مذكرة الحدود وخرائط الرادارات: العراق على خط النار بين الانسحاب والارتهان
تاريخ النشر: 17th, August 2025 GMT
17 غشت، 2025
بغداد/المسلة: تتجه الأنظار في بغداد إلى مشهد ميداني وسياسي معقّد، حيث شرعت القوات الأميركية بإعادة تموضع محسوب داخل العراق، في محاولة للتكيّف مع خارطة تهديدات تتأرجح بين التصعيد الإيراني المتنامي واحتمالية اندلاع مواجهة عسكرية أوسع مع إسرائيل.
ويكشف هذا التحرك عن قراءة أميركية دقيقة لميزان القوى الإقليمي، من دون أن يُحدث خرقاً جوهرياً في اتفاق الانسحاب الموقّع مع حكومة محمد شياع السوداني في سبتمبر 2024، والذي رسم سقفاً زمنياً لخروج القوات حتى نهاية 2026.
وتبدو إعادة التموضع أقرب إلى تكتيك عسكري يواكب التحولات الإيرانية الأخيرة، سواء في مجال تعزيز القدرات أو في الإشارات السياسية المرسلة إلى بغداد. فالمسؤولون الأميركيون، وإن حرصوا على إنكار أي تغيير استراتيجي، أقرّوا بتحريك معدات حيوية، بينها رادارات وأجهزة كشف مبكر، نحو مواقع بديلة داخل العراق وخارجه، بما يعكس خشية حقيقية من سيناريوهات مفاجئة على مستوى الدفاعات الجوية.
ويستند هذا السلوك الأميركي إلى قناعة متنامية بأن العراق لم يعد يمثل موقعاً مغرياً للاستثمار الاستراتيجي المباشر، لكنه يبقى ساحة تأثير جيوسياسي لا يمكن التفريط بها في سياق الصراع مع طهران. وفي المقابل، تحرص الحكومة العراقية على التمسك بمسافة دقيقة، فتؤكد التزامها بجدول الانسحاب من دون تسريع، لكنها تجد نفسها تحت ضغط متزايد من محورين متناقضين: الأميركيون يضغطون لمنع تشريع يقوي «الحشد الشعبي»، والإيرانيون يطالبون بضبط الحدود ويعتبرون بغداد خط دفاع متقدماً.
وتكشف زيارة الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى بغداد عن عمق الفجوة بين التطلعات الإيرانية والقدرات العراقية. فطهران، وهي تتحدث عن تسللات عسكرية خلال حرب الـ12 يوماً، لم تسمع من بغداد ما يطمئنها.
ورغم توقيع مذكرة تفاهم مع مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي لضبط الحدود، إلا أن واشنطن رأت فيها انحيازاً مقلقاً، وواجهتها بانتقاد صريح.
وتدل هذه التطورات على أن العراق يقف اليوم على أرض رخوة بين مشروعين متصارعين: واشنطن التي تبحث عن تثبيت وجود استشاري يواكب انسحاباً منظماً، وطهران التي تطمح إلى ربط بغداد بسلسلة أمنية إقليمية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
أمانة بغداد ترفع جسور الأمل فوق زحام الاختناق المروري
14 غشت، 2025
بغداد/المسلة: تتجه أنظار الشارع البغدادي إلى حزمة المشاريع الجديدة التي أعلنتها أمانة بغداد، حيث يطل خبر قرب افتتاح مجسر ساحة 83 مطلع الشهر المقبل بوصفه مؤشراً على توظيف البنية التحتية في معالجة أزمة مرورية مزمنة تحولت إلى عامل استنزاف يومي للوقت والطاقة. ويأتي الإعلان مقروناً بتعهد البدء بثلاثة مجسرات أخرى، ما يعكس انتقالاً من مرحلة الوعود إلى التنفيذ الميداني في إطار خطة فك الاختناقات التي تبناها رئيس الوزراء.
ويقرأ المتابعون هذا التحرك في سياق استثمار سياسي للتنمية الحضرية، إذ يُنظر إلى إنجاز مشاريع الطرق والجسور في العواصم الكبرى باعتبارها أوراق قوة في خطاب الأداء الحكومي، خاصة حين تتزامن مع زيارات ميدانية للقيادات الإدارية، كما فعل أمين بغداد المهندس عمار موسى كاظم خلال جولته في مدينة الصدر بحضور كبار مسؤولي الأمانة. وتكتسب هذه الجولات رمزية تتجاوز العمل الفني، إذ تحمل رسالة انخراط مباشر في مراقبة جودة التنفيذ وربط القرارات بمشهد ميداني ملموس.
وأعلن أمين بغداد، عن قرب المباشرة بالأعمال التنفيذية لثلاثة مجسرات جديدة ضمن حزمة فكّ الاختناقات المرورية مشيراً في الوقت ذاته إلى قرب افتتاح مجسر ساحة 83 مطلع الشهر المقبل
ويأتي اختيار مواقع المجسرات الجديدة – من ساحة 55 في قلب الكثافة السكانية بمدينة الصدر، إلى ساحة عنتر في الأعظمية، وصولاً إلى أبو دشير في الكرخ – ليعكس توزيعاً جغرافياً محسوباً يوازن بين محاور المدينة، ويؤشر إلى إدراك رسمي أن الاختناقات ليست ظاهرة موضعية بل جزء من أزمة هيكلية في شبكة النقل البغدادية. ويضاف إلى ذلك بعد اقتصادي غير معلن يتمثل في رفع كفاءة الحركة التجارية وتقليل كلف التأخير اللوجستي.
ويشير إدراج تطوير الشوارع المحيطة بالمجسرات والمقتربات إلى مقاربة شاملة تتجاوز منطق المشروع المنفصل إلى التفكير في المنظومة المرورية كوحدة متكاملة، وهو توجه طالما طالبت به تقارير التخطيط الحضري.
وفي المقابل، يبقى الرهان على استمرار زخم التنفيذ وتلافي ما يصفه ناشطون على منصات التواصل بـ”لعنة المشاريع المتعثرة” التي تبدأ باندفاع سياسي وتتباطأ تحت ضغط التعقيدات البيروقراطية.
وعليه، تبدو هذه الخطوة اختباراً لقدرة الحكومة المحلية على تحويل الإنجاز الجزئي إلى تحول استراتيجي في إدارة البنية التحتية، بعيداً عن موسمية المبادرات وارتباطها بدورات الحشد الإعلامي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts