دراسة مفاجئة حول أصل الرياضيات!
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
نيوزيلندا – يعلم الجميع أن علم الحساب الرياضي صحيح: 2 + 2 = 4. لكن من المدهش أننا لا نعرف لماذا هذا صحيح.
من خلال الخروج خارج نطاق طريقتنا المعتادة في التفكير حول الأرقام، أظهر الباحثون مؤخرا أن الحساب له جذور بيولوجية وهو نتيجة طبيعية لكيفية تنظيم الإدراك للعالم من حولنا.
وتشرح النتائج سبب صحة علم الحساب وتشير إلى أن الرياضيات هي إدراك لرموز الطبيعة الأساسية وإبداع للعقل.
وهكذا، فإن المراسلات المعجزة بين الرياضيات والواقع المادي كانت مصدرا للإعجاب من قبل الإغريق – اليونانيين القدماء حتى الوقت الحاضر.
لماذا علم الحساب صحيح عالميا؟
كان البشر يصنعون رموزا للأرقام لأكثر من 5500 عام. ومن المعروف أن أكثر من 100 نظام تدوين مميز قد استخدمتها حضارات مختلفة، بما في ذلك الحضارات البابلية والمصرية والأترورية والمايا. والحقيقة الرائعة هي أنها جميعها، على الرغم من التنوع الكبير للرموز والثقافات، تعتمد على الجمع والضرب.
لماذا اخترع البشر علم الحساب نفسه مرارا وتكرارا؟ هل يمكن أن يكون علم الحساب حقيقة عالمية تنتظر من يكتشفها؟
لكشف الغموض، علينا أن نسأل لماذا تعتبر عمليات الجمع والضرب عملياته الأساسية. وطرح الباحثون هذا السؤال مؤخرا فوجدوا أنه لا توجد إجابة مرضية – إجابة تفي بمعايير الدقة العلمية – من الفلسفة أو الرياضيات أو العلوم المعرفية.
وتعد حقيقة أننا لا نعرف سبب صحة الحساب فجوة حرجة في معرفتنا. فعلم الحساب هو أساس الرياضيات العليا، وهو أمر لا غنى عنه للعلم.
ضع في اعتبارك تجربة فكرية: حقق الفيزيائيون في المستقبل هدف “نظرية كل شيء”. وحتى لو تمكنت مثل هذه النظرية من التنبؤ بشكل صحيح بجميع الظواهر الفيزيائية في الكون، فلن تكون قادرة على تفسير مصدر الحساب نفسه أو سبب كونه صحيحا عالميا. الإجابة على هذه الأسئلة ضرورية بالنسبة لنا لفهم دور الرياضيات في العلوم تماما.
اقترح الباحثون نهجا جديدا يعتمد على افتراض أن الحساب له أصل بيولوجي.
تُظهر العديد من الأنواع غير البشرية، بما في ذلك الحشرات، قدرة على التنقل المكاني يبدو أنها تتطلب ما يعادل الحساب الجبري. على سبيل المثال، يمكن للنحل القيام برحلة متعرجة للعثور على الرحيق ثم العودة بالطريق الأكثر مباشرة (استقامة)، كما لو كان بإمكانه حساب الاتجاه والمسافة إلى المنزل.
ولكن لا نعرف كيف يحقق دماغها المصغر (حوالي 960.000 خلية عصبية) ذلك. وقد تكون هذه الحسابات هي السلائف غير الرمزية للجمع والضرب، شحذها الانتقاء الطبيعي باعتباره الحل الأمثل للحركة.
وقد يعتمد الحساب على علم الأحياء، وقد يكون مميزا بطريقة ما بسبب الضبط الدقيق للتطور.
وللتعمق أكثر في الحساب، نحتاج إلى تجاوز فهمنا المعتاد والملموس والتفكير بمصطلحات أكثر عمومية وتجريدية.
يتكون علم الحساب من مجموعة من العناصر والعمليات التي تجمع بين عنصرين لإعطاء عنصر ثالث.
وفي عالم الاحتمالات، لماذا يتم تمثيل العناصر كأرقام والعمليات كجمع وضرب؟ هذا سؤال ميتا رياضي – سؤال حول الرياضيات نفسها يمكن معالجته باستخدام الطرق الرياضية.
وفي البحث، أثبت الباحثون أن أربعة افتراضات – الرتابة والتحدب والاستمرارية والتشابه – كانت كافية لتحديد الحساب بشكل فريد (الجمع والضرب على الأعداد الحقيقية) من عالم الاحتمالات.
• الرتابة هي حدس “الحفاظ على النظام” ويساعدنا هذا الحدس على تتبع مكانتنا في العالم، بحيث عندما نقترب من شيء ما، فإنه يبدو أكبر ولكنه يبدو أصغر عندما نبتعد عنه.
• التحدب يرتكز على حدس “ما بين”. على سبيل المثال، تحدد الزوايا الأربع لملعب كرة القدم الملعب حتى دون وجود خطوط حدودية تربط بينها.
• الاستمرارية تصف النعومة التي يبدو أن الكائنات تتحرك بها في المكان والزمان.
• التشابه هو فكرة التشابه أو القياس. إنه ما يسمح لنا بالتعرف على أن القطة تشبه الكلب أكثر من كونها تشبه صخرة.
وبالتالي، فإن الحساب خاص لأنه نتيجة لهذه الشروط النوعية البحتة.
ويجادل الباحثون في أن هذه الشروط هي مبادئ التنظيم الإدراكي التي تحدد كيف نختبر نحن والحيوانات الأخرى العالم – نوع من “البنية العميقة” في الإدراك ذات الجذور في التاريخ التطوري.
وفي البرهان، تعمل كقيود لإلغاء كل الاحتمالات باستثناء الحساب – تشبه إلى حد ما كيف يكشف عمل النحات عن تمثال مخفي في كتلة من الحجر.
ما هي الرياضيات؟
مجتمعة، تعمل هذه المبادئ الأربعة على بناء تصورنا للعالم بحيث يتم تنظيم تجربتنا وإدارتها إدراكيا. إنها مثل النظارات الملونة التي تشكل تجربتنا وتقيدها بطرق معينة.
عندما ننظر من خلال هذه النظرات إلى الكون المجرد للإمكانيات، فإننا “نرى” الأرقام والحساب.
وهكذا، تظهر نتائجنا أن الحساب قائم على أساس بيولوجي ونتيجة طبيعية لكيفية هيكلة إدراكنا.
وعلى الرغم من أن هذا الهيكل مشترك مع حيوانات أخرى، إلا أن البشر فقط هم من اخترع الرياضيات. إنها أكثر إبداعات البشرية حميمية، وإدراكا لرموز الطبيعة الأساسية والإبداع للعقل.
بهذا المعنى، يتم اختراع الرياضيات (بشكل فريد من نوعه) واكتشافها (على أساس بيولوجي). ويشير النجاح المعجزة للرياضيات في العلوم الفيزيائية إلى أن أذهاننا والعالم ليسا بشيئين منفصلين، بل هما جزء من وحدة مشتركة.
ويشير قوس الرياضيات والعلوم إلى اللاثنائية، وهي مفهوم فلسفي يصف كيفية ارتباط العقل والكون ككل، وأن أي شعور بالفصل هو وهم.
التقرير من إعداد راندولف غريس، أستاذ علم النفس، جامعة كانتربري.
المصدر: ساينس ألرت
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
مشاركات إقليمية في الاحتفال بـ"اليوم العالمي للمرأة في الرياضيات" بجامعة السلطان قابوس
مسقط- الرؤية
انطلقت بجامعة السلطان قابوس، أمس، فعاليات الملتقى البحثي السنوي الحادي عشر للجنة العُمانية للرياضيات، والذي يُقام هذا العام احتفاءً باليوم العالمي للمرأة في الرياضيات 2025، تحت رعاية المكرمة الدكتورة زوينة بنت صالح المسكرية عضو مجلس الدولة، وبحضور عدد من الشخصيات الأكاديمية وممثلي مؤسسات التعليم العالي، وبمشاركة نخبة من الأكاديميين والباحثين والمواهب العلمية من داخل سلطنة عُمان وخارجها، وذلك بقاعة مدرج الفهم في مركز الجامعة الثقافي.
وتضمن البرنامج حلقة عمل دولية بحثية متخصصة بعنوان "الجبر والهندسة"، قدّمت خلالها عدد من الباحثات الرائدات في مجالات الرياضيات رؤى علمية متقدمة تناولت الجبر المجرد، والنمذجة الهندسية، وتطبيقات الرياضيات في مواجهة التحديات الواقعية.
واستضاف الملتقى محاضرة خاصة لطالبات المدارس بعنوان "الرياضيات في الفن الإسلامي"، قدّمتها الأستاذة الدكتورة نازيف كوجا من قسم الفيزياء بكلية العلوم بجامعة السلطان قابوس، إذ استعرضت من خلالها جمال الأنماط الرياضية في التراث الإسلامي، مما ساهم في تعزيز فضول الطالبات وتقديرهن لجوانب الإبداع الكامنة في هذا العلم.
كما أقيم ضمن فعاليات الملتقى معرض فني علمي بعنوان "فيبوناتشي: الرابط السري بين الرياضيات والفن والإبداع"، قدّمته طالبات مدرسة أم حبيبة للتعليم الأساسي (10-12).
وفي سياق استعراضها لجهودها المتواصلة، أكدت اللجنة العُمانية للرياضيات التزامها برسالتها الوطنية والعلمية في دعم رؤية عُمان 2040 من خلال رعاية المواهب في البحث العلمي والابتكار، وتعزيز جودة تعليم الرياضيات، والتوسع في الشراكات الأكاديمية على المستويين الإقليمي والدولي، إذ تواصل اللجنة من خلال سلسلة الندوات البحثية الأسبوعية التي تبث عبر الإنترنت ترسيخ رسالتها العلمية، كما تشكّل هذه الندوات نافذة معرفية تفاعلية تُسهم في تمكين الباحثين العُمانيين، وبناء جسور التعاون مع باحثين من مؤسسات التعليم العالي بدول مجلس التعاون الخليجي والعالم العربي، وكافة الدول، من خلال استقطاب نخبة من العلماء المرموقين عالميًا لإثراء الحوار وتبادل الخبرات.
وفي سياق الحضور الإقليمي والعربي للجنة العمانية للرياضيات، تحرص اللجنة على دعمها لكافة الأنشطة في الرياضيات، إذ لبت اللجنة مؤخرًا دعوة اللجنة المصرية للرياضيات للمشاركة في احتفالية اليوم الدولي للمرأة في الرياضيات، والتي أقيمت في رحاب جامعة القاهرة بتاريخ العاشر من مايو 2025. وقدّمت الدكتورة ماجدة الهنائية رئيسة اللجنة عرضًا بعنوان "اللجنة العُمانية للرياضيات: تقود التميز في البحث العلمي والتطوير التربوي في الرياضيات بسلطنة عُمان"، كما شاركت في حلقة نقاشية تناولت تمكين المرأة العربية في الرياضيات من خلال الشبكات الإلكترونية والدعم المؤسسي، مستعرضة التجربة العُمانية في هذا السياق والجهود المبذولة لبناء بيئة علمية محفزة وشاملة.
وفي بادرة نوعية تؤكد على مكانة الرياضيات في المشهد الأكاديمي الوطني، أعلنت جامعة السلطان قابوس تخصيص العاشر من أكتوبر يومًا سنويًا للاحتفاء بيوم الرياضيات في الجامعة، إذ ستتناول النسخة القادمة موضوع "التقنيات الناشئة ودورها كقوة دافعة لإعادة تشكيل مستقبل تعليم الرياضيات"، في خطوة تعكس توجه الجامعة نحو ربط تعليم وتعلم الرياضات الحديثة بالتحول الرقمي والتقني.
ويأتي هذا الملتقى ضمن سلسلة من المبادرات النوعية التي تضطلع بها اللجنة العُمانية للرياضيات، تأكيدًا لدورها الريادي في بناء مجتمع معرفي متقدم، وتمكين الكفاءات البحثية، وترسيخ ثقافة الابتكار العلمي، بما ينسجم مع تطلعات سلطنة عُمان نحو اقتصاد مبني على المعرفة، ومجتمع تنافسي متجدد.
وتُعد اللجنة العُمانية للرياضيات لجنة وطنية تعمل تحت مظلة جامعة السلطان قابوس، وتمثل سلطنة عُمان في الاتحاد العالمي للرياضيات، وقد أسهمت من خلال جهودها في الحصول على العضوية الكاملة في الاتحاد، التي تم إعلانها رسميًا خلال الاجتماع العالمي للاتحاد في ألمانيا، مما يعكس الاعتراف الدولي المتزايد بالدور العلمي لسلطنة عُمان في هذا المجال الحيوي.