يعاني الكثيرون من "فيروس كورونا طويل الأمد"، وهو حالة تتضمن أعراضا، مثل التعب الشديد وضيق التنفس والمشاكل الإدراكية والتي تستمر لفترة طويلة بعد الشفاء من عدوى "كوفيد-19".

وما تزال الأسباب الدقيقة لـ"كوفيد طويل الأمد" غير مفهومة بشكل كامل، ما دفع الباحثين لإجراء المزيد من الدراسات لفهم العوامل التي قد تساهم في ظهور هذه الحالة.

وفي دراسة حديثة، قادها المعهد الباريسي للصحة العالمية (ISGlobal)، وهو مركز مدعوم من مؤسسة "لا كايسا" بالتعاون مع معهد الأبحاث "غيرمانس ترياس إي بوغول" (IGTP)، وتم نشرها في مجلة Environmental Health Perspectives.، وجد الباحثون أن التعرض لجسيمات الهواء الملوث PM2.5 وPM10 مرتبط جزئيا بزيادة خطر الإصابة بأعراض "كوفيد طويل الأمد" المستمرة، بسبب تأثيره على شدة الإصابة الحادة بالفيروس.

ورغم أن العدد الحقيقي لحالات "كوفيد طويل الأمد" ما يزال غير واضح، إلا أنه يُقدّر أن الملايين في جميع أنحاء العالم يعانون من هذه الحالة. كما أن عوامل الخطر المرتبطة بها غير مفهومة بشكل جيد، حيث يمكن حتى للأشخاص الذين مروا بإصابة خفيفة أو لم تظهر عليهم أي أعراض أثناء الإصابة الحادة أن يصابوا بـ"كوفيد طويل الأمد".

وقال مانوليس كوغيفيناس، الباحث في المعهد الباريسي للصحة العالمية: "لقد وجدنا سابقا أن التعرض لتلوث الهواء مرتبط بزيادة خطر الإصابة بكوفيد-19 الشديد وانخفاض استجابة اللقاح، ولكن هناك عدد قليل جدا من الدراسات حول كوفيد طويل الأمد والبيئة".

وفي هذه الدراسة، قام كوغيفيناس وزملاؤه بالتحقيق في ما إذا كان تلوث الهواء والعوامل البيئية الأخرى مثل الضوضاء، والضوء الاصطناعي ليلا، والمساحات الخضراء، مرتبطة بخطر أو استمرار الإصابة بـ"كوفيد طويل الأمد".

وتابعت الدراسة أكثر من 2800 شخص بالغ من دراسة COVICAT، تتراوح أعمارهم بين 40 و65 عاما ويعيشون في كتالونيا، والذين أكملوا خلال فترة الجائحة ثلاثة استبيانات عبر الإنترنت (2020، 2021، 2023).

وتتعلق هذه الاستبيانات بمعلومات حول إصابات "كوفيد-19"، والتطعيم، والحالة الصحية، والبيانات الاجتماعية والديموغرافية للمشاركين.

وقام الباحثون بتقدير تعرض المشاركين للضوضاء، وجسيمات الهواء، والأوزون، وثاني أكسيد النيتروجين، والمساحات الخضراء، والضوء ليلا

وأظهرت التحليلات أن ربع الذين أصيبوا بـ"كوفيد-19" شعروا بأعراض مستمرة لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر، مع وجود 5% منهم يعانون من الأعراض المستمرة لمدة سنتين أو أكثر. وكانت النساء، والأفراد ذوو التعليم المنخفض، وأولئك الذين يعانون من حالات مزمنة سابقة، وأولئك الذين مروا بحالة شديدة من "كوفيد-19"، الأكثر عرضة للإصابة بـ"كوفيد طويل الأمد".

من جهة أخرى، كان للتطعيم تأثير إيجابي، حيث أن 15% فقط من المشاركين الذين تم تطعيمهم أصيبوا بـ"كوفيد طويل الأمد" مقارنة بـ 46% من غير الملقحين.

وكان التعرض لجسيمات الهواء PM2.5 وPM10 ارتباط بزيادة طفيفة في خطر الإصابة بـ"كوفيد طويل الأمد".

وزاد خطر الإصابة بـ"كوفيد طويل الأمد" بشكل تدريجي مع زيادة التعرض لجزيئات الهواء. بالمقابل، لم تظهر العوامل مثل المساحات الخضراء القريبة أو ضوضاء المرور تأثيرا كبيرا على "كوفيد طويل الأمد".

وأشار الباحثون إلى أنه بينما قد لا يتسبب تلوث الهواء بشكل مباشر في الإصابة بـ"كوفيد طويل الأمد"، إلا أنه قد يجعل الإصابة بفيروس كورونا أكثر شدة في البداية، ما يزيد من احتمال استمرار الأعراض لفترة طويلة بعد الشفاء من العدوى، وهو بالتالي ما يزيد من خطر الإصابة بـ"كوفيد طويل الأمد".

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ضيق التنفس كوفيد 19 كوفيد طويل الأمد فيروس كورونا فيروس كورونا طويل الأمد کوفید طویل الأمد خطر الإصابة الإصابة بـ کوفید 19

إقرأ أيضاً:

العمارة التراثية.. حلول بيئية ذكية تتحدى المناخ القاسي

لم تكن العمارة التقليدية مجرد انعكاس لجماليات المكان وروح الثقافة المحلية، بل مثلت أيضا استجابة ذكية لضرورات العيش في مناخات قاسية، للاحتماء من أشعة الشمس والشعور بقليل من الانتعاش، وهو ما يجعلها اليوم محط اهتمام متزايد من المعماريين الباحثين عن بدائل صديقة للبيئة في مواجهة الاحترار المناخي العالمي.

ففي المغرب، يبرز الرياض بأفنيته الداخلية التي تجمع بين الظل والنباتات والنافورة في مركز المنزل لتبريد الهواء وتلطيفه، بينما تتدلى الأزهار من سقوف شرفات البيرغولا في بروفانس الفرنسية لتمنح المكان انتعاشا طبيعيا. أما العمارة الإسبانية التقليدية فتعتمد على الباحات المظللة، في حين لجأت شعوب أميركا الأصلية إلى الأكواخ التقليدية المبنية من الطين أو الخشب بقدرة عالية على العزل.

وتؤكد ذلك المهندسة المعمارية ومخططة المدن في باريس كريستيانا مازوني حيث تقول إن "هناك أمثلة كثيرة من الماضي مثيرة للاهتمام" لجعل السكن أكثر راحة في الطقس الحار، مثلما نرى في عمارة الأفنية الداخلية التي تعد من السمات المميزة للرياض المغربي، والمنازل الرومانية (الدوماس)، وقصور البندقية، وكذلك المساكن العثمانية ذات القاعات المركزية.

فأشعة الشمس لا تسخن الجدران مباشرة، حيث "يوفر الظل والنباتات الداخلية البرودة اللازمة للمبنى، وكأنها مدمجة في سماكة جدرانه، إضافة إلى أنه غالبا ما توجد نافورة أو بئر في المنازل لاستخراج الماء من الأعماق، مما يعمل على تلطيف الجو".

تراث العمارة على طرق الحرير

وقد خصصت مازوني، أستاذة العمارة في الكلية الوطنية العليا بباريس-بيلفيل، أبحاثها لدراسة نماذج الهندسة المعمارية على طول طرق الحرير القديمة التي كانت تعبر القارة الآسيوية من الصين إلى حوض البحر الأبيض المتوسط، وتحديدا "المنازل ذات الأفنية أو الشرفات".

وتقول مازوني: "مع مواصلة السير على طرق الحرير، نصادف الأبراج الهوائية المنتشرة بكثرة في إيران، وهي أنظمة تكييف بيئية قديمة تُبرد المساكن بنظام تهوية طبيعي، إضافة إلى البيوت الطينية المصنوعة من مادة عالية العزل، ولا تزال، حتى الآن، مصدر إلهام لعدد كبير من المهندسين المعماريين".

إعلان

ومن الأمثلة الشائعة الأخرى المنزل التقليدي في بروفانس بجنوب فرنسا، والمصمم بطريقة تحميه من الرياح وأشعة الشمس، مع تثبيت دعامة نباتية (عريشة) على جانبه الجنوبي.

وتحذر أستاذة العمارة من منح أهمية مفرطة للتكنولوجيا الفائقة في حياتنا "مما قد يؤدي إلى الابتعاد عن الإنسانية". ومن المقرر أن تنظم مازوني مؤتمرا في سبتمبر/أيلول القادم للتطرق إلى كل هذه الأمثلة عن العمارة التقليدية بمشاركة مجموعة من المهندسين المعماريين.

نموذج أفنية داخلية لبيوت مغربية (شترستوك)تجديد الفكر المعماري

أما المعماري الفرنسي جاك بولنوا، الذي يعمل في شركة "بي إتش بي آر" (BHPR) ويحاضر في جامعة أورليان في وسط فرنسا، فيرى أن العودة إلى الخبرات التقليدية تمثل "تجديدا للفكر".

فالأجيال السابقة، رغم غياب الكهرباء والوقود، "كانوا أذكياء في التعامل مع الوضع"، حسب تعبيره، فقد "كانوا يبنون بالمواد المتاحة، واستنادا إلى المناخ وأنماط الحياة".

وأضاف أننا "لم نعد قادرين على إنجاز كل شيء" في ظل التغير المناخي، لذا يتوجب علينا إيجاد هندسة معمارية جديدة ومعاصرة تتلاءم مع خصوصيات كل منطقة ومتطلباتها.

مجمع رو دو مو السكني، اكتمل بناؤه عام 1991 ويُولي الأولوية لخصوصية المساحات الخضراء في منطقة مكتظة بالسكان (الشركة المصممة للمجمع السكني)العمارة التقليدية الملهمة

وتبرز بعض التجارب الحديثة في هذا السياق، مثل مشروع المهندس المعماري الإيطالي الشهير رينزو بيانو في مجمع "شارع مو" السكني بشمال باريس، حيث صمم فناء داخليا واسعا وسط مساكن منخفضة الإيجار عام 1991، مما وفر درجات حرارة ألطف للقاطنين.

ونظرا لكون منزلها مواجها للجنوب، فلا تشعر كوليت، المقيمة في منزلها منذ فترة طويلة، مباشرة بفوائد برودة الفناء، تقول: "ستلاحظون فرقا طفيفا قدره درجتان بين الشارع والفناء"، المزروع بأشجار البتولا وزهر العسل.

تماما مثل إيلان (35 سنة) الذي يؤكد مع ذلك أنه لا يعاني مطلقا من الحر الشديد، مثلما كان الحال في مسكنه السابق في مبنى من القرن التاسع عشر.

وفي باريس، وتحديدا في حي لا شابيل، جددت المهندسة المعمارية الفرنسية فرنسواز إيلين جوردا عام 2014 قاعة باجول، التي يعود تاريخها إلى أوائل القرن العشرين، باستخدام تقنيات حديثة مثل جمع مياه الأمطار، وتركيب الألواح الشمسية، إضافة إلى استخدام "البئر الكندية" التي تستفيد من درجة حرارة الأرض لتدفئة أو تبريد الهواء اعتمادا على الموسم.

ومع ذلك، يحذر بولنوا من اعتبار هذه الحلول وصفة جاهزة، فبعض الأنظمة التقليدية مثل أبراج الرياح الإيرانية "معقدة جدا" من حيث الفهم والتطبيق. لكنه يشدد في المقابل على أن البحث في تراث العمارة القديمة والسعي لتحديثها، بما يتناسب مع كل منطقة وخصائصها، هو مسار ضروري ولا غنى عنه، فلا يوجد حل سحري لمواجهة تحديات تغير المناخ.

مقالات مشابهة

  • تصل لـ44درجة .. ارتفاع درجات الحرارة فى أسوان وتحذير بعدم التعرض لأشعة الشمس
  • العمارة التراثية.. حلول بيئية ذكية تتحدى المناخ القاسي
  • بلديات راشيا استنكرت التعرض لجنبلاط وأكدت دعم مواقفه الوطنية
  • 3 عوامل تزيد من خطر الإصابة بسرطان الجلد
  • 5 أنواع من الألم تُنذر بنوبات طويلة الأمد من ارتفاع سكر الدم
  • دراسة تحذر: عادات نهاية الأسبوع تزيد اضطرابات النوم وخطر الإصابة بسرطان قاتل
  • ادّعت التعرض لضغوط نفسية في العمل فطالبت بتعويض 200 ألف درهم
  • جنازة رمزية في ستوكهولم لصحفيي الجزيرة الذين اغتالتهم إسرائيل
  • ريال مدريد يُحصّن نجمه الصاعد تياجو بيتراتش بعقد طويل الأمد
  • من هارلم إلى الخليل.. تاريخ طويل من تضامن السود مع الفلسطينيين