اليمين المتطرف الذى يحكم فى إسرائيل لا يتوقف عن الإعلان عن نيته التوسّع جغرافيًا فى المنطقة العربية وفقًا لمزاعم إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، وهو ما ينسب لمرجعيات يهودية وسياسية فى أكثر من مناسبة يكفى على سبيل المثال التوقف عند تصريحات الوزيرين المتطرفين فى حكومة الحرب الإسرائيلية إيتمار بن جفير وزير الأمن القومى وبتسلئيل سموتريتش وزير المالية فى أكثر مناسبة.
فى السياق ذاته يمكننا قراءة حديث الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب عندما قال إنه كلما نظر إلى خارطة العالم ووجد إسرائيل صغيرة يحزن!! وكذلك حديث نتنياهو عما أسماه حرب الاستقلال الثانية، كل هذا يقول إن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ربما عازمتان على إعادة رسم الجغرافيا السياسية فى الشرق الأوسط.
بالتدقيق فى المواقف والتصريحات واتجاه الصراع فى المنطقة وشروط إسرائيل لإنهاء الحربين فى غزة ولبنان, يتضح أن هدف نتنياهو ومعه اليمين المتطرف هو تأمين عمق جغرافى لإسرائيل, وهذا لن يحدث إلا بضم الضفة الغربية والقدس وغزة ولا أستبعد أن يصل شطط نتنياهو إلى التفكير فى احتلال أجزاء من لبنان وسوريا والأردن، بذريعة تأمين حدود إسرائيل، وكل هذا بالطبع مع ضوء أخضر من دوناد ترامب.
تأتى كل المواقف السياسية الإسرائيلية لتؤكد صحة هذه القراءة لأهداف نتنياهو, فهل علينا مثلا أن نمرر تصريحات وزيرة الاستيطان أوريت ستروك بأنها تعمل على قدم وساق لإعلان السيادة الإسرائيلية على أكبر مساحة ممكنة من الضفة الغربية، وبأنه لا ينبغى وضع إستراتيجية للخروج من قطاع غزة وكذلك مطالبات سموتريتش من قسم إدارة المستوطنات فى وزارة الدفاع، وكذلك الإدارة المدنية التابعة للجيش الإسرائيلى فى الضفة الغربية قبل أيام، بالبدء فى إعداد البنية التحتية اللازمة للسيطرة على الضفة الغربيّة, من دون أن نفهم أن محطتهم التالية هى الضفة والقدس فسموتريتش نفسه قالها علنا: «آن الأوان لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية فى عام 2025، فى ظل وجود ترامب فى البيت الأبيض».
الفكرة الصهيونية التى تنتصر للدولة اليهودية الخالصة تسعى عمليًا إلى احتلال كل فلسطين التاريخية، ولخدمة هذه الفكرة يرى اليمين المتطرف أن الخروج من غزة كان خطأ وأنه لابد من إعادة السيطرة عليها وأن الطريقة الوحيدة لإزالة التهديد المتمثّل فى قيام دولة فلسطينية هو السيطرة على الضفة الغربية عبر التوسّع الاستيطانى.
القضية الفلسطينية من وجهة النظر العادلة لا يمكن أن تحل من دون الرجوع إلى الشرعية الدولية وتطبيق قرار حل الدولتين وفقا لحدود الرابع من يونيو 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وهذا ما يطالب به المجتمع الدولى والزعماء العرب فى كل محفل وفى مقدمتهم الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسي, ولكن إسرائيل تعمل كل ما فى وسعها لمنع إقامة دولة فلسطينية فالكنيست سنّ قانونًا فى يوليو الماضى، برفض الدولة الفلسطينية بأغلبية ساحقة، حيث صوّت 99 نائبًا لصالح القانون من أصل 120 عضوَ وأيضًا شرّع الكنيست فى عام 2018، قانون القومية اليهودية، لدعم الاستيطان، ولحصر حق تقرير المصير باليهود على أرض فلسطين التاريخية، أى عدم الاعتراف بالفلسطينيين كشعب أو قومية يحق لهم الاستقلال فى دولة فلسطينية.
كل ما حدث ويحدث الآن فى قطاع غزة من محو لكل مظاهر الحياة فى القطاع ليجبر الفلسطينيون على التهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم طلبا للحياة، هدفه فى المقام الأول تحويل قطاع غزة إلى واحة من المستوطنات ومن جانب آخر يقنن الاحتلال سياساته فى الداخل الإسرائيلى منذ سنوات عبر قوانين استعمارية لاحتلال الضفة الغربية والقدس.
فى تصورى أن الأيام القادمة ستدفع الاحتلال الإسرائيلى إلى تنفيذ مخططاته بغطاء أمريكي, لاسيما مع التفاءل الإسرائيلى بقدوم دونالد ترامب والذى أغدق بالوعود على اليمين المتطرف خاصة مع أعلانه أثناء حملته الانتخابية دعمه لفكرة توسيع الحدود الجغرافية لإسرائيل، على حساب الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة, وقد ظهرت مؤشرات تدعم هذا التفاؤل ممثلة فى الشخصيات المرشّحة لتشكيل إدارة ترامب، مثل المرشحين لحقائب الخارجية والدفاع ومستشار الأمن القومى ومدير المخابرات والسفير الأمريكى فى إسرائيل، كلها شخصيات صهيونية رافضة لفكرة الدولة الفللسطينية.
مع الأسف الحرب القادمة هى حرب جغرافيا بامتياز.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأمن القومي الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى يا خبر د حسام فاروق الیمین المتطرف الضفة الغربیة دولة فلسطینیة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل ترفض التعاون مع زيارة وزراء عرب للضفة وتتوعد ببناء دولة يهودية
إسرائيل ترفض زيارة وزراء الخارجية العرب إلى الضفة الغربية وتُحذّر من إقامة دولة فلسطينية، وسط تصعيد في التوسع الاستيطاني بإنشاء 22 مستوطنة جديدة. اعلان
في تصعيدٍ مُلفت للانتباه، أعلنت إسرائيل رفضها المطلق التعاون مع زيارة مقررة لوزراء خارجية عرب إلى الضفة الغربية المحتلة، وتأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد التوترات بين الأطراف وتعقيدات المشهد السياسي الإقليمي والدولي.
الزيارة التي يعتزم المشاركة فيها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، تعد الأولى من نوعها لمسؤول سعودي منذ احتلال المنطقة عام 1967، وهو ما أثار رد فعل حاد من الجانب الإسرائيلي الذي وصف الخطوة بأنها "استفزازية" وتهدد أمنه القومي.
وأكد مسؤول إسرائيلي أن الدولة العبرية لن تتعاون مع زيارة وزراء خارجية عرب مقررة الأحد إلى الضفة الغربية المحتلة، مشدداً على أنها "حركة استفزازية" تسعى إلى دعم فكرة إقامة دولة فلسطينية، وصفها بأنها ستكون "دولة إرهابية في قلب أرض إسرائيل".
وجاء في بيان صدر ليل الجمعة-السبت أن السلطة الفلسطينية لم تُدين حتى الآن هجوم السابع من أكتوبر، وهو ما يعزز الرؤية الإسرائيلية بأن هذه الزيارة تحمل أبعاداً سياسية مُعادٍ لها.
Related مؤتمر دولي بقيادة فرنسا والسعودية للاعتراف بدولة فلسطين وإسرائيل تهدد بضم الضفة الغربيةسفير إسرائيل في واشنطن يتوقع انضمام سوريا ولبنان لاتفاقيات أبراهام قبل السعوديةرسالة وزير الدفاع الإسرائيلي "لماكرون وأصدقائه": سنبني الدولة اليهودية في الضفةتأتي التصريحات الإسرائيلية بعد ساعات فقط من كشف مصدر دبلوماسي لوكالة فرانس برس عن نية الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، زيارة رام الله الأحد، في سابقة هي الأولى منذ احتلال الضفة الغربية قبل أكثر من نصف قرن.
وذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية أن الزيارة ستشمل أيضاً مشاركة وزراء خارجية من الإمارات ومصر والأردن وقطر وتركيا، في مؤشر على دعم عربي واسع للفكرة.
في موازاة ذلك، أعلنت إسرائيل خلال الأسبوع الجاري عن خطط لإنشاء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، وهي خطوة تُعدّها الأمم المتحدة مخالفة للقانون الدولي وتُعتبر عائقاً كبيراً أمام تحقيق السلام الدائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وفي موقف تصعيدي، توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ببناء "دولة إسرائيلية يهودية" في الضفة الغربية، مشيراً إلى أن المستوطنات الجديدة تُعد "رسالة واضحة" لكل من يدعم إقامة دولة فلسطينية، بما فيهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وكان من المقرر أن تستضيف فرنسا والمملكة العربية السعودية مؤتمراً دولياً في مقر الأمم المتحدة خلال شهر يونيو القادم، بهدف إحياء مبدأ حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. يأتي هذا بينما كانت الرياض قد بدأت قبل اندلاع الحرب في قطاع غزة، محادثات مع الولايات المتحدة حول إمكانية إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، مقابل ضمانات أمنية ودعم لبرنامجها النووي المدني. وقد أعرب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق خلال زيارته الأخيرة للرياض.
لكن المملكة العربية السعودية، التي تقود حالياً دفة المبادرات الإقليمية، جعلت من إقامة دولة فلسطينية شرطاً لا غنى عنه لأي تطبيع محتمل مع إسرائيل، مما يضع الأمور في مواجهة مباشرة مع الموقف الإسرائيلي المتصلب، ويُعقد المشهد السياسي في منطقة تعيش على صفيح ساخن.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة