تقديرات سورية: الخارطة السياسية تحتاج للوقت ولآليات تشريعية
تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT
دمشق- بالتزامن مع الزيارات العربية والدولية النشطة التي تشهدها دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد، وتوازيا مع محاولات الإدارة السورية الجديدة بناء علاقات سياسية وإستراتيجية واقتصادية تنتشل البلاد من مستنقع الفقر والدمار، بدأت تتبلور الرؤية السياسية والخارطة المستقبلية لهيكلية البناء الداخلي للدولة السورية القادمة.
يمكن قراءة ذلك في التصريحات المتواترة لقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، ولا سيما فيما يتعلق برؤيته لإجراء انتخابات خلال فترة زمنية قد تصل إلى 3 أو 4 سنوات، ولمدة لا تقل عن ذلك لصياغة دستور جديد لسوريا.
وفي السياق نفسه، جاءت الدعوة لمؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده في دمشق خلال الأيام القليلة المقبلة، والذي أُعلن أنه سيكون بحضور شخصيات لا كيانات وأحزاب وقوى سياسية، ويهدف إلى هيكلة مرحلة انتقالية تؤسس لتشكيل حكومة بمرجعيات تشريعية.
وبالتزامن مع الحراك نحو البناء في الشقين التشريعي والسياسي، جاءت ترقية عدد من العسكريين ليتولوا قيادة وزارة الدفاع مع قرب الحديث عن حل "هيئة تحرير الشام" أبرز الفصائل التي قادت عملية "ردع العدوان" وأدت إلى إسقاط نظام الأسد، في مؤشر على الورشة الصعبة التي بدأتها الإدارة الجديدة في إعادة بناء المنظومتين الأمنية والعسكرية في سوريا.
إعلانفي هذا السياق، قابلت الجزيرة نت باحثين وكتابًا وشخصيات ذات علاقة للتعرف على المزاج العام حيال خطة الإدارة السورية الجديدة.
انتخابات بعد سنوات
تقول أستاذة حل الصراعات في جامعة "جورج ميسن" هند قبوات، إن الواقع يقول إن مدة 4 سنوات ستكون مناسبة للتحضير لانتخابات وتنظيمها لأن هذا الأمر يتطلب عملا كبيرا يبدأ بعملية إحصاء دقيقة للمواطنين وكذلك في ملف المغتربين خارج سوريا ليمارس الجميع حقه في الانتخاب.
ولفتت قبوات إلى ضرورة توفير البيئة الآمنة والمحايدة ليستطيع الشعب ممارسة الانتخاب في ظروف نزيهة وأيضا في بيئة اقتصادية مناسبة، مع تهيئة الظروف لعودة اللاجئين، وتجهيز ما تتطلبه هذه العملية خلال السنوات الأربع القادمة تقنيا.
بدوره، الباحث في الشؤون السياسية حسن الدغيم، قال للجزيرة نت إن الحالة التي تعيشها سوريا بعد الحرب الطويلة والتي خرجت منها منهكة وبحاجة ماسة لإعادة الإعمار وبناء المدن وإصلاح البنية التحتية والنهوض بمؤسسات الدولة وعودة المهجرين تحتاج إلى وقت كاف قبل القيام بالانتخابات.
وأضاف لو أرادت أي سلطة مستقرة إجراء الانتخابات لأخذت فترة انتقالية فكيف بدولة منهارة ومنهوبة ومسروقة ومدمرة؟ وكأنها عبارة عن أشلاء وأطلال، وقد جاء السوريون من جديد لإعادة إعمارها من أجل النهوض بها من جديد. "ولذلك هذه الفترة الزمنية ليست فقط صحيحة إنما ضرورية".
وعلى صعيد صياغة دستور جديد يحفظ حقوق كل الطوائف والأعراق بعد 5 عقود من تنحيته وتفعيل المنظومة الأمنية كمظلة لتسيير النظام وفق مصلحته فقط. تقول الأكاديمية قبوات "ربما يرى البعض أن ثلاث أو أربع سنوات زمن يطول في انتظار إنجاز دستور يصون حقوقهم، ولكن هذا لا يمكن في وقت قياسي وسريع، ولا بد من التفكير بعمق لأن هذه فرصة مهمة كثيرا للشعب السوري لترسيخ منظومة حقوق وعدالة غابت عنهم منذ عام 1950".
إعلانوأردفت "الآن بعد انتصار الثورة أصبحت الفرصة متاحة أمام السورين جميعهم للاشتراك فيما بينهم من جميع الطوائف والأديان والمناطق والإثنيات ومن الشباب ورجال الدين والنساء، في وضع الدستور". ولكن "تحتاج هذه الفرصة للهدوء، لأن هذا الدستور يجب أن يعكس انتصار الثورة وألا تنفرد به سلطة واحدة". ودعت إلى إشراك الأكاديميين والكوادر من قاضيات وقضاة عملوا فترة طويلة بصياغة الدساتير، في كتابة دستور سوريا الجديد.
الحوار الوطنيأثارت التصريحات بخصوص توجيه دعوات لشخصيات لا مؤسسات ولا أحزاب ولا تجمعات لمؤتمر الحوار الوطني، جدلا في الوقت الذي يقترب فيه الإعلان عن تشكيل اللجنة التحضيرية التي ستبدأ عملها خلال أيام قليلة، وتعلن انطلاق مؤتمر الحوار الوطني.
وحسب التصريحات، ستتكون اللجنة التحضيرية للحوار من 7 شخصيات (6 رجال وسيدة) وستُعلن أسماؤهم قريبا.
وحسب تقديرات الباحث والكاتب بسام سليمان للجزيرة نت، فإن اختيار الشخصيات المشاركة سيتم على أساس التقسيمات الإدارية لسوريا من 14 محافظة ووفق معايير المواطنة، ولن يكون على أساس الطائفة أو الدين أو العرق ولا على أساس الحزب السياسي.
وعلل معايير التمثيل على أساس الشخصيات وليس التجمعات والتكتلات لمواجهة ظهور المئات من الهيئات والتجمعات السياسية ومنظمات المجتمع المدني في الثورة السورية مما قد يشكل صعوبة بتمثيلها جميعا. وهو ما من المتوقع أن ينسحب على مشاركة "الائتلاف السوري" من خلال شخصيات فيه لا تمثيلا حزبيا.
ويقول سليمان إن نظام الأسد ألغى فكرة المواطنة، واليوم الإدارة الجديدة تريد أن تعزز هذا المفهوم من خلال توجيه الدعوات لهذا المؤتمر على أساس المواطنة فقط.
الحاجة لآلية قانونيةوفي إطار التغيير وإعادة البناء داخل سوريا، أصدرت الإدارة العامة الجديد بقيادة أحمد الشرع لائحة ترقية لعدد من الضباط على رأسهم مرهف أبو قصرة وعلي نورالدين نعسان لرتبة لواء، وآخرين لرتب عمداء وعقداء، في ظل انحلال جيش نظام الأسد والبدء في مأسسة قوى الأمن وملاحقة فلول النظام، على حد وصفها.
إعلانالنقيب علي السلوم المنشق عن النظام السابق، قال للجزيرة نت، إن القرارات الصادرة عن الشرع، تأتي في إطار إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية بما يتماشى مع تطلعات الثورة ومتطلباتها. "ومع ذلك، يُعتبر منح الرتب العسكرية إجراء حساسا يتطلب إطارا قانونيا وتنظيميا واضحا". ولكن مع غياب نظام متكامل يحكم الوضع الحالي، قد تستند هذه القرارات إلى مبدأ الضرورة في إدارة المرحلة الانتقالية.
وطالب بآلية لشرعنة هذه الإجراءات ضمن إطار دستوري جديد يضمن الشفافية والعدالة في التعيينات والترقيات، ويحول دون تحويلها إلى خطوات فردية قد تؤثر على تماسك المؤسسة العسكرية في المستقبل، خصوصا أن هناك ما يزيد عن 4 آلاف من الضباط المنشقين من مختلف الرتب ومختلف الاختصاصات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحوار الوطنی على أساس
إقرأ أيضاً:
مآخذ على المبعوث الأممي «العمامرة»..!
مآخذ على المبعوث الأممي «العمامرة»..!
د. مرتضى الغالي
“رمطان العمامرة” المبعوث الأممي للشرق الأوسط و”المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في السودان” إذا كان يظن إنه سيسهم في حل أزمة السودان بامتداحه سلطة بورتسودان الانقلابية وتقريظه لها وتبنيه لأطروحاتها التي تتجاهل حماية المدنيين ومستقبل التسوية.. إذا كان يظن ذلك فإنه لن يكون (وسيطاً مقبولاً) بل لن يكون حتى (محضَر خير).. إنما سيصبح (حجر عثرة وشنكلة) في طريق حل أزمة السودان.. ومن الأفضل له وللسودان أن يكف عن السودان مساعيه ووساطته ورحلاته.. وكان الله يحب المحسنين..!
لقد اجمع كثير من المراقبين على انتقاد الترحيب المتعجّل لهذا الرجل بخطة عرجاء قدمها “إبراهيم جابر” رجل الانقلاب ومندوب الكيزان في الجيش.. ووصفها بـ(خارطة طريق) لسلطة بورتسودان الانقلابية..!
كما انتقد هذه الخارطة وموقف العمامرة منها العديد من القوى السياسية والمدنية في السودان، حيث اعتبرت ترحيب العمامرة العشوائي بهذه (الخارطة العشوائية القاصرة) انحيازاً صريحاً لحكومة الانقلاب..!! بل لقد جاء الانتقاد لهذه الخارطة ولترحيب العمامرة بها أيضاً من دوائر إقليمية وعالمية..!
هذه (الخارطة المفخّخة) التي قدمتها سلطة بورتسودان غير الشرعية هي خارطة جانحة وفاشلة (حتى من الناحية الفنية البحتة) حيث أنها تتجاهل أطراف ومكوّنات متداخلة في النزاع المسلح.. كما إنها تتجاهل عن عمد و(بخبث أفعواني) القوى المدنية في السودان..!
وبهذا يضع العمامرة نفسه في (مركب مثقوبة) ويقف في عداء مع مكوّنات وأطراف سودانية عديدة ويظهر انحيازه لطرف واحد من إطراف الحرب هو سلطة الانقلاب والكيزان.. وهذا ليس من التقاليد المرعيّة للوسطاء الدوليين والأميين..!
فما هي يا ترى دوافع العمامرة لاتخاذ مثل هذا الموقف بكل ما فيه من عجلة تفتقر للرويّة والحياد وتمثل انحيازاً مكشوفاً لطرف دون أطراف أخرى؛ ولسلطة غير شرعية حتى في نظر الاتحاد الأفريقي ودوائر إقليمية وعالمية عديدة.. دعك من الشعب السوداني وقواه المدنية..!
هذه (الخارطة العرجاء) تمثل قولاً وفعلاً موقف تحالف السلطة الانقلابية مع جهة سياسية معلومة للجميع.. أما الشعب بنازحيه ومشرديه فهو آخر ما يمكن أن يهتم به أصحاب هذا التحالف..! لقد تجاهلت (خارطة إبراهيم جابر الكفيفة) أوضاع وحياة ومصائر 14 مليون لاجئ ونازح، كما تجاهلت حالة المجاعة التي يرزح تحت وطأتها 24 مليون سوداني حسب مصادر المنظمات الأممية والعالمية المتخصّصة.. فأين ذلك من ترحيب العمامرة وابتساماته لقادة الانقلاب..؟!
هل أصبحت منظمة الأمم المتحدة تجيز الانقلابات العسكرية على الحكومات المدنية..؟! أم أن ذلك من تخريجات العمامرة وحده… أم تراه تناسى أنه أدخل رأسه في (البُرمة السودانية) باعتباره ممثلاً لمنظمة الأمم المتحدة ولأمينها العام..؟!
هذا الرجل سبق له أن أسند تفاؤله بحل أزمة السودان على (مداميك خاطئة) ومآلات معكوسة.. مثل حكاية المرأة التي اشتكت لصديقتها عن تأخر عودة زوجها للبيت، وتوجّسها من أن يكون تزوج بإمرأة أخرى.. فقالت لها صديقتها: (تفاءلي خيراً يا زولة.. إمكن صدمتو عربية)..!
لقد كشف تصريح سابق للسيد العمامرة أنه لم يكن صريحاً أو على اقل تقدير أنه لم يكن مُطلعاً بقدر كافٍ على الأوضاع السودانية.. عندما قال إن الوضع الإنساني يسجل تحسناً نسبياً في بعض المناطق (بفضل التعاون بين المسؤولين والمنظمات الإنسانية)..! وحقيقة الأمر هو أن مسؤولي سلطة بورتسودان يعرقلون جهود المنظمات الإنسانية ويشنون عليها حرباً بغير هوادة.. بل يسرقون الإغاثة ويعرضونها للبيع في الأسواق..!
لقد تم توجيه انتقادات للعمامرة أيضاً بسبب تبنيه لفكرة العودة إلى مرجعيات ما قبل الحرب؛ حيث أن ما قبل الحرب.. هو القبول بالانقلاب العسكري على السلطة المدنية..!
كما أخذ عليه أنه رغم طول الحوار المطوّل الذي أجرته معه صحيفة الشرق الأوسط لم يتحدث مرّة واحدة عن المكوّن المدني، واقتصر حديثه على سلطة الانقلاب وجيش البرهان والدعم السريع..!
نرجو من العمامرة كمبعوث أممي ألا يتعامل مع أزمة السودانية بمنطق الدول التي تناصر البرهان وانقلابه..!
ويجب ألا يفوت على الأطراف الخارجية والأممية أن سلطة البرهان (سلطة انقلابية غير شرعية) لا تحُظى حتى باعتراف الاتحاد الأفريقي..! ومع ذلك يتحدث المبعوث الأممي عن البرهان ويسميه (رئيس مجلس السيادة) في حين كان ينبغي اعتباره قائداً للجيش “بحكم الواقع المؤسف”.. حتى لو أغفلنا أن قيادة الجيش جميعها (قيادة كيزانية).. وهذه من الأمور الواضحة التي لا تحتاج إلى تيلسكوب أو إلى (مشكاة فيها مصباح.. المصباح في زجاجة)…! الله لا كسّب الإنقاذ والانقلابيين وأنصار الحرب.. حيثما كانوا..!
[email protected]
الوسومالأمم المتحدة الإنقاذ البرهان السودان الشرق الأوسط د. مرتضى الغالي رمطان لعمامرة سلطة بورتسودان الانقلابية مجلس السيادة