هآرتس: سكان غزة تجاوزوا الجحيم ووعيد ترامب لن يحرر الأسرى
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
سخرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية من تهديد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بفتح أبواب "الجحيم" على قطاع غزة إذا لم يُفرج عن الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ اندلاع طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وذكرت أن ترامب توعد، يوم الاثنين، "أولئك المسؤولين" عن مقتل الأسير الأميركي الإسرائيلي عمر نيوترا -الذي كان يعتقد سابقا أنه على قيد الحياة في غزة- بأنه سيكون هناك "جحيم سيدفعون ثمنه" إذا لم يُفرج عن بقية الأسرى قبل تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني المقبل.
وكتب ترامب، في رسالة نشرها على منصة التواصل الاجتماعي "تروث" التي يملكها، أن المسؤولين عن مقتل نيوترا سيتلقون "ضربات أشد من أي ضربات تلقاها شخص في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية الطويل والحافل"، مضيفا "أطلقوا سراح الأسرى الآن".
وكانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قد أعلنت -مساء الاثنين- أن 33 أسيرا إسرائيليا محتجزين لديها قُتلوا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأكدت أن معظمهم قضوا بقصف الجيش الإسرائيلي لمناطق مختلفة من قطاع غزة.
تعالٍ ووعود رنانةوتهكمت الصحفية الإسرائيلية راشيل فينك، في التقرير الذي نشرته هآرتس، مما ورد في الرسالة التي وجهها الرئيس الأميركي المنتخب، واصفة أسلوبها بأنه تضمن جملا متلاحقة، ووعودا رنّانة مدعومة بادعاءات تنم عن تعالٍ وقدرة وقوة لا مثيل لها.
إعلانوقالت إن الناس نسوا أن ترامب هو نفسه الذي كان قد وعد خلال حملته الانتخابية، في عام 2020، التي سبقت توليه الرئاسة للمرة الأولى، بإرغام المكسيك على تمويل بناء جدار على طول حدودها مع الولايات المتحدة، وهو الذي لطالما أقسم بأنه سيلغي ويستبدل بقانون الرعاية الصحية أسعارا معقولة، ويلغي الدَّين الوطني، ويضع حدودا لفترات ولاية الكونغرس، وينقذ صناعة الفحم.
نسي ادعاءاته السابقة
وأضافت أن حالة من فقدان الذاكرة الجمعية ربما هي التي جعلت الناس يتجاهلون مزاعم ترامب بأن إدارته الأولى تعاملت مع جائحة كورونا أفضل من أي دولة أخرى، أو أنه أعاد بناء الجيش الأميركي، وأنشأ أعظم اقتصاد في التاريخ، وتوسط بمفرده في السلام بالشرق الأوسط.
وانتقدت فينك بعض المسؤولين الإسرائيليين الذين ابتهجوا لتصريحات ترامب، مشيرة إلى وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش شكر الرئيس المنتخب، وكذلك فعل الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ.
أما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فقد علّق في بداية اجتماع مجلس الوزراء، الاثنين، قائلا إن ترامب "ركَّز على المكان الصحيح، وهو حركة حماس، وليس على الحكومة الإسرائيلية، كما جرت العادة".
الجحيم لم يحرر الأسرىووجهت الصحفية الإسرائيلية رسالة إلى ترامب نفسه، ولفتت انتباهه إلى أن قطاع غزة استحال إلى دمار وخراب، وأن عشرات الآلاف من سكانه قُتلوا، وهناك عدد أكبر من الجرحى والمشوهين، وأن من بقوا منهم على قيد الحياة اكتظت بهم الخيام المؤقتة، بينما تتجول الكلاب الضالة بين الأنقاض "لتقتات على جثث الموتى".
وختمت رسالتها بسؤال لترامب عمّا إذا كان سيفتح أبواب الجحيم على غزة كما توعد. لكنها آثرت أن تجيب هي عن السؤال قائلة إن الفلسطينيين قد تجاوزوا الجحيم منذ وقت طويل، وإن الخبر العاجل أن ذلك الجحيم لم يحرر الأسرى.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
قراءة في “هآرتس” العبرية: مقتل أبو شباب يوضح أن القيادة القادمة في غزة لن تولد بإملاء إسرائيلي
غزة – اعتبر الكاتب والمحلل المتخصص في الشؤون العربية والإسرائيلية جاكي خوري، أن مقتل ياسر أبو شباب، يوضح أن القيادة القادمة في قطاع غزة لن تولد بإملاء إسرائيلي.
وفي مقال نشرته صحيفة “معاريف” العبرية، رأى جاكي خوري أن “الإعلان امس الخميس عن وفاة ياسر أبو شباب ليس مجرد حدث أمني محلي في قطاع غزة. إنه يبرز مرة أخرى الفجوة الهائلة بين الرواية التي تحاول إسرائيل أن تخبرها لنفسها وبين الواقع المعقد في غزة. فالشخص الذي قدمته المؤسسة الأمنية والإعلام على أنه “بديل لحركة الفصائل الفلسطينية أو “شخصية حاكمة محتملة في اليوم التالي”، ظهر كشخصية مثيرة للجدل حتى في النطاق المحدود الذي عمل فيه – محاطاً بالخصوم في ظل تعدد القوى والعشائر والحسابات والتحالفات في المنطقة”.
وحسب خوري، “وفاة أبو شباب لم تفاجئ أحدا تقريبا في غزة. لقد أراد كثيرون رؤيته يختفي من الساحة – بدءا بالباقين من قادة حركة الفصائل، الذين رأوا فيه تهديدا أو على الأقل مصدر إزعاج لسلطتهم، مرورا بالخصوم المسلحين الذين تقاسموا معه النفوذ والمكانة، وأبناء العشائر الذين تضرروا منه ومن عائلته، وانتهاءً بأطراف داخل عشيرته حملت على مدى سنوات شعوراً بالعار بسبب أفعاله. أثبتت الرسائل التي تدفقت إلى الشبكات مباشرة بعد خبر وفاته مدى كونه هدفا مطلوبا. وسارع كل طرف إلى تبني رواية، أو نسب المسؤولية، أو تبرئة اسمه. والنتيجة واضحة: لا توجد قوة قوية بما يكفي لحماية المتعاونين مع إسرائيل”.
وبالنسبة للصحفي العربي الإسرائيلي، فحتى عشيرة أبو شباب، الترابين، “سارعت إلى التنصل منه بعد وفاته”. وفي بيان منسوب للعشيرة، كُتب أنه شكل “فصلا مظلما”، وأن دمه “أغلق فصلاً من العار”. وتعهد البيان أيضا بعدم السماح لأي فرد من عشيرتهم بالمشاركة في الميليشيات “التي تخدم الاحتلال”.
واعتبر خوري أن الأمر لا يتعلق بمجرد محاولة للتبرؤ منه، بل هو إعلان نوايا اجتماعي وسياسي يهدف إلى إرسال رسالة إلى غزة بأكملها: “هذا الرجل لم يكن جزءا منا، لذا لا تحاسبونا على أفعاله”.
وورد في المقال: “على الأرض، وبحسب التقارير، كان السبب المباشر لوفاته هو مواجهة بين أبو شباب وبين أفراد من عائلة أبو سنيمة – المعروفة بنشاطها الإجرامي. اندلع تبادل إطلاق نار بعد أن رفض أبو شباب بغطرسة الإفراج عن أحد أفراد العائلة الذي اعتقله، وتحولت المنطقة بأكملها إلى ساحة لتصفية الحسابات. الصورة التي تتشكل هي أنه لم تُبنَ قيادة حول أبي شباب – بل صراعات على السيطرة”.
ووفقا لـ خوري: “هنا يأتي دور إسرائيل. على مر السنين، تحاول المؤسسة الإسرائيلية – في الإعلام، والمؤسسة الأمنية، والخطاب السياسي – مرارا وتكرارا “صناعة شركاء”. شخصيات محلية تبدو قوية بما فيه الكفاية، ومهيمنة بما فيه الكفاية، والأهم من ذلك، مستعدة للتحدث باللغة التي تحب الأذن الإسرائيلية سماعها. وهكذا نشأت “نجوم” لحظية، مثلما كان ياسر أبو شباب في جنوب القطاع. كان أبو شباب بالضبط الشخصية التي تحب إسرائيل أن تصورها كشريك: مسلح ولكنه متعاون، معارض لحركة الفصائل لا ينتمي للسلطة الفلسطينية، ويبدو أنه يمكنه “ترتيب الشارع”. لكن في الواقع، كان مجرماً استندت قوته فقط إلى الأماكن التي سيطرت عليها إسرائيل مادياً. خارج حدود النفوذ الإسرائيلي – لم يكن لديه قوة ولا شرعية ولا جمهور”.
وبالنسبة للصحفي البارز، “هذا النمط ليس بجديد. يكفي أن نسأل عناصر “جيش لبنان الجنوبي” في لبنان، الذين اعتمدوا على إسرائيل لمدة عقدين حتى سقطت الأرض من تحت أقدامهم في ليلة واحدة. فمن يتلقى القوة من الخارج ولكنه لا يملك قاعدة دعم داخلية – فإن وقته مستعار. إسرائيل، مرة أخرى، بنت وهما حول شخص يمثل الحاجة لإيجاد “من يتولى الإدارة”، وليس حول الحاجة الفلسطينية الحقيقية لإيجاد قيادة”.
وختم خوري مقاله بالقول: “وفاة أبو شباب هي درس مهم.. القيادة لا تولد بإملاء إسرائيلي. كان أبو شباب قويا ظاهريا، ولكنه في الواقع كان حلقة ضعيفة اعتمدت على السلاح، وعلى الفوضى، وعلى اللعب المزدوج بين الأطراف المحلية وبين إسرائيل. لكن غزة ليست مكانا يمكن فيه تنصيب قائد من الأعلى وتوقع أن يقبله الناس على الأرض. فتاريخ المكان أقوى من أي تفكير هندسي”.
المصدر: “هآرتس”