أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلا جديد، استعرض من خلاله الآفاق العالمية لسوق العقارات، وتأثير معدلات سعر الفائدة على السوق العقارية، وتداعيات خفض الفيدرالي الأمريكي للفائدة على هذه السوق، والفرص المتوقعة لسوق العقارات في مصر.

وأشار إلى أنه في ظل التقلبات الاقتصادية التي تطغى على المشهد العالمي في عام 2024، تواجه السوق العقارية العالمية منعطفًا حاسمًا يتميز بتحديات معقدة وفرصاً استثنائية، فإن القطاع الذي لطالما شكَّل ركيزة للاستثمار والاستقرار، أصبح الآن عُرضة للتأثر بتقلبات الاقتصاد الكلي، وارتفاع أسعار الفائدة، والاختلالات في العرض والطلب، وبالتالي يكون من الضروري إجراء تحليل لتلك العوامل لفهم التأثيرات المحتملة على مستقبل الأسواق العقارية، خصوصًا في ظل التوقعات المتعلقة بانخفاض أسعار الفائدة في المستقبل القريب، والذي من المتوقع أن يعيد الزخم إلى أسواق العقارات في المراكز المالية الكبرى مثل: نيويورك، ولندن، وطوكيو؛ مما يعزز جاذبيتها للمستثمرين العالميين.

أوضح التحليل أن القطاع العقاري ظل وجهة مفضلة للاستثمارات الدولية؛ حيث يعتبر الاستثمار في هذا القطاع أحد أكثر الاستثمارات استقرارًا وأمانًا في ظل تقلبات الأسواق المالية؛ إذ تجذب العقارات السكنية والتجارية استثمارات ضخمة من صناديق الاستثمار العالمية، لكن تلك الاستثمارات تواجه تحديات تنظيمية وضريبية تختلف من دولة إلى أخرى، كما أن قدرة الأسواق العقارية على تقديم بيئة تنظيمية مستقرة وجاذبة تؤدي دورًا حاسمًا في استمرار تدفق رؤوس الأموال الأجنبية.

ونوه بأن السوق العقارية العالمية لا تتأثر فقط بالعوامل التقليدية مثل العرض والطلب، بل هناك مجموعة متداخلة من العوامل التي تعزز أو تحد من نمو هذا القطاع كتفضيلات العملاء، والاتجاهات السوقية، والعوامل الاقتصادية الكلية الأساسية.

وأشار التحليل إلى أن العوامل الاقتصادية الكلية الأساسية لها تأثيرًا كبيرًا على سوق العقارات في جميع أنحاء العالم؛ حيث يمكن لعوامل مثل النمو الاقتصادي وأسعار الفائدة والتضخم ومستويات التوظيف، أن تؤثر على ديناميكيات الطلب والعرض في السوق العقارية، فمثلًا: خلال فترات النمو الاقتصادي، عادةً ما يكون هناك زيادة في الطلب على العقارات؛ حيث يتمتع المواطنين بدخل أكبر وثقة عليا في السوق، وبالمثل، يمكن أن تجعل أسعار الفائدة المنخفضة الاقتراض في متناول الجميع؛ مما يؤدي إلى زيادة الطلب على العقارات.

وشهدت الأسواق العقارية العالمية في العديد من المدن الكبرى قيام بنوكها المركزية برفع أسعار الفائدة لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، الأمر الذي أدى إلى طفرة غير مسبوقة في أسعار العقارات؛ مما أدى إلى حدوث تصحيحات حادة في الأسعار بعد تلك الطفرة، ففي مدن مثل: فرانكفورت وميونيخ وباريس وهونغ كونغ، انخفضت الأسعار بنسبة تجاوزت 20% مقارنةً بمستوياتها بعد الجائحة.

من ناحيةً أخرى، ازدادت المخاطر في السوق العقارية بالولايات المتحدة الأمريكية، خاصةً في ميامي التي تصدرت Global Real Estate Bubble Index لعام 2024، ويُعزى ذلك إلى ارتفاع أسعار العقارات في السنوات الأخيرة، كما شهدت دبي ارتفاعات قوية في الأسعار؛ حيث ارتفعت أسعار العقارات في دبي بنحو 17% خلال (الربع الثاني 2023/2024 - الربع الأول 2024/2025)، وتعكس هذه الزيادات الطلب القوي على العقارات مدفوعًا بالدخول المرتفعة وجاذبية السوق للمستثمرين الأجانب، ومع ذلك، تبقى هذه الأسواق عرضة للتقلبات إذا ما حدثت تغيرات في الظروف الاقتصادية العالمية أو في السياسات النقدية المحلية.

وأضاف التحليل أن قيمة السوق العقارية السكنية والتجارية الإجمالية بلغت حوالي 460.76 تريليون دولار أمريكي (حاصل جمع العقارات السكنية والعقارات التجارية) في عام 2017، كما بلغ نحو 608.4 تريليون دولار (حاصل جمع العقارات السكنية والعقارات التجارية) في عام 2023، فيما يتوقع أن تصل العقارات السكنية إلى 601.2 تريليون دولار بحلول 2029، وأن تشهد العقارات التجارية نموًا محدودًا، لترتفع من 99.96 تريليون دولار في 2017 إلى 126.6 تريليون دولار بحلول 2029، وهذا يشير إلى تفوق السوق السكنية في النمو على السوق التجارية، مدفوعًا بزيادة الطلب العالمي على الإسكان، بينما يظل الطلب على العقارات التجارية أكثر استقرارًا.

وأشار التحليل إلى أن آلية أسعار الفائدة تعتبر من الأدوات المؤثرة بشكل مباشر على سوق العقارات في أي دولة، فرفع أسعار الفائدة يزيد من تكلفة الاقتراض، ما يدفع بالتبعية إلى زيادة التكاليف على المقترض مشتري العقار، من ناحيةً أخرى، إذا اتخذ البنك المركزي في أي دولة قراره بخفض أسعار الفائدة، تكون له تداعيات إيجابية على السوق العقارية من حيث خفض تكلفة الاقتراض على المشترين وكذلك تقليل تكلفة الرهن العقاري، مما يسمح لهم بتأمين قروض عقارية بسعر منخفض، ومن ثم زيادة عمليات الشراء ودخول سوق العقارات في حالة رواج، والعكس صحيح.

وأوضح التحليل، أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قرر تخفيض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في اجتماعه الذي عُقد سبتمبر المنصرم، وأوضح المحللون أن أسعار الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية قد لا تتأثر بشكل سريع بذلك الانخفاض، حيث ارتفعت أسعاره بشكل غير مسبوق بعد اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية على العالم، وبلغت تكلفة الرهن العقاري 8% العام الماضي 2023، مقارنةً بنحو 3% خلال عامي 2020 و2021، وهو ارتفاع غير مسبوق في أسعار الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية ذات الأجل الطويل الثابتة؛ نتيجة للتضخم المرتفع الذي طال معظم اقتصادات العالم.

من ناحيةً أخرى، يرى محللون أن مجرد التوقعات باتجاه الفيدرالي الأمريكي لاتباع سياسة نقدية توسعية خلال الفترة المقبلة، يدفع إلى خفض أسعار الرهن العقاري، وذلك حتى قبل أن يعلن الاحتياطي الفيدرالي قراره بخفض الفائدة؛ حيث وصلت أسعار الرهن العقاري ذات الأجل الطويل ثابتة السعر 6.2% في الفترة الحالية، وهذه النسبة تعتبر هي الأدنى في الولايات المتحدة الأمريكية منذ فبراير 2023، وتؤثر عوامل اقتصادية أخرى على أسعار الرهن العقاري بجانب أسعار الفائدة، ولكن من المؤكد أن سعره سيتجه إلى الانكسار وفقًا لتصريحات مسؤولي السياسة النقدية في الولايات المتحدة الأمريكية والتي أفصحت عن عزمهم على اتباع سياسة نقدية توسعية الفترة المقبلة.

وأضاف التحليل أنه مع اقتراب اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المقبل في شهر نوفمبر 2024، تتزايد احتمالات خفض سعر الفائدة بـحوالي 25 نقطة أساس إلى 50 نقطة أساس، وبالنظر إلى التداعيات المحتملة على تأثيرات خفض الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة على الأسواق الناشئة، سنجد أن له العديد من الانعكاسات الإيجابية، منها استمرار تنافسية أسعار الفائدة في الأسواق الناشئة، والتي ستجذب مستثمرين من السوق الأمريكية للاستفادة من الفرق في أسعار الفائدة، وهو الأمر الذي سيُلقي بانعكاسات إيجابية على الأسواق العقارية التي لا تزال تدر عوائد جيدة وينظر إليها المستثمرون الأجانب باعتبارها ملاذ استثمار آمنًا ومربحًا.

وأكد التحليل أن مصر تمتلك العديد من الفرص الواعدة في القطاع العقاري؛ حيث تتمتع البلاد بسوق استهلاكية كبيرة، خاصةً مع عدد سكان يزيد على 100 مليون نسمة، ومن ثَم تقدم مصر إمكانات نمو طويلة الأجل لصناعة العقارات، كما أن جهود الحكومة لجذب الاستثمار الأجنبي وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، إلى جانب تعزيز الاستثمار الحكومي في مشروعات البنية التحتية، فضلًا عن المدن الحديثة مثل العاصمة الإدارية الجديدة وغيرها، يدعم تطوير العقارات التجارية والخدمية، وهو ما جعل مؤسسة دولية مثل فيتش سوليوشنز تتوقع نمو سوق العقارات المصرية على المدى الطويل، مدفوعًا بتلك الجهود لزيادة الاستثمار الأجنبي وتعزيز نشاط القطاع الخاص.

وأشار إلى التطوير والبناء الجاري لـ20 مدينة جديدة بجوار المدن القائمة بالفعل، والذي من شأنه أن يعزز الاستثمار في قطاع العقارات التجارية؛ حيث يتركز الطلب في المقام الأول على الأصول المكتبية والتجزئة المدرة للدخل، مع زيادة الاهتمام بالمرافق الصناعية.

وأوضح التحليل أن صناديق الاستثمار العقاري يمكنها أن تساعد سوق العقارات المصرية من خلال تزويد المستثمرين بطرق متنوعة للاستثمار في العقارات مع امتلاك مجموعة متنوعة من العقارات؛ مما يساعد على تقليل المخاطر، فلعدة سنوات لم يكن هناك سوى صندوق استثمار عقاري واحد متداول في البورصة المصرية، وهو "صندوق المصريين للاستثمار العقاري"، ولكن في ديسمبر 2022، أطلق بنك مصر، بالشراكة مع بنك القاهرة ومجموعة مصر القابضة للتأمين وشركة أليانز مصر، صندوق استثمار عقاري، باسم "صندوق استثمار مصر العقاري"، وهو ما جعل سوق العقارات في مصر تحظى بإمكانات هائلة للنمو.

وأشار التحليل في ختامه إلى أن قرار تخفيض معدلات الفائدة قد يترتب عليه انعكاسات إيجابية؛ فخفض سعر الفائدة في الولايات المتحدة سيعزز جاذبية أسعار الفائدة في الأسواق الناشئة؛ مما سيحفز تدفقات الاستثمار إلى قطاعات رئيسة كالعقارات التي ما زالت تُعَد من بين أكثر القطاعات ربحية وأمانًا للمستثمرين الأجانب، كما أن هذا النوع من الاستثمارات يوفر فرصًا لنمو مستدام، خاصةً في الأسواق التي تسعى إلى تنويع قاعدتها الاقتصادية وتعزيز استقرارها المالي، وبشكل عام.

وأكد أن الاتجاه المتزايد للتحضر في جميع أنحاء العالم يدفع سوق العقارات إلى النمو بشكل كبير، ومع تزايد عدد الأفراد الذين يسعون إلى فرص وظروف معيشية أفضل في المناطق الحضرية، هناك حاجة متزايدة إلى العقارات السكنية والتجارية، الأمر الذي يمثل فرصة كبيرة للمستثمرين ومطوري العقارات.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مجلس الوزراء سوق العقارات مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المزيد المزيد فی الولایات المتحدة الأمریکیة أسعار الرهن العقاری الفیدرالی الأمریکی العقارات التجاریة الأسواق العقاریة العقارات السکنیة سوق العقارات فی السوق العقاریة أسعار الفائدة تریلیون دولار على العقارات الفائدة فی العقارات ا العقاریة ا إلى أن

إقرأ أيضاً:

«معلومات الوزراء»: 3 تحولات أساسية تُعيد تشكيل الاقتصاد العالمي مستقبلًا

في إطار اهتمام مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، برصد وتحليل كل ما هو متعلق بالتقارير الدولية التي تتناول الشأن المصري أو تدخل في نطاق اهتماماته، سلط المركز الضوء على عدد من التقارير الدولية التي ترصد التوقعات الاقتصادية العالمية، ومن ذلك تقارير لعدد من الجهات والمؤسسات الدولية أبرزها بنك مورجان ستانلي وبروجيكت سينديكت.

حيث سلط تقرير بنك مورجان ستانلي، - والذي جاء بعنوان «التوقعات الاقتصادية لمنتصف عام 2025: تباطؤ واسع النطاق»، الضوء على تباطؤ واسع في النمو الاقتصادي العالمي خلال عام 2025، المدفوع بتأثير الرسوم الجمركية الأمريكية وتراجع الطلب العالمي، مع تفاوت في السياسات النقدية والمالية بين الدول. كما يبرز اختلاف مسارات التضخم، واستمرار التحديات البنيوية في الصين، وتماسك نسبي في الهند واليابان، وسط حالة متزايدة من عدم اليقين على المستويين السياسي والاقتصادي في الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية.

أوضح التقرير أنه من المتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي العالمي إلى معدل سنوي يبلغ 2.9% في عام 2025، مقارنة بـ3.3% في 2024، مع انخفاضه إلى 2.5% بحساب الربع الرابع على أساس سنوي. ويُعزى هذا التراجع أساسًا إلى تباطؤ الاقتصاد الأمريكي الذي يؤثر سلبًا على بقية دول العالم. مشيرًا إلى أن هذا التباطؤ سيجعل من عام 2025 أضعف عام نمو منذ جائحة «كوفيد-19».

أشار التقرير إلى أن السياسات التجارية الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة الزيادات الجمركية، قد أحدثت صدمة هيكلية للاقتصاد العالمي، حيث أدت حالة عدم اليقين الناتجة عن تلك الإجراءات إلى تقييد الطلب عالميًّا. وعلى الرغم من احتمال استمرار المفاوضات التجارية الأمريكية، إلا أنه من غير المرجح إزالة الرسوم بالكامل، مما يبقي على التوتر في النظام التجاري العالمي.

أوضح التقرير أن التوقعات تشير إلى أن التضخم سيواصل الانخفاض في معظم الدول، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قد تؤدي الرسوم الجمركية إلى ارتفاع أسعار المستهلكين، لتبلغ ذروتها بين 3% و3.5% في الربع الثالث من 2025. ومن المتوقع أن تؤدي أسعار النفط المنخفضة، وتقدير العملات، وتراجع الطلب إلى استمرار التباطؤ في نمو الأسعار عالميًّا، مع بلوغ التضخم العالمي 2.1% في عام 2025 و2% في عام 2026.

أفاد التقرير أنه في ظل تراجع النمو والتضخم، قد تتجه البنوك المركزية في أغلب الدول إلى خفض أسعار الفائدة. إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تمثل حالة استثنائية، حيث من المرجح أن يُبقي الاحتياطي الفيدرالي على معدلات الفائدة دون تغيير حتى مارس 2026. وفي المقابل، ستزيد الحكومات في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والصين من الإنفاق العام لتحفيز النمو، مما سيرفع مستويات العجز، لا سيما في كل من ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

وأوضح التقرير أنه من المتوقع أن يتباطأ الاقتصاد الأمريكي من نمو بلغ 2.8% في عام 2024 إلى 1.5% في عام 2025، ثم إلى 1% في عام 2026، نتيجة للقيود على الهجرة، وعدم اليقين بشأن السياسات، وارتفاع الرسوم الجمركية. كما من المتوقع أن يكون هناك ضغوط تضخمية إضافية بفعل نقص العمالة، لا سيما في قطاع الخدمات، على أن يبدأ التضخم في التراجع في عام 2026 مع ضعف الطلب وانخفاض الإنفاق الاستثماري.

ويرجح التقرير أن يحتفظ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بموقفه الحذر حتى أواخر 2025، حين تبدأ الضغوط التضخمية في الانحسار، ليعقب ذلك ضعف في سوق العمل. وبناءً على ذلك، من المتوقع أن يخفض الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار 175 نقطة أساس بحلول نهاية 2026، متجاوزًا ما يُعرف بمستوى «الحياد النقدي».

أما في منطقة اليورو، فإن ضعف الصادرات يمثل العائق الرئيس أمام النمو، ويتوقع أن ينمو الاقتصاد الأوروبي بنسبة 1% في عام 2025، مقارنة بـ0.8% في عام 2024، على أن يتراجع التضخم دون مستهدف البنك المركزي الأوروبي خلال نفس الفترة. ويرجح أن يواصل البنك المركزي الأوروبي دورة التيسير النقدي ليصل سعر الفائدة إلى 1.5% بنهاية العام.

وفي الصين، أوضح التقرير أنه من غير المتوقع أن تنجح جهود الحكومة في تحفيز الاقتصاد في تعويض الأثر السلبي للرسوم الجمركية الأمريكية. كما تواصل البلاد مواجهة ضغوط انكماشية وضعف في قطاع الإسكان. ويتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 4.5% في عام 2025 و4.2% في عام 2026، مقارنة بـ5% في عام 2024، مع استمرار التحديات البنيوية المرتبطة بالديون والاختلالات الاقتصادية.

وفي هذا الصدد، تشير التقديرات إلى أن اليابان ستستفيد من تحسن دخول الأسر بفضل زيادة الأجور وتباطؤ التضخم، ما يدعم ثقة المستهلك ويُبقي على نمو اقتصادي بنسبة 1% في عام 2025 و0.5% في عام 2026، ارتفاعًا من 0.2% في عام 2024. أما الهند، فتظل الاقتصاد الأسرع نموًا عالميًّا، مع توقعات بنمو يبلغ 5.9% في عام 2025 و6.4% في عام 2026، مدعومًا بقوة الطلب المحلي وتوسع صادرات الخدمات والسياسات الاقتصادية الداعمة للنمو.

أضاف التقرير أنه في أمريكا اللاتينية، من المتوقع أن يتوقف النمو في المكسيك خلال 2025، مع احتمال التعافي في عام 2026، بسبب تأثير الرسوم الجمركية والارتباط الوثيق بالاقتصاد الأمريكي، بالإضافة إلى ضعف الطلب المحلي وسوق العمل. ويرجح استمرار حالة عدم اليقين حتى منتصف عام 2026، موعد إعادة التفاوض على اتفاقية التجارة بين كل من الولايات المتحدة وكندا والمكسيك (USMCA).

أوضح التقرير أنه من المتوقع أن تحقق البرازيل نموًا في عامي 2025 و2026، وإن كان بوتيرة أبطأ. وتكمن أبرز التحديات في أسعار الفائدة المرتفعة، وتآكل الأجور، وضعف الاستثمارات قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة في عام 2026، مما يضغط على إمكانات النمو في أكبر اقتصاد بأمريكا الجنوبية.

اتصالاً، سلط مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار الضوء أيضاً على تقرير منظمة بروجيكت سينديكت والذي جاء بعنوان «فهم الاقتصاد العالمي الجديد»، والذي تناول التحولات البنيوية التي تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي، من خلال استعراض ثلاث عوامل رئيسة هي: اضطراب تدفقات رؤوس الأموال بسبب التوترات الجيوسياسية، والتفاوت الديموغرافي بين مناطق نامية تتسم بوجود قوة شابة بها وأخرى متقدمة تتجه نحو الشيخوخة، وتصاعد الانقسامات الإيديولوجية الذي يعمق تفكك العولمة ويزيد من تعقيد البيئة الاقتصادية وصعوبة التنبؤ بتوجهاتها المستقبلية.

أوضح التقرير أن البيئة الاقتصادية العالمية تشهد اليوم اضطرابًا متزايدًا، الأمر الذي يفرض على صانعي السياسات وقادة الأعمال والمستثمرين إعادة التفكير في النماذج الذهنية التي يستخدمونها لتحليل الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى ثمة ثلاثة تحولات أساسية تُعيد تشكيل هذا الاقتصاد، وهي تدفقات رؤوس الأموال، والتغيرات الديموغرافية، والانقسامات الإيديولوجية، وهي جميعًا تدفع نحو عالم أكثر تجزؤًا وانغلاقًا.

أفاد التقرير أن تدفقات رؤوس الأموال تخضع لتغيرات ناتجة عن متطلبات تنظيمية كحظر الولايات المتحدة الأمريكية للاستثمار في الصين، وسعي المستثمرين وراء فرص جديدة لعوائد مرتفعة في مختلف القطاعات والمناطق، فقد تمثل الولايات المتحدة الأمريكية حاليًّا ما يقارب 70% من القيمة السوقية للأسهم عالميًّا، وتجذب أكثر من 70% من التدفقات إلى سوق الاستثمارات الخاصة البالغة 13 تريليون دولار. ويرجع ذلك إلى كون السوق الأمريكية الأكثر قدرة على تحقيق عوائد جذابة بفضل ريادتها في الابتكار وعمق سيولتها.

بالإضافة إلى، خطر الرفع المالي الخفي (Hidden Leverage) وديون القطاع المصرفي الموازي، إذ أفادت "ستاندرد آند بورز" بأن هذه البنوك امتلكت أصولًا مالية بقيمة 63 تريليون دولار بنهاية 2022، أي ما يعادل 78% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وفي عام 2024، شكلت هذه المؤسسات 70% من إقراض الرهن العقاري والتمويل عالي المخاطر في الولايات المتحدة الأمريكية، مما يستدعي من المستثمرين وقادة الأعمال التساؤل عن طبيعة الجهات الحائزة للديون، وأين تكمن نقاط التركّز المالي الكبرى.

والجدير بالذكر أن الرفع المالي الخفي هو استخدام الديون أو الأدوات المالية ذات المخاطر العالية بطريقة غير واضحة أو غير مُعلنة ضمن النظام المالي، بحيث لا تظهر هذه الالتزامات بشكل مباشر في الميزانيات العمومية للمؤسسات أو لا تخضع للرقابة التنظيمية الكاملة.

وفي السياق الديموغرافي، أوضح التقرير أن الكثافة السكانية تستمر في الارتفاع عالميًّا، إذ تتوقع الأمم المتحدة بلوغ عدد السكان 11.2 مليار نسمة بحلول 2100، مقارنة بـ8.1 مليار حاليًّا، حيث يعيش قرابة 90% من سكان العالم في الأسواق الناشئة الأفقر، وتُظهر التوقعات استمرار النمو السكاني في مناطق مثل إفريقيا والهند والشرق الأوسط بمعدلات تفوق 2.1 طفل لكل امرأة، ما يعني بقاء هذه المناطق شابة.

وفي إفريقيا، على سبيل المثال، يشكِّل من هم دون سن 25 عامًا ما بين 50% و60% من السكان، مقارنة بـ20% فقط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وفي المقابل، تشهد مناطق أخرى مثل أوروبا والصين تراجعًا في معدلات المواليد وشيخوخة سكانية متسارعة. في حين، تُظهر بيانات «يوروستات» أن عدد سكان الاتحاد الأوروبي سيبلغ ذروته عام 2026 عند 453.3 مليون نسمة، لينخفض لاحقًا إلى 419.5 مليون بحلول 2100.

وفي الصين، تفيد بيانات الأمم المتحدة بأن عدد سكانها سيتراجع من 1.4 مليار حاليًّا إلى أقل من 800 مليون في نهاية القرن. ولهذا التباين في الاتجاهات السكانية آثارٌ بعيدة المدى على الطلب والإنتاج العالمي للسلع كالطاقة والغذاء. فعلى سبيل المثال، لا تزال الهند تعتمد بشدة على الفحم والوقود الأحفوري لتلبية احتياجات سكانها الفقراء، مقارنة بالاعتماد على الطاقة المتجددة.

أما على الصعيد الأيديولوجي، أوضح التقرير أن التباعد بين الدول والمناطق أصبح أمرًا واقعًا يجب مراعاته. فانهيار التعددية وتجزئة التجارة وتدفقات رؤوس الأموال والهجرة وتبادل الأفكار أصبحت جميعها تدخل في حسابات الأسواق. ورغم أن كبرى الشركات الأمريكية ما زالت تحقق أكثر من نصف إيراداتها من خارج الولايات المتحدة الأمريكية، فإنها مطالبة بإعادة تقييم علاقاتها التجارية التقليدية وتحالفاتها المتوترة.

وعلى المدى القصير، قد تؤدي سياسات الرسوم الجمركية وعمليات الترحيل التي تنتهجها إدارة ترامب إلى ارتفاع الأجور وأسعار السلع والخدمات، ما يغذي التضخم. وسيرافق ذلك ارتفاع في تكلفة رأس المال، مما قد يضعف شهية الاستثمار لدى الشركات. أما على المدى البعيد، فإن فك العولمة وتطورات التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية ستُعمّق من الانقسامات الإيديولوجية.

أشار التقرير إلى أن التوترات الجيوسياسية تُظهر انقسامًا حادًا بين الرأسمالية الحكومية والرأسمالية السوقية، مع إعادة تشكيل التحالفات والمجموعات الدولية. كما أكد التقرير أن هذه التحولات تزيد من صعوبة تحقيق التوافق العالمي، حتى في جهود كانت محل احتفاء عالمي مثل مؤتمرات المناخ التابعة للأمم المتحدة. وفي ظل تباطؤ النمو العالمي، أصبحت التجارة والتمويل والطاقة والدين والذكاء الاصطناعي والهجرة تُستخدم كأدوات للنفوذ، ما يعقّد المشهد ويجعل التنبؤ بالسياسات أكثر صعوبة.

أوضح التقرير في ختامه أن التحولات المتسارعة في بنية الاقتصاد العالمي تفرض على صانعي السياسات وقادة الأعمال تقليص آفاقهم الزمنية في التخطيط واتخاذ القرار، مع اعتماد أفق زمني أقصر لا يتجاوز 18 شهرًا بدلًا من الدورات الاقتصادية التقليدية الممتدة. فوسط هذا القدر المتنامي من التقلبات، لم يعد بالإمكان الاعتماد إلى استقرار الأطر التنظيمية أو التوازنات الجيوسياسية أو المعطيات الاقتصادية، مما يجعل من المرونة والتكيّف السريع شرطًا أساسيًّا للنجاح في البيئة العالمية الجديدة.

اقرأ أيضاًالأحزاب المصرية تثمن بيان الخارجية حول الضوابط التنظيمية لزيارة المنطقة الحدودية

وزير الخارجية والهجرة يلتقى نظيره النرويجي لتعزيز العلاقات

مقالات مشابهة

  • معلومات الوزراء يكشف محظورات امتحانات الثانوية العامة 2025
  • إعمار العقارية تعلن عن إطلاق فيوم، المنصة الرقمية التي تمثل نقلة نوعية في إعادة بيع عقارات إعمار
  • أسعار الأسماك في الأسواق المحلية اليوم الخميس 12 يونيو 2025
  • «معلومات الوزراء»: 3 تحولات أساسية تُعيد تشكيل الاقتصاد العالمي مستقبلًا
  • غرامات بملايين الليرات بعد زلزال إسطنبول
  • دائرة البلديات والنقل تصدر تحديثات بشأن تنظيم القطاع العقاري في أبوظبي
  • ترامب يطالب بخفض أسعار الفائدة نقطة مئوية كاملة
  • البلديات والنقل تصدر تحديثات بشأن تنظيم القطاع العقاري في الإمارة
  • شراكة بين «رويال للتطوير» و«ساس العقارية» لتطوير مشروع بـ 1.6 مليار درهم في أبوظبي
  • بحسب تقرير لـ”دبليو كابيتال” للوساطة العقارية: الترميز العقاري يرسّخ مكانة دبي كمركز عالمي لتقنيات العقار والذكاء الاصطناعي