في عملية نادرة لتبادل سجناء، أفرجت الصين، يوم الأربعاء الماضي، عن جاسوس كان قد أُدين بالتخابر مع الولايات المتحدة بعد أن اعتقلته السلطات الصينية في عام 2021. وحُكم عليه لاحقا بالسجن مدى الحياة.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز، في تقرير استقصائي، أن الجاسوس استقل طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة مع مواطنيْن أميركيين كانا محتجزين في الصين، إلى جانب 3 من طائفة الإيغور، وهم أعضاء في مجموعة عرقية تواجه قمعا من قبل الحكومة الصينية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مستشار ترامب للشرق الأوسط يكشف رؤيته لأزمات المنطقةlist 2 of 2صحف عالمية: إسرائيل تبني قواعد وسط غزة وتخشى المعارضة السوريةend of list

ونشرت الصحيفة الأميركية تفاصيل عن عملية التبادل، وقالت إن واشنطن أفرجت، في المقابل، عن جاسوسين صينيين أُدين الأول منهما، ويدعى شو يانجون، بالسجن لمدة 20 عاما. أما الثاني فهو جي تشاو تشون، الذي كان يعمل تحت إمرة شو وكان يقضي عقوبة بالسجن لمدة 8 سنوات.

كما جرى التوقيع على أمر عفو عن مواطن صيني ثالث، وهو جين شانلين -الذي كان مسجونا بتهمة حيازة مواد إباحية للأطفال- في اليوم نفسه الذي صدر فيه الأمر الخاص بالجاسوس شو. وقالت الصين إن الولايات المتحدة سلمتها أيضا هاربا من العدالة.

ليونغ ذو الأوجه المتعددة

وفي التفاصيل، ذكرت الصحيفة أن الجاسوس الذي أطلقت بكين سراحه اسمه جون ليونغ -وهو أميركي من أصل صيني- كان يعمل مخبرا لمكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) حيث كان يجمع معلومات استخباراتية عن الصين، وفقا لاثنين من كبار المسؤولين الأميركيين.

إعلان

وكشفت أن ليونغ كان جاسوسا غير متوقع؛ فعندما كان يعيش في بلدة صغيرة في أوكلاهوما، عرفه الناس كصاحب مطعم سابق وأب. وفي هيوستن، حيث كان يسافر كثيرا، عرفوه كمنظم فعاليات سياسية في المجتمع الصيني النابض بالحياة في المدينة.

وفي الصين، عرفوه محبا للخير ووطنيا ومنظما للعروض الموسيقية، ويتبنى القضايا الرسمية مثل توحيد البر الرئيسي مع تايوان.

لكنه في الواقع كان مخبرا لمكتب التحقيقات الفدرالي، قبل أن تعتقله بكين في عام 2021، بعد أن سافر إلى البر الرئيسي في سن 75 عاما. وهناك حُكم عليه لاحقا بالسجن مدى الحياة، وهي المرة الأولى منذ عقود التي يحاكم فيها أميركي متهم بالتجسس بمثل هذه العقوبة، كما تقول الصحيفة.

وكان ليونغ قد سعى للظهور بصورة فاعل خير، مما أتاح له الوصول إلى دوائر السلطة الصينية. وفي مدينة هيوستن بولاية تكساس، كان يدير مجموعات تروج لمصالح بكين السياسية. وحضر مآدب الدولة الصينية، واحتك بكبار المسؤولين الصينيين، بمن فيهم وزير خارجيتها وسفيرها و3 قناصل عامين لدى الولايات المتحدة. لكن تلك الصورة لم تكن سوى خدعة.

ولربط خيوط القصة غير العادية للجاسوس ليونغ من عمله كصاحب مطعم في بلدة صغيرة إلى سجين في نزاع جيوسياسي عالي المخاطر مع الصين، أجرت نيويورك تايمز مقابلات مع عشرات الأشخاص الذين عرفوه، بما في ذلك أقاربه في الولايات المتحدة وهونغ كونغ، وشركاء العمل في هيوستن ومعارفه في الحي الصيني في نيويورك. كما اعتمد المراسلون على سجلات الشركات والمواد الأرشيفية وغيرها من الوثائق.

مخبر مفيد

لكن الصحيفة تقول إن علاقة ليونغ مع "إف بي آي" لا يزال يكتنفها كثير من الغموض، حيث نقلت عن وزارة أمن الدولة الصينية أنه كان يتجسس أثناء وجوده في الصين. غير أن مسؤولين أميركيين قالوا إن ليونغ لم يعمل لدى مكتب التحقيقات الفدرالي لسنوات، وإن المكتب لم يشجعه على القيام بالرحلة.

إعلان

ويشير تقرير الصحيفة إلى أن ليونغ كانت له علاقة مع بعض المجموعات المؤيدة للصين، من بينها واحدة تابعة للجمعية الوطنية للتوحيد السلمي للصين، والتي اتهمتها إدارة دونالد ترامب في عام 2020 بأنها تسعى لنشر نفوذ بكين "الخبيث" في الولايات المتحدة.

وقال دينيس وايلدر -وهو محلل استخباراتي أميركي سابق في شؤون الصين وزميل بارز في جامعة جورج تاون: "من المعروف أن عملاء الاستخبارات الصينية يستخدمون هذه المنظمات كغطاء لعملياتهم السرية".

ومن جانبه، قال نايجل إنكستر، المدير السابق للعمليات والاستخبارات في جهاز المخابرات البريطانية السري، إن عمل ليونغ مع مثل هذه الجماعات ربما جعل منه مخبرا مفيدا.

أما كريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفدرالي، فقد وصف بكين بأنها تمثل "أكبر تهديد لأمننا الوطني على المدى الطويل".

الصين وأميركا ما فتئتا توجهان لبعضهما تهم التجسس (شترستوك) فخاخ إباحية

وأوردت الصحيفة الأميركية أن جهاز الاستخبارات الصيني كشف أن ليونغ "جمع كمية كبيرة من المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالصين"، وأنه استدرج مسؤولين صينيين إلى غرف فنادق في الولايات المتحدة، ونصب لهم "فخاخا إباحية" في غرف فندقية بالولايات المتحدة، وهو ما اعتبره مسؤولون سابقون وحاليون في "إف بي آي" ادعاء غير صحيح.

كما نشر جهاز المخابرات الصيني -وفق نيويورك تايمز- مقطع فيديو جرى تصويره أثناء احتجاز ليونغ، أعرب فيه عن ندمه على فعلته.

وكانت محكمة صينية قد ذكرت، في عام 2023، أن ليونغ اعتُقل قبل عامين من قبل عملاء أمن الدولة من مدينة سوتشو بمقاطعة جيانغسو جنوب شرقي الصين، التي كان يسافر إليها بانتظام حيث تمكن من التواصل مع المسؤولين هناك.

وأفادت نيويورك تايمز أن اعتقال ليونغ والحكم عليه بالسجن مدى الحياة، لقي ترحيبا في الصين حيث اعتبروه انتصارا، لكن قضيته لم تحظ بتغطية إخبارية تذكر في الولايات المتحدة.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات فی الولایات المتحدة التحقیقات الفدرالی نیویورک تایمز فی الصین فی عام

إقرأ أيضاً:

حضور أميركي متوقع وتنديد إسرائيلي باجتماع باريس لبحث مستقبل غزة

قالت مصادر دبلوماسية إن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لن يحضر اجتماعا لوزراء خارجية دول أوروبية وعربية من المقرر عقده -اليوم الخميس- في باريس لمناقشة مرحلة انتقالية بعد انتهاء الحرب في غزة، لكن من المرجح أن يحضر ممثل عن واشنطن، في حين نددت إسرائيل بالاجتماع واعتبرته محاولة "لتدويل النزاع".

ويعقد الاجتماع بالتوازي مع محادثات غير مباشرة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في منتجع شرم الشيخ في مصر حول خطة اقترحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة.

وذكرت 5 مصادر دبلوماسية أنه كان من المتوقع في البداية حضور روبيو، لكن اثنين من المصادر أوضحا في وقت لاحق أنه لن يتسنى له الحضور في نهاية المطاف بسبب الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة، وأكد مصدر ثالث هذا التغيير في الخطط.

ورغم ذلك، قالت المصادر إن من المقرر حضور مسؤول أميركي، لكن لم يتضح بعد من هو هذا المسؤول، وأفاد مصدر دبلوماسي أوروبي بأن حضور الولايات المتحدة أمر بالغ الأهمية، لأنه لا يمكن تحقيق أي شيء في غياب واشنطن، وقلصت السفارة الأميركية في باريس عملياتها بسبب الإغلاق.

"تفعيل" الدولة الفلسطينية

ووفقا لمصادر دبلوماسية فرنسية فإن اجتماع باريس سيبحث مستقبل غزة وسيتيح "تحديد آليات التزام جماعي" نحو "تفعيل" الدولة الفلسطينية.

ومن المقرر أن يعقد الاجتماع عند الساعة 17:00 بالتوقيت المحلي اليوم الخميس (15:00 ت غ)، غداة لقاء في باريس بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد الأردني الأمير حسين بن عبد الله.

ومن المتوقع أن يشارك في الاجتماع إلى جانب فرنسا كل من ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والسعودية ومصر وقطر والإمارات العربية المتحدة والأردن، بالإضافة إلى إندونيسيا وكندا وتركيا التي ترغب في المشاركة بفعالية في إنشاء بعثة استقرار في غزة بعد وقف إطلاق النار.

إعلان

وقالت المصادر إن الاجتماع الوزاري سيناقش خصوصا "قوة الاستقرار الدولية والحكم الانتقالي في غزة والمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار ونزع سلاح حماس ودعم السلطة الفلسطينية وقوات الأمن الفلسطينية".

وأوضحت مصادر دبلوماسية أن الهدف من الاجتماع يتمثل في إظهار "الاستعداد للعمل معا لتفعيل المعايير الرئيسية" لما يُعرف بـ"اليوم التالي" بعد انتهاء الحرب، "بالتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى توضيح آليات التزام جماعي" في هذا الصدد.

وأضافت هذه المصادر أن هذا الاجتماع يُعدّ استمرارا للمبادرة الفرنسية السعودية الداعمة لحل الدولتين والتي تُوّجت في 12 سبتمبر/أيلول بإقرار "إعلان نيويورك" بشأن الاعتراف بدولة فلسطين، بموافقة 142 دولة و"سهّلت اعتماد الخطة الأميركية" لإنهاء الحرب في قطاع غزة.

تنديد إسرائيلي

من ناحية أخرى، انتقد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، في منشور على منصة إكس توقيت "المبادرة الجديدة للحكومة الفرنسية".

واعتبر أن اجتماع الخميس هو "محاولة إضافية من الرئيس ماكرون لصرف الانتباه عن مشاكله الداخلية على حساب إسرائيل"، في إشارة إلى الأزمة السياسية الجديدة التي تواجهها فرنسا منذ الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو الاثنين.

وتابع وزير الخارجية الإسرائيلي في بيانه "إن دعوة حكومات معادية لإسرائيل علنا، مثل حكومة "رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز، لمناقشة شؤونها -إسرائيل- أمرٌ مُشينٌ للغاية".

وأكد ساعر أنه "لن يتم التوصل إلى أي اتفاق في غزة من دون موافقة إسرائيل"، وأضاف "لن يتم اتخاذ أي قرار بشأن إسرائيل بدون إسرائيل، ولن نوافق على تدويل الصراع".

يذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة- استبعد قبول قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل.

وبدعم أميركي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 67 ألفا و173 شهيدا، و169 ألفا و780 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 460 فلسطينيا بينهم 154 طفلا.

مقالات مشابهة

  • حضور أميركي متوقع وتنديد إسرائيلي باجتماع باريس لبحث مستقبل غزة
  • نيويورك تايمز تعيد تتبع مصير 700 غزي بعد عامين من الحرب: لا أحد نجا من الخسارة
  • نيويورك تايمز تتفقد أكثر من 700 غزاوي قابلتهم سابقا
  • نيويورك تايمز: ترامب يلغي الجهود الدبلوماسية مع فنزويلا
  • نفوذ الصين يتصاعد في أفريقيا وسط ارتباك أميركي
  • رئيس تايوان: سيطرة الصين على تايوان ستهدد الولايات المتحدة أيضًا
  • رسوم ترامب الجمركية تدفع صادرات الملابس الصينية إلى أوروبا
  • لهذا كان عليَّ أن أهرب من الولايات المتحدة
  • نيويورك تايمز: ترامب أذلّ نتنياهو.. روبيو: حرب غزة أضرّت بمكانة إسرائيل عالمياً
  • محتدم منذ سنوات.. تنافس أميركي صيني على الاستثمارات في العراق