلمين؟.. الإفتاء توضح

ورد الى دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه نطلب رأي الدار الموقرة في عطلة الجمعة والسبت بدلًا عن الخميس والجمعة، وهل في ذلك تشبُّه بغير المسلمين؟

وأجابت الإفتاء عبر موقعها الرسمي عن السؤال قائلة: العطلات والإجازات إنما هي من المباحات المحضة التي لم يَرِد فيها تشريعٌ بخصوصه، والأمر راجعٌ فيها إلى المصلحة العامة؛ فينظمها وليُّ الأمر بما خَوَّلته له الشريعة من سُلطة تقييد المباح.

وأوضحت أن دعوى التشبُّه بغير المسلمين إذا ما وافقت إجازتُهم إجازةَ المسلمين مردودةٌ بأن التَّشبُّه المذموم هو فيما كان شعارًا للدِّين مع قصد التشبُّه، وهو غير متحقِّقٍ هنا.

حكم صلاة الجمعة لمن أدرك الإمام في التشهد.. الإفتاء تجيبحكم خلع الزوجة الحجاب طاعة لزوجها .. الإفتاء تجيبالإفتاء: شراء الأصوات الانتخابية رشوة محرمة والمعاون مشارك في الإثمهل عدم زيارة الروضة الشريفة أثناء العمرة يؤثر في صحتها ؟.. الإفتاء تجيب

من له الحق في تحديد أيام الإجازات
وبينت انه من المقرر شرعًا أن تصرفات الحاكم مَنُوطة بالمصلحة، وأن له تقييد المباح.

ومسائلُ العطلات والإجازات وأيامها هي من المباحات المحضة التي لم يَرِد فيها تشريعٌ بخصوصه، وليس ثَمَّةَ ارتباطٌ شرعي بين الأعياد وبين العطلات والإجازات، فليس من الموروث عن سلفنا الصالح أن عيد الأسبوع وهو الجمعة أو العيدَين السنويَّين الفطر والأضحى يكونان عطلتين أو إجازتين، بل ذلك أمر تواضعت عليه المجتمعات العربية والإسلامية في زمن ما ومكان ما لمصلحة ناسبت ذلك الزمان أو ذلك المكان.

وأعيادُنا الشرعية تدعونا إلى العمل لا إلى البطالة؛ فباستثناء الصلوات والطهارة لها فالمسلم لا ينقطع عن عمله في العيد ولا في غيره انطلاقًا من وازعٍ ديني أو باعث شرعي، ولا يَحكُمُه في ذلك إلا المصلحةُ الخاصة أو العامة، وتنظيم المصلحة العامة يكون لولي الأمر بحكم المنصب الذي قلَّده الله تعالى إياه.

والنصوص الشرعية تنصح بذلك؛ فالله تعالى ينهانا عن البيع -أي: وسائر العقود والمعاملات- بعد الأذان الثاني يومَ الجمعة بقوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: 9]؛ مما يدل أنه قبل الجمعة يجوز التعامل بالبيع والشراء وغير ذلك من إقامة الأسواق وممارسة الحياة بكافة أنشطتها، وأن ذلك يجب التوقف عنه لخصوص صلاة الجمعة، وأنه مخصوصٌ بمن يَتَوَجَّب عليهم الجمعة دون مَن سواهم، ثم بعد ذلك يقول عَزَّ وجَلَّ: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ﴾ [الجمعة: 10]؛ أي عُودُوا إلى حياتكم العامة وما ترونه صالحًا لدينكم ودنياكم، وإلى ما يُفِيدُكم فيما خُلِقتم من أجله مِن عبادة وعِمارة، ولم يَدعُنا النصُّ الشرعي للإجازة في يوم الجمعة، ولا للبقاء في المسجد وجوبًا أو حتى استحبابًا.

ومن النقول الفقهية ننتقي ما ساقه شيخ الإسلام البيجوري في "حاشيته" على ابن قاسم شارح "متن أبي شجاع" في فقه السادة الشافعية في (باب الإجارة)؛ حيث قال: [واعلم أنه لو استأجره لعمل وقَدَّره بمدة فزمنُ الطهارةِ والصلاةِ -ولو السننَ الراتبة- مستثنًى شرعًا، ولا يُنقَص من الأجر شيءٌ، وكذلك السبت لليهود والأحد للنصارى] اهـ.

وهذا النقل وأمثاله وهو قريب عهد بِنَا؛ حيث إن البيجوري رحمه الله تعالى متوفًّى في عام 1277هـ يدل على حال المسلمين من كونهم لا يتعطلون حتى في يوم الجمعة، وأن عطلة السبت والأحد هذه خاصة بغير المسلمين؛ مما يدل على أن أصل عطلة الجمعة ليست أصيلة عند المسلمين، بل طرأت على مجتمعاتهم، والظنُّ أن اختيارهم يوم الجمعة كعطلة راجع لغرضٍ صحيحٍ يناسب مجتمعاتهم وقتها.

وقالت: مما سبق يتبين أنه لو بدت المصلحةُ في اتخاذ يومٍ أو أكثر من أيام الأسبوع للعطلة أو الإجازة فمرجع ذلك للاتفاق والتواضع المصلحيين.

زعم التشبه بغير المسلمين في العطلة يوم السبت
ما قد يَعِن لبعضهم من شُبهةِ تَشَبُّهٍ بغير المسلمين في اختيار إجازة وعطلة يوم السبت فمردودٌ بأن التَّشبُّه المذموم هو فيما كان شعارًا للدين مع قصد التَّشبُّه، أما إن كان في أمرٍ عارٍ عن كونه شعارًا للدين يميز أصحابه عن سائر المِلَلِ والنِّحَلِ أو كان خاليًا عن قصد التَّشَبُّه فلا يكون حرامًا ولا ممنوعًا شرعًا؛ وها هو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يحاكي الرومَ في عمل الدواوين، وما نَعَتَه أحدٌ بالبدعة المذمومة أو بكونه متشبهًا بالكفار، وها هم الصحابة رضي الله تعالى عنهم لما فُتِحت بلاد الفرس صَلَّوا في سراويلهم، وما كان هذا معدودًا من التَّشبُّه بغير المسلمين، والمسلمون الآن يلبسون ألبسةً هي في أصل نشأتها وتاريخ منشئها ألبسةٌ لغير المسلمين، لكنها لم تعد الآن شعارًا لهم ولا خاصَّةً بهم، بل تُنُوسِيَ أَصلُها ولم تَعُد حكرًا على أصحابها الأوائل.

ولَمَّا تكلم الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري شرح صحيح البخاري" عن (الطَّيلَسان) الذي هو في أصله من ألبسة اليهود، وعن حديث: «مَن تَشَبَّهَ بقَومٍ فهو منهم» قال: [وإنَّما يَصلُحُ الاستِدلالُ بقِصَّةِ اليَهُودِ في الوَقتِ الذي تَكُونُ الطَّيالِسة مِن شِعارهم، وقد ارتَفَعَ ذلك في هذه الأَزمِنة فصارَ داخِلًا في عُمُوم المُباح، وقد ذَكَرَه ابنُ عبدِ السَّلام في أَمثِلة البِدعة المباحة] اهـ.

ولا يستطيع أحدٌ أن يدَّعي أن السبت الآن هو شعارٌ على اليهود فقط؛ بل إن معظم العالم على اختلاف مذاهبه وملله يَتَّخِذه إجازةً وعطلة لمصلحة يَرتَئيها، فلم يعُد خاصًّا بهم، أضف إلى ذلك أن المسلم إذا وجد المصلحةَ في اتخاذ السبت إجازة أو عطلة وتَرَجَّحَ له ذلك فإنه يكون من باب المصلحة لا غير، ودون التفاتٍ بالتَّشبُّه باليهود أو احترامٍ لشيء يخصُّهم.


وبينت بناء على ما سبق: أن الأمر في اتخاذ الجمعة والسبت إجازةً أمرٌ راجعٌ للمصلحة والسياسة الشرعية، فينبغي أن يكون الجهدُ الحقيقي موجهًا للبحث عن كون ذلك مظنةً للمصلحة مِن عدمه، ثم تكون التجربة العملية والتنفيذ الفعلي حاكِمَين على راجحية التقنين أو مرجوحيته. أمَّا الانبعاث في الحكم على ذلك من منطلق التَّشبُّه أو البدعة أو ما شابه فهو إبعادٌ للنُّجعة وتَبوِيرٌ للسِّلعة.

طباعة شارك الجمعة السبت عطلة غير المسلمين المسلمين أيام الأجازات الأجازات الإجازات الإفتاء

مقالات مشابهة

  • حكم الامتناع عن المشاركة في الانتخابات.. الإفتاء توضح
  • فتاوى تشغل الأذهان| مواضع سجود التلاوة في القرآن.. تحذير من 3 أفعال شائعة مع الكلاب والقطط.. هل المال المخصص لبناء منزل عليه زكاة ؟
  • «الأزهري»: دار الإفتاء المصرية تستند إلى إرث علمي عميق يمتد منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم
  • كيف أعرف مواضع سجود التلاوة في القرآن؟.. الإفتاء توضح
  • هل المبلغ المخصص لبناء منزل للسكنى عليه زكاة ؟.. دار الإفتاء توضح
  • التصرف الشرعي لمن لم يجد مكانًا في صلاة الجماعة .. المفتي يوضح
  • الموقف الشرعي لمصممة الأزياء في عرض الموديلات المفتوحة ..الإفتاء توضح
  • هل يجوز قضاء صلاة الضحى لمن فاتته؟.. الإفتاء توضح
  • هل شد الوجه لإزالة التجاعيد فيه تغيير لخلق الله؟..الإفتاء توضح
  • هل أخذ الجمعة والسبت عطلة فيه تشبه بغير المسلمين؟.. الإفتاء توضح