مع بداية عام 2025، تدخل أزمة أوكرانيا مرحلة جديدة ومفتوحة على العديد من السيناريوهات، وسط تساؤلات حول ما إذا كان العام سيشهد سلاماً اضطرارياً ينهي الصراع المستمر منذ فبراير 2022؟، أم تهدئة مؤقتة تسبق جولة جديدة من المواجهات؟

والتوترات التي تخللتها السنوات السابقة، والتغيرات السياسية الدولية، خاصة مع تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصبه، تعيد رسم خريطة الحرب، وتجعل من الحلول المطروحة موضع جدل عالمي.

فهل يمكن للعام الجديد أن يحمل نهاية لهذه الأزمة، أم أنها ستستمر تحت مظلة تهدئة خادعة؟

تحولات سياسية تؤثر على مسار الحرب

ومع نهاية 2024، أكدت أوكرانيا طلبها مزيداً من الدعم الغربي لتعزيز دفاعاتها، بينما تعهد ترامب خلال حملته الانتخابية بحل الأزمة خلال "24 ساعة"، مما يثير قلقاً بشأن الخطوات الفعلية التي قد يتخذها.  

ترامب اختار الجنرال كيث كيلوج كمبعوث خاص بين كييف وموسكو، وقد دعا الأخير إلى تجميد خطوط المعركة الحالية وإجبار الطرفين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. إلا أن تصريحات سابقة لكيلوج دعمت فكرة الأمر الواقع، ما يعني الإبقاء على الأراضي التي سيطرت عليها روسيا، مما أثار مخاوف غربية كبيرة.  

مارك روته، الأمين العام الجديد لحلف الناتو، حذر من أن أي سلام بشروط مواتية لموسكو قد يهدد الأمن العالمي، مشدداً على ضرورة أن تدخل أوكرانيا في مفاوضات من موقع قوة.

الدعم الأوروبي المتزايد لكييف

وفي ظل الشكوك بشأن موقف الولايات المتحدة تحت قيادة ترامب، أكدت ألمانيا استمرار دعمها لأوكرانيا. فقد أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز، خلال زيارة إلى كييف في ديسمبر الماضي، عن توريد أسلحة إضافية بقيمة 650 مليون يورو.  

وقال شولتز: “ألمانيا ستظل الداعم الأقوى لأوكرانيا في أوروبا. نحن نقول ما نفعله، ونفعل ما نقول”، وهذا الدعم يعكس إصرار أوروبا على لعب دور أكبر في دعم أوكرانيا، خاصة في ظل مخاوف تراجع الدور الأمريكي.

موسكو.. تهدئة مشروطة  

على الجانب الروسي، أعلنت موسكو استعدادها للتفاوض، شرط أن تعترف أوكرانيا بسيطرتها على المناطق الأربع التي ضمتها (دونيتسك، لوغانسك، خيرسون، وزابوريجيا).  

وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف اتهم الغرب بمحاولة استغلال فكرة وقف إطلاق النار لمنح أوكرانيا فرصة لإعادة التسلح، قائلاً: "هذا بالطبع ليس السبيل إلى السلام".  

ومع استمرار الاشتباكات اليومية، خاصة في المحاور الغنية بالموارد المعدنية، ترى موسكو أن الحل السلمي يجب أن يُبنى على واقع سيطرتها الميدانية.

السيناريوهات المحتملة في 2025

1. تجميد النزاع:

وفقاً لتقديرات المحللين، قد يتجه ترامب إلى تجميد النزاع عبر الاعتراف بسيطرة روسيا على نحو 20% من الأراضي الأوكرانية، ما يتيح فرصة لإعادة ترتيب الأوضاع الدولية.  

2. التخلي المؤقت عن عضوية الناتو:

قد تضطر أوكرانيا للتخلي عن سعيها للانضمام إلى حلف الناتو لمدة 20 عاماً، مقابل ضمانات أمريكية بدعم عسكري غير رسمي.  

3. منطقة منزوعة السلاح:

اقتراح إنشاء منطقة منزوعة السلاح بعمق 1300 كيلومتر، تدار بشكل مشترك بين روسيا وأوكرانيا. إلا أن هذا السيناريو يتطلب ضمانات دولية وإرادة حقيقية من الطرفين.  

4. استمرار النزاع:

قد ترفض روسيا وأوكرانيا التوصل إلى تسوية، مما يؤدي إلى استمرار الصراع، خاصة مع وجود دعم غربي إضافي لكييف وتزايد اعتماد روسيا على حلفاء مثل إيران.  

موقف أوروبا والناتو

وفيما يتعلق بالدور الأوروبي، يشير الخبير الفرنسي بيير لويس ريموند إلى أن دول أوروبا قد تنقسم بين مؤيد ومعارض لخطط ترامب.  

- الدول المتخوفة من توسع النفوذ الروسي تعارض أي تنازلات قد تهدد أمن المنطقة.  

- الدول الأخرى ترى أن أي خطوة نحو التهدئة يمكن أن تكون مفيدة لتجنب تصعيد أكبر.  

إلا أن المحللة إيرينا تسوكرمان ترى أن أوروبا لم تتخذ بعد خطوات جماعية كافية لتعزيز دفاعاتها، مما قد يجعلها عرضة لأي تقدم روسي مستقبلي.

خطة ترامب والتحديات المحتملة

ويرى المراقبون أن خطة ترامب المحتملة قد تشمل:  
1. تجميد النزاع: وهو سيناريو قد يواجه معارضة شديدة من الكونغرس والاتحاد الأوروبي.  

2. تقليص الدعم العسكري لأوكرانيا: مع تقديم مساعدات محدودة توازن بين الحماية ومنع التصعيد.  
3. استهداف التحالف الروسي الإيراني: لعزل موسكو وتقويض قدرتها على مواصلة الحرب.  

ولكن هذه الخطة قد تواجه عراقيل، خاصة إذا اعتبرت روسيا أن الحلول المطروحة لا تخدم مصالحها الاستراتيجية.

ومع استمرار الصراع في أوكرانيا، تظل الخيارات المطروحة للسلام أو التهدئة محدودة ومعقدة. وفي ظل تغير المعطيات الدولية، وخاصة مع تولي إدارة أمريكية جديدة، يبقى السؤال الأبرز: هل ستشهد أزمة أوكرانيا انفراجة حقيقية في 2025، أم أنها ستظل عالقة في دائرة مفرغة من التصعيد والمفاوضات؟  

وتعكس المؤشرات الحالية مزيجاً من الآمال والمخاوف، مما يجعل التوقعات مفتوحة على كافة الاحتمالات.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أوكرانيا كييف حرب أوكرانيا المزيد

إقرأ أيضاً:

مسؤول سابق بالناتو: قمة لاهاي تدور حول طمأنة ترامب وليس ردع روسيا وحدها

قال نيكولاس ويليامز، المسؤول السابق في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إن قمة لاهاي تم تنظيمها وصياغتها بعناية؛ لتجنب المفاجآت، وتهدف أساسًا إلى كسب دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتأكيد التزامه بالبند الخامس من ميثاق الحلف، الذي ينص على الدفاع الجماعي؛ في حال تعرض أي دولة عضو لهجوم.

وأضاف ويليامز، خلال مداخلة مع الإعلامية داليا أبو عميرة، على قناة القاهرة الإخبارية: "القمة صيغت لتُظهر عظمة ترامب وقيادته، وبعد هذا الإطراء، سيحصل الأوروبيون على ما يريدون: ضمانات أمريكية بالدفاع عنهم إذا ما تعرضوا لأي تهديد".

وشدد ويليامز على أنه لا توجد ضمانات حقيقية لاستمرار التزام ترامب طويل الأمد تجاه أوروبا أو الناتو، موضحًا أن القادة الأوروبيين يسعون فقط إلى تقليل الخسائر السياسية والأمنية.

وأشار إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتابع عن كثب تطورات الناتو، وقد يشعر بالقلق إزاء زيادة الإنفاق العسكري الأوروبي، مما قد يدفعه بدوره إلى تعزيز قدرات روسيا الدفاعية.

ورأى ويليامز أن هناك تباينًا واضحًا داخل دول الحلف بشأن نسب الإنفاق الدفاعي، مشيرًا إلى أن دولًا مثل بلجيكا، إسبانيا، وفرنسا لا تلتزم بزيادة الإنفاق إلى 5% كما تقترح بعض الأطراف، وتفضل البحث عن بدائل.

وأشار إلى أن ترامب حاليًا "مشغول سياسيًا بنصره في الشرق الأوسط" بعد دوره في وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، وقد يقلل من اهتمامه بالمواجهة في أوروبا الشرقية؛ مما يطرح تساؤلات كبرى حول جاهزية الناتو لردع موسكو في غياب قيادة أمريكية حاسمة.

طباعة شارك نيكولاس ويليامز حلف شمال الأطلسي الناتو الرئيس الأمريكي الدفاع الجماعي

مقالات مشابهة

  • ما ارتداه رئيس أوكرانيا بقمة الناتو يشعل تكهنات بأن ترامب هو السبب
  • ترامب يؤكد أن حل الصراع في أوكرانيا أصبح أصعب مما يبدو
  • ترامب يدعو بوتين لإنهاء الحرب ويتحدث عن تزويد أوكرانيا بمنظومات باتريوت
  • ترامب: أتوقع إجراء محادثات مع بوتين قريبًا لمناقشة قضية أوكرانيا
  • مسؤول سابق بالناتو: قمة لاهاي تدور حول طمأنة ترامب وليس ردع روسيا وحدها
  • ترامب يثير الجدل بفيديو «قصف إيران» على منصته الرسمية مع أغنية استفزازية
  • أوكرانيا.. قمة الناتو تناقش كيفية إجبار ‎روسيا على إنهاء الحرب
  • الفلاحي: عقدة الطلقة الأخيرة متوقعة ووقف إطلاق النار لا يعني انتهاء الحرب
  • التعليم : ترتيبات خاصة لعقد امتحانات الثانوية العامة لطلبة غزة قريبا
  • «محلل سياسي» يكشف سيناريوهات الرد الأمريكي على إيران بعد استهداف قواعدهم في الخليج.. فيديو