الطلاق العاطفي.. عزلة داخل إطار اجتماعي
تاريخ النشر: 23rd, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تبدو مؤسسة الزواج في ظاهرها حصنًا للطمأنينة وواحة للأمان، لكن داخل هذا الكيان الذي يفترض أن يكون ملاذًا، تتشكل أحيانًا عزلة أكثر ضراوة من تلك التي يواجهها الإنسان بمفرده. الطلاق العاطفي، ذلك الطيف الصامت الذي يخيم على العلاقات الزوجية، ليس مجرد فتور في المشاعر، بل هو غربة حقيقية يعيشها شريكان تحت سقف واحد، وقد تكون أكثر قسوة من الطلاق التقليدي.
في فلسفة الزواج، تبدو العلاقة الزوجية انعكاسًا لفكرة الوحدة في التنوع، حيث يجتمع شخصان مختلفان ليشكلا كيانًا مشتركًا يتغذى على الحوار، والاحترام، والعاطفة.. لكن ماذا يحدث عندما يتآكل هذا الكيان بفعل غياب التفاعل الحقيقي؟
يتحول الزواج حينها إلى قوقعة خاوية، مجرد إطار اجتماعي يتمسك به الشريكان خوفًا من المجتمع أو حفاظًا على الأطفال، بينما القلوب تنبض في عزلة، وكأن كلاهما يسير في درب لا يلتقي أبدًا بدرب الآخر.
الطلاق العاطفي ليس مجرد غياب للحب، بل هو حالة وجودية يتلاشى فيها الشغف، ويُختزل فيها التواصل إلى مجرد كلمات سطحية، أو ربما صمت مدوٍ. إنه نوع من الانفصال الداخلي الذي يترك الإنسان يتساءل عن جدوى استمراره في علاقة فقدت عمقها.
اللافت أن الطلاق العاطفي لا يحدث فجأة، فهو نتيجة تراكمات صغيرة تبدأ بإهمال التفاصيل اليومية، أو بتجاهل احتياجات الآخر، حتى يصبح الشريكان غريبين داخل علاقة من المفترض أن تجمعهما.
غالبًا ما يُلقى اللوم في حالة الطلاق العاطفي على ظروف خارجية، مثل العمل، وضغوط الحياة، أو تربية الأطفال. لكن الحقيقة أعمق من ذلك. في جوهر الأمر، قد يكون الشريكان شركاء في صناعة هذه الفجوة، سواء عن قصد أو عن غير قصد.
فعندما تُختزل العلاقة الزوجية إلى أدوار نمطية، يتحول الزواج إلى مؤسسة بيروقراطية، حيث يصبح الشريكان موظفين يؤديان واجباتهما دون روح.
في كثير من الأحيان، يتجنب الأزواج الحديث عن المشكلات خوفًا من تفاقمها، مما يؤدي إلى تراكمها وتعمّق الفجوة بينهما.
وعندما يتوقف أحد الشريكين أو كلاهما عن العمل على تطوير نفسه أو الحفاظ على هويته الشخصية، تصبح العلاقة عبئًا، حيث يشعر الطرف الآخر بأنه مسؤول عن سد فجوة عاطفية لا يمكنه ملؤها.
في مجتمعاتنا العربية، يُعتبر الطلاق التقليدي وصمة اجتماعية، مما يجعل الطلاق العاطفي خيارًا غير مُعلن لكثير من الأزواج. يعيشون تحت وطأة ضغوط اجتماعية تمنعهم من اتخاذ قرار الانفصال، رغم أنهم منفصلون عاطفيًا منذ زمن طويل.
هذا التناقض يعكس قصورًا في فهمنا للعلاقات الزوجية، حيث يُنظر إلى الزواج كواجب اجتماعي أكثر من كونه شراكة حقيقية تستدعي التفاعل العاطفي.
ربما تكون البداية في فهم الزواج كحالة ديناميكية تتطلب إعادة التفاوض باستمرار حول الاحتياجات، والحدود، والتوقعات. في هذا السياق، يمكن طرح تساؤل: هل يمكننا تجاوز الطلاق العاطفي؟
الإجابة تكمن في إدراك أن العلاقات الزوجية ليست ثابتة، وأن التغيير قد يكون مفتاحًا لإعادة إحياء الحب والشغف.
فالحوار الحقيقي ليس مجرد كلمات، بل هو استماع بفهم، واستجابة باحترام. حين يشعر الشريك بأن صوته مسموع، تتجدد الثقة والدفء في العلاقة.
والتذكير بسبب بدء العلاقة في المقام الأول يمكن أن يكون عاملًا محفزًا لإعادة النظر في العلاقة بشكل إيجابي.
إن العلاقات القوية هي تلك التي تقبل هشاشة الإنسان وضعفه. فمشاركة المخاوف والأحلام بصراحة تعيد بناء جسور التواصل.
لذا فإن الطلاق العاطفي ليس فشلًا بقدر ما هو دعوة لإعادة النظر في معنى الزواج. قد يكون الزواج في جوهره مساحة للحرية العاطفية والتواصل الإنساني، لا مجرد قيد اجتماعي.
إن الاعتراف بوجود الطلاق العاطفي هو الخطوة الأولى نحو معالجته. بدلًا من الهروب إلى صمت قاتل، يمكننا العمل على بناء علاقات زوجية أكثر صدقًا وعمقًا، حيث يصبح الزواج رحلة مستمرة من النمو والاكتشاف المشترك.
في النهاية، قد لا يكون الحل المثالي في إنقاذ كل علاقة تعاني من الطلاق العاطفي، لكن الأهم هو أن ندرك قيمة الإنسان داخل العلاقة، وألا نتركه وحيدًا في مواجهة العزلة، سواء كان داخل الزواج أو خارجه.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الطلاق العاطفي الطلاق العاطفی
إقرأ أيضاً:
مباراة الثلاثاء فرصة مثالية لتجسيد الروح الرياضية
صراحة نيوز ـ يؤكد مشجعون أردنيون وعراقيون، أن مباراة المنتخبين الشقيقين يوم الثلاثاء المقبل، فرصة مثالية للتأكيد على عمق العلاقة بين البلدين الشقيقين، ونبذ أصوات قلة ممن يحاولون إخراج المباراة عن اطارها الرياضي التنافسي.
ويلتقي المنتخب الوطني لكرة القدم نظيره العراقي مساء يوم الثلاثاء المقبل، على ستاد عمان الدولي، في الجولة العاشرة والأخيرة من الدور الحاسم المؤهل إلى كأس العالم 2026.
وضمن المنتخب الوطني تأهله رسمياً للمونديال، فيما يسعى المنتخب العراقي الشقيق للذهاب إلى الملحق.
ويجمع الأردنيون والعراقيون على عمق العلاقة بين الشعبين الشقيقين، بعيداً عن نتائج المنافسات التي تبقى في اطارها داخل الملعب، معتبرين أن تحقيق الفوز في المباريات حق مشروع للجميع، على أن يبقى التنافس في اطاره الرياضي المتوج بالروح الرياضية.
ويستعد الجمهور الأردني لاستقبال المنتخب العراقي الشقيق بحفاوة، انطلاقاً من عمق العلاقة التي تربط البلدين الشقيقين، وتأكيداً للمكانة العالية للعراق في قلوب الأردنيين.
ويرى الأردنيون والعراقيون، أن مباراة المنتخبين الشقيقين الثلاثاء المقبل، لا تتعدى كونها مباراة تنافسية يسعى فيها كل طرف لتحقيق الفوز، وهو حق مشروع، على أن تبقى النتيجة في محيطها الرياضي التنافسي.
ويؤكد المدرب الوطني أسامة قاسم على المكانة العالية للعراق في قلوب الأردنيين، والتي تأتي للعلاقة التاريخية بين البلدين الشقيقين والتي لن يؤثر عليها بعض الأصوات النشاز التي تحاول الاصطياد في الماء العكر، واستغلال مباراة في كرة القدم لتحقيق أهداف مشبوهة.
وقال قاسم في تصريح لوكالة الأنباء الأردنية(بترا): مباراة الثلاثاء هي مجرد لقاء تنافسي، من حق كل فريق البحث فيه عن الفوز، مع الحفاظ على الروح الرياضية، مؤكداً أن الجماهير الأردنية والعراقية التي ستكون حاضرة في ستاد عمان، قادرة على عكس الصورة الحقيقية لعمق العلاقة بين الشعبين الأصيلين المتمسكين بقيم الإسلام والعروبة والقومية.
واعتبر لاعب المنتخب الوطني السابق لكرة القدم قصي أبو عالية، أن ستاد عمان على موعد مع دروس في الروح الرياضية، سيقدمها الجمهور الأردني مع شقيقه العراقي، لدحر بعض أصوات النشاز التي تحاول استثمار منافسات رياضية لبث سمومها.
وأشار أبو عالية، أنه وطيلة مشاركته في صفوف المنتخب الوطني والفيصلي، كان يشعر أن مباريات الأردن والعراق تعد مثالاً في الروح الرياضية، بحكم العلاقة المتجذرة بين البلدين، حيث يبادر الخاسر لتهنئة الفائز.
وأكد أبو عالية، أن العلاقة بين الأردنيين والعراقيين أكبر من مجرد مباريات تنافسية، وأن العلاقة بين الجمهورين عنوانها المحبة والاحترام المتبادل، لافتاً إلى أن أصوات غير مسؤولة على مواقع التواصل تحاول التجييش في مباراة كرة قدم، اما لجهل في تأثير ما يقولون أو يكتبون على صفحاتهم الشخصية، أو لأهداف مشبوهة دائماً ما تتحطم على أسوار عمق العلاقة بين الأردن والعراق.
اما المدرب العراقي علي الدليمي، فقد أكد على أن مباراة الثلاثاء، فرصة لرسم لوحة من الروح الرياضية، تجسد المحبة بين الجمهورين الشقيقين.
نحن كعراقيين، لن ننسى مساندة الجمهور الأردني للمنتخب العراقي في الكثير من المنافسات، خاصة في كأس العالم 1986، حيث كان الأردنيون يساندون منتخب العراق وكأنه منتخبهم، وهذا ليس بغريب على الشعب الأردني الذي ساند الرياضة العراقية في ظروف صعبة، خاصة خلال فترة الحصار.
وأضاف: هناك حالة من الاحترام المتبادل بين الشعبين، ولا بد من استثمار هذه العلاقة لما فيه الخير للبلدين.
وأشار الدليمي إلى أن مباراة يوم الثلاثاء، يجب أن تعكس صورة حقيقية ناصعة البياض عن علاقة الأردن والعراق،مباركاً لمنتخب النشامى التأهل المستحق إلى المونديال.
ودعا المدرب العراقي جبار حميد، إلى أن تكون مباراة الثلاثاء، فرصة مثالية لتجسيد الروح الرياضية،وعكس الصورة الحقيقية للعلاقة الأخوية بين الجمهورين الأردني والعراقي.
وأضاف حميد: هناك فوضى على بعض صفحات التواصل الاجتماعي، تحاول إخراج المباراة عن سياقها الرياضي، ولكننا كجمهور واع ومثقف قادرين على دحر هذه المحاولات، استناداً إلى حالة التجانس بين العراقيين والأردنيين.
اما اللاعب العراقي السابق علي صلاح الذي احترف في عدة أندية أردنية، فقد أكد على أن مباراة الثلاثاء، فرصة لتأكيد أصالة الجمهورين، مبدياً دهشته من ظهور أصوات نشاز على مواقع التواصل، تصور المباراة وكأنها حرب وتكسير عظم.
وأضاف: عايشت الشعب الأردني سنوات طويلة، بحكم احترافي في الدوري الأردني، ولم المس خلال تلك السنوات الا الحب الأردني للعراق وشعبه، ما اشعرني وكأنني اعيش بين عائلتي في وطني.
وأكد صلاح، أن العراقيين يبادلون الأردنيين نفس المشاعر، معتبراً أن أي كلام خارج هذا الإطار لا يمثل الشعبين الذين تربطهما علاقات تاريخيه، متمنياً مشاهدة مباراة كرة قدم حافلة بالاثارة والندية، ومزينه بالروح الرياضية، بعيداً عن هوية الفائز