اقتحام سفارة إيران في دمشق.. والعراق يخلي سفارته
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
أكد التلفزيون الإيراني، الأحد، اقتحام السفارة الإيرانية في دمشق، وذلك عقب إعلان فصائل المعارضة المسلحة سيطرتها على العاصمة السورية ومغادرة الرئيس بشار الأسد للبلاد.
وقال إن "السفارة الإيرانية في العاصمة السورية اقتحمت بعد سيطرة مسلحين على دمشق".
وفي السياق ذاته، أخلى العراق سفارته في سوريا ونقل موظفيها إلى لبنان، بعد ساعات سيطرة الفصائل المعارضة على دمشق.
وذكرت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) الخبر، الأحد، من دون أن تتطرق لأسباب الخطوة.
وكانت تقارير صحفية قد تحدث السبت، عن بدء إيران إجلاء عسكرييها وموظفي بعثتها الدبلوماسية وعائلاتهم، فضلا عن المدنيين الإيرانيين من سوريا.
وأفادت التقارير أن عملية الإجلاء تتم جزئيا عبر رحلات جوية إلى طهران، وكذلك على الطرق البرية إلى لبنان والعراق، وعبر ميناء اللاذقية السوري.
وأعلنت فصائل من المعارضة السورية، فجر الأحد، "تحرير مدينة دمشق وإسقاط بشار الأسد"، وذلك في بيان مقتضب على التلفزيون الرسمي.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان ووكالة "رويترز" أعلنا الأحد، أن الأسد "غادر البلاد إلى وجهة غير معلومة".
مبعوث الأمم المتحدة يدعو للحوار والوحدة وسط تطورات متسارعة في دمشق
دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا جاير بيدرسن جميع السوريين إلى إعطاء الأولوية للحوار والوحدة الوطنية واحترام حقوق الإنسان، وذلك في ظل تطورات متسارعة تشهدها البلاد، وقال بيدرسن في تصريح له: "نحن مستعدون لدعم الشعب السوري في رحلته نحو مستقبل مستقر وشامل، وندرك أن ملايين السوريين قد عبروا عن رغبتهم الواضحة في وضع ترتيبات مستقرة للانتقال".
وأكد المبعوث الأممي أن الأمم المتحدة تتابع عن كثب الأوضاع في سوريا، مشددًا على أهمية تحقيق التوافق الوطني بما يضمن حقوق جميع الأطراف ويحفظ وحدة البلاد.
وفي تطور غير مسبوق، أعلنت فصائل من المعارضة السورية، في بيان مقتضب بثته عبر التلفزيون الرسمي السوري، "تحرير مدينة دمشق وإسقاط نظام بشار الأسد"، وجاء البيان عقب سيطرة الفصائل المسلحة على المدن السورية الكبرى ودخولها العاصمة دمشق.
وصرح فصيل معارض يُعرف باسم "فتح دمشق" في البيان أن جميع المعتقلين تم إطلاق سراحهم، داعيًا الشعب السوري إلى الحفاظ على ممتلكات الدولة السورية باعتبارها جزءًا من الإرث الوطني.
وأفادت التقارير أن الفصائل المسلحة سيطرت، يوم الأحد، على مبنى الإذاعة والتلفزيون في **ساحة الأمويين** بدمشق، استعدادًا لإلقاء أول بيان لها بعد دخول العاصمة، وأكدت المعارضة في بيانها أن سوريا تدخل "عهدًا جديدًا" ينهي ما وصفته بـ"حقبة سوداء" في تاريخ البلاد.
يأتي هذا التطور وسط دعوات متكررة من المجتمع الدولي والأمم المتحدة لوقف التصعيد العسكري والعودة إلى طاولة الحوار، ويأمل المبعوث الأممي أن تكون المرحلة المقبلة فرصة لتحقيق السلام والاستقرار في سوريا، مشيرًا إلى أن الجهود الدولية ستتواصل لدعم الشعب السوري في تحقيق تطلعاته المشروعة.
تبقى الأوضاع في سوريا مفتوحة على احتمالات عديدة، بينما يترقب العالم بحذر تطورات المشهد في دمشق والمناطق المحيطة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: التلفزيون الإيراني اقتحام السفارة الإيرانية دمشق سيطرتها العاصمة السورية ومغادرة الرئيس بشار الأسد فی سوریا فی دمشق
إقرأ أيضاً:
سوريا ولبنان بين اختبار الانفتاح وتراكم الأزمات
تتهيأ بيروت ودمشق لاستحقاق دبلوماسي غير عادي، مع الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، وهي الأولى من نوعها منذ وصول الرئيس أحمد الشرع إلى الحكم وسقوط نظام بشار الأسد. أهمية هذه الزيارة لا تكمن فقط في كونها بداية التواصل العلني على هذا المستوى بين الحكومتين، بل أيضا في كونها تحمل أربعة ملفات شائكة ستختبر مدى استعداد البلدين لفتح صفحة جديدة أو الاكتفاء بالرسائل الرمزية.
على المستوى الإجرائي، يجري التحضير للزيارة على عدة خطوط متوازية. فالاتصالات بين وزارتي العدل في البلدين نشطة منذ أسابيع بهدف صياغة تفاهم مبدئي حول ملف الموقوفين السوريين في لبنان، وهو الأكثر حساسية من الناحية الإنسانية والسياسية. وبحسب التسريبات، يسعى الجانب السوري إلى ضمان الإفراج عن 375 معتقلا كبادرة حسن نية، على غرار ما فعله الرئيس الشرع في زيارته الأخيرة إلى الإمارات حين عاد برفقة المعتقل السوري مهند المصري. لكن خلف هذا الرقم، هناك واقع أكثر تعقيدا: أكثر من 2700 سوري ما زالوا في السجون اللبنانية منذ 2011، كثيرون منهم معتقلو رأي أو أشخاص موقوفون إداريا دون محاكمة، ما يعني أن أي خطوة جزئية لن تُقرأ إلا باعتبارها اختبارا للنيات لا حلا نهائيا.
أما الملف الثاني، وهو ضبط الحدود، فيحمل طابعا أمنيا بامتياز، إذ يشمل وضع آليات مشتركة لإغلاق المعابر غير الشرعية ووقف تهريب السلاح والمخدرات بين البلدين، وهي أنشطة تداخلت فيها مصالح شبكات سياسية وعسكرية واقتصادية طوال العقد الماضي. من وجهة نظر دمشق، فإن إحكام السيطرة على هذه الحدود لم يعد ترفا، بل ضرورة لوقف استهدافها سياسيا وأمنيا، خاصة بعد الاتهامات الدولية باستخدام بعض المناطق السورية كمراكز لتصنيع المخدرات وتهريبها. ومن وجهة نظر بيروت، فإن وقف تهريب السلاح من سوريا إلى الداخل اللبناني -أو العكس- جزء من الالتزامات التي تفرضها الضغوط الإقليمية والدولية، ولا سيما في ظل التوتر المستمر مع إسرائيل.
الملف الثالث، أموال المودعين السوريين في المصارف اللبنانية، يلامس صميم الأزمة الاقتصادية اللبنانية. منذ انهيار 2019، جُمدت ودائع تُقدَّر بمئات ملايين الدولارات تعود لسوريين، كثير منهم رجال أعمال كبار كانت لديهم حسابات تشغيلية أو استثمارية في لبنان. دمشق ترى أن استعادة هذه الأموال أو على الأقل إعادة جدولتها ضرورة اقتصادية، فيما يجد لبنان نفسه عاجزا عن تقديم ضمانات حقيقية في ظل أزمة مصرفية غير مسبوقة.
الملف الرابع، ملاحقة فلول النظام السابق الفارين من العدالة، قد يكون الأكثر إثارة للجدل سياسيا. فدمشق تريد تسلم شخصيات متهمة بارتكاب جرائم حرب أو فساد مالي، وتقول إنها تملك أدلة على نشاط بعضهم من لبنان ضد الدولة السورية الجديدة. غير أن هذا الطلب سيصطدم بجملة تعقيدات قانونية وسياسية داخل لبنان، من بينها الانقسام حول تعريف "شرعية" النظام السوري الحالي، والحساسيات الطائفية والسياسية المرتبطة بهذه الأسماء.
أما البعد الأمني غير المعلن للزيارة، فيرتبط مباشرة بملف حزب الله واستمرار حضوره كمصدر تهديد للأمن القومي السوري في عهد الشرع. فدمشق الجديدة ترى أن نشاط الحزب في بعض مناطق الساحل السوري -الذي كُشف أخيرا بعد إحباط تحركات عسكرية كانت تتم بالتنسيق مع شبكات محلية- يمسّ باستقرار بيئات تعتبرها القيادة السورية خط دفاع أول عن الدولة. كما تتهم الأجهزة السورية الحزب بلعب دور الوسيط والمموّل في إعادة تنظيم بعض فلول النظام السابق، وتوفير خطوط دعم لوجستي لهم، وهو ما تعتبره دمشق تقويضا لجهودها في تفكيك إرث الأسد. وفي أحداث السويداء الأخيرة، رصدت دمشق إشارات إلى استفادة بعض الفصائل المحلية من قنوات دعم أو تحريض غير مباشر مرتبطة بالحزب، ما عزز قناعة القيادة بأن ملف حزب الله لم يعد شأنا لبنانيا صرفا، بل مسألة أمن قومي سوري تتطلب معالجة مباشرة مع بيروت، ولو في إطار تفاهمات غير معلنة.
هذه الزيارة ستتضمن أيضا بعدا سياسيا داخليا لبنانيا، حيث سيلتقي الشيباني رئيسَ الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي يملك قدرة على لعب دور الوسيط بين أطراف لبنانية متباعدة. وهناك أيضا مسعى لترتيب زيارة إلى طرابلس، استجابة لدعوات فعاليات سياسية واجتماعية محلية، تقديرا لمواقف المدينة المؤيدة للشعب السوري خلال الثورة.
لكن القراءة التحليلية للمشهد تكشف أن هذه الزيارة تحمل أكثر من رسالة. أولا، إعلان من دمشق أنها لم تعد تقبل بترحيل الملفات العالقة مع بيروت، وأنها تنظر إلى العلاقة مع لبنان بوصفها جزءا من إعادة تموضعها الإقليمي بعد الانفتاح على الخليج وتركيا. ثانيا، اختبار لمدى قدرة بيروت على التعامل مع الحكومة السورية الجديدة بمرونة أكبر، في وقت تضغط فيه قوى إقليمية، خصوصا السعودية والإمارات، باتجاه تطبيع تدريجي مع دمشق لكن وفق شروط سياسية واضحة. ثالثا، هي أيضا مناسبة لدمشق لتأكيد حضورها الدبلوماسي في ساحة إقليمية تتحرك بسرعة، ولتقديم نفسها كشريك في ملفات أمنية واقتصادية عابرة للحدود.
في المقابل، يواجه هذا المسار عقبات حقيقية. فملف الموقوفين لا يمكن فصله عن الانقسام اللبناني حول اللاجئين السوريين، وملف ضبط الحدود يتطلب تعاونا عسكريا واستخباريا غير مضمون، وملف الأموال رهينة أزمة مصرفية أعمق من أن تُحل بقرار سياسي، أما ملف الفارين فسينفتح على مواجهة داخلية بين حلفاء وخصوم دمشق.
ختاما، يمكن القول إن زيارة أسعد الشيباني لن تكون مجرد بروتوكول دبلوماسي، بل محطة اختبار جدية لمسار العلاقات السورية-اللبنانية في عهد الشرع. نجاحها سيعني فتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون، وفشلها سيعيد تثبيت الجمود وربما يضاعف التوترات. وفي الحالتين، فإنها تعكس حقيقة أن دمشق، بعد سنوات العزلة والحرب، قررت أن تضع الملفات المؤجلة على الطاولة، وأن تفرض إيقاعها على جيرانها، بدءا من لبنان الذي يجد نفسه بين حاجته إلى التعاون مع سوريا، وحساباته الداخلية والإقليمية المعقدة.