(1)
فى أكتوبر 2023م ، وبعد تبددت أحلام مليشيا الدعم السريع وداعميها ، بدأت خطة الهبوط الناعم ، ونقل مشهد الحرب إلى موقف سياسي ، ومن هنا ولدت تنسيقية القوى الوطنية (تقدم)..
كانت المليشيا حينها تعاني من تداعيات الموقف الشعبي وتوجهات الرأى العام ، ومتغيرات الميدان العسكري فى صمود القيادة العامة والمدرعات والمهندسين وكرري ، مع فقدان أثر القائد حميدتي.

.
بينما كانت قوى الحرية والتغيير (قحت) قد فقدت القدرة على التعامل مع (احداثيات) المشهد ،و تطورات الأحداث وكلفة اتفاقهم مع المليشيا الدعم السريع على السيطرة على البلاد فى ساعات محدودة (اجتماع الشريحة).
كانت الفترة من اكتوبر 2023م وحتى الثاني من يناير 2024م من اسرع التحولات السياسية واكثرها خطورة فى تاريخ البلاد ، فقد انتقلت قحت من قوى سياسية سودانية ذات ميثاق وتسيطر عليها كيانات سياسية الى تنسيقية تسمى (مدنية) تسيطر عليها مسميات منظمات وهمية وفرضت قيادة جديدة واعادت تشكيل اهدافها ، ومع ذلك ارادت ان تفرض نفسها (وريث) ثورة ديسمبر 2019م..
وبدأت أول مهام وادوار تنسيقية تقدم بلقاء مع قائد مليشيا الدعم السريع بعد غياب دام ما يقارب 7 شهور ، وكان ذلك الدور المعد لهذا الكيان الجديد وهو لعب دور الظل السياسي لمليشيا الدعم السريع ، وقد تم تدوين ذلك فى صدر الاعلان الصادر بين الطرفين فى اديس ابابا بتاريخ 2 يناير 2024م وجاء في أول سطوره (إيمانا منا بأن حرب الخامس من ابريل هى آخر حلقة من سلسلة المحاولات الفاشلة لقطع الطريق على ثورة ديسمبر).. كان ذلك كل المطلوب ، وهو تبنى الحرب واعتبارها جزء من مسار المدافعة عن ثورة ديسمبر 2019م .. وهذه أكبر خدمة سياسية للمليشيا والتى خططت خلال اعوام لبناء القواعد العسكرية فى مناطق مهمة وحساسة ، وزادت من وتيرة التدريب وتنويع الاسلحة وزيادة العتاد وتوفير المعدات وتوثيق العلاقات مع حركات مسلحة فى الجوار الافريقي والاتفاق مع سماسرة حروب لشراء المرتزقة ، بينما تريد (تقدم) أن ننسى كل ذلك وتقول: من اطلق الرصاصة الأولى فى المدينة الرياضية دون ان تحدثنا عن لماذا حشدت المليشيا قواتها فى المدينة الرياضية أصلا ؟..
هنا بدأ اكثر فصول السياسة خبثا واقبحها أثرا..
(2)
تمر علينا هذه الأيام الذكرى الأولى لإتفاق (تقدم) مع مليشيا الدعم السريع (2 يناير 2024م) ، حين وقف قادة القوى االسياسية والمدنية فى صف طويل للسلام على يد ملطخة بالدماء والانتهاكات وجرائم الابادة الجماعية والتطهير العرقي ، كان منظرا مهينا وقادة فاعلين يمرون على قائد مليشيا ، للتحية وبعضهم وجوههم واجمة وأسيفة كأنما يساقون إلى حتفهم وآخرين يغمزون من طرف خفي..
وتم بعد ذلك إدارة نقاشات طويلة يمكن الإشارة اليها اجمالا فى نقطتين مهمتين:
– تم توقيع إعلان بين الطرفين هو فى مجمله (إتفاق سياسي) تجاهل كليا معاناة الشعب ، والنزوح والقتل ، وقفز إلى شراكة سياسية ، والنقطة المحورية فيها: إستمرارية مليشيا الدعم السريع في المشهد السياسي ، ومستقبل البلاد ، واتخاذ (تقدم) بندقية الدعم السريع اداة فى معركتها السياسية وفى المجتمعات الدولية والاقليمية ، واصبحت وظيفة (تقدم) المتاجرة بآلام ومعاناة المواطنين والترويج للمجاعات والامراض ، مع أن الإتفاق الموقع مع مليشيا الدعم السريع لم يتضمن أى بند يتحدث عن تنفيذ إتفاق جدة 2023م أو دعوة المليشيا الخروج من منازل المواطنين والاحياء السكنية واخلاء الاعيان المدنية ، وما شهدناه لاحقا هو توسيع دائرة الانتهاكات والخروقات فى الجزيرة وسنار والفاشر..
– والنقطة الثانية هى محور النقاشات فى اللقاءات المغلقة ، كيف تحدث حميدتي منتقدا مواقف قحت ومؤنباً بعض المتحدثين ، وبعد تلك اللقاءات المغلقة ازدادت بعض قيادات تقدم ارتباطا مع المليشيا وتطورت مهامهم فى تنسيق العلاقات إلى أن تبنت خلال عام (تشكيل حكومة منفى) ..
وما بين ذلك الحدث وتلك النتيجة تفاصيل..
(3)
مع إعلان ذكرى الاستقلال 68 ، فى العام 2024م ، كانت (تقدم) ومليشيا الدعم السريع قد أسسا مرحلة جديدة قاعدتها ووفق بيانهم (فاننا فى تنسيقية تقدم وقوات الدعم السريع قد عقدنا العزم على انهاء الحرب واستكمال مسار الثورة).. والسؤال البديهي: كيف تحول الوسيط إلى توقيع شراكة سياسية مع أحد الأطراف ؟ .. كيف تبني حلف سياسي مع أحد الأطراف وانت تسعى للتوسط ؟ ليس ذلك ، بل تتبنى مظلومية مدعاة وتتبنى تبريرات سخيفة ؟ كانت تلك واحدة من تحفظات حزب الأمة القومي ولكن سرعان ما تم طى الصفحة..
وشهدت الأيام التالية وبقية العام 2024م تحولات وادوار مشهودة قامت بها (تقدم) دعما للحرب وليس ايقافها ، وتضحية بالمواطنين من اجل مواقف سياسية وليس الاشفاق عليهم ، وخيانة للوطن ولمواطنيه..
– لقد تحولت كل منابر ومنصات (تقدم) واحزابها السياسية والمنظمات المؤثرة والنشطة على مواقع التواصل الإجتماعي إلى خدمة اجندة مليشيا آل دقلو الارهابية ، بالترويج لافكارهم ، بالسخرية من مؤسسات الدولة السودانية وعلى رأسها المؤسسات العسكرية ، وببث الدعاية والضوضاء خاصة بعد تمدد مليشيا الدعم السريع في ولاية الجزيرة وسنار ، وذلك بالاضافة لافادات ناطقين بإسم تقدم ، وقيادات أخرى مؤثرة ، بينما ربطت قوى اخرى اداناتها للمليشيا بادانة مقابلة للجيش..
– والنقطة الثانية هو لعب دور (تسهيل) وصول مليشيا الدعم السريع إلى المجتمعات الدولية والمنظمات الدولية والاقليمية ، و(تقدم) وراء الحديث عن عدم شرعية الحكومة السودانية ود.عبدالله حمدوك خاطب الامم المتحدة أكثر من مرة داعيا إلى عدم استقبال الفريق اول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي..
– (تقدم) تبنت الحديث عن المجاعة فى السودان قبيل اجتماعات جنيف ، ولإجبار الحكومة السودانية الخضوع لضغوط بعض القوى الدولية ، كان الحديث عن مجاعة تفتك بأكثر من 7 ملايين مواطن ، وبالمناسبة ما زالت هذه الدعاية مستمرة مع زيادة فى احتمالات عدد المتضررين..
– لا تتحدث (تقدم) أبدا عن نقطتين:
– اولهما: أن أسباب تطاول الحرب واستمرارها هو تواصل قوى اقليمية واطراف دولية إمداد مليشيا الدعم السريع بالعتاد والسلاح والتقنية والاستطلاع وبالمواقف الدولية وصراع المحاور..
– والنقطة الثانية: وجود المرتزقة الاجانب من سابلة المجتمعات من المشاة وشمل آلاف من النيجر ومالي وتشاد وجنوب السودان واثيوبيا ، ومن التقنيين والفنيين من كولومبيا وروسيا وليبيا وسوريا..
لن تجد فى بيانات (تقدم) أى حديث عن هاتين النقطتين طيلة عام و ثمانية اشهر من الحرب ، مع أن تقارير دولية موثوقة اكدت ذلك..
ذلك بعض نتائج حلف تقدم ومليشيا الدعم السريع.. ونواصل بإذن الله..
حفظ الله البلاد والعباد..

د. إبراهيم الصدق علي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: ملیشیا الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يسيطر على الدبيبات ومهلة لخروج الدعم السريع من الفاشر

أعلن الناطق باسم الجيش السوداني أن قواته أحكمت سيطرتها على مدينة الدبيبات بجنوب كردفان غربي البلاد بعد معارك مع قوات الدعم السريع.

وأكدت القوات المشتركة المتحالفة مع الجيش أنها كبدت قوات الدعم السريع في مدينة الدبيبات خسائر فادحة بالأرواح والعتاد.

وأشارت في بيان إلى أن استعادة الدبيبات تمثل خطوة مهمة في تأمين إقليم كردفان (3 ولايات) والتقدم نحو إقليم دارفور (5 ولايات).

وبث عناصر من الجيش السوداني مقاطع مصورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أعلنوا خلالها دخولهم إلى الدبيبات وهزيمة قوات الدعم السريع.

وتعد الدبيبات الواقعة على بعد 186 كيلومترا من مدينة كادوقلي عاصمة الولاية مدينة إستراتيجية حيث تربط جنوب كردفان بولايتي شمال كردفان وشرق دارفور.

كما تمهد السيطرة على الدبيبات لفك الحصار عن الدلنج التي تبعد عنها 60 كيلومترا، وتعد ثاني مدن جنوب كردفان من حيث المساحة.

في غضون ذلك، أمهل أبو عاقلة كيكل قائد قوات درع السودان التي تقاتل إلى جانب الجيش السوداني قوات الدعم السريع 48 ساعة لمغادرة مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

وأضاف كيكل في كلمة أمام مجموعة من مقاتليه أن قوات درع السودان وكل تشكيلات الجيش السوداني ستتوجه إلى مدينة الفاشر لفك الحصار عنها.

إعلان مواجهة مباشرة

في المقابل، قال عبد الرحيم دقلو نائب قائد قوات الدعم السريع إن قواته تمكنت من تحييد الطائرات الحربية التابعة للجيش السوداني، بما في ذلك الطائرات المسيرة.

وأضاف دقلو مخاطبا عددا من جنود الدعم السريع أن "الحرب الآن باتت التحاميه" في كل تفاصيلها، وشدد على أن قوات الدعم السريع جاهزة لأداء مهامها العسكرية متسلحة بمختلف انواع الأسلحة.

وتأتي هذه التطورات بعد أيام من إعلان السلطات السودانية السيطرة بالكامل على ولايتي الخرطوم والنيل الأبيض، وخلوهما من قوات الدعم السريع، دون تعليق من الأخيرة.

ومنذ أسابيع وبوتيرة متسارعة بدأت تتناقص مساحات سيطرة قوات الدعم السريع في ولايات السودان لصالح الجيش، وتمددت انتصارات الأخير لتشمل الخرطوم وولاية النيل الأبيض.

وفي الولايات الـ16 الأخرى لم تعد قوات الدعم السريع تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، إلى جانب 4 من ولايات إقليم دارفور الخمس.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش و"الدعم السريع" حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، في حين قدّر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

مقالات مشابهة

  • العقوبات الأميركية الجديدة على السودان.. اقتصادية أم سياسية؟
  • والي شمال كردفان: اعلان خلو ولايتي الخرطوم والنيل الأبيض من مليشيا الدعم السريع المتمردة يعد حدثا وطنيا في ملحمة العزة والكرامة
  • الجيش السوداني يسيطر على الدبيبات ومهلة لخروج الدعم السريع من الفاشر
  • أعلن انتهاء المعركة ضد الجيش.. هل يتجه الدعم السريع لتأسيس دولة جديدة؟
  • اتهامات للدعم السريع بحرق 3 قرى في شمال دارفور
  • هل يقود تراجع قوات الدعم السريع عسكريا إلى تفككها؟
  • لينا يعقوب: الجيش هزم وأبعد الدعم السريع عن العاصمة
  • وزارة النقل: تقدم أعمال تنفيذ الخط الأول للقطار الكهربائي السريع
  • بالفيديو: مقبرة جماعية جديدة. . مقتل 465 من الأسرى على يد الدعم السريع..أبشع إبادة
  • ما هو سر صراخ أفراد المليشيا وتغيير مواقف الكثير من رجالات الإدارة الأهلية ؟!!!