البقاع- أطلق اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل يد الأخيرة لاستمرارها في تنفيذ اعتداءات جوية وبرية في كل لبنان، كما أعطاها حق تنفيذ ضربات عسكرية دون العودة إلى لجنة مراقبة تنفيذ الاتفاق، وفق ما يرى محللون.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار -الذي أشرف عليه المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين– حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 ليضع حدا للمعارك عنيفة بين حزب الله والجيش الإسرئيلي، والتي بدأت كحرب إسناد لغزة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكن حدتها تصاعدت في 23 سبتمبر/أيلول 2024، وتمكنت قوات إسرائيلية لاحقا من احتلال قرى لبنانية متاخمة للحدود.

ونص اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل على وقف الأعمال العدائية بين الجانبين، وتنفيذ الطرفين القرار 1701 بالكامل، كما أعطى إسرائيل ولبنان الحق بالدفاع عن النفس، معتبرا أن القوات العسكرية الرسمية اللبنانية هي المجموعة المسلحة الوحيدة التي ستنتشر في منطقة جنوب نهر الليطاني، ودعم الحكومة اللبنانية لنشر 10 آلاف جندي فيها.

كما نص على أن تعمل الأطراف الثلاثة (لبنان وإسرائيل وقوات اليونيفل) إلى جانب الولايات المتحدة وفرنسا على مصادرة الأسلحة غير المصرح بها، ومنع وجود الجماعات المسلحة، وأن تبلّغ إسرائيل ولبنان قوات اليونيفل عن أي انتهاكات مزعومة.

إعلان

ويتضمن الاتفاق تنفيذ خطة مفصلة لانسحاب إسرائيلي تدريجي من الأراضي اللبنانية خلال مدة لا تتجاوز 60 يوما، بالإضافة إلى حل النقاط المتنازع عليها على طول الخط الأزرق بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 1701.

اتفاق صوري

بدوره، يرى المحلل السياسي والكاتب يوسف مرتضى أن الاتفاق سيبقي لبنان "تحت رحمة نيران العدو" طوال 60 يوما، وهي المدة التي وافق عليها الطرفان لتنفيذ إسرائيل انسحابا تدريجيا من المناطق اللبنانية المحتلة في الجنوب.

ويضيف مرتضى في حديثه للجزيرة نت أن "اللجنة التقنية لمراقبة وقف إطلاق النار" برئاسة الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز لم تبدأ عملها بعد، إذ إن مهلة الـ60 يوما تنتهي في 27 يناير/كانون الثاني 2025، أي بعد 7 أيام من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، وعندها يبدأ فعليا عمل اللجنة "وحتى ذلك التاريخ لا يخرج الأمر عن كونه صوريا لتقطيع الوقت"، حسب وصفه.

ويربط مرتضى بين انطلاق دور اللجنة الفعلي وموعد بدء مفاوضات أميركية إيرانية "لأن ترامب يريد من إيران العمل على 3 ملفات" هي:

إنهاء دور أذرعها في الشرق الأوسط. اتفاق نووي واضح وصريح. توضيح برنامجها الصاروخي.

وأضاف "بناء على ذلك لا أرى سببا ينسف اتفاق وقف إطلاق النار، فالطرفان ينتظران موعد ما بعد تنصيب ترامب".

رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (وسط) اتهم الجانب الإسرائيلي بالمماطلة في تنفيذ القرار الدولي 1701 (الأناضول) مصير كالجولان

من جهته، يقول الخبير العسكري والإستراتيجي علي أبي رعد إن "هناك تسريبات عن نية إسرائيل الاحتفاظ ببعض نقاط تشرف على طول الحدود الجنوبية، وقد بدأت فعلا بإقامة سياج وجدار بخرسانة مسلحة، من مركز العبّاد إلى العديسة فكفر كلا، أي على الشريط تماما".

وحذر العميد المتقاعد في حديثه للجزيرة نت من استمرار الخروقات الإسرائيلية، "فالعدو يسعى ليطبق في الجنوب ما فعله في الجولان السوري المحتل، من توغل وضم، مستغلا الوضع الملتهب في المنطقة، وعليه، فهو يسعى للبقاء مدة تزيد على الـ60 يوما، وهذا ما لن تقبل به لا الحكومة اللبنانية ولا المقاومة ولا أهالي الجنوب".

إعلان

وتساءل "لماذا يعيق الجانب الإسرائيلي مهمة الجيش اللبناني؟ وأين دور الراعي الأميركي والفرنسي لإعلان وقف إطلاق النار؟"، ويضيف موضحا "الإسرائيلي يدخل اليوم إلى مناطق لم يستطع دخولها خلال الحرب، كشمع والبياضة ووادي الحجير، وحزب الله لن يرد على الخروقات لإثبات أنه لا يخرق الاتفاق، وسيترك الأمر للحكومة والجيش اللبناني".

وكانت وزارة الخارجية اللبنانية قد أعلنت في بيان أنها قدمت بواسطة بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك شكوى إلى مجلس الأمن الدولي أكدت فيها أن "الخروقات الإسرائيلية تمثل تهديدا خطيرا للجهود الدولية الرامية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة"، مشيرة إلى أن عدد الخروق الإسرائيلية بلغ 816 اعتداء بريا وجويا في الفترة بين 27 نوفمبر/تشرين الثاني و22 ديسمبر/كانون الأول".

كما سبق أن صرح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الاثنين الماضي بأن المماطلة في تنفيذ القرار الدولي 1701 هي من الجانب الإسرائيلي، مؤكدا أنه يجب مراجعة طرفي الاتفاق (الفرنسيون والأميركيون) لوضع حد لتلك المماطلة، والإسراع قدر الإمكان قبل انتهاء مهلة الـ60 يوما المنصوص عليها، لتطبيق انسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي اللبنانية.

"مجموعات مقاومة"

بدوره، يؤكد الخبير العسكري والإستراتيجي العميد حسن جوني أن "الخروقات الإسرائيلية واضحة، وهي غير مشرعة تحت أي بند، سواء كان ضمن النقاط الـ13 التي وردت في الاتفاق أو خارجه".

وأكد جوني في حديث للجزيرة نت أن "التمادي الإسرائيلي دفع أهالي قرى جنوبية إلى إصدار بيانات غاضبة تحمل في طياتها فكرة جديدة تتمثل بإطلاق مجموعات مقاومة غير متبناة من طرف حزب الله أو أي طرف آخر، وبالتالي ستذهب الأمور إلى مرحلة مختلفة عن الواقع الحالي الذي فرضته إسرائيل بخروقاتها اليومية".

وأبدى الخبير خشيته من ربط إسرائيل تطبيق بنود الاتفاق بملف رئاسة الجمهورية اللبنانية أو بملف التطورات الجارية في الجولان السوري المحتل، فالتقدم الإسرائيلي في الجولان يجري أيضا بموازاة الحدود اللبنانية، مما يعني في العلم العسكري "مناورة التفافية" على لبنان.

إعلان

وخلص جوني إلى ربط ما يجري في الجنوب -بما في ذلك عمل لجنة المراقبة- بتسلّم الرئيس الأميركي منصبه، وقال "ننتظر كيفية مقاربة الإدارة الأميركية الجديدة لملفات المنطقة، سواء في الجنوب والجولان أو مع إيران، فاجتماعات لجنة المراقبة لم تسفر عن أي تطور إيجابي لمصلحة الحق اللبناني".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات اتفاق وقف إطلاق النار الخروقات الإسرائیلیة فی الجنوب

إقرأ أيضاً:

وزير خارجية لبنان: إسرائيل تفصل مسار التفاوض عن إطلاق النار وتحضر لتصعيد كبير

وأضاف في لقاء خاص مع الجزيرة (يبث لاحقا) أن الحكومة اللبنانية تلقت تحذيرات غربية وعربية حملها موفدون دوليون مباشرة إلى بيروت، وتفيد بأن الجيش الإسرائيلي يستعد لتوسيع عملياته في الجنوب وفي مناطق أخرى، وأن وتيرة الغارات الحالية تأتي في سياق هذا التمهيد.

وأوضح الوزير أن هذه الرسائل تزامنت مع إعلان إسرائيل عمليا فصل المسارين السياسي والعسكري، بحيث لا يؤثر تقدم المفاوضات على قرارها بالتصعيد، وهو ما عبّرت عنه بوضوح في الاتصالات التي وصلت إلى الخارجية اللبنانية خلال الأيام الأخيرة.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4هيئة البث: إسرائيل أعدت خطة لهجوم واسع على حزب اللهlist 2 of 4إسرائيل تشن سلسلة غارات على لبنان وتعلن مهاجمة مراكز لحزب اللهlist 3 of 4الدويري: إسرائيل توسع بنك أهدافها لجر لبنان لاتفاقيات أبراهامlist 4 of 4بري ينتقد تصريحات المبعوث الأميركي حول ضم لبنان إلى سورياend of list

وأشار إلى أن إدخال السفير السابق سيمون كرم لترؤس الوفد اللبناني المفاوض يندرج ضمن جهود بيروت لتثبيت قواعد تفاوض واضحة، لكنه لا يعني -على حد قوله- أن وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية ستتراجع، فالاتصالات الدولية تفيد بأن هناك مرحلة تصعيدية قد تكون واسعة.

وقال الوزير إن الحكومة اللبنانية تكثف اتصالاتها مع أطراف عربية ودولية ومع الأمم المتحدة في محاولة لمنع انزلاق الأوضاع نحو مواجهة مفتوحة، موضحا أن بيروت تعمل على "تحييد المرافق العامة" وتقليل الأخطار المحتملة التي قد تطال البنية التحتية الحيوية.

تفاوض غير تقليدي

وأضاف أن المسار التفاوضي الحالي غير تقليدي، وأن لبنان يسعى من خلاله إلى إعادة تثبيت اتفاقية الهدنة لعام 1949، مشيرا إلى أن الحديث عن معاهدة سلام ليس مطروحا حاليا، وأن الأولوية تتمثل في وقف الاعتداءات وانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة وإطلاق الأسرى.

وقال الوزير إن المفاوضات مع إسرائيل مستمرة عبر آلية قائمة، لكن بالتوازي تخوض الحكومة حوارا داخليا مع حزب الله بخصوص سلاحه، إلا أن الحزب -بحسب ما نقل عنه- يرفض حتى الآن تسليم السلاح.

وذكر أن سلاح حزب الله لم ينجح في حماية لبنان، ولا غزة أو القدس، معتبرا أنه استجلب الاحتلال إسرائيلي على لبنان.

وفيما يتعلق بإيران، أكد الوزير أنه رفض زيارة طهران مؤخرا، وأن أي لقاء مع نظيره الإيراني يجب أن يتم في دولة محايدة، معللا ذلك باستمرار التدخل الإيراني في الشؤون اللبنانية وإطلاق تصريحات تمس السيادة، إضافة إلى "تمويل تنظيم غير شرعي" على حد قوله.

وشدد على أن المعطيات التي وصلت إلى بيروت حول نية إسرائيل تنفيذ عملية عسكرية واسعة تضع البلاد أمام مرحلة خطيرة، لافتا إلى أن التهديدات لم تعد في إطار التصريحات الإعلامية، بل وصلت عبر قنوات دبلوماسية متعددة ومن موفدين غربيين.

وقال الوزير إن الهدف المباشر لتحرك الدبلوماسية اللبنانية هو منع انزلاق الوضع الميداني، وأن الحكومة تتعامل على أساس أن الضربة الإسرائيلية قد تكون وشيكة، خصوصا بعد إصرار تل أبيب على التعامل مع مساري التفاوض والتصعيد كملفين منفصلين بالكامل.

وأضاف أن الجيش اللبناني سيعلن نهاية العام الجاري استكمال مهمة حصر السلاح في جنوب الليطاني وفق الخطة الموضوعة، رغم الاعتداءات المستمرة، لكن الوزير أشار إلى أن رسائل غربية أفادت بأن ما هو مطلوب من لبنان يتجاوز جنوب الليطاني ليشمل مناطق أخرى شماله أيضا.

العلاقات مع سوريا

وفي ملف العلاقات مع سوريا، أوضح وزير الخارجية أن العلاقات تمر بمرحلة إيجابية هي "الأفضل منذ استقلال البلدين"، وأن دمشق تتعامل بمرونة مع الملفات العالقة، غير أن ذلك لا يغيّر من حقيقة أن التصعيد الإسرائيلي هو التحدي الأكبر حاليا بالنسبة لبيروت.

وأكد الوزير اللبناني أن فصل إسرائيل لمسار التفاوض عن مسار التصعيد يمثّل مؤشرا خطيرا، وأن الحكومة اللبنانية تتصرف وفق هذا المعطى، مشددا على أن أي جهد دبلوماسي يجري اليوم يهدف أولا إلى حماية المرافق العامة وتقليل احتمالات الانزلاق نحو مواجهة واسعة.

وشن الجيش الإسرائيلي اليوم الجمعة سلسلة غارات على جنوب لبنان وشرقه، زاعما استهداف أماكن تابعة لحزب الله، في تصعيد جديد وخرق يضاف إلى سلسلة خروقات إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2024 ارتكبت الأخيرة آلاف الخروقات، مما أسفر عن مقتل وإصابة مئات اللبنانيين، إلى جانب دمار مادي.

وتتحدى إسرائيل الاتفاق بمواصلة احتلالها 5 تلال لبنانية في الجنوب استولت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق لبنانية أخرى تحتلها منذ عقود.

Published On 12/12/202512/12/2025|آخر تحديث: 16:15 (توقيت مكة)آخر تحديث: 16:15 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2

شارِكْ

facebooktwitterwhatsappcopylink

حفظ

مقالات مشابهة

  • "الشعبية": الاحتلال يرتكب جريمة حرب جديدة في غزة ويقوض اتفاق وقف إطلاق النار
  • الجمعية اللبنانية للأسرى: 23 أسيراً يقبعون في سجون العدو الإسرائيلي 9 منهم بعد وقف النار
  • رفض مصري قطري لـسلوك إسرائيل تجاه وقف إطلاق النار بغزة.. الاتفاق متعثر
  • “إما تفاوض أو لا تفاوض”.. بري يضع شروطا صارمة أمام إسرائيل
  • الرئيس اللبناني: عودة الأسرى المعتقلين في إسرائيل تشكل أولوية في المفاوضات
  • وزير خارجية لبنان: إسرائيل تفصل مسار التفاوض عن إطلاق النار وتحضر لتصعيد كبير
  • “البعثة الأممية” تختتم ورشة عمل لمتابعة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار
  • بري: تصريحات المبعوث الأمريكي عن ضم سوريا إلى لبنان غلطة كبيرة غير مقبولة
  • بري ينتقد تصريحات المبعوث الأميركي حول ضم لبنان إلى سوريا
  • روبيو يبحث مع وزير الخارجية الإسرائيلي تنفيذ خطة ترامب بشأن غزة