وعظة القس أندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
قال الدكتور أندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر فى وعظته أثناء احتفال رئاسة الطائفة الإنجيلية بكنيسة قصر الدوبارة: الإخوة الأحباء، أود أن أحدِّثكم اليوم عن معنى ميلاد السيد المسيح للبشرية.
في السابق اعتدت أن أحدِّثكم عن أحداث ميلاد السيد المسيح، ولكن اليوم أريد أن أركز معكم على معنى ميلاد السيد المسيح وسط كلِّ ما يحيط بنا من أحداثٍ وتحدياتٍ.
• السياق المعاصر:
تشهد منطقتنا العربية أحداثًا مؤلمةً
نحتفل بعيد الميلاد هذا العام ومازال نزيف الدم مستمرًّا.
خصوصًا في غزة، واستمرار الحرب المدمرة.
شهدنا ورأينا الأحداث في سوريا وسط مخاوف وقلق حول المستقبل.
في السودان مازال القتال مستمرًّا وضحاياه من الأبرياء الذين لا يرغبون إلا في حياةٍ سالمةٍ هادئةٍ.
صعوبة الحياة أصبحت واقعًا لكثيرين
هناك تحديات اقتصادية تواجه الجميع.
والإصلاح الاقتصادي يتطلب خطوات هامة.
كيف يؤثر ميلاد المسيح في منظورنا للحياة بشكل عميق؟
إن هذه التحديات وغيرها تضعنا في مواجهة أسئلة وجودية عميقة.
لماذا نحن هنا؟
وهل هناك حياة لها معنى رغم كل هذه التحديات المحيطة بنا؟
كيف يؤثر الميلاد في رؤيتنا للحياة؟
• المقطع الكتابي:
أتأمل اليوم معكم في كلمات البشير يوحنا، أحد تلاميذ السيد المسيح، حول هذه الأسئلة الوجودية:
"اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ. فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا. الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضًا شَرِكَةٌ مَعَنَا. وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. وَنَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلًا. وَهذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنْهُ وَنُخْبِرُكُمْ بِهِ: إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ."
(1يو 1: 1 – 5)
• تفسير المقطع الكتابي:
سياق سياسي مضطرب
يكتب البشير يوحنا هذه الكلمات قرب نهاية القرن الأول الميلادي.
الإمبراطور الروماني تراجان وسياسة القمع
الإمبراطور الروماني تراجان -الذي حكم الإمبراطورية الرومانية بين الأعوام 98 إلى 117م- قام بممارسات سياسية قمعية، وكان المجتمع الذي يكتب له البشير يوحنا متأثرًا بشدة بهذه السياسات.
مارس تراجان أشرس أنواع القمع وكان يفرض سياسة الأرض المحروقة في حروبه، ولم يبالِ بالأبرياء، محققًا أطماعه السياسية.
فرض ضرائب باهظة
لم تكن حروب تراجان هي سبب الضيق الوحيد، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط حيث فرض ضرائب باهظة تُدفع لروما كل عام.
تابع “ زكى ” خلال عظته: أزمات اقتصادية في المنطقة
أدت هذه الضرائب إلى ضيق العيش وحدوث أزمات اقتصادية شاملة في المنطقة، وفقًا لما يحكيه المؤرخ يوسيفوس في كتابه "أخبار اليهود".
رسالة مزلزلة
وسط هذا السياق السياسي والاقتصادي الصعب، يكتب يوحنا رسالةً مزلزلةً للمجتمعات الشرق الأوسطية: أن الحياة أُظهِرت! ما الذي تعنيه هذه الكلمات؟
• السيد المسيح "كلمة الحياة"
فيحكي كيف أن تلاميذ السيد المسيح قد عاشوا بجوار السيد المسيح بصفته "كلمة الحياة" (وهو نفس المصطلح الذي يستخدمه في مقدمة انجيل يوحنا عن المسيح كونه كلمة الله).
يركز يوحنا على تجسد السيد المسيح
بميلاد المسيح: هذه الحياة قد أُظهِرت لأن المسيح ظهر في الجسد.
في العدد الأول يركز البشير يوحنا عن حقيقة تجسد السيد المسيح وأخذه لجسد حقيقي.
ويحكي كيف أن المسيح كان يسمعه المحيطون به، يرونه بعيونهم، وتلمسه الأيادي.
نشر الخبر السار
عاش التلاميذ مع السيد المسيح ورأوا وشهدوا الأخبار السارة لهذا فهم يخبرون اليوم بالحياة التي كانت عند الآب.
ميلاد المسيح يواجه الموت الذي يسود على العالم
وأشكال الموت كثيرة، ولكن الحياة تعني أن ميلاد السيد المسيح يواجه الموت الذي يسود على العالم.
المعنى، الهدف وسبب الوجود
ولكن ما المعنى من كل ذلك؟ ما الهدف والغاية التي نعيش لأجلها؟
يقول البشير يوحنا إن الإجابة على كل هذه الأسئلة هي الحياة التي أظهرها لنا السيد المسيح في لحظة تجسده وميلاده.
• الشركة مع الله
هدف البشير يوحنا هو أن يخبر هذا المجتمع الصغير عن "الشركة" مع الله.
انظروا كلمات يوحنا: "لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضًا شَرِكَةٌ مَعَنَا" هذا هو الهدف النهائي والغاية العظمى للحياة الإنسانية:
أن يكون للإنسان شركة مع الله. وهذه الشركة هي التي تعطي للحياة الإنسانية معنى.
اشتياق يشبع فقط بالعلاقة مع الله
هناك اشتياق بداخل كل إنسان لا يشبعه منصب، أو أسرة، أو علاقة، أو مكسب، أو مال أو نفوذ مهما كان، بل تشبعه فقط العلاقة مع الله اللانهائي وغير المحدود.
الميلاد هو الباب نحو العلاقة والشركة مع الله
بميلاد المسيح التقت الأرض بالسماء وأصبحت الشركة بين الله والإنسان ممكنة.
التقى المحدود بغير المحدود، التقى النسبي مع المطلق.
أن روعة الميلاد أنه يفتح لنا الباب نحو العلاقة القادرة أن تعطينا المعنى، علاقتنا بالله.
• الفرح الكامل
لكن انظروا معي ما يقوله يوحنا أيضًا: ما الذي سيحدث حينما نتمتع بهذه الشركة؟
يقول يوحنا: "وَنَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلًا"
ما هو معنى الفرح الكامل؟ أحبائي، هناك فرح غير كامل، هناك سعاداتٌ مختلفة، أشكال مختلفة من السعادة.
الفرح الذي يشبع الفراغ الوجودي
قد نصبح سعداء حينما نحصل على ترقية، حينما نرث ميراثًا ماديًّا ضخمًا، حينما حتى نرى أبناءنا في نجاح.
ولكن يوحنا يتكلم عن نوع آخر من الفرح، فرح كامل، أو بتعبير آخر: فرح مطلق!
هذا النوع من الفرح هو الذي يشبع الفراغ الوجودي، هو الذي يشبع البحث الإنساني الحثيث عن الهوية والذات.
• التطبيق العملي:
رجاء الميلاد وسط الظروف
لم تكن ظروف المجتمع الذي كتب له يوحنا سهلة، بل كانت صعبة ومعقدة
ومع هذا كان هناك رجاء الميلاد
الشركة مع الله هي الرجاء
كان لدى يوحنا رسالة مباشرة: الشركة مع الله، علاقة الإنسان بالله
لقد خُلِقنا وصُمِّمنا على هذا النسق: أن نُشبع بعلاقتنا مع الله.
فرح رغم الواقع
الفرح المطلق ممكن: وماذا ستكون النتيجة؟ فرح مطلق، فرح لا يتجاهل الظروف، ولا يزيف الواقع، لكنه فرح بالرغم من الواقع.
إنه فرح داخلي وسلام في القلب.
لقد قال السيد المسيح: "جئت لتكون لهم حياة، وليكون لهم أفضل" وهذا هو معنى مجيء المسيح، حينما وُلِد، لكي يعطي للإنسان معنى وقيمة.
أختتم: أحبائي، أدعوكم أن تتأملوا في هذه القيم الثلاث: الحياة، الشركة، والفرح.
ليكُن ميلاد المسيح اليوم فرصة لندرك معنى الحياة وغاية الوجود...
آمين...
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: میلاد السید المسیح الشرکة مع الله میلاد المسیح
إقرأ أيضاً:
خطبتا الجمعة بالحرمين: من علامات القبول الاستمرار في عمل الصالحات.. وبالرحمة تطيب الحياة وتصلح المجتمعات
ألقى الشيخ الدكتور ياسر الدوسري خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله فإن من اتقاه وَقَاهُ، وَمَنْ حَفظَ حَدَّهُ حَفِظَهُ وَرَعَاه.
وأوضح أن من علامات القبول استمرار العمل في نيل المراد، وأن يكون الخير آخذًا في الازدياد، وأن من أعظم ما يُعينُ على الثبات، والاستمرار في الطاعات، أن يحفظ الله عبده في كل الأوقات، لينال حفظ الله في الحياة وبعد الممات، فعن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: كنتُ خَلَفَ رسولُ اللهِ ﷺ يَوْمَا، فَقَالَ: “يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهِ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهِ تَجِدُهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهِ، وَإِذَا اسْتَعْنَتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمُ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهَ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهَ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ”.
وقال: إن أَهْمَ ما يَجِبُ حِفْظُهُ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ وحقوقه: حِفْظُ التَّوْحِيدِ، وتجريده من كل شوائب الشرك وَالتَّنْدِيدِ، فَالتَّوْحِيدُ هُوَ أَسَاسِ الدِّينِ وَقِوَامُهُ، فَلْا يرجى مَعَ اختلالِه ثواب عملٍ، وَلاَ يَخْيَبُ مَعَ تحقيقه ظَّن وَلاَ أَمَل. وإن من أهم ما يجبُ على العبد حفظه بعد توحيد الله: المحافظة على الصلاة، فهي عُمُودُ الإسلام، وأولُ ما يُحَاسبُ عليه الإنسان، وهي سِرُّ النجاح، ومفتاح الفلاح، قال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوسطى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}. ثم عليكم – عباد الله – بِسَائر أركان الإِسْلامِ، مِن زَكَاةٍ وَحُجِّ وَصَيَامٍ، فَارْعَوْهَا حَقّ رَعايَتِهَا، وَقَوْمُوا بِحَقِّهَا خَيْر قَيام.
وأبان فضيلة الشيخ الدوسري أن حفظ الله للعبيد نوعان، وأشرف النوعين حِفْظُ الله للعبد في دينه وإيمانه، واتَّبَاعِهِ لِسُنَّةِ نَبِيِّهِ، فيحفظُهُ في حياتِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ المُضَلَّلَةِ وْمِنِ الشَّهَوَاتِ المُحَرَّمَةِ، ويَحُولُ بينه وبين ما يُفْسِدُ عليه دينه، ويحفظه عند موته فَيَتَوَفَّاهُ على الإيمانِ والسُّنَّةِ. ويكون الثاني حفظ الله في مصالح دنياه، كحفظه في نفسه وولده وأهله وماله، فلا يخلص إليه قذى، ولا يناله فيها أذى، مستشهدًا بقول الله عز وجل: {له معقباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفَظُونه من أمْرِ الله}.
وشدد على أن قَدْرِ حَفِظَ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ هُوَ حَفِظَ اللَّهِ لَهُ، مستشهدًا بقَولَه- صلى الله عليه وسلم-: “احْفَظُ اللَّهِ تَجِدُهُ تُجَاهَكَ”، فَمَنْ حَفِظَ حَدَّ ٱللَّهِ، وَرَاعى حَقَّهُ، وَجَدَ ٱللَّه مَعَهُ فِي كُلِّ أَحْوَالهِ، يَحُوطُهُ وَيَنَصُرُهُ وَيُوَفِّقُهُ وَيَسَدِّدُهُ، قَالَ ٱللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ اتَّقَوْا وَٱلَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}.
واختتم فضيلة الشيخ خطبته قائلًا: واعلموا -رحمكم الله- أن مَن تعرَّف إلى الله في حال رخائِهِ، كَانَ اللهُ معهُ، وحَفِظَهُ فِي كل أحوالِهِ، ودَفَعَ الضُّرَّ عنه عند حوادث الدهرِ إِذَا ادْلَهَمَّتْ، وَخُطُوبِ الزمانِ إِذَا أَلَمَّتْ.
* وفي المسجد النبوي الشريف ألقى خطبة الجمعة فضيلة الدكتور علي الحذيفي، وافتتحها بتوصية المسلمين بتقوى الله تعالى، وشُكره سبحانه على نعمه التي لا تُعدّ ولا تُحصى، مستشهدًا بقوله سبحانه: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}.
وأوضح فضيلته أن أعظم بُشرى من الله تعالى للخلق أن العلاقة بين رب العالمين وخلقه هي الرحمة، مبينًا أن الرحمة العامة يرحم الله بها البَر والفاجر، والمؤمن والكافر، في هذه الحياة الدنيا، مستشهدًا بقوله تعالى: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا}. وأما في الآخرة فقد اختص الله المؤمنين برحمته، لعملهم بالطاعات واجتنابهم المحرمات، قال تعالى: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}.
وقال فضيلته: الرحمة صفة الله تعالى، حقيقة تختص بالله كما يليق بجلال الله تعالى وعظمته، نعلم معناها ونفهم هذا المعنى، وكيفيتها لله وحده العليم بحقائق صفاته على ما هي عليه. والخير في اتباع من سلف والشر في ابتداع من خلف، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- “إن لله مئة رحمة، أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخّر الله تسعًا وتسعين رحمة، يرحم بها عباده يوم القيامة” رواه البخاري ومسلم.
وأبان الدكتور الحذيفي أن الرحمة تطيب بها الحياة، وتصلح المجتمعات، ويعيش الضعفاء والفقراء والمظلومون في كنف الأقوياء والأغنياء والقادرين على العدل، فإذا فقدت الرحمة فقد الناس بهجة الحياة، وتعرضوا لقسوتها وويلاتها، وأصابهم من الشرور بحسب ما فقدوا من الرحمة. فربكم الرحمن جل وعلا الموصوف بالرحمة أنزل الكتاب رحمة للناس، مستشهدًا بقوله تعالى: {هَٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}.
وأضاف فضيلته: إن الشريعة كلها رحمة وكمال، وإن أوامر الله جل وعلا رحمة وخير ورفعة بعمل الصالحات، وإن نواهيه رحمة تحجز عن الشرور والمهلكات، وإن سيد المرسلين نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- أُرسل رحمة للناس، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}، فهو -عليه الصلاة والسلام- رحمة للمؤمنين في الدنيا والآخرة، ورحمة للكافرين بتقليل وتخفيف شرورهم.
وذكر إمام وخطيب المسجد النبوي أن من رحمة الله تعالى، وخيراته المتتابعة، تلك النعم والعطايا والنفحات الرحمانية التي أفاض بها على من حج بيته الحرام، ووقف على صعيد عرفات، وتضرع إلى الرب الجواد الكريم في تلك المشاعر المقدسة، مشيرًا إلى أن فضل الله تعالى قد عمَّ كل مسلم على وجه الأرض، من خلال الأجور المضاعفة، والخيرات المترادفة، بصيام يوم عرفة، والذكر في العشر، والصلوات والدعوات، وقرابين الأضاحي التي يُعظِّم الله بها الأجر، ويدفع بها البلاء والشرور، مبينًا أن الناس بخير ما أقاموا شعائر الدين، وما دام الحج قائمًا، فالخير باقٍ، والرحمة واسعة.
وختم فضيلته الخطبة موصيًا المسلمين بالمحافظة على ما قدموا من الحسنات، والمداومة على الاستقامة، والابتعاد عن السيئات، والإكثار من الدعاء لأنفسهم، ولولاة أمورهم، ولجميع المسلمين بالهداية والصلاح، والاستقامة على هذا الدين، مستشهدًا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}.